المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

الإجبار على الإيمان تربية على النفاق ولا إكراه في الدين

ناوومي كونراد – قنطرة

athiestsposterpicturealliancedpa

الإلحاد والإيمان في العالم العربي والإسلامي

يفضل الكثيرون من الملحدين الاحتفاظ بسرهم هذا لأنفسهم حتى لا يتعرضوا للإقصاء من قبل عائلاتهم أو لردود أفعال متشددين. وهناك من يتساءل: أليس للإنسان الحق في حرية رفض الانتماء الى الدين، خصوصا من منطلق “لا إكراه في الدين”؟. ناوومي كونراد تسلط الضوء على ذلك.

تقول مينا أهادي إنها لا تزال تتلقى رسائل مجهولة الهوية تهددها بالقتل. السبب وراء تلك التهديدات أن السيدة أهادي أسست عام 2007 ما يطلق عليه “المجلس الأعلى للمسلمين السابقين” وهي منظمة يؤكد فيها أعضاؤها علنا تركهم للدين الإسلامي. وتقول مينا أهادي أنها سعت من خلال تأسيس هذا المجلس إلى نشر رسائل استفزازية رافضة لختم صفة “المسلم” الذي يوصم به كل المهاجرين القادمين من الدول العربية بشكل أوتوماتيكي، بصرف النظر أكان هؤلاء مسلمين حقا أم مسيحيين أم ملحدين.

من جهته، يشرح الأستاذ مهند خورشيد، مدير مركز الدراسات الإسلامية في مدينة مونستر الألمانية، أن هناك جماعات، وخاصة منها السلفية المتشددة، تدعو الى هدر دم المرتدين عن الإسلام. ويضيف أن هؤلاء يستندون في موقفهم هذا إلى حديث نبوي يعتبر أنه يجب قتل من يغير دينيه. غير أنه يشير في الوقت نفسه إلى اختلافات الفقهاء والعلماء في صحة هذا الحديث. ويوضح الخبير في الدراسات الإسلامية أن القرآن يتضمن إشارات إلى أن الله هو الذي سيعاقب على ذلك ولكن في الآخرة، وليس في الحياة الدنيا. ويؤكد الأستاذ خورشيد أن المخاطر تكمن لدى بعض الأفراد الذين يعتبرون أنفسهم مخولين للتصرف في هذاالموضوع كما يريدون.

لا إكراه في الدين

mouhanad_khorchide_ulrike_hummel
يرى الأستاذ مهند خورشيد مدير مركز الدراسات الإسلامية في مدينة مونستر الألمانية أن موقف التخلي عن دين معين هو موقف حر يعود للشخص نفسه ولا يتنافى مع روح القرآن، مشيرا إلى أنه يعلم طلابه بأن النية الطيبة هي الأساس و”ماعدا ذلك فهي تربية على النفاق”.

هذا الموقف يتبناه أيضا السيد بكير ألبوغا من الاتحاد الإسلامي الألماني التركي للشؤون الدينية والذي يشير في هذا السياق إلى ظاهرة تحول بعض المسلمن إلى متشددين متطرفين من خلال الانترنت. غير أنه يؤكد في الوقت نفسه على أن هؤلاء إنما يشكلون أقلية في المجتمعات الإسلامية. ويضيف الخبير في الشؤون الإسلامية أن القرآن واضح في هذا الموضوع: “من يعمل على إجبار آخرين لاعتناق دين معين أو البقاء في دين ما، فإنه يرتكب إثما كبيرا”.

من جهتها تقول مينا أهادي: “لحسن الحظ لم نشهد في أوروبا أي حالة قتل لشخص أعلن بأنه لا يؤمن بالله”. وتوضح بأن الشباب الذين تتواصل معهم يخشون بالخصوص رفض المجتمع لهم، وتضيف: “إنهم يتخوفون من نبذ عائلتهم لهم أو أن يتخلى عنهم أهاليهم.” وتشير إلى أنه لهذه السبب يفضل الكثيرون عدم الافصاح عن انتمائهم الديني، حيث تستمر البنات في ارتداء الحجاب ويستمر الشباب في الذهاب إلى المسجد للصلاة برفقة الآباء. ويرى الأستاذ خورشيد أن موقف التخلي عن دين معين هو موقف حر يعود للشخص نفسه لا يتنافى مع روح القرآن، مشيرا إلى أنه يعلم طلابه بأن النية الطيبة هي الأساس و”ماعدا ذلك فهي تربية على النفاق”.

إقصاء من طرف المجتمع

المدون الفلسطيني وليد الحسيني يقول: "لو فعلتُ ذلك ظاهريا لكذبت على نفسي وعلى المسلمين المؤمنين أيضا".
المدون الفلسطيني وليد الحسيني يقول: “لو فعلتُ ذلك ظاهريا لكذبت على نفسي وعلى المسلمين المؤمنين أيضا”.

من جهته، يقول سيف البصري، وهو طالب في كلية الطب بجامعة مونستر الألمانية، بأنه ظل مترددا على مدى عامين كاملين قبل أن يخبر عائلته في بغداد بأنه أصبح ملحدا وأنه لم يعد يؤمن بالله. ويضيف أنه فوجئ برد فعل عائلته، حيث إنها لم ترحب بقراره غير أنها تقبلته في نهاية الأمر. ويضيف بأن أعمامه حاولوا إقناعه بأنه سيعيش حالة من الاضطراب والحيرة، غير أنهم لم يفلحوا في تغيير رأيه. ويروي الطالب سيف الذي عاش فترة الحرب في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين وحالة الاحتقان والتطاحن بين السنة والشيعة بأنه فر من العراق إلى ألمانيا وهو في الـ 16 من عمره. “لكل شخص الحق في أن يؤمن بما يشاء طالما أنه لا يؤذي الآخرين. في أحيان كثيرة لا يبقى للشباب من خيار ويجبرون على تقبل تصورات الآخرين بشأن الجنة والجحيم”.

أما الشاب الفلسطيني وليد الحسيني، الذي كان يكتب مدونات منتقدة للإسلام وينشرها باسمه الحقيقي، فقد عاش تجربة أخرى، حيث تعرض عام 2010 للاعتقال وللسجن لمدة 10 أشهر. وعندما أفرج عنه، لم يعد مرحبا به، الأمر الذي دفعه إلى الهجرة خارج البلاد. ويقول الحسيني الذي يعيش حاليا في فرنسا، إنه أخطأ عندما نشر مدوناته باسمه الحقيقي، حيث لم يكن يعلم بأن سيتعرض للاعتقال والإقصاء بسبب انتقاداته الموجهة للإسلام. واليوم، لم يعد بإمكانه العودة إلى فلسطين، بيد أنه يشدد على أنه غير نادم على قراره السابق، ملاحظا أنه “لو فعلتُ ذلك ظاهريا لكذبت على نفسي وعلى المسلمين المؤمنين أيضا”.