قوات الأمن العراقية تطلق النار على المتظاهرين
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوات الأمن العراقية أطلقت النار على متظاهرين في محافظة البصرة وضربتهم خلال سلسلة من الاحتجاجات من 8 إلى 17 يوليو/تموز 2018. استخدمت قوات وزارة الداخلية، على ما يبدو، القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير وغير ضروري ضد الاحتجاجات على نقص المياه والوظائف والكهرباء التي أصبحت عنيفة في بعض الأحيان. قُتل 3 متظاهرين على الأقل وجُرح ما لا يقل عن 47 شخصا، من بينهم طفلان أُطلقت عليهما النار وطفل ضُرب بأعقاب البنادق.
حقّقت هيومن رايتس ووتش في 8 احتجاجات، زُعم في 6 منها أن قوات الأمن أطلقت الذخيرة الحية، وأصابت ما لا يقل عن 7 متظاهرين. كما ألقت قوات الأمن الحجارة وضربت 47 شخصا على الأقل، من بينهم 29 أثناء الاعتقال أو بعده. قال شهود عيان إن المتظاهرين قاموا في 5 احتجاجات بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة وإطارات السيارات المشتعلة على قوات الأمن. منذ 14 يوليو/تموز، فرضت السلطات قيودا صارمة على الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “على السلطات العراقية إجراء تحقيق موثوق ومحايد في ما يبدو أنه استخدام مفرط للقوة القاتلة في البصرة، حتى عندما تصبح الاحتجاجات عنيفة. طالما لم تعالج الحكومة مظالم المحتجين، فإن خطر المزيد من الاحتجاجات الدموية يبقى أمرا واقعا”.
قابلت هيومن رايتس ووتش 13 شخصا في 18 و19 يوليو/تموز قالوا إنهم شاركوا في احتجاجات البصرة، من بينهم 3 نشطاء و4 من أقارب 2 من المتظاهرين المصابين بجروح خطيرة، و3 صحفيين، وجبار الساعدي، رئيس اللجنة الأمنية لمجلس محافظة البصرة.
قال المتظاهرون إن لديهم 3 مطالب رئيسية. يريدون تحسين الوصول إلى المياه المحلّاة لأن مياه الشرب في البصرة تصبح مالحة جدا خلال الصيف ويتفاقم ذلك كل عام؛ يريدون من الحكومة معالجة معدل البطالة المرتفع في البصرة في النفط والصناعات الأخرى؛ ويريدون زيادة في التغذية الكهربائية، خصوصا خلال أشهر الصيف الحارة.
أقرّ المتظاهرون بالتعهدات التي قطعها رئيس الوزراء حيدر العبادي والسلطات الأخرى في 14 و17 يوليو/تموز بتخصيص أموال لتحلية المياه وتحسين الوصول إلى الكهرباء والرعاية الصحية وخلق آلاف الوظائف الجديدة، لكنهم قالوا إنهم لن يتوقفوا عن الاحتجاج حتى يتم اتخاذ إجراءات فعلية.
قالوا إن الاحتجاجات في محافظة البصرة بدأت في 10 يوليو/تموز في حقل نفط قرب بلدة القرنة، على بعد 75 كيلومتر شمال غرب مدينة البصرة، وانتشرت بسرعة إلى مناطق أخرى في البصرة، شملت حقول النفط بالبرجسية والرميلة، وفي جميع أنحاء مدينة البصرة. ثم انتشرت الاحتجاجات في أماكن أخرى بالعراق، شملت بابل وبغداد وذي قار وكربلاء وميسان والمثنى والنجف، كما ورد في وسائل الإعلام على نطاق واسع. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد ادعاءات الاعتقالات التعسفية والوفيات والإصابات أثناء الاحتجاجات خارج البصرة خلال تلك الفترة، ولا الحوادث في البصرة وأماكن أخرى بعد 17 يوليو/تموز. مع الانتهاء من إعداد هذا التقرير، تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات تفيد بأن مهاجمين مجهولي الهوية أطلقوا النار على المحامي جبار محمد كرم البهادلي وقتلوه في 23 يوليو/تموز بمدينة البصرة في هجوم من سيارة متحركة. كان البهادلي يسعى إلى الإفراج عن المحتجزين في الاحتجاجات.
