المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

مساعي برلمانية لتمرير قانون “جرائم المعلوماتية”.. ومسيرة احتجاجية بعنوان “قانون كاتم للتعبير”

بعد فشل تمريره خلال فترة حكومة المالكي والعبادي وعبد المهدي، يتصدر من جديد قانون جرائم المعلوماتية المشهد، حيث أصبح جاهزا للتصويت عليه في مجلس النواب. تقف جهات عراقية مختلفة على طرفي نقيض من قانون “جرائم المعلوماتية”، فيما يعتبره كثيرون تقنينا لمصادرة الحريات وكتم أفواه الصحافيين والمعارضين، وإعفاء السياسيين من المساءلة والنقد. وصرح أعضاء في “لجنة الأمن والدفاع” في مجلس النواب العراقي، بأن اللجنة انتهت من نقاش مشروع قانون “جرائم المعلوماتية” في ظل وجود نية لتغيير اسمه ليصبح “قانون الجرائم الإلكترونية”. ويعالج مشروع القانون القضايا المرتبطة بالإنترنت والهاتف المحمول، وكل القضايا الإلكترونية التي لها علاقة بمواقع التواصل الاجتماعي، أو ترتبط بالأجهزة الإلكترونية.

 

لكن ناشطين وصحافيين أبدوا مخاوف كبيرة من هذا القانون ويؤكدون أن له أهدافا أخرى بعيدة عن حماية المواطنين وأن هذا القانون يستهدف بشكل خاص مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر منبر المتظاهرين والصحافيين والمعارضين الذين لا تجرؤ وسائل الإعلام على تسليط الضوء عليهم، والملفت في الأمر أنه لم يتم الإفصاح عن مضمون مواد معينة في القانون الجديد باستثناء تضمنه عقوبات مع التأكيد على ضرورة وجود قاض خاص بمكافحة الجرائم الإلكترونية.

 

ويرى الكاتب السياسي العراقي باسل حسين، أن “الطبقة السياسية في العراق تفكر بسلسلة من التشريعات التي تحميها من النقد أو المحاسبة”. وكتب في تعليق على القانون “جل هؤلاء من الطبقة السياسية ربما عدديا لن يصلوا إلى 500 فرد من الفاعلين على أكثر تقدير ولو اعتمدنا رقم 38 مليون شخص هو عدد سكان العراق، فإن تلك القوانين المقترحة تتجاهل مصالح بقية المواطنين أي أكثر من 37 مليون شخص وتركز على حماية مصالح أقلية سياسية لطالما وجهت إليها شتى أنواع الاتهامات من فساد وتبديد ثروات وصراعات عبثية، طبقة لا تملك عقلا ناهضا ولا إنجازا يشار إليه بالبنان”.

 

ونبهت منظمات حقوقية أن بنود القانون تنطوي على إجراءات خطيرة تسلب حرية الرأي والتعبير وتمنح السلطات الحكومية صلاحيات واسعة لإصدار عقوبات تكميم الأفواه، حيث يعطي القانون السلطات الحكومية الحق في إجبار الصحافيين والمواطنين على الإفصاح عن كافة المعلومات والبيانات، بما في ذلك الشخصية منها تحت طائلة معاقبتهم بالحبس أو الغرامة الكبيرة في حال امتناعهم.

 

وقالت “سكاي لاين” المعنية بحقوق الانسان ومقرها ستوكهولم في بيان صحافي الأربعاء “إنها تتابع بقلق استعداد البرلمان العراقي لعرض ‘قانون جرائم المعلوماتية’ للتصويت في ظل المخاوف من استغلاله لاحقا في التضييق على الحريات التي كفلها دستور البلاد”. ويأتي التوجه لإقرار “قانون الجرائم الإلكترونية” في العراق في ظل واقع متردّ من الحريات العامة وحملات حكومية للترهيب والمضايقة والاعتقال والاعتداء على الصحافيين وغيرهم بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير، وتصاعدت وتيرتها منذ بدء اندلاع الاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق في أكتوبر 2019.

 

فقد أمرت السلطات العراقية بإغلاق نحو ثماني محطات تلفزيونية وأربع محطات إذاعية لعدة أشهر بدعوى انتهاكها لقواعد ترخيص وسائل الإعلام، وتمت مداهمة مكاتب ثلاث وكالات إخبارية على الأقل وإلحاق أضرار بها. وأكدت “سكاي لاين” أن على السلطات العراقية إصلاح القوانين لجعلها تتماشى مع المعايير الدولية وإلغاء الأحكام المبهمة بشأن الإهانات والتحريض بدلا من التوجه لإقرار قوانين جديدة تثير المخاوف بشأن مدى حماية حرية التعبير. وحثت على إجراء نقاش مجتمعي واسع بشأن مواد القانون الجديد قبل طرحه للتصويت والتأكد من عدم استغلاله في التضييق على حريات العراقيين وتكميم أفواههم، واستبعاد التعسف في استخدام القانون.

 

الى ذلك تظاهر عدد من النشطاء في بغداد يوم أمس الاحد، منددين بخطورة السماح بتمرير القانون الذي وصفوه بالمشبوه، حيث انطلقت مسيرة حملت شعار “قانون كاتم التعبير” في إشارة الى ان القانون الذي يسعى برلمانيون بتمريره سيشرع لقمع حرية التعبير ومصادرتها.