انتخابات العراق لعام 2014، خطوة الى امام خطوتين الى الوراء!
مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي – روما
ايار 2014
لا يمكن بأي حال من الاحول ومن وجهة نظر المجتمع المدني العراقي، تجاوز حقيقة مفادها ان عقد انتخابات 2014 وهي اول انتخابات عراقية ما بعد الانسحاب الامريكي من العراق، كونها انجاز بحد ذاته وخطوة ايجابية. هذا ما اكده ممثلي المنظمات والاتحادات العراقية المستقلة وهذا ما نلمسه جليا من تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبياناتهم الرسمية. وقبيل اليوم المحدد للتصويت اصدرت نخبة من المنظمات العراقية المستقلة بياناً (رابط البيان) وطالبو فيه بالمشاركة الواسعة وتحدثوا فيه عن التغيير نحو ” نظام سياسي مدني ديمقراطي يسود فيه القانون وقيم المواطنة والعدالة والانصاف والمساواة.” واعتبروا الانتخابات ” فرصة كبيرة للتغيير لعراق افضل يتجاوز فيه الخراب والدمار والتخلف والارهاب والعنف، والبديل عن ادارة فاشلة للبلاد خلال الثمان سنوات الماضية في كافة الملفات الأساسية سيما الأمن والاستقرار، واخفاقها في تقديم الخدمات الأساسية لمواطنين، وعجزها عن تحقيق التنمية والاعمار، والتراجع عن الحريات المدنية والسياسية والثقافية والاقتصادية.
من المبكر بالطبع الحديث عن مقدار ما ستحققه الانتخابات العراقية من تغيير بالاتجاه الذي يطالب به المجتمع المدني ولكن المتفق عليه من قبل المجتمع المدني العراقي ، ان التغيير ممكن وان كان بسيطاً. وان العنف خيار غير مطروح فالتغيير الحقيقي يجب ان يأتي من خلال التنظيم والتشبيك والمدافعة وكل اليات العمل المشترك بما فيها خيار اللاعنف والاحتجاج كخيار اول وأخير.
وإذا كان مجرد عقد هذه الانتخابات نجاحا وخطوة الى امام، فيا ترى ماذا يمكن ان تكون الخطوات الى وراء. من وجهة نظر المجتمع المدني المستقل هنالك خطوات الى وراء فيما يتعلق بمجمل العملية الانتخابية وأداء المؤسسات العراقية و المفوضية المستقلة للانتخابات وهنا سنلخص اثنين منها.
قبيل الانتخابات اتخذت المفوضية قرارات وصفت بأنها تعسفية ضد منظمات ومرشحين للانتخابات. فقررت عدم اعتماد شبكة مراقبة الانتخابات المعروفة “شمس” في الانتخابات الحالية بناء على انتقاد الاخيرة لنظام التصويت الالكتروني وبعض اجراءاتها. بل وأقامت دعوة على منسق الشبكة وشنت حربا اعلامية على الشبكة. وهذه تعتبر سابقة سيئة تصادر حق المنظمات المدنية بالانتقاد، وكان الاولى محاولة الحوار وفي حال عدم الحصول على النتيجة اللجوء الى عقوبات اقل اثر. والخوف ان تتحول هذه الحالة الى ظاهرة تتبنى فيها المفوضية اقصاء من ينتقد ادائها وان بررت هذا الاقصاء بلوائحها الداخليلة او بالقانون.
وقامت المفوضية هذه المرة ايضا، باستبعاد مرشحين من الانتخابات اما بسبب استمرار تطبيق سياسات الاجتثاث فبلغ عدد المستبعدين من القائمة الوطنية على سبيل المثال 39 مرشح. واستبعد اخرون بسبب وجود دعاوى قانونية لها صلة بحرية التعبير عن الرأي، وتحديدا انتقاد الحكومة العراقية او بعض شخصياتها. ويقع المستبعدون وان تمكن البعض منهم من نقض قرار الاستبعاد، فهم يقعون ضحية لتشويه سمعتهم او تعريضهم لخطر شخصي. ولا يتم جبر هذا الضرر بأي حال من الاحول. وكان الاولى ان يتم استبعاد فقط من ثبت عليه جرم نهائي وحكم وفقا للقضاء العراقي. ويبد ان الاجراءات التي تطبق على المرشحين العراقيين تعتمد بشكل او بأخر على موقفهم من الحكومة الحالية ،وهو امر مقلق جداً، فمن كان مقربا من الحكومة كانت فرصه اكبر من ضمان مشاركته في الانتخابات.