حدد الشهود وقدموا صورا ومقاطع فيديو لعناصر قوات وزارة الداخلية من شرطة مكافحة الشغب، والشرطة الاتحادية، والقوات الخاصة “السوات”، و”لواء القوة الضاربة”، وشرطة المنشآت النفطية، وجميعهم يمكن التعرف عليهم من الزي الرسمي، ويواجهون الاحتجاجات. قالوا إنهم شاهدوا قوات الأمن هذه وهي تضرب عديدا من المتظاهرين بعصي وأنابيب معدنية وبلاستيكية، لتفريق الحشود. في حالتين، قالوا إن قوات الأمن ضربت المتظاهرين في الحجز وصحفي يجري مقابلة.
قال شهود عيان إن قوات الأمن هذه إلى جانب عناصر من قوات “فيلق بدر”، وهي جزء من قوات “الحشد الشعبي” في العراق، أطلقت النار على المتظاهرين في 6 من 8 احتجاجات تم التحقيق فيها. وثّقت هيومن رايتس ووتش وفاة متظاهرَيْن على الأقل بإطلاق النار. أكدت السلطات كلّا من هذه الوفيات ووفاة ثالثة.
قال شهود عيان إن المتظاهرين الـ47 الجرحى تعرضوا للضرب أو الرمي بالحجارة وإطلاق النار. قال أحد المتظاهرين إنه رأى متظاهرا تصدمه سيارة “همفي” مصفحة كانت تطارده. كان رجلان في حالة غيبوبة بسبب إصابات خطيرة في الرأس تسببت بها قوات الأمن. باستثناء الاحتجاجات في حقل القرنة النفطي، قال المتظاهرون والصحفيون إنهم لم يسمعوا أي تحذير قبل أن تطلق قوات الأمن النار، أو تستخدم الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه لتفريق الحشود.
قال جميع الشهود الـ 13 إنهم رأوا بعض المتظاهرين يرشقون قوات الأمن بالحجارة. شاهد أحدهم قنبلة حارقة، وشاهد آخر إطلاق نار ضد قوات الأمن.
قال الساعدي، رئيس لجنة الأمن في المحافظة، إنه حتى 19 يوليو/تموز، قتلت قوات الأمن 3 متظاهرين وأصابت 12، بما فيه من خلال إطلاق النار واستنشاق الغاز المسيل للدموع، وإن المتظاهرين جرحوا ما لا يقل عن 10 من أفراد قوات الأمن. قال إن الشرطة ألقت القبض على 70 متظاهرا على الأقل وما زالت تحتجزهم، من بينهم طفلان على الأقل، سيتم اتهامهم بتدمير ممتلكات حكومية ومهاجمة قوات الأمن. حتى 19 يوليو/تموز، لم يتم الإفراج عن أي منهم أو توجيه تهم إليهم.
على قوات الأمن العراقية المشارِكة في مهام إنفاذ القانون التقيد الصارم بـ “مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون”. تنص المبادئ الأساسية على أنه على المسؤولين عن إنفاذ القانون تطبيق وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة. وعندما يكون استخدام القوة أمرا لا مفر منه، يجب أن يستخدموا ضبط النفس ويتصرفوا بما يتناسب مع خطورة الجرم. يجوز لموظفي إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية فقط لمنع التهديد الوشيك بالموت أو الإصابة الخطيرة. لا يمكن استخدام الأسلحة النارية القاتلة المتعمدة إلا لتفريق الاحتجاجات العنيفة عندما لا يمكن تجنبها لحماية الحياة.
