المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

اعترافات سجناء سابقين: اغتصبونا ووقّعنا على اعترافات مزوّرة

نقاش | احمد مؤيد | بغداد | 19.12.2013

لم يكن زيد هاشم يتصور يوماً أنه سيتعرض للاغتصاب في أحد السجون الحكومية بعد اعتقاله ليخرج بعدها كسيراً تنهمر دموعه كلما تذكّر تلك المآسي التي تعرض لها.

هاشم الذي تجاوز ربيعه الثلاثين بعام واحد تم اعتقاله في مدينة الموصل بعدما كان في الزمان والمكان غير المناسبين في لحظة انفجار عبوة ناسفة على الشرطة العراقية، فكان أحد الشباب الذين اعتقلوهم بشكل عشوائي في مكان الحادث مثلما يحدث بعد كل انفجار.

news

“المحققون ساديون بطبعهم وأحدهم اغتصبني مرتين” قالها هاشم بمراراة وهو يسرد لـ”لنقاش” عن تفاصيل دقيقة عن اسلوب تعامل المحققين معه في إحدى السجون المركزية في العاصمة بغداد.

ماواجهه الشاب الثلاثيني لن يتحمله إنسان، فبالرغم من محاولته إفهام المحقق الذي كان يشرف على التحقيق معه بأنه أعتقل دون أي مبررات إلا أن الرد على كلامه كان يأتي بطريقة الضرب بالكابل أو خراطيم المياه التي كانت تُستخدم لتعذيب المعتقلين.

ويقول “وصل الأمر بالمحقق أنه قام باغتصابي مرتين بواسطة عصا خشبية كان يحملها في يده”.

سجاد الكناني البالغ من العمر 27 عاماً يعيش في مدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد تعرض للاعتقال بتهمة الانتماء إلى “جيش المهدي” التابع للتيار الصدري وأُفرج عنه بعد مرور ثمانية أشهر على اعتقاله، بعدما تقدم محاميه بتقرير طبي يثبت إن اعترافات موكله تم انتزاعها بالإكراه والتعذيب.

يقول سجاد لـ”نقاش” إنه بعدما عجز المحققين عن إرغامه على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها بالتعذيب، باتوا يهددونه باعتقال إحدى شقيقاته مما اضطره للتوقيع عن طريق البصمة على اعترافات بارتكاب جرائم لم يفعلها”.

وبيّن سجاد إن المحققين استخدموا كافة وسائل التعذيب معه وقال “كانوا يعلقوني من معصمي المربوط خلف ظهري بالسقف لساعات حتى خُلعت اكتافي، وحينما كان يفقد وعيه من شدة التعذيب والضرب بالكابلات يتركونه حتى يفيق ثم يعودون لضربه مجدداً.

تيسير حامد البالغ من العمر 34 عاماً بكى حين تحدث عن معاناته في أحد المعتقلات بالعاصمة بغداد، بعدما اقتادته قوات سوات هو وثلاثة من أشقائه من محافظة ديالى.

يقول حامد لـ”نقاش”  بأن صراخه وصل إلى آخر الكون من شدة الآلم والعذاب الذي لاقاه على أيدي المحققين والسجانين على حد سواء.

يؤكد حامد “كانوا يربطونني على عمود خشبي لساعات وأنا مجرّد من ملابسي الخارجية، وكانوا يقومون كل نصف ساعة برشي بماء الصنبور البارد في أكثر شهور الشتاء برودةً فضلاً عن ضربي بالعصا على مناطق حساسة في الجسم”.

التيار الصدري الذي ينتمي للبيت الشيعي الحاكم أقر علناً بوجود انتهاكات صارخة بحق المعتقلين في السجون الحكومية.

النائب عن التيار الصدري ومقرر اللجنة القانونية النيابية مشرق ناجي طالب وزارة العدل والجهات التحقيقية بـ”توفير أجهزة تحقيق حقيقية غير خاضعة لأي حزب أو كتلة”.

وقال لـ”نقاش” إن ما يحدث اليوم في التحقيقات، هو اعتماد الطريقة البدائية الدكتاتورية التي تعتمد على الترهيب والتعذيب في انتزاع الاعترافات.

منظمة هيومن رايتس وتش المعنية بحقوق الإنسان كانت من أشد المتابعين لملف حقوق الإنسان في العراق، حيث أصدرت عشرات التقارير بهذا الصدد، لاسيما بعد تغيير نظام صدام حسين عام 2003.

أيرن أيفرز الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش والمختصة بالملف العراقي وصفت عمليات التعذيب التي تمارس بحق المعتقلين في العراق “بالممنهجة”، مؤكدة أن “المؤسسة التحقيقية والقضائية في البلاد تستند بشكل رئيس على التعذيب لانتزاع اعترافات المعتقلين”.

واكدت أيفرز لـ”نقاش” وجود حالات اغتصاب حصلت في الأدوار التحقيقية مع عدد من النساء في إحدى سجون العاصمة بغداد، معللة تمادي ضباط التحقيق في استعمالهم للتعذيب ضد المعتقلين “لعدم وجود محاسبة حقيقية لهم من قبل وزارة العدل أو الجهات المعنية”.

عضو لجنة حقوق الانسان النيابية علي شبّرأقرّ بوجود انتهاكات على مستوى المعتقلات والسجون، فضلا عن بعض حالات التعذيب في بعض السجون.

شبر الذي ينتمي لكتلة المواطن الشيعية التي يتزعمها عمار الحكيم، دعا الحكومة العراقية إلى “متابعة ملف انتهاكات حقوق الانسان وعدم الاعتماد على الاعترافات التي تُنتزّع بالقوة”.

المحامي عبد الحسين البهادلي أحد المكلفين بمتابعة مئات القضايا لمعتقلين تابعيين للتيار الصدري، كشف عن استمرار الانتهاكات في السجون واستخدام التعذيب الجسدي والنفسي ضد المعتقلين.

وقال البهادلي لـ”لنقاش” ان الدستور العراقي يمنع التعذيب الجسدي والنفسي وجميع أشكال العنف أو التعسف والاحتجاز القسري لكن رغم ذلك “فالتعذيب مازال مستمراً”.

اما الناشط في حقوق الإنسان حسن شعبان فأكد وجود عمليات تعذيب كثيرة ومستمرة داخل السجون العراقية الغاية منها انتزاع اعترافات من المعتقلين، داعياً السجناء الذين تعرضوا للتعذيب إلى مقاضات الجهة التي عذبتهم وقد ينجح في إدانتها والحصول على تعويض عما أصابه من ضرر.

المصدر: نقاش