ويدخل رجال الدين على الخط في هذه الانتخابات، فيقوم بعضهم بدور سلبي جداً من قبيل تحريم الانتخابات كما حصل مع رجل الدين السني (السعدي) وهو رجل يوقره ويحترمه طيف واسع من العراقيين، مما يضيف على تحريمه خطر اكبر. او تحريم انتخاب قوائم بعينها كما فعل رجل الدين الشيعي الحائري وحرم انتخاب العلمانيين، او المرجع الديني الشيعي والعراقي بشير النجفي،والذي حرم انتخاب قائمة رئيس الوزراء.
وتقف المفوضية والجهات السياسية العراقية عاجزة تقريبا عن منع رجال الدين من التدخل او المساس بعملية الانتخابات رغم الخطورة الكبيرة لهذا التدخل. فتحريم الانتخاب او تحريم مرشحين مثل العلمانيين او غيرهم في وضع مثل وضع العراق، قد يعني تعريض المخالف لمخاطر قد تصل الى التصفية الجسدية من قبل المجاميع المسلحة والمليشيات المختلفة. هذا وبادر عدد اخر من رجال الدين من اديان ومذاهب مختلفة الى تصريحات ايجابية من قبيل التشجيع على المشاركة والتنويه الى كونهم على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وبالرغم من انهم يشكلون الاغلبية، يبقى اثر المتدخلين سلبا، اثراً كبيراً.
اما الخطوة الاخرى الى وراء، فهي تتمثل بتفاقم و استمرار ظاهرة استغلال المال العام في الدعاية الانتخابية. ويبرز الفيديو الخاص بأحد مرشحي قائمة رئيس الوزراء العراقي وهو يوزع سندات ارض لفقراء عراقيين، والذي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي وانتشر بسرعة كبيرة، ليبين مدى حجم التلاعب بمشاعر الفقراء والبسطاء واستغلال المال العام بشكل مفضوح وبدون رادع. ويأتي عجز مفوضية الانتخابات عن استبعاد هذا المرشح ومن هم ورائه دليلا مضافاً على عجز المفوضية عن مواجهة حالة التلاعب بالمال العام.
بطبيعة الحال استقلالية المفوضية العراقية اصبح اليوم محط تسائل وهو امر قد حصل، وللاسف لايمكن العودة به الى وراء، وان كانت المفوضية او مفوضيها
لا يتحملون وحدهم مسؤولية المساس بهذه الاستقلالية. فالأمر اوسع من ذلك بكثير. فهو يشمل اصرار القوى السياسية العراقية على اختيار مجلس المفوضين بطريقة المحاصصة الطائفية، وبالتالي تصرف بعض اعضاء المفوضية ومسئوليها بشكل داعم للجهات التي وقفت خلف ترشيحهم ووصولهم لمناصبهم. اما الحكومة العراقية والاحزاب المتنفذة فيها وعلى رأسها قائمة ائتلاف دولة القانون فيشار اليهم على انهم من اكثر الجهات السياسية المؤثرة والماسة باستقلالية المفوضية بالترهيب تارة وبالترغيب تارة اخرى. فيما تتحمل كل القوى السياسية استمرار سياسة الاجتثاث مع تطبيقها بشكل انتقائي لصالح القوى المسيطرة في العراق اليوم.
لمتابعة اخبار مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي عبر صفحات التواصل الاجتماعي، كونوا اصدقاء للمبادرة من خلال صفحة البروفايل هذه : https://www.facebook.com/solidarityinitiative.icssi
او تابعوا احدى صفحات الحملات المرتبطة بالمبادرة
لإرسال معلومات او ملاحظات اكتبوا للبريد التالي: icssi.project@gmail.com