الجفاف وسوء الاستخدام، يهددان الارث الطبيعي والثقافي، وحق الحصول على المياه لسكان وادي الرافدين
نادية البغدادي
ورقة مخصصة لمؤتمر المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي ” “تعزيز الحوار والمصالحة، والعمل من أجل التعايش السلمي، والفرص المتاحة للتضامن الدولي مع المجتمع المدني العراقي” المنعقد في اوسلو للفترة 27-29/10/ 2014
تم في يوم 14 من شهر اذار 2012 إطلاق عريضة في جميع أنحاء العالم موجهة إلى لجنة التراث العالمي لليونسكو بهدف حفظ الارث العالمي الثقافي والطبيعي لنهر دجلة في بلاد ما بين النهرين. هذه الحملة اطلقت من قبل اربعة منظمات مجتمع مدني من اجزاء مختلفة من مناطق وادي الرافدين. لكنها امتدت وتوسعت لتشمل منظمات وناشطين من مختلف انحاء العالم. ترتكز الحملة على اساس ان تركيا تعمل على انشاء سد ذو سعة خزينة هائلة على منابع نهر دجلة وعلى مسافة 65 كم عن الحدود العراقية. فالى جانب الاثار الوخيمة من النواحي الثقافية و البيئية، فان هذا السد يهدد الحق في الوصول الى المياه والطعام وحق التطوير الاجتماعي الاقتصادي الذاتي لمئات الالاف من الناس الذين يسكنون تلك المناطق في كلا الدولتين. بالاضافة الى هذا فانه يمكن القول وبالأخذ بعين الاعتبار ما جرى على نهر الفرات، فان سدود المنبع التي تقام في تركيا سيكون لها اثