المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

بناء التضامن بين المعلمين والطلاب في زمن COVID-19

لن تتمتع أي دولة بالأمن والديمقراطية وحقوق الإنسان إذا فشلت في تثقيف جيلها القادم لتولي قيادة مستنيرة وعادلة. في حين أن جائحة COVID-19 فرضت مطالب غير مسبوقة على الأنظمة التعليمية في جميع أنحاء العالم، فإنها تنتج أيضًا مناقشات رائعة بين المعلمين والطلاب، على جميع المستويات التعليمية، حول كيفية مواصلة التعليم أثناء أزمة COVID-19. ولكن الأهم من ذلك، أن هذه المناقشات تلهم الفكر والتضامن حول تشكيل أنظمة تعليمية أكثر فاعلية يمكن أن تخلق مستقبلًا أكثر عدلاً ورأفة وإنصافًا. استوحى المشاركون في الندوة عبر الإنترنت الثالثة التي نظمتها مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي حول الاستجابة لوباء فيروس كورونا من تجارب المتحدثين من ثلاث دول – العراق وإيطاليا والسويد. في المستقبل، بعد هذا الوباء، تخطط مبادرة التضامن الى توفير منصة للنقاش المستمر حول التعليم. نعتقد أن هذه المناقشات ستساعد في بناء عالم يكون فيه المواطنون أفضل استعدادًا للمشاركة في النهوض بمجتمعاتهم ومعالجة التحديات العالمية التي نواجهها معًا.

المعلمون والطلاب الذين ساعدونا في التفكير في تحديات التعليم الحالية والفرص المستقبلية هم:

  • مؤيد جمعة، أستاذ تدريس الترجمة الإنجليزية في جامعة المأمون ببغداد العراق.
  • يونس علي جاسم، طالب في ثانوية المتميزين في بغداد، وعضو في مسار التربية والتعليم في المنتدى الاجتماعي العراقي.
  • إليسا راجوجنا، طالبة في الاتصال والتقييم والبحث الاجتماعي في جامعة Sapienza في روما، إيطاليا. وهي أيضًا عضوة في رابطة الطلاب “Link”.
  • مارلين أبراهام، مدرسة العلوم الاجتماعية لطلاب المدارس الثانوية والإعدادية في السويد لأكثر من ست سنوات.
  • لوكا راندازو، مدرس الابتدائية في إيطاليا؛ وهو عضو في الحركة الإيطالية للتعاون التربوي، ومؤلف لعديد من كتب الأطفال، وناشط اجتماعي.

ناقشوا أولاً كيف تنجح دولهم أو تفشل في تقديم طرق جديدة للمعلمين والطلاب للتفاعل أثناء جائحة  COVID-19

 

تقنيات تعليمية جديدة في العراق متبناة وتمت محاولة تجربتها:

 عبر الأستاذ مؤيد عن أمله في أن يكون جميع المشاركين بأمان، أينما كانوا. وذكر أنه قبل الوباء في العراق، بدأت وزارة التعليم العالي بتنظيم ورش عمل حول مجموعة متنوعة من تطبيقات الإنترنت، مثل  Goggle Classroom، التي تهدف إلى دعم الصفوف عبر الانترنت الموجودة حاليًا. لذلك، عندما ظهر فيروس كورونا، كان المعلمون الجامعيون مستعدين جزئياً للانتقال إلى التعليم عبر الإنترنت. ومع ذلك، رفض بعض طلاب الجامعات التغيير إن لم يكن معظمهم. الكثير لا يملكون أجهزة كمبيوتر شخصية (على الرغم من أن لديهم هواتف محمولة) ويفتقر معظمهم إلى خدمة إنترنت جيدة. لذلك، في البداية، توقف التعليم الجامعي بشكل فعال لأن الطلاب لم يشاركوا. بدأ الأساتذة مؤخرًا في استخدام التطبيقات التي تعمل على الهواتف المحمولة، والآن انضمت غالبية الطلاب. ولكن هناك قدر كبير من الارتباك. تستمر الشائعات بأن فصول هذا العام قد لا تحتسب، وهناك شك حول كيفية حصول الطلاب على الدرجات بناء على تحضيرهم للواجبات عبر الانترنت فقط.