على السلطات الوطنية وتلك المحلية في البصرة إجراء تحقيق موثوق ومحايد وشفاف في استخدام القوة من قبل قوات الأمن في محافظة البصرة. يجب أن يتم تأديب أو محاكمة أفراد قوات الأمن، بمن فيهم القادة المسؤولين عن الاستخدام غير القانوني للقوة المفرطة أو القاتلة، حسب الاقتضاء. ينبغي أن يتلقى ضحايا الاستخدام غير القانوني للقوة من جانب قوات الأمن تعويضا فوريا ومناسبا.
منذ 14 يوليو/تموز، منعت السلطات العراقية الوصول إلى الإنترنت في كثير من مناطق وسط وجنوب العراق، بما يشمل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل مثل “واتساب” و”فيسبوك”. يحمي “القانون الدولي لحقوق الإنسان” حق الأشخاص في البحث عن المعلومات وتلقيها وتقديمها بحرية من خلال جميع وسائل الإعلام، بما فيه عبر الإنترنت. يجب أن تكون القيود المتعلقة بالأمان قائمة على القانون وردا ضروريا ومتناسبا على تهديد أمني محدد.
قالت ويتسن: “حجب الإنترنت في جنوب العراق لا يحرم الناس من حقهم في تبادل المعلومات فحسب، بل يمكن أيضا أن يهدد حياتهم. على السلطات رفع جميع القيود المفروضة على الإنترنت فورا إلا إذا كانت هناك مخاوف أمنية محددة تتطلب مثل هذا الرد”.
احتجاج 8 يوليو/تموز في حقل القرنة النفطي
قال متظاهران لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن، في 8 يوليو/تموز في حقل القرنة النفطي، قتلت متظاهرا على الأقل عندما أطلقت النار على الحشد. قال المحتجون إن الاحتجاج كان سلميا حتى لحظة القتل، ليبدأ بعدها بعض المتظاهرين بإلقاء الحجارة على قوات الأمن.
“محمد” (26 عاما)، عامل في حقل النفط هناك، قال إنه غادر العمل الساعة 9 صباح 8 يوليو/تموز بعد مناوبة ليلية. قال إنه رأى نحو 40 متظاهرا تجمعوا خارج بوابة حقل النفط وأغلقوا الطريق ومنعوا العمال من الدخول. كان عناصر شرطة النفط ولواء القوة الضاربة يحرسون حقل النفط. انضم محمد إلى المتظاهرين واستمع إلى عنصر يطلب يأمر المحتجين بالتفرق. قال إنه بعد 30 دقيقة، وعندما لم تتفرق المظاهرة، فتحت القوات النار.
رأى محمد رجلا يُصاب برصاصة في رأسه بينما كان يجلس في خيمة وضعها المحتجون في منتصف الطريق، وسمع أنه توفي لاحقا. في 9 يوليو/تموز، عاد محمد إلى العمل؛ عندما كان يغادر، رأى مجموعة كبيرة من الرجال تغلق الطريق، قائلين إنهم أقارب الرجل الذي مات. قال إنهم أغلقوا الطريق 5 أيام إضافية.
احتجاج 10 و11 يوليو/تموز في حقل القرنة النفطي
قال محمد إن قوات الأمن أصابت أحد المتظاهرين في 10 يوليو/تموز في حقل القرنة النفطي عندما فتحت النار على المتظاهرين ورمت حجرا أصاب آخر. أضاف أن المحتجين بقوا سلميين.
