المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

اتساع ظاهرة جرائم العنف الأسري في العراق، و 90% من الضحايا نساء

شفق نيوز

1_547c72d7f0c4b

أكدت قاضياة اتساع ظاهرة العنف الأسري في البلاد، فيما اشرن إلى أن 90% من الدعاوى المعروضة كانت الضحية فيها المرأة، أرجعن الأسباب إلى تدهور الوضع الأمني والاقتصادي الذي ينعكس سلباً على الأسرة.

وشكت محكمة العنف الأسري من عدم وجود قانون خاص بها ترتكن إليه، فيما دعت مجلس النواب إلى الإسراع في تشريعه، كما لفتت من جهة أخرى إلى الافتقار إلى أماكن احتجاز للموقوفين بهذه الجرائم.

وترى قاضي محكمة العنف الأسري خالدة كولي في تقرير للسلطة القضائية ورد لشفق نيوز، أن “الغرض من تأسيس هذه المحكمة هو للمحافظة على العلاقات والروابط الاجتماعية وحماية الأسرة والطفل من العنف”.

وتتكون هيكلية المحكمة، كما تقول كولي، من قاضي تحقيق ونائب مدعٍ عام وقاض وقسم حماية الأسرة والطفل التابع لوزارة الداخلية والذي يضم عددا من الضابطات.

وأضافت القاضية كولي إن “القانون المدني ووفق المادة 39 حدد اطراف الأسرة بالأب والأم والأولاد والجد والجدة فقط”.

وبشأن إذا ما كان هناك قانون خاص بالمحكمة استدركت أن “قانون العنف الاسري لم يشرع إلى الآن لذلك تعتمد المحكمة في قراراتها على قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية”.

وذكرت أن “القانون المدني لا يشترط أن تسكن الأسرة في دار واحدة”، موضحة أن “الفتاة مثلاً حين تتزوج لا تنقطع بينها وبين اهلها الروابط الاسرية وبالتالي اذا تعرضت إلى عنف من قبل أهلها يحق لها تقديم شكوى ضدهم”.

وبينت كولي ان “جرائم العنف الأسري لا يوجد لها تعريف محدد ولكن نعرفها بانها كل ما يقع على الشخص من اذى بدني او نفسي وكذلك جرائم السب والشتم والتهديد؛ وتمتد إلى جرائم القتل”، مضيفة “في هذا النوع من الجرائم تعرض القضية على محكمة العنف الاسري وبعد اكمال التحقيق بها ترسل إلى الجنايات”.

وتابعت أن “مصادرة الأفكار والآراء داخل الأسرة تعتبر من قضايا العنف الاسري وتمثل ضررا أدبيا ونفسيا يقع على الشخص”، لافتة إلى “حق المتضرر في تقديم شكوى”، إلا أن القاضية أكدت عدم ورود شكاوى من هذا النوع بسبب “طبيعة المجتمع”، كما تقول.

وعن الجزاء المترتب من هذه الدعاوى أكدت كولي أن “العقوبات عادة ما تكون الحبس أو الغرامة كما هو معمول به في الدول الأوربية، وهذا موجود في قانون العقوبات العراقي”.

وأشارت إلى أن “القوانين الموجودة الآن لا تعالج العنف الأسري حيث تتعامل مع الجميع والأسرة تحتاج الى خصوصية معينة”، داعية الى “الإسراع لتشريع قانون خاص يراعي الحالة النفسية للازواج”.

ومضت قائلة ان “سبل معالجة المشاكل تكون من خلال بحث اجتماعي دقيق”، مقترحة على “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية منح درجات وظيفية للنساء المعنفات وهذا سيحل جزءا كبيرا من المشكلة”.

وشرحت القاضية آلية تقديم الشكوى التي تبدأ “بتقديم طلب من صاحب العلاقة الى قاضي التحقيق وبعدها يحال الى قسم حماية الأسرة والطفل في مركز الشرطة وبعدها يحال الى القاضي”.

وفيما انتقدت كولي “قسم حماية الأسرة والطفل في مركز الشرطة لعدم امتلاكه باحثين اجتماعيين”، أشارت إلى أن “إمكانات الجهات التنفيذية ضعيفة خاصة في تنفيذ التباليغ، اذ ان المبلغين ليس لديهم المعلومات القضائية الكافية لتنظيم التبيلغ بشكل مطابق لأحكام اصول المحاكمات الجزائية وهذا يهدر حقوق الناس أحياناً فضلا عن التلكؤ في تنفيذ أوامر القبض”، مطالبة بأن “يكون هناك كادر خاص يشمل قاطع الرصافة باكمله ومفارز لتنفيذ اوامر القبض”.

