سد “اليسو” و الأعتبارات القانونية في العراق
ورقة سياسات مقدمه للجهات الحكومية العراقية المختصة ، حول الاحتمالات القانونية التي يملكها العراق لمواجهة التهديد الذي يشكله سد اليسو والذي يتواصل العمل عليه في الجانب التركي.
اعدها مجموعة من خبراء حملة إنقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية:
الثاني والعشرون من اذار من عام 2014
ملاحظة : الورقة الاصلية مكتوبة باللغة الانكليزية وتحوي معلومات اكثر تفصيلاً (لتحميلها اضغط على الرابط) . بينما تم ترجمة الخلاصة و التوصيات ، الى اللغة العربية ترجمة مطابقة لمحتوى النسخة الانكليزية. الحملة تطرح هذه الورقة كبادرة لنقاش التحركات القانونية الممكنة وهي على استعداد للخوض في نقاشات اعمق وتنفيذ زيارات لمتابعة النقاش مع الجهات العراقية ذات الاختصاص.
أ- الخلاصة التنفيذية
نهر دجلة شريان الحياة للعراق، تحت التهديد، مع تواصل بناء سد اليسو ضمن مشروع GAP الغاب في تركيا ،في أنتهاك صريح للقانون الدولي. تقدم حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية ورقة متخصصة مكتوبة من قبل خبراء عراقيين ودوليين ، تناقش الورقة بعدين من الاحتمالات القانونية التي يتوجب على الحكومة العراقية اخذها في نظر الاعتبار عند اتخاذ إجراءات حول بناء سد اليسو.
الأول : أن تركيا تنتهك القانون الدولي العرفي في بناء سد اليسو. كونها تشيد مشروعاً له اثر بالغ على العراق دون التشاور واخذ رئي الحكومة العراقية او المجتمعات المحلية، وعلى هذا النحو، فإنه من واجب العراق التصرف نيابة عن مواطنيه في الدفاع عن البيئة والحفاظ على حقوق الإنسان من الأضرار التي ستنجم عن انشاء هذا السد. مثل هذا التحرك مكفول ضمن القانون الدولي وبغض النظر عن المكان الذي تنشأ فيه مثل هذه الأضرار.
ان الفشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن سد اليسو سيعطي الموافقة المسبقة لبناء السدود في المستقبل على نهر دجلة دون التشاور مع العراق. وكما حصل في الماضي مع نهر الفرات.
الثاني : ينبغي أن يحاسب مستثمري القطاع الخاص من الشركات والبنوك التي تعمل على تمويل بناء سد اليسو.يجب على الحكومة العراقية مخاطبة الشركات الخاصة العاملة على سد اليسو وتحذيرها بانها تساهم في انتهاك بيئة وحقوق مواطني المصب.ان التحركات ضد الشركات الخاصة لا يعني بالضرورة الذهاب إلى المحكمة، بل يمكن أن يكون على شكل حوار من قبل محامين مختصين يباشرون الاتصال بمثل هذه الشركات ويبدؤون التفاوض معهم.
منذ عام 2012، دعت حملة إنقاذ نهر دجلة إلى إنشاء فريق أزمة حول مياه دجلة، الذي يضم خبراء المياه والبيئة، والحكومة والبرلمان وممثلي المجتمع المدني للعمل من أجل مفاوضات فورية مع تركيا لوقف بناء سد اليسو حتى يتم عمل دراسة شاملة بشأن آثار السد على العراق.استشارت الحملة الخبراء القانونيين والأكاديميين العراقيين الذين أوصوا العراق بطلب المساعدة من الجهات الفاعلة الدولية، وغيرها من البلدان التي لها علاقة جيدة مع العراق، أو تتشارك في نفس المعاهدات والاتفاقيات معه، للتوسط بين العراق وتركيا، والتفاوض للحفاظ على مصالح العراق المائية.حتى الآن، تنتهك تركيا قوانينها الوطنية لإعفاء اليسو من الامتثال لمتطلبات تقييم الأثر البيئي، وحتى بعد آخر قرار للمحكمة التركية في يناير كانون الثاني عام 2013، الذي اصدر إنذار قضائي للمشروع.
في نهاية المطاف، إذا رفضت تركيا إجراء حوار حول بناء سد اليسو، يجب على الحكومة العراقية ان تحمل تركيا المسؤولية أمام التزاماتها القانونية الدولية من خلال ممارسة حقوق المعاهدات، وأن تعرض هذه المسألة على مجلس الامن الدولي الذي قد يقرر بدوره أن يطلب المساعدة من محكمة العدل الدولية.
الأساس القانوني لهذه التوصيات هو تحليل لإنتهاكات تركيا لإلتزاماتها الدولية فيما يتعلق بسد اليسو:
- فشلت الحكومة التركية في تقييم الأثر البيئي لسد اليسو وفي تحديد التأثيرات العابرة للحدود على الناس والبيئة في العراق ، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي العرفي.
- فشلت الحكومة التركية في التشاور مع المجتمعات المحلية في العراق والتي ستتأثر مباشرة ببناء السد، في انتهاك للقانون الدولي العرفي.