قال محمد إنه اشترك في مظاهرة أخرى في القرنة يوم 10 يوليو/تموز، وكان ضمن مجموعة مندوبين قد تحدثت إلى مسؤول أجنبي في شركة نفط، وعد بطرد جميع الموظفين العراقيين من غير سكان البصرة فورا وتوظيف المحليين فقط. أضاف أنه في صباح اليوم التالي، لم يحصل تغيير، وبحلول الساعة 10 صباحا، تجمع 300 متظاهر واحتشدوا عند بوابة أخرى في حقل النفط. قال إن أحد قادة شرطة النفط اقترب من المحتجين وقال لهم إنه إذا لم يتفرقوا، سيضطر ورجاله لاستخدام القوة. قال إنه بعد حوالي 30 دقيقة أطلقوا النار. ورأى حجرا ألقته قوات الأمن يصيب أحد أصدقائه في عينه ويتسبب بإصابة طفيفة. رأى صديقا آخر يُصاب بعيار ناري أعلى الفخذ الأيمن.
خيمة احتجاجية في11 و12 يوليو/تموز في شارع التربية، مدينة البصرة
قال متظاهران إنه ليلة 11 يوليو/تموز في مدينة البصرة، ضربت قوات الأمن 10 متظاهرين على الأقل مستخدمة خراطيم بلاستيكية سميكة أثناء جلوسهم سلميا في خيمة. اعتقلتهم، لكن أطلقت سراحهم لاحقا من نقطة تفتيش.
قال متظاهران إن نحو 30 متظاهرا نصبوا خيمة حوالي الساعة 2:30 عصرا على الرصيف تحت جسر بجوار شارع التربية في مدينة البصرة. حوالي الساعة 2 فجرا، اقترب منهم نحو 30 عنصرا في الشرطة الاتحادية، التابعة لوزارة الداخلية، وأمروهم بإزالة خيمتهم.
قال “سفيان” (23 عاما)، وهو عامل شارك في الاحتجاج:
غادر حوالي 20 من أصدقائنا، لكن 10 منا رفضوا الذهاب أو إزالة الخيمة. بدأت القوات بضربنا جميعا بخراطيم مياه بلاستيكية سميكة. ضرب عنصران على الأقل رأسي وذراعي وظهري، قبل سحبي إلى شاحنتهما مع 6 آخرين من الخيمة. ربطوا أعيننا وأيدينا واقتادونا إلى نقطة تفتيش على بعد كيلومترين، قبل إطلاق سراحنا من هناك. وصلت إلى المنزل وبدأت بتقيؤ الدم. ذهبت إلى الطبيب في اليوم التالي لإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي. قال إنني بخير رغم احتمال إصابتي بارتجاج.
عرض سفيان أمام الباحثين صورا لكدمات حمراء على ذراعه اليمنى وخصره الأيمن.
احتجاج 14 يوليو/تموز خارج مقر منظمة بدر في مدينة البصرة
قال “صباح”، وهو صحفي، و”مقصود”، وهو متظاهر، إنه ليلة 14 يوليو/تموز في مدينة البصرة، أطلقت قوات الأمن النار على الحشد عدة مرات من دون إنذار، ما أسفر عن جرح طفلين على الأقل عمرهما 13 و3 أعوام، كما اعتقلت متظاهرَيْن على الأقل. قالا إن المتظاهرين ألقوا الحجارة على قوات الأمن وكذلك قنبلة مولوتوف، وأحرقوا إطارات.
قال صباح ومقصود إنهما تجمعا مع حوالي 200 متظاهر مساء ذلك اليوم خارج مقر منظمة بدر في البصرة. قالا إن الاحتجاجات بدأت حوالي الساعة 8 مساء، مع تفرق المتظاهرين حوالي الساعة 9:30 مساء ليعودوا عند منتصف الليل لساعتين إضافيتين. قالا إنه خلال الاحتجاج الأولي، أغلق المتظاهرون الطريق بإطارات مشتعلة وألقوا الحجارة على حوالي 8 من قوات بدر التي خرجت من المبنى لحماية مدخله.
ثم شاهدا قيام قوات بدر بالرد على إلقاء الحجارة بإطلاق النار على الحشد عدة مرات. رأى صباح صبيا ينزف من خصره، لكنه لم يكن يعرف إن كان أصيب بالرصاص مباشرة أو بشكل غير مباشر بشظايا ذخيرة. قال أقارب الصبي لصباح إن عمره 13 عاما.