وعن إمكانية تقديم الطفل شكوى ضد ذويه اذا تعرض للأذى أفادت كولي انه “لا يستطع ان يقيم الشكوى ما لم يتجاوز سن الـ15 كي يستطع حلف اليمين”، موضحة أنه “اذا كان قاصرا لا يعي كيف يمكن ان نعطيه القدرة على الشكوى على أهله ولاسيما أن هناك نصا في القانون يقضي بأن للاهل حق التأديب”.

ونبهت كولي الى ان “المحكمة دائما ما تقف امام عقبة عدم وجود دور لإيواء المعنفين من أطفال أو نساء”.

وفي ما يخص التواصل بين المحكمة ولجنة المرأة والطفولة في مجلس النواب قالت انه “لا يوجد أي تنسيق فضلا عن ان اللجنة لم تعرض علينا نص القانون ولم تأخذ رأينا به رغم ان المحكمة على دراية كبيرة بالمشكلات في ارض الواقع التي يجب ان يعالجها القانون اذ ان الجانب العملي يختلف كثيرا عن الجانب النظري”.

ولفتت الى ان “اغلب المشتكيات من النساء”، مؤكدة ضرورة أن “يكون الكادر نسويا لسهولة التفاهم”، وتابعت أن “الاسرة تثق بالمحكمة وهذا شيء ايجابي”.

وترى كولي ان “هناك اتساعا كبيرا في جرائم العنف الأسري”، عازية ذلك الى “عدة عوامل من اهمها حالة الاضطراب الأمني التي تنعكس بشكل سلبي على الأسرة”.

واضافت ان “العامل الاقتصادي له دور كبير في موضوع العنف الاسري فضلا عن السكن المشترك الذي يعد السبب الرئيس في كثير من المشاكل”.

وكشفت القاضية ان “هذ الجرائم لا تقتصر على محدودي التعليم وانما يشمل طبقة المثقفين ايضا وبالتساوي حتى انها تصل أحيانا إلى مستوى أساتذة الجامعات”.

الى ذلك قالت نائب المدعي العام مها محي مجيد ان “للادعاء العام دورا كبيرا في قضايا العنف الاسري اذ نراقب قرارات القاضي ونميزها ان تطلّب الامر ونطلب الافراج بكفالة ان كانت الحالة تستوجب”.

واستعرضت مجيد عدة معوقات تعترض عمل المحكمة منها “عدم وجود مكان مخصص لتوقيف المتهمين بجرائم العنف الأسري”، موضحة انه “من الخطأ توقيف متهم بهذا النوع من الجرائم مع متهمين بالإرهاب”.

واضافت ان “مقر التوقيف الخاص بالمحكمة في مركز شرطة الشعب مكتظ بالموقوفين والمحكومين فمن غير الممكن أن نوقف شخص لديه مشكلة مع زوجته في هذا المكان لما له من آثار نفسية سلبية على الزوجين اذ سيولد حقداً من الرجل على زوجته”.

واستدركت “أما اذا كانت المرأة هي المذنبة فان الصعوبة اكبر في توقيفها مع متهمات في جرائم خطرة فضلا عن نظرة المجتمع السيئة”.

وقالت مجيد ان “المحكمة طالبت وزارة الداخلية باكثرمن تقرير بضرورة انشاء مواقف خاصة لكن دون جدوى”.

وذكرت أن اهم مشكلة تعترض عملنا عدم وجود قانون للعنف الاسري اذ ان القانون الذي نعمل به الان لم يحدد لنا نطاق الاسرة والى أي درجة قرابة”.

واستطردت مجيد أن “المحكمة ليست لها اي خصوصية من ناحية القوانين بسبب عدم وجود قانون خاص للعنف الأسري، لاسيما أن هناك نصوصا تتعارض مع هذا المفهوم منها للزوج حق تأديب زوجته”.

ولفتت إلى أن “90% من قضايا العنف الأسري تكون بها المرأة هي الضحية ولكن سجلت المحكمة حالات يكون الرجل هو المعنف ويقدم شكوى الى المحكمة”.