- ان قرار الموافقة على سد اليسو، كما هو مقترح، من المحتمل أن يسبب اضراراً سلبية على الدول المجاورة، بما يتعارض مع واجب تركيا في منع الأضرار العابرة للحدود.
- تركيا تنتهك التزامها بالمعاهدات التي ترتبط بها مع العراق والمتعلقة بحسن الجوار و بالاستخدام المشترك لنهر دجلة.
- قرار الموافقة على سد اليسو، كما هو مقترح، ينتهك مبدأ الحيطة بسبب فشل القرار في معالجة الشكوك والمخاوف حول تأثيرات السد، كذلك بسبب الفشل في إثبات أن التخفيفات المقترحة لهذه الآثار من المرجح أن تنجح.
- يترتب على الجانب التركي تعويض مالي لمعالجة كل الآثار السلبية للسد في البلدان الأخرى.
ب- التوصيات: الموجهة للجهات العراقية
1- تشكيل فريق أزمة مياه دجلة
منذ بداية حملة إنقاذ نهر دجلة، دعينا إلى إنشاء فريق أزمة المياه، وذلك ردا على استمرار بناء سد اليسو والتخطيط لبناء سدود أخرى على نهر دجلة.وسوف يركز هذا الفريق على الاستجابات الفورية للتهديدات على نهر دجلة، ويشمل الفريق خبراء مياه وبيئة، من الحكومة والبرلمان وممثلي المجتمع المدني. يعكف الفريق للعمل من أجل مفاوضات فورية مع تركيا لوقف بناء السد مع تقديم دراسة مستفيضة بشأن آثاره في العراق.يمكن للفريق هذا أن يكون عونا كبيرا للمجلس الوطني للمياه،والذي تسعى الحكومة العراقية لتشكيله لمناقشة المزيد من القضايا العامة المتعلقة بالسياسة المائية في العراق والعلاقات مع الدول المجاورة الأخرى: إيران، تركيا، وسوريا.
2- المفاوضات المباشرة
تحتاج الحكومة العراقي لدعوة الحكومة التركية الى مفاوضات مباشرة، وإبلاغ الرأي والعام حول ما تم إنجازه ومدى الاستجابات التي نحصل عليها من تركيا. خلال المفاوضات يجب تذكير الشركاء الاتراك ان العراق هو الشريك الاقتصادي الاستراتيجي وأن السياسة المائية هي جزء من أي اتفاق اقتصادي أو سياسي في المستقبل.العراق بحاجة لاعتماد قانون وطني أو وثيقة سياسات عامة في هذا الصدد.
3- الوساطة بين العراق وتركيا
أوصى الخبراء والأكاديميين القانونيين العراقيين والدوليين بأن العراق يجب ان يطلب المساعدة من الجهات الفاعلة الدولية، وغيرها من البلدان التي تربطها علاقة جيدة بالعراق، أو تشاركها في نفس المعاهدات والاتفاقيات، للتوسط بين العراق وتركيا، والتفاوض من اجل الحفاظ على مصالح العراق المائية.العراق بحاجة إلى إشراك الشركاء في الاتحاد الأوروبي بما ان تركيا تخطط لتكون عضوا في الاتحاد الأوروبي.
4- التحكيم الدولي ومحكمة العدل الدولية
تركيا تلاعبت بقوانينها الوطنية لإعفاء سد اليسو من الامتثال لمتطلبات تقييم الأثر البيئي. ولكن على الرغم من أن تركيا تتوافق مع قوانينها الوطنية، الا انها لازالت تنتهك القانون الدولي.في نهاية المطاف، إذا رفضت تركيا إجراء حوار حول بناء سد اليسو، يجب على الحكومة العراقية ان تحمل تركيا المسؤولية أمام التزاماتها القانونية الدولية المتربة وفقا للقانون والعرف الدولي وفقا لقواعد ومعاهدات حسن الجوار. للحكومة العراقية أن تعرض مسألة عدم تجاوب الطرف التركي على مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة، فمثلاً فرسالة إلى مجلس الأمن حول القضية يمكن أن تكون بداية جيدة.
5- التفاوض مع المستثمرين والشركات الخاصة المساهمة في بناء السد، وخاصة الشركة النمساوية اندرتز ANDRITZ
ينبغي التحرك بمساعدة خبير قانوني نمساوي ،يفاتح الشركة النمساوية اندرتز بالنيابة عن العراقيين المتضررين. ليبلغهم بحق العراقيين بالتقاضي وحقهم في التعويض وبان الحوار يجب ان يبدأ معهم الان. أملا في ان يؤثر ذلك على استمرارهم في المشروع وان يحفظ حق العراقيين فيما لو استمر المشروع وحصلت الاضرار فعلاً. أنجع وسيلة للقيام بذلك هي بطبيعة الحال أن يكون لجهة عراقية حكومية او اكثر ،المبادرة بتفويض الخبير القانوني وان يكون التفاوض باسمها نيابة عن الافراد المحتمل تضررهم مباشرة من السد. والهدف الاساسي تنبيه الشركات الخاصة على المخاطر التي سيتحملها العراق ومناقشة الحلول المناسبة.