قال صباح إنه رأى المتظاهرين يمزقون ويحرقون لافتة لهادي العامري، قائد منظمة بدر، مشعلين فيها النار. ألقى أحد المحتجين قنبلة مولوتوف على عناصر بدر ليصيب أحدهم.
غادر صباح الاحتجاج وعاد في منتصف الليل ليرى قوات بدر تعتقل متظاهرَيْن اثنين وتجرهما إلى مقرها. لا يعرف ما حلّ بهما. قال إنه بحلول ذلك الوقت، تزايد عدد المتظاهرين الذين يرمون الحجارة، وواصلت قوات بدر إطلاق النار لفترات أطول. في إحدى الفترات، شعر وكأنها “تمطر رصاصا”. عاد صباح إلى منزله على بعد 500 متر الساعة 2 صباحا والتقى بجاره الذي قال إنه كان في الخارج مع ابنه (3 سنوات) في وقت سابق عندما أصابت قطعة معدنية قادمة من منطقة الاحتجاج ابنه وجرحت يده. لم يعرف عدد الجرحى الكامل.
احتجاج 15 يوليو/تموز في حقل البرجسية النفطي
قال 3 متظاهرين إن قوات الأمن أطلقت النار في 15 يوليو/تموز في حقل البرجسية على المتظاهرين دون سابق إنذار، وطاردتهم بالسيارات، وأصابت أحد المتظاهرين، وضربت ما لا يقل عن 3 متظاهرين بعصي خشبية لدى تفريقها الحشود. قالوا إن بعض المتظاهرين كانوا يرشقون قوات الأمن بالحجارة.
قال المتظاهرون الثلاثة إن ما لا يقل عن 2,000 متظاهر توجهوا إلى بوابات حقول النفط، على بعد نحو 18 كيلومتر من أقرب بلدة، الساعة 5:30 صباح يوم 15 يوليو/تموز. أغلقوا الطريق ثم دخلوا بوابة حقل النفط من دون مقاومة من جانب شرطة النفط. قال المتظاهرون إنه حوالي الساعة 9 صباحا، مر حوالي ألف متظاهر بالبوابة، عندما وصلت حوالي 10 عربات مصفحة من طراز همفي وحافلات صغيرة مملوءة بالرجال بزي قوات السوات، وحوالي 8 رجال مسلحين بملابس مدنية.
قالوا إن أحد القادة خرج من عربة همفي وطلب من المتظاهرين اختيار 5 لنقل مطالبهم لمدير شركة النفط الحكومية، لكنهم رفضوا. ثم سار نحو 300 متظاهر نحو المبنى الرئيسي لشركة “إي إن آي”، إحدى شركات النفط الأجنبية في الحقل، وعندها توجهت عدة عربات همفي تجاه المجموعة، وقطعت عليها الطريق، وفتحت النار دون سابق إنذار. بدأ المتظاهرون يركضون نحو البوابة.
قال زياد، أحد الثلاثة، إن رصاصة مرت بجانب رأسه. قال إنه رأى إحدى عربات الهمفي القريبة تصدم أحد المتظاهرين، الذي سقط على جانب الطريق، لكنه لم يعرف ما حدث له. أضاف:
تفرّق الجميع في اتجاهات مختلفة، لكن حوالي 15 منّا ركضوا إلى مركز شرطة محلي ضمن المجمع، فركضتُ واختبأتُ في الحمام. تبعتنا قوات التدخل إلى داخل المحطة ووجدت نفسي في الحمام. ضربني 3 منهم 5 مرات على الأقل “بحميرهم” [عصا خشبية لها كُرة في طرفها تستخدم لتحريك الحمير]، على رأسي ويدي اليمنى وصدري، بينما كانوا يشتموني.
