استعراض لتقرير (هيومن رايتس ووتش)، مازالت الانتهاكات موجودة والإفلات من العقاب أصبحت سمة سائدة
تحرير فريق
مرت أكثر من ثلاث اشهر على تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني، والتي جاءت بعد ازمة سياسية أثرت بشكل كبير على البلاد، وكان من الممكن أن تؤول الأوضاع إلى احتمالات خطيرة وعنيفة. الحكومة الجديدة في برنامجها تحدثت عن الكثير من الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان، وهي لا تختلف عن الوعود التي قطعتها الحكومات السابقة. فمع انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، وما نتج عنه من تدهور في الأوضاع الاقتصادية، أصدرت منظمة (هيومن رايتس ووج) تقريرها السنوي الذي يعكس حالة حقوق الإنسان في العالم سنة ٢٠٢٢. وفيه قسم مخصص للعراق، تحدث فيه عن أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، حيث تطرق تقريرها الى ما حدث بعد الانتخابات تشرين ٢٠٢١، من انسداد سياسي وانقطاع للحوار ونزاع عنيف بين القوى السياسية الماسكة بالسلطة، وما قامت به بعض القوى من تحريك للشارع العراقي الذي تسبب بصدام عنيف أسفر عن مقتل 30 شخص وعشرات الجرحى، واستمر الانسداد لأكثر من سنة حتى جاء التوافق بين تلك القوى على تعيين السيد محمد شياع السوداني رئيسا لمجلس الوزراء
وأشار التقرير الى ان تلك الاحداث رافقها عدم قدرة السيد مصطفى الكاظمي وحكومته على الإيفاء بالوعود التي قطعتها الحكومة في الكشف عن ملفات الفساد والمتورطين في قتل المحتجين في تشرين ٢٠١٩-٢٠٢٠ وكل من كانت له يد في انتهاك حقوق الانسان. فبعد أن خرج المتظاهرون في ٢٠١٩ جبهتهم حكومة السيد عادل عبد المهدي، بالعنف المفرط الذي أدى إلى سقوط ٤٨٧ متظاهرا على الأقل، وعشرات آلاف من المصابين والجرحى. كما ازدادت حالات الخطف والاغتيال والاختفاء في بغداد والمحافظات، حيث وعدت حكومة السيد الكاظمي، بمحاسبة المتورطين بتلك الانتهاكات وشكلت عدة لجان تحقيقية لكشف الحقائق كما وعدت الحكومة بتعويض أولئك الذين قُتِل أفراد أسرهم والذين جُرحوا خلال الاحتجاجات ولكنهم لم يتسلمو تلك التعويضات إلا لمرة واحدة بعد عامين ونصف من المطالبة بالحصول على التعويض المالي، عدا تلك المُنح البسيطة التي تقدمها الحكومة كرواتب للشهداء. كما أشار تقرير منظمة (هيومن رايتس ووج)، الى الدعوة الشكوى القانونية ضد الدكتور على البياتي عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان، بسبب سعيه للتحقيق في قضايا تعذيب المحتجزين
كما وتطرق التقرير الى أوضاع حقوق الإنسان في إقليم كوردستان العراق، حيث أشار إلى أن حكومة الإقليم لازالت تتعامل بأسلوب يهدد حقوق الإنسان الاساسية، ففي اقليم كوردستان استخدمت السلطات عدة قوانين غير واضحة الصياغة لتقييد الحريات على الناشطين، حيث اعتقلت العشرات من الصحفيين كما حكمت على ثلاثة منهم بالسجن لستة أعوام
أما على صعيد المرأة وحقوقها فقد أشار تقرير المنظمة الدولية، الى استهداف النساء المشاركات في الحراك الاحتجاجي ٢٠١٩-٢٠٢٠، وما بعدها عن طريق اتهامات عدة، كان ابرزها الاتهام بالدعارة ، التشهير والتهديد بل وحتى الخطف والقتل في بعض الحالات، فضلا عن التضييق المفروض على المرأة من قبل عائلاتهن، ومهاجمتهن بالانتقادات الواسعة من المجتمع وفق الأعراف الذكورية المتأصلة في النظام القانوني العراقي، ولا يزلن النساء ملتزمات بالمطالبة بإصدار قانون مناهض للعنف الأسري على الرغم من الظروف غير الملائمة نتيجة لتأخر تشكيل الحكومة لأكثر من عام والأزمات السياسية المتلاحقة
من جانب آخر أشار تقرير (هيومن رايتس ووج)، الى موضوعة الإفلات من العقاب، حيث تطرق التقرير الى تكرار تشكيل اللجان التحقيقية ولكن دون نتائج واضحة او معالجات فعالة. وهذا بالفعل ما يعكسه الواقع حيث لا يزال الإفلات من العقاب، مجرد شعار ترفعه الحكومات المتعاقبة والقوى السياسية المهيمنة. فعلى الرغم من تشكيل عدة لجان للتحقيق ابتداء من حكومة السيد (عادل عبدالمهدي) ولغاية الآن فلم تكن تلك اللجان جادة في عملها ولا تمتلك ادنى الصلاحيات في محاسبة المتورطين بل حتى لم يكن بمقدور تلك اللجان الإعلان عن نتائجها وتقديم الجناة للعدالة
واشار التقرير الى اوضاع النازحين حيث ركزت هيومن رايتس ووتش على أن هناك قرابة المليون عراقي لايزال نازحا بسبب استيلاء الجماعات المسلحة على مساحات من الأراضي العراقية وهم غير قادرين على الحصول على وثائق تثبت عائدية تلك الاراضي لاصحابها، جاء هذا بعد ما يقارب الخمسة أعوام من تحرير تلك الأراضي بعد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ). وبالاشارة الى ماحدث جراء معارك التحرير، أن هناك مواطنين عراقيين محتجزين يمثلون الاغلبية من بين المحتجزين في شمال شرق سوريا مشتبه بانتمائهم لداعش محتجزين الى اشعار اخر
وعلى صعيد البيئة والصحة فقد أشار التقرير إلى أن العراق وفقا للتقارير يعتبر خامس بلد تأثرا بالاحتباس الحراري وتغير المناخ حيث أن الظروف السياسية وسوء ادارة ملف المياه هي من ساهمت بتفاقم آثار ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وتزايد أعداد العواصف الترابية.
التقرير أشار الى عدة قضايا مهمة في موضوعة حقوق الإنسان، وهي انتهاكات طالما تحدث عنها النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. حيث لا خروج من تلك الأزمات المتعاقبة، دون الابتعاد عن نهج المحاصصة الحزبية والطائفية السياسية الضيقة التي اثبتت فشلها على مدى عشرون عام، فلم تعد الحلول الترقيعية تجدي نفعا، وما حدث في تشرين ٢٠١٩، لم يكن من فراغ ولا زالت نفس الظروف التي خرج من أجلها الشارع العراقي في حينها موجودة بل اخذت في التفاقم ومن البديهي أن يخرج الشارع العراقي للمطالبة بحقوقه في أي لحظة
لقراءة المقال على موقع مركز المعلومة للبحث والتطوير, اضغط هنا.