شباب هيت يرفعون شعار “الحياة تبدأ بخطوة” لإعادة إعمار مدينتهم
مع بدء عملية تحرير مدينة هيت من تنظيم داعش الإرهابي، أوائل شهر نيسان الماضي وبعد تحقق مجموعة من اللقاءات الناجحة بين مجاميع من شباب المدينة في أماكن نزوحهم ولرغبتهم بالعمل من اجل اعادة الحياة لمدينتهم، أطلق شباب المدينة مبادرتهم الشبابية بإسم “شاقوفيان” متحدين تحت شعار “الحياة تبدأ بخطوة”، إيمانا منهم وتأكيدا لما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش: “على هذه الارض سيدة الارض ما يستحق الحياة”.
تجمع الفريق تحت مظلة شاقوفيان نسبة الى أقدم وأشهر مقهى في مدينة هيت والذي يحمل اسم “مقهى الشاقوفة” عازمين على تأهيل المدينة وترسيخ ثقافة التسامح واللاعنف في المجتمع الهيتي، من خلال وضع خطوط واضحة للعمل وسلسلة طويلة من البرامج والانشطة.
في الوقت الذي كانت فيه عملية التحرير تحقق انتصارات كبيرة على الأرض، عمل شباب شاقوفيان على تعريف الناس بمبادرتهم، بدأوا بالترويج لمجموعتهم من خلال صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، هدفوا من خلالها بالتعريف بواجبات الفرد كمواطن، من خلال التحفيز على العمل الجماعي والتعاون في تخفيف الأضرار التي أحاطت بمدينة هيت نتيجة لإحتلالها مدة سنتين من قبل تنظيم داعش الارهابي. لاقت المبادرة تأييداً كبيراً من داخل المدينة وكان لهذا التأييد أثراً بالغاً لتحفيز الكثير من الشباب على العمل التطوعي من أجل تسهيل مهمة إعادة الحياة إلى المدينة بعد تحريرها.
بعدها، تم اطلاق استمارة إلكترونية لتسجيل الراغبين بالتطوع والعمل مع شاقوفيان، وأصبح لدى شاقوفيان قاعدة بيانات خاصة بالمتطوعين، وكان للمنتدى الاجتماعي العراقي دوراً كبيراً في تطور عمل شاقوفيان حيث تم عقد لقاءات مشتركة أبدى من خلالها المنتدى استعداده لدعم برامج شاقوفيان وتمت فيها مناقشة اهداف المبادرة وآلية العمل المستقبلية بعد تحرير المدينة، تلخصت من خلال تبني فكرة التسامح واللاعنف والسلم المجتمعي وآلية ترسيخها في المجتمع الهيتي، كونها اهداف تشكل مطلب مهم في المدن التي وقعت تحت حكم تنظيم داعش الإرهابي وممارساته القمعية التي تركت تأثيراً نفسياً سلبياً وخلقت فجوات تحتاج إلى عمل طويل لردمها.
مع تحقيق الانتصار بتحرير هيت المدينة في الوقت الذي كانت تسقط فيه صواريخ التنظيم الإرهابي من الجهة الثانية التي يقطعها النهر عن المدينة أطلقت شاقوفيان حملتها الأولى بتأهيل بعض الأحياء الآمنة وتنظيف شوارعها الرئيسية وصبغ مجموعة من أرصفتها، وبعد ثلاثة أشهر وبالتزامن مع تحرير الجهة الثانية وعودة الكثير من أهالي هيت الذين نزحوا من المدينة بعد إحتلالها، ومع بداية الدوام الرسمي للطلبة في المدارس المتضررة بفعل الحرب أطلقت شاقوفيان حملتها الثانية وذلك بتأهيل مجموعة من المدارس المتضررة، من خلال التنسيق مع مدير تربية هيت ومدراء المدارس.
بعد إنجاز المهمة أجرى شباب شاقوفيان بعض الزيارات بهدف التنسيق مع المجلس المحلي وقائمقامية مدينة هيت وكذلك القوى الأمنية وبعض الدوائر الحكومية، والذين بدورهم أبدوا اعتزازهم بالعمل الذي يتم تنظيمه وعبروا عن إستعدادهم لتقديم المساندة من اجل إنجاح برامج المجموعة المستقبلية.
كما شارك شباب شاقوفيان ضمن فعاليات الموسم الثالث للمنتدى الاجتماعي العراقي في ايلول 2016 بخيمة صغيرة ادارها شباب الفريق داخل حدائق أبي نؤاس، ملأ الفريق خيمتهم بصور من تراث وحضارة مدينة هيت، مرسلين رسالة تحمل في ثناياها الامل الهيتي بعودة الحياة للمدينة. مهدت هذه المشاركة الى تواصل اكبر وتعاون مشترك بين المنتدى ومبادرة شاقوفيان حيث كان للمنتدى الاجتماعي العراقي لاحقاً وبالتعاون مع مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي ومنظمة اون بونته بير.. الايطالية ومنظمة CCFD تير سوليدير الفرنسية دوراً كبيرا في انجاح العمل من خلال توفير الدعم المالي لتأهيل أكثر عدد من المدارس في المدينة.
شهدت شاقوفيان في الوقت الحالي تطوراً كبيراً وملحوظاً وانسجاماً حقيقياً يعبر عن وعي افرادها بأهدافها وقدرتهم على تحقيقها من خلال تحليهم بروح الفريق الجماعي، كما وشهدت إتساعاً كبيراً وذلك بإنضمام عدد من شبيبة هيت من مختلف الخلفيات الفكرية والقادرين على العمل والانسجام ضمن الفريق.سعى الفريق الى تنظيم عمله من خلال عقد اجتماعات دورية لتقييم العمل وتنظيم الخطط المستقبلية، حيث وضع الفريق برنامج كامل لسنة 2017 يمهد للهدف الأساسي بترسيخ ثقافة التسامح واللاعنف والسلم المجتمعي من خلال توزيع المهام بين افراد الفريق.