هرب زياد منهم عندما أخذوه من الحمام وركض في اتجاه أقرب بلدة. عندما غادر المحطة، قال إنه رأى فتى يعرفه، عمره 20 عاما، في إحدى شاحناتهم الصغيرة. أضاف، “كان هناك حوالي 15 عنصر أمن يضربه، وكنت أسمع صراخه يقول ′أريد فقط وظيفة لأتمكن من الزواج′”.
قال متظاهر آخر، “مالك” (23 عاما)، وهو حلاق، إنه بينما كانوا يهربون، رأى 4 أشخاص يحملون متظاهرا ساقه اليسرى تنزف. لم يعرف ما سبب الإصابة أو ما حدث للمتظاهرين. قال إنه عندما كانوا يخرجون من بوابة حقل النفط، رأى 3 أعضاء في فريق التدخل يضربون ظهْر متظاهر آخر “بحميرهم”. قال إنه نظر إلى ظهره ورأى كدمات واحمرار.
قال المحتجون الثلاثة جميعهم إن بعض المتظاهرين كانوا يرشقون قوات الأمن بالحجارة.
احتجاج في 15 يوليو/تموز أمام مكتب محافظة البصرة
قال 7 متظاهرين و3 صحفيين إنه في 15 يوليو/تموز، فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين خارج مكتب محافظة البصرة وسط مدينة البصرة من دون إنذار، ما أسفر عن مقتل شخص على الأقل، وإصابة اثنين هما حاليا في غيبوبة، وإصابة رابع في خصره. ضربت قوات الأمن 24 متظاهرا على الأقل، من بينهم طفل بدا وكان عمره 12 عاما، بعصي خشبية وأنابيب بلاستيكية ومعدنية وكابلات وأعقاب البنادق. 16 منهم كانوا في عهدة السلطات وقتها. قال من أجريت معهم المقابلات إن بعض المتظاهرين كانوا يرشقون قوات الأمن بالحجارة ويحرقون إطارات السيارات.
قال جميعهم إنهم كانوا في الاحتجاجات من الساعة 7 صباحا حتى 1 ظهرا. ثم ثانية من الساعة 5 إلى 6 مساء. في 15 يوليو/تموز، قالوا إن شرطة مكافحة الشغب وقوات السوات كانت في الخارج لحماية المبنى وتفريق المتظاهرين. داخل بوابات البناء، كانت هناك “قوات الرد السريع” التابعة لوزارة الداخلية والشرطة البلدية.
قال متظاهران وصحفي، حسن، إنهما شاهدا 7 متظاهرين يحملون شابا بعيدا بجرح كبير مفتوح في الجانب الأيسر من رأسه. أكد الساعدي، رئيس لجنة الأمن في مجلس المحافظة، لـ هيومن رايتس ووتش أنه توفي لاحقا. قال أحد المتظاهرين، “أيمن”، وصحفي، “صباح”، إنهما شاهدا رجلا عرفوا لاحقا أن اسمه محمد عبد علي نعيم (24 عاما) ملقى على الأرض ينزف من رأسه، وكان المتظاهرون قد سارعوا إلى إبعاده.
قال 3 من أقارب نعيم، الذي بقي في غيبوبة، لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تحدثوا إلى أصدقاء نقلوا نعيم من الاحتجاج إلى المستشفى، وسلّموا أقاربه لاحقا هاتفه الخلوي. يعرض مقطع فيديو من هاتف نعيم بعض المتظاهرين يقفون أمام مكتب المحافظة. يُسمع صوت إطلاق نار ثم يسقط الهاتف، ما يشير إلى إصابة نعيم. عرض طبيب في “المستشفى التعليمي” أمام طارق، شقيق نعيم، 3 شظايا معدنية أزيلت من رأس نعيم بعد عملية استغرقت 3 ساعات. حالته غير واضحة.
