مهرجان حماة دجلة بموسمه الثاني: مساحة مهمة للتعريف بقضايا المياه
.
علي الكرخي / جمعية حماة دجلة
.
انقضت خمس سنوات من العمل المتواصل، لحملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية، كان لا بد من الاحتفال بطريقة مختلفة لهذه المناسبة, وبالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمياه، الذي صادف في الثاني والعشرين من آذار. كذلك بالتزامن مع 14 آذار اليوم العالمي للدفاع عن الأنهار ضد بناء السدود, وهو يوم إطلاق حملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار قبل خمس سنوات في 14 آذار من عام 2012.
حيث نظم المنتدى الاجتماعي العراقي وجمعية حماة نهر دجلة وللسنة الثانية على التوالي مهرجان “حماة دجلة” السنوي, والذي يشكل تتويجاً لمجمل الفعاليات التي تنظمها الحملة خلال العام. المهرجان تم تنظيمه في حديقة الملتقى التراثية (متصرفية لواء بغداد سابقاً) الواقعة امام حديقة القشلة في شارع المتنبي, بتاريخ 31 آذار 2017.
.
خمس سنوات والمزيد قادم
في خمس سنوات تحملت خلالها حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية مسؤولية الدفاع عن الحقوق المائية لنهر دجلة داخل وخارج العراق وناضلت بعزيمة في مجابهة السدود التركية والإيرانية، وطالبت بوقف بناء هذه السدود لما لها من اضرار كارثية على نهر دجلة, ودعت منذ انطلاقتها لإدراج الاهوار العراقية على قائمة التراث العالمي، باعتبارها معلم مميز للتراث الطبيعي العالمي, وشاركت في انشطة الدعوة لإعداد خطط وبرامج منهجية لإدارة الموارد المائية في العراق، لضمان ديمومة الاستقرار البيئي والحفاظ على الأمن الغذائي لبلاد ما بين النهرين, مع عشرات المؤتمرات والندوات والمهرجانات والاحداث التي نظمتها الحملة داخل وخارج العراق خلال سنواتها الخمس.
إن حملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار هي حملة دولية، انبثقت عبر تحالف لمجموعة من المنظمات والاطراف من العراق وتركيا وإيران ودول أوربية أخرى، وهي من أوائل الحركات التي ناضلت على جانبي نهر دجلة في جزئه التركي والعراقي, بإيمان وقناعة ان هذا النهر يمثل احد اهم رموز الثراء الطبيعي عالمياً بالاضافة لقيمته الحيوية لسكان المنطقة, وبهذا فإن المهرجان يمثل تتويجاً مركزاً لفعاليات وأنشطة، جمعية حماة نهر دجلة، وحملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية، ومسار المياه والبيئة في المنتدى الاجتماعي العراقي، وهو أيضا مساحة واسعة لطرح قضايا المياه التي تعمل عليها الحملة.
تناول المهرجان قضايا البيئة والتحديات التي تهدد التنوع البيئي والإحيائي في العراق، من حيث تلوث المياه وتغير نوعيتها وتناقص كميتها، وما لهذه العوامل من تأثيرات تخلخل التوازن الطبيعي للنظام البيئي، بالإضافة لهذا فإن المهرجان شكل فرصة حيوية لتسليط الاضواء حول أوضاع الاهوار العراقية، والقضايا المتعلقة بها من حيث حمايتها وتوفير المناسيب الكافية من المياه لها، والعمل على ديمومة البيئة الطبيعية فيها، والسعي لتوفير التنمية المستدامة لها. كما احتفل المهرجان بمنجز أدراج الاهوار العراقية على لائحة التراث العالمي، وسلط الضوء بشكل خاص على وجوب تنفيذ توصيات لجنة التراث العالمي في منظمة اليونسكو.