أكد يونس علي على الفروق الكبيرة في تجارب طلاب المدارس الثانوية والجامعات. ففي مدرسته، لم يكن لدى المعلمين ولا الطلاب أي خبرة حقيقية في التعليم عبر الإنترنت. اما خارج المدن الكبرى مثل بغداد، فإن التحديات أكبر. وخلافا لوزارة التعليم العالي، فإن وزارة التعليم، المعنية بالمدارس الثانوية والمدارس الابتدائية، لم تقم بتدريب المعلمين على تطبيقات الإنترنت؛ لم يكونوا على دراية بالتكنولوجيا وكيفية استخدامها. الدراسة وحدها لا تكفي; لا يحصل الطلاب على الدعم والملاحظات المطلوبة للتعلم. وهم مرتبكون بشأن ما إذا كانت الصفوف الدراسية التي يأخذونها عبر الإنترنت ستحسب بالفعل أم لا. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات اقتصادية وثقافية. من المرجح أن يواجه الطلاب من الأسر الفقيرة وفي المناطق الريفية مشاكل في الوصول إلى الفصول عبر الإنترنت. كما يمنع العديد من الآباء بناتهم من التواجد على الإنترنت وبالتالي من المرجح أن يعاني تعليم الفتيات بشكل خاص مشاكل كثيرة وصعوبات أثناء الوباء.

التجارب والتحديات في إيطاليا والسويد:

تكلمت إليسا عن أوجه الشبه والاختلاف في تجاربها كطالبة جامعية في إيطاليا. في حين أن معظم العائلات لديها أجهزة كمبيوتر وهواتف خلوية، إذا كان هناك أكثر من طفل واحد في الأسرة، فإن العديد منهم قد لا يستطيعون استخدام تلك الاجهزة في نفس الوقت. علاوة على ذلك، فإن الوصول إلى الإنترنت ليس متجانسًا وفي بعض المناطق الريفية ضعيف جدًا. كما أفادت الانسة اليسا أنها شعرت شخصيًا أن تعليمها يعاني من نقص في التفاعل مع أساتذتها وزملائها الطلاب. إن الاتصال بالإنترنت مع 100 طالب آخر في فصل اللغة الإنجليزية لا يسمح بالأسئلة والمناقشات التي يمكن إجراؤها في قاعة المحاضرات. وصفت والدة الانسة اليسا، التي تدرس في المدرسة الثانوية، مواجهة الصعوبات نفسها وهي صعوبة عمل تفاعلات حقيقية مع طلابها.

 بدأت مارلين أبراهام بقولها مدى أهمية وفائدة سماع تنوع تجارب الطلاب والمدرسين في أماكن مختلفة. في السويد، قالت، الحياة لا تزال طبيعية. المحلات التجارية والمطاعم والحانات لا تزال مفتوحة. ومع ذلك، أغلقت المدارس الثانوية والكليات وانتقلت إلى الفصول الدراسية عبر الإنترنت. تم ذلك من أجل تقليل عدد الأشخاص الذين يستخدمون وسائل النقل العام حيث يكون من الصعب جدًا تطبيق التباعد الاجتماعي. يمتلك جميع الطلاب أجهزة كمبيوتر محمولة أو أجهزة iPad ويمكنهم الاتصال بالإنترنت. لا يزال من الصعب الحفاظ على نفس المستويات العالية من التعليم والتنمية الفكرية دون تفاعل وجها لوجه؛ يختار بعض الطلاب عدم الحضور. بالإضافة إلى ذلك، لم يعد الطلاب يتلقون دعمًا مهمًا آخر، مثل تلقي وجبات صحية في المدرسة أو الاستشارة النفسية لمشاكل عائلية مثل العنف المنزلي أو إهمال الوالدين. وأوضحت مارلين اخيرا أن المدارس الابتدائية والمدارس المتوسطة مفتوحة وتعمل الآن كما كانت قبل الوباء.

شارك لوكا بعض المخاوف التي يجب أن تراعيها جميع أنظمة التعليم أثناء تدريس الطلاب في وقت COVID-19. ينصب تركيز لوكا الأساسي على تعليم الطلاب الصغار وبدأ حديثه بالتركيز على أربع وظائف حيوية للتعليم التقليدي في إيطاليا:

  1. يتواصل التدريسيون من خلال العائلات فيما يتعلق بالاحتياجات الفردية للطلاب، وخاصة أولئك الذين يبدأون المدرسة وهم محرومون من بعض الامور، على سبيل المثال، أولئك الذين لغتهم الاولى ليست والمهاجرين والفقراء.
  2. ينمو الدافع للدراسة نتيجة الاتصال مع الأقران والمعلمين. لا يوجد حاليًا بديل واضح لهذا المصدر المهم للدافع.
  3. بناء المعرفة والفهم ليس مجرد مسألة اكتساب الحقائق والمهارات التقنية، بل هو ممارسة اجتماعية مشتركة تتطلب المشاركة.
  4. المدرسة مكان لتعلم المهارات الاجتماعية، ولا سيما معرفة كيف يتم ممارسة الديمقراطية، وما تتطلبه المشاركة السلمية وحل النزاعات. يجب علينا إعادة الاستثمار في المهارات الاجتماعية بمجرد إعادة فتح المدارس.

