قراءة أولية في بنود حماية الاثار الواردة في قرار مجلس الامن ٢١٩٩ للعام ٢٠١٥
اسماعيل داود *
يكتسب جانب القانون الدولي اهمية خاصة في قضية حماية الاثار والموروث الحضاري والتراث في كل من العراق وسوريا. ولتبيان هذه الاهمية ولتوضيح قضية ارتباط حماية الاثار بجرائم تحاسب عليها القوانين الدولية في الحالة العراقية تحديداً، من الواجب اعتبار عدد من العوامل، نورد هنا ثلاثة منها ، وننبه بانها لاتمثل قائمة حصرية لكل العوامل ذات العلاقة، وهذه العوامل هي:
١– إن تهريب الاثار مرتبط بمجاميع جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية. تتباين هذه المجاميع وحسب اهدافها، فمنها مجاميع ارهابية ذات اهداف سياسية وتستخدم المردود العائد من بيع وتهريب الاثار لتمويل انشطتها، واخرى تمارس التهريب لاغراض تجارية بحتة ولغرض تحقيق الربح غير المشروع. ما يجمع بين كل هذه المجاميع هو انها و في ممارسة اعمالها الاجرامية تحتاج لان تعبر الحدود الوطنية، باحثة عن اسواق امنة لبيع المسروقات، فتقع مواجهتها في اطار القانون الدولي، فمكافحة مثل هذه الجرائم يحتاج الى تعاون دولي وتنسيق عالي المستوى.
٢– إن جرائم الاعتداء التي حصلت مؤخرا من قبل تنظيم “داعش” الارهابي فتحت جانب اكثر خطورة، الا وهو الاعتداء المباشر على مواقع تابعة للتراث العالمي الانساني وهي تقع تحت الحماية الدولية وحسب الاتفاقية الدولية لحماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي للعام ١٩٧٢. مثل موقع الحضر (دخل الى القائمة عام ١٩٨٥)، ومواقع اخرى مرشحة لدخول القائمة مثل موقع النمرود (رشح عام ٢٠٠٠)**
٣– إن ابرز مرحلة لتهريب الاثار في العراق ارتبطت بالتدخل الدولي في العراق، منذ الحصار الاقتصادي على العراق والذي فرض بعد غزو نظام صدام لدولة الكويت عام ١٩٩١، وصولا الى مرحلة التدخل العسكري الاجنبي في العراق واحتلاله في العام ٢٠٠٣ والسنوات التي تلتها. وهذه مراحل انخرط فيها المجتمع الدولي بمسوؤلية مباشرة بما جرى في العراق. وفي الاحتلال ترتبت مسئولية دولية على الدول المحتلة تجاه العراق وارثه الثقافي، وعزز هذه المسئولية حالة لانفلات والعجز الامني التي رافقت الاحتلال ودامت لأعوام. وفي ظل هذا الانفلات جرت عمليات نهب منظمة لعدد غير محدد من اللقى والاثار و الارشيف من المتاحف والمكاتب ومن مواقع الاستكشاف.
فما احرى بنا وبكل من يُعنى بموضوع حماية الاثار في العراق، ان نبقي اعينا مفتوحة على جانب القانون الدولي وان نستفاد مما يوفره من ادوات قانونية وتنفيذية لحماية مايمكن حمايته ولاعادة مايمكن استعادته. ومن دوافع هذه القراءة سد جزء من نقص المعرفة والذي يمثل قدر غير قليل من حالة العجز التي نعيشها في مواجهة تهريب الاثار.
هذه الورقة تركز على اداة قانونية واحدة تتعلق بكل ما اوردناه الا وهي قرار مجلس الامن رقم (2199) والصادر في العام (2015). وسبب هذا التركيز ان قرار مجلس الامن هذا جاء ضمن اجماع بين اعضاءه وبموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. و معرف بان الفصل السابع يتسم باهمية خاصة لطبيعته الملزمة للدول و على الاطلاق، وبموجبه يمكن لمجلس الامن أن يتخذ تدابير إنفاذ لصون السلام والأمن الدوليين أو إعادة إحلالهما. وتتراوح هذه التدابير بين العقوبات الاقتصادية أو غيرها من الجزاءات التي لا تتضمن استخدام القوة المسلحة، وكذلك العمل العسكري الدولي.
اذا القرار موضوع الدرس له الاولوية اليوم في اطار القانون الدولي فيما يتعلق بجرائم تهريب الاثار، ويغطي مسألة عامة وهي تمويل الجماعات الارهابية لانشطتها من عدة مصادر.
ويتكون القرار من ديباجة و 31 فقرة، تتناول مواد متنوعة تتعلق بتمويل الجماعات الارهابية، مثل الاتجار غير المشروع بالنفط ومشتقاته و موضوع الرهائن وتقديم الفدية، وتقديم التبرعات. وتبرز الاثار هنا وفي هذا السياق، سياق مكافحة ظاهرة تمويل الجماعات الارهابية من خلال تهريب وبيع القطع واللقى الاثرية الثمينة. ويجرم القرار التداول والمتجارة المباشرة وغير المباشرة ويهدد باتخاذ اجراءات صارمة وفرض عقوبات تستهدف كل من يتورط بمثل هذه الاعمال. كما ان هذه القراءة ستقتصر فقط على المواد التي خصصها القرار لمسألة حماية الاثار ومكافحة الاتجار غير المشروع بها.
لتحميل النص الكامل للورقة اضغط هنا