قضية سد “أليسو” والأضرار الكارثية المترتبة حولة على نهر دجلة, والموقف المتردد للدبلوماسية العراقية في مواجهة هذا السد تحضر ايضاً ضمن القضايا الجوهرية التي طرحها المهرجان, فضلا عن ذلك تم تسليط الضوء على سد داريان الإيراني على نهر ديالى احد روافد دجلة، والذي يشكل تحدٍ خطير. كل هذه القضايا عبر عنها المهرجان من خلال فعالياته على شكلين في المساحة المفتوحة، وفي عروض المسرح مع المزيد من الأبعاد التراثية والثقافية والفلكلورية التي ترسم الطابع العام لأجواء الكرنفال.
.
مشاهد من التراث والفلكلور
انسجاماً مع القضايا التي يحملها المهرجان جاء اختيار المكان بطابع يعبر عن الأجواء التراثية والفلكلورية، حيث تمثل حديقة الملتقى او كما تعرف باسمها السابق متصرفية لواء بغداد او المحكمة القديمة, هو احد الاماكن الأثرية التي حاولت الحملة من خلال اقامة المهرجان فيه ان تعيد احيائه وتجعل منه وجهة للأنشطة المهتمة والمعنية بالتراث والآثار.
من جانبٍ آخر أستضاف مسرح الحدث مجموعة من العروض الفنية والغنائية، التي مزجت بين الفلكلور العراقي والغناء الشبابي الحديث، في رسالة لدعم الشباب وتشجيعهم على الأهتمام بالموروث الغني للمكتبة الموسيقية العراقية, فيما شكلت المساحة المفتوحة للمهرجان فرصة حقيقية لتبادل رسائل ثقافية مهمة، من خلال تنوع المواضيع المطروحة فيها بإختلاف الجهات المشاركة, بشكل اساسي كان لحملة انقاذ نهر دجلة خمس اكشاك في المهرجان احدها لبيع المنسوجات اليدوية المعمولة بوساطة النسوه الفلاحات في جنوب العراق, والكشك الاخر للتوعية بمخاطر الصيد الجائر وآثارة في القضاء على النظام الطبيعي في العراق, وكشك تم تخصيصة لطرح قضية سد داريان والنقاش حول مخاطر هذا السد وتهديداته على مستوى نهر ديالى, وكشك بعنوان “الأهوار الجنوب في بغداد” وهي مساحة ترفيهية يتم تصوير الحاضرين فيها امام خلفية تتضمن صورة من الاهوار, والمساحة الاخرى هي كشك للتعريف بحملة انقاذ نهر دجلة والاهوار, كما شهد المهرجان مشاركة 6 مجاميع اخرى مختلفة ضمن المساحة المفتوحة عبرت كل مجموعة منها عن قضية قريبة من موضوع الحدث, مع مشاركة لمجموعة (لمسة عراقية) إذ خصصت مساحة للرسوم التفاعلية رسم خلالها الأطفال رؤيتهم لنهر دجلة وضفافه في تجسيد رمزي لصورة هذا النهر في أذهان الأطفال.
.
ايمان اجتماعي متزايد بقضايا المياه
مما تجدر الإشارة إليه، وقد كان أمراً لافتاً للإنتباه هو تزايد الوعي والإدراك لأهمية الجدية في متابعة قضايا الموارد المائية في العراق، والألتفات الجاد لمستقبل المياه والأنهار والتهديدات التي بات أثرها واقعاً يعايشه الشارع, المهندس محمد سامي احد الحاضرين في المهرجان قال “العراق بلد النهرين, عشنا طول عمرنا على هاي الأرض نعتمد على هالنهرين بحياتنا اليومية, بس بالسنوات الاخيرة كلنا نعرف انو نهر الفرات ما عاد قادر يغطي كل الاحتياجات المطلوبة خصوصاً بعد السدود الكبيرة الي انبنت عليه, ولهذا صار الاعتماد كله على نهر دجلة, نحتاج تخطيط ستراتيجي حتى نحافظ على موردنا هذا من المياه والا مستقبل هذا البلد مهدد بالكامل”.