قال أحد المتظاهرين، “كريم” (23 عاما)، إنه كان في الصف الأمامي من المتظاهرين حوالي الساعة 10 صباحا عندما رأى حجرا رماه أحد المتظاهرين يصيب شرطيا من مكافحة الشغب. أمسك به الأمن و5 متظاهرين آخرين بالقرب من واجهة مبنى المحافظة وسحبوه إلى الداخل. شاهد قيام العناصر بضرب المتظاهرين الذين أمسكوا بهم بعصي بلاستيكية سوداء بينما كانوا يشتمونهم ويصفونهم “بالإرهابيين”. ساعد أحد رجال الشرطة، الذي عرف المحتجين، في مغادرتهم المبنى، ووضعهم في سيارة إسعاف وأخرجهم.
قال كريم إنه بينما كانت المجموعة تغادر سيارة الإسعاف في موقع لا يبعد كثيرا عن مكان الاحتجاج، رأى طفلا بدا أن عمره 12 عاما تقريبا يقف وحيدا ويبكي من الغاز المسيل للدموع. رأى أفراد قوات الأمن يطلقون النار في المنطقة فوق الطفل ثم يمسكون به ويجرونه إلى الهمفي، ويضربونه بأعقاب بنادقهم. لا يعرف كريم ما حل بالطفل.
قال حسن إنه في الوقت نفسه شاهد متظاهرا أراه جرحا بطول 6 سنتيمترات في خصره، زاعما أن سببه ضرب شرطة مكافحة الشغب إياه بأنبوب بلاستيكي. قال أحد المتظاهرين، “عمار” (24 عاما)، وهو خريج جامعي، إنه وصل إلى الاحتجاجات الساعة 11 ورأى متظاهرين يحرقون إطارات السيارات ويلقون الحجارة ويحاولون عبور البوابة إلى مكتب المحافظة، وقد صوّر ما سبق. استخدمت قوات مكافحة الشغب دروعها البلاستيكية في محاولة لتفريق الحشود. قال إن قوات الأمن انسحبت أولا إلى داخل البوابات، ثم اندفعت إلى الخلف وبدأت ضرب المتظاهرين بالأنابيب البلاستيكية والعصي الخشبية.
قال “عزيز”، أحد المتظاهرين، إنه رأى وقتها 4 على الأقل من شرطة مكافحة الشغب يضربون متظاهرا بعصي خشبية. قال مقصود إنه رأى شرطة مكافحة الشغب تلتقط حجرا ألقي في اتجاهها وترميه ثانية ليصيب مسنا في رأسه. لم يعرف ما حلّ بالرجل. قال مقصود إنه بعد ذلك مباشرة، رأى المحتجين يحاولون شق طريقهم إلى مكتب المحافظة. ردت شرطة مكافحة الشغب بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع، وأطلقت قنابل الغاز مباشرة على الحشد.
قال مقصود إن شرطة مكافحة الشغب ألقت القبض عليه و9 آخرين بعدها بوقت قصير، واقتادتهم إلى مبنى المحافظة وضربتهم بمواسير معدنية وكابلات بلاستيكية. عرض صورا لعلامات حمراء على الجانب الأيمن من وجهه، وعلى ظهر صديقه، الذي كان يحمل 18 علامة حمراء على الأقل وجروحا مفتوحة. هرب كلاهما من المكتب بمساعدة عنصر متعاطف.
