بيان مجموعة العمل الدائمة لمواجهة تقليص مساحة المجتمع المدني في العراق
على الرغم من المساحة التى كفلها الدستور العراقي لعمل المجتمع المدني، والتي عززتها القوانين الساندة والتي تعطي الحق للمواطنين العراقيين بالتجمع بمختلف التشكيلات والمسميات للمساهمة في عملية التنمية والفعل الاجتماعي، إلا أن الواقع والتطبيق لا ينسجم مع ما نص عليه الدستور والقانون. وكذلك هو لا ينسجم مع التزامات العراق الدولية في إطار احترام الحق بالتجمع وتشكيل الجمعيات والنقابات والمنظمات والاتحادات.
وبينما يمنع عمل وتشكيل اتحادات الطلبة في كل في العراق ماعدا اقليم كوردستان تقع الاتحادات الطلابية في هذا الأخير تحت سيطرة ونفوذ عدد محدود من القوى السياسية والأحزاب الكبيرة. الأمر مختلف مع النقابات العمالية والمهنية والتي تفرض عليها قيود متعددة، منها منعها من العمل في القطاع العام، أو منع التعدد النقابي حيث لايتم الاعتراف بعدد مهم من الاتحادات العمالية الناشطة. وتنشط مجموعات تطوعية عديدة في العراق لكنها تواجه صعوبات في استحصال الموافقات لعمل أنشطتها ويتعرض البعض منها للتضييق. كما وهنالك مبادرات حكومية حاولت تشريع قانون يحد من عمل المجاميع التطوعية ويجبرها على الدخول في اطار واحد ممركز.
وبينما يتوفر إطار قانون والية للتسجيل للمنظمات غير الحكومية لكننا نتابع وبقلق حالات الانتهاكات الهيكلية التي يواجهها المجتمع المدني بشكل يومي، بالاضافة الى انتهاكات فردية ضد بعض المنظمات، الأمر الذي يهدد بتحول الإطار القانوني المنظم الى وسيلة للتقيد والهيمنة والسيطرة على حركة المجتمع المدني.
وبشكل عام تواجه العديد من تشكيلات المجتمع المدني حديثة التأسيس عراقيل معقدة تقف في طريق تنظيم كياناتها قانونيا و اكتساب الشخصية المعنوية. متطلبات وآلية عملية التسجيل للمنظمات غير الحكومية لا تنسجم مع الواقع، كما ويفرض شكل محدد للهيكلية الداخلية لهذه المجاميع ويتم التحكم في بعض الأحيان حتى في اختيارها الاسم والهيكل والتنظيم الداخلي. بينما تعاني المنظمات المسجلة مسبقا من مشكلة الإبقاء على وضعها القانوني والإداري بشكل سليم، حيث تتعدد المتطلبات يتأخر الرد من قبل الدوائر المعنية وأحيانا يتعذر الوصول إلى مقراتها فعلى سبيل المثال يقع موقع دائرة المنظمات العراقي في المنطقة الخضراء التي يصعب الحصول على موافقات لزيارتها. وتحصر دائرة المنظمات في اربيل استمرار الوضع القانوني السليم لكل منظمة مسجلة بحصولها على امر اداري سنوي يتطلب الكثير من الجهد والعمل والمتابعة كما أن الحصول عليه امر غير مضمون! ولايتم التنسيق بين دائرة المنظمات في بغداد وتلك المماثلة لها في اربيل وهذا يؤدي لوجود اليتين لاتتناغم وتزيد العبئ على المنظمات التي تقوم بأكثر من عملية تسجيل.
مع ذلك، وبالرغم أن الكثير من المنظمات استوفيت هذه المتطلبات المعقدة، إلا أنها لا تزال غير قادرة على العمل بحرية حيث أن السلطات عادة ما تتطلب اجراءات اضافية تتمثل بالزامها بالحصول على موافقات امنية او ادارية مسبقة لتنفيذ بعض الأنشطة وعدد من البرامج. كما وتقوم العناصر الامنية بالتضييق على بعض العاملين والناشطين في المنظمات وحصلت حالات تم مطالبة بعض المنظمات بعدم تشغيل شخص او اكثر بسبب نشاطهم المدني أو لكونهم من المدافعين عن حقوق الإنسان. على سبيل المثال ، في 25 حزيران (يونيو) 2022 ، اقتحمت قوات الأمن الوطني ورشة عمل أقامتها جمعية الفردوس في البصرة وأوقفت النشاط من دون سبب.
وتتعرض منظمات المجتمع المدني، القريبة للحراك المدني اللاعنفي والاحتجاج والمطالبة بإصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي، في حالات كثيرة إلى التهديد بوضعها في القائمة السوداء أو بالإغلاق دون سبب قانوني، وهذا ما يتعارض مع المعايير الدولية والدستور العراقي والتي تضمن الالتزام باحترام جوهر حق المواطنين بحرية التجمع والعمل المدني، مع ملاحظة ان العراق سبق وان وقع على العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدني والذي يضمن حرية التجمع والمساهمة بالشأن العام.
لما ذكر انفاً، تجمع عدد من النشطاء المدنيين الدوليين والعراقيين من أجل مواجهة هذا الواقع داعين منظمات محلية ودولية فاعلة، للتحرك لمواجهة ظاهرة التضييق على المجتمع المدني وأطلقوا مبادرة مساحة – وهي عبارة عن مجموعة عمل دائمة لمواجهة تقليص مساحة المجتمع المدني في العراق.
وستركز المجموعة على رصد مساحة عمل المجتمع المدني في العراق بهدف تحديد الانتهاكات والتهديدات التي يتعرض لها المجتمع المدني، والمدافعة من اجل ضمان حرية العمل وتطبيق الالتزامات الدستورية والمعايير الدولية بما يضمن عدم وضع أي عراقيل تقيد عمل المجتمع المدني أو حريته في المساهمة في التنمية.
ان #مساحة هي مجموعة عمل مفتوحة لاستيعاب كافة تشكيلات المجتمع المدني العاملة او المعنية في العراق، حيث يمكن لجميع المهتمين الانخراط في الحركة للدفاع عن مساحة آمنة وحرة لعمل المجتمع في العراق. ستعمل المجموعة بشكل دوري على إصدار تقارير التوثيق وعقد اللقاءات مع أصحاب المصلحة والفاعلين والمؤثرين بما يحقق غاية مجموعة العمل وأهدافها.
* ان كنت انت او منظمتك مهتما بالتواصل معنا فيمكنك مراسلتنا عبر هذا الايميل: masaha.iq@protonmail.com