وبينما أقر السيد لوكا بوضوح بأهمية حماية صحة الطلاب وأولياء أمورهم أثناء الوباء، فقد جادل بأن هذه الوظائف الحيوية للتعليم وجهاً لوجه يجب إعادة تشكيلها في أقرب وقت ممكن.

الموضوعات الشائعة المنبثقة من التجارب المشتركة المتعلقة بالتعليم:

يواجه الطلاب تحديات هائلة في التكيف مع التعليم عبر الإنترنت. ووافق دكتور مؤيد على أن الطالبات لديهن حواجز خاصة – لا يرغب الكثير منهن تقديم عروض فيديو للصف على سبيل المثال. يستخدم البعض منهن اسمًا زائفًا، وغالبًا ما يكون اسم أحد أفراد الأسرة من الذكور، مما يجعل من الصعب على المعلمين التعرف عليهم. ومع ذلك، استفادت بعض الطالبات من هذه التحديات لتطوير قدرات جديدة بطرق غير متوقعة – مشاركة عملهن مع الأصدقاء وتبادل الآراء. أصبح العديد من طلاب الأستاذ مؤيد أكثر حنكة في إجراء البحوث والعروض التقديمية. وبالمقارنة، قال يونس، إن طلاب المدارس الثانوية والمدرسين العراقيين لم يتكيفوا بنجاح بعد للعمل على الإنترنت. نظرًا لأننا لا نعرف إلى متى سيستمر الوباء، فمن المهم التطلع إلى التعليم عبر الإنترنت وتحسينه. تحتاج وزارة التعليم إلى مساعدة المدرسين في المدارس الثانوية والمعلمين على التخطيط لدروس فعالة وإيجاد طرق لخلق مزيد من التفاعل بين المعلم والطالب.

يمثل الانتقال إلى التدريس عبر الإنترنت صعوبات خاصة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة. شدد السيد لوكا على أهمية النظر إلى الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة كجزء من مجموعة أكبر من الطلاب المحرومين – الفقراء، أولئك الذين ليست الإيطالية لغتهم الأولى، أو أولئك الذين يعيشون مع العنف المنزلي أو الذين غاب آباؤهم – جميع العوامل التي تجعل من المرجح أن يترك الاطفال وحدهم دون دعم. سيبدأ التعليم عبر الإنترنت الأسبوع المقبل لطلاب المدارس الثانوية والابتدائية في إيطاليا. وشدد على أهمية إبقاء الجميع على اتصال. يجب أن تكون المجموعات عبر الإنترنت صغيرة – لا تقل عن أربعة طلاب – للسماح بالتعليقات. سيحتاج بعض الطلاب إلى مكالمات فردية. نحن بحاجة إلى إعطاء الطلاب أنشطة ملموسة، باستخدام المواد التي لديهم في المنزل. في السويد ، لا يزال الطلاب ذوو الاحتياجات الخاصة يتلقون التعليم وجهاً لوجه؛ لا يزال بإمكانهم تلقي دعم إضافي إذا لزم الأمر. يحصل الجميع أيضًا على معلومات حول احتياطات النظافة والسلامة. في العراق، لم يكن الأستاذ مؤيد على علم بأي جهود لدعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأشار العديد من المشاركين إلى أن العنف المنزلي المتزايد كان أحد آثار عملية حظر التجوال بسببب COVID-19. وشددوا على ضرورة تزويد الآباء والطلاب بالمشورة والدعم. وقالت الانسة اليسا أن الوقت قد حان لإنشاء شبكات اجتماعية جديدة لمعالجة المشاكل الاجتماعية.

وأضافت الانسة اليسا أن COVID-19 خلق مشاكل أخرى لطلاب الجامعات الإيطالية. وتشمل هذه الصعوبات في دفع الإيجار والضرائب والرسوم الدراسية. يطالب الطلاب الحكومة بإعادة جدولة المدفوعات وتقديم المساعدة المالية. يمثل الوصول إلى الكتب أيضًا تحديًا، من المهم معالجته قبل إجراء الطلاب للامتحانات في يونيو ويوليو. وأكدت أيضا أن الجميع يعيشون في أزمة اجتماعية. الناس يصارعون بمفردهم. تطوع العديد من الطلاب لمساعدة الآخرين، على سبيل المثال، التسوق لكبار السن.

واختتمت الندوة بتعليقات من المشاركين، الذين أعربوا عن شكرهم على فرصة تبادل المعلومات والخبرات. ردد العديد من الطلاب المخاوف من فقدان مكون قيم التعليم بدون تفاعل حقيقي. تركت الانسة إليسا الجميع مع فكرة أخيرة – ما نقوم به ليس بديلاً للتفاعل وجهاً لوجه، ولكن في مواجهة أزمة شديدة مثل COVID-19، يجب أن نحاول أن نفعل أفضل ما يجب علينا القيام به.