قال عمار إنه عاد إلى الاحتجاجات الساعة 5 مساء. ورأى بضع مئات من المتظاهرين عادوا وهم يهتفون سلميا. الساعة 6 مساء، أثناء مغادرته، بدأت شرطة مكافحة الشغب فجأة بإطلاق الغاز المسيل للدموع. ركض إلى مطعم قريب مع 3 متظاهرين آخرين وجلسوا على طاولة، متظاهرين بأنهم زبائن. قال إنه شاهد من خلال نافذة قيام 5 عناصر بضرب 3 رجال يحتجزونهم، مع قرصهم وصفعهم، ثم يسحبونهم إلى سيارات مدنية ويرحلون. أضاف،
رآنا رجل يرتدي ثيابا مدنية كان معهم ويحمل مسدسا فجأة من النافذة. أخرج مسدسه وأطلق النار عليّ مباشرة، ما أدى إلى تحطم الزجاج. ركضت إلى الخلف واختبأت خلف الثلاجة واستمعت بينما كانوا يجرون الرجال الثلاثة الآخرين الذين كانوا على الطاولة معي. انتظرت حتى أصبح الوضع أكثر هدوءا ثم توجهت إلى البيت. عندما وصلت إلى المنزل، رأيت أن ملابسي كانت مغطاة بالزجاج المحطم.
قال “علي” (33 عاما)، فنان شارك في الاحتجاج، إنه في الوقت نفسه رأى أحد المتظاهرين يسحب مسدسا ويطلق النار على شرطة مكافحة الشغب. لم يكن يعرف ما إذا كان أي شخص قد أصيب.
قال شقيق أحد المتظاهرين، محمد علي زمات (25 عاما) إنه ذهب إلى المظاهرة حوالي الساعة 5 مساء. تلقى الأخ مكالمة بعد فترة وجيزة من أصدقاء زمات، قائلا إنه أصيب إما بقنبلة غاز مسيل للدموع أو بإطلاق نار. ذهب الأخ إلى المستشفى، حيث كان الأطباء قد أجروا عملية جراحية بالفعل لكنهم قالوا إن زمات كان في غيبوبة وعانى من تلف في الدماغ من قذيفة أصابت جبهته، ما دفع بأجزاء من جمجمته لاختراق دماغه. عرض الأخ صورة زمات في غيبوبة في المستشفى، مع تورم كبير في عينه وضمادات حول رأسه.
قال المتظاهرون إنهم احتجوا في نفس المكان ليومين قبل وقوع هذه الأحداث، ولم تستخدم قوات الأمن أي قوة ضدهم، وصوروا ذلك في مقاطع فيديو.
احتجاج 16 يوليو/تموز في تقاطع لبنان، مدينة البصرة
قال متظاهران إنه في 16 يوليو/تموز، ضربت قوات الأمن 8 متظاهرين على الأقل بالعصي. قالوا إن المتظاهرين كانوا يحرقون إطارات السيارات.
كانوا قد ذهبوا إلى مظاهرة مسائية في مدينة البصرة عند تقاطع لبنان، حيث رأوا المتظاهرين يقطعون الطريق بإطارات محترقة. قال عمار، الذي شاهد الاحتجاجات من بعيد، إنه رأى 5 عناصر من الشرطة الاتحادية يضربون 8 متظاهرين على الأقل بالعصي، ثم يرمون ما بدا أنه الدراجات النارية العائدة إلى المتظاهرين من الجسر إلى النهر. قال عمار إنه رأى مجموعة منفصلة من 7 عناصر من الشرطة الاتحادية يضربون أي متظاهر كانوا يصادفونه.
احتجاج 17 يوليو/تموز في حقل البرجسية النفطي
قال الصحفي، حسن، إنه في 17 يوليو/تموز، فتحت قوات الأمن النار دون سابق إنذار فوق رؤوس المتظاهرين وضربتهم بالعصي لتفريق الحشود، وضُرب صحفي.
قال حسن إنه وزميله، الذي كان يرتدي شارة صحافة، يقابلان بعضا من حوالي 200 متظاهر قرب بوابة حقل النفط. قال إنه بينما كان يجري مقابلة أحد المتظاهرين، جاء شرطي من قوات حراسة المنشآت النفطية فجأة إليهما وضرب ساقه اليمنى. طالبه عنصر آخر بالتوقف، قائلا إنهما صحفيين. قال إنه شاهد عناصر شرطة النفط يضربون العديد من المتظاهرين الآخرين لتفريق الحشود.