من جانبها عبرت الناشطة لبنى عبد الصمد وهي خريجة العلوم السياسية جامعة بغداد لعام 2014, عبرت عن سعادتها للنجاح الذي حققته حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار في توعية الشارع بمخاطر السدود المقامة على نهر دجلة حيث قالت “عرفت عن الحملة حين كنت حاضرة ضمن فعاليات المنتدى الاجتماعي العراقي بموسمه الثالث, حيث كان للحملة مشاركة مميزة جذبت انتباهي وحاولت الأطلاع بدقة اكبر عما تقدمه فتحدثت وقتها طويلاً مع عدد من نشطاء الحملة, وتابعت بعد ذلك فعاليات وانشطة الحملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي كما عرفت عن هذا المهرجان من خلال صفحة المنتدى الاجتماعي العراقي على الفيسبوك, ما أود قولة هو ان الحملة ومن خلال متابعتي نجحت في الترويج للمشاكل التي يعانيها نهر دجلة في سبيل حلها, واستطيع التشخيص بدقه نجاحها في تصعيد قضية سد أليسو الذي لم يكن الرأي العام العراقي مدركاً لخطورته قبل ان تطالب الحملة بالتحرك لإيقافه, كذلك الأمر في قضايا الصيد الجائر والتلوث وحماية الاهوار”.
كما صرح علي الكرخي منسق حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار داخل العراق قائلاً : “على الحكومة العراقية والجهات المعنية ان تلتفت بجدية لأهمية وحساسية قضايا الدفاع عن حقوق العراق المائية على الصعيد الاقليمي وادارة هذه الموارد داخلياً, ان الوضع الاقتصادي والامني للبلد لا يعني اهمال العمل حول تأمين وضمان المستقبل المائي في العراق, نحن بحاجة الى تكاتف كل الجهود الحكومية والمنظماتية والشعبية للحيلولة دون وقوع المزيد من الكوارث البيئية, فحرب المياه يجب ان لا تدخل ضمن حسابات الصراعات السياسية لدول المنطقة” وفي حديثه عن الاهوار العراقية قال الكرخي : “الحملة ماضية في تكثيف الجهود لدفع الجهات المعنية بإدارة ملف الاهوار في العراق لتنفيذ توصيات اليونسكو, نحن امام تحدٍ كبير, الحيز الزمني امام اول تقييمات لجنة التراث العالمي لعمية اعادة انعاش الاهوار ليس كبيراً, نسعى أن لا يخسر العراق ادارج اهواره بشكل يمنعنا من ترشيحها مرة اخرى, المنجز الذي تحقق بإدراجها كبير جداً, والأهم هو الحفاظ عليها كتراث عالمي, وهذه احدى اهم رسائل المهرجان”.
.
نهر دجلة مو مال أحد !
الناشطة البيئية منى الهلالي من محافظة ذي قار وعضو حملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية، أصرت على المشاركة في المهرجان بشكل يعكس الجانب الفلكلوري، وقالت “نهر دجلة مو مال احد, نهر دجلة يمثل الإرث الطبيعي لكل العالم, ومسؤولية كل العالم الحفاظ على إرثه الطبيعي”.
الى ذلك شكل الحضور الجماهيري الكبير لفعاليات المهرجان دافع قوي لمواصلة النضال للحفاظ على نهر دجلة, إحتفلت الحملة بخمس سنوات من العمل, ولا يزال امامنا الكثير للعمل عليه, معاً نحن أقوى وسننجح بتعاوننا وتضامننا.
من الجدير بالذكر، المهرجان دعم ماليا ولوجستيا، من مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي، مؤسسة “فاي” السويسرية، منظمة “جسر إلى ..” الايطالية، ومركز المعلومة للبحث والتطوير.
.
.
.
لمزيد من الصور يرجى الضغط هنا
كما يمكنكم الاطلاع على صفحة الفيسبوك لحملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية
ويمكنكم زيارة موقع الحملة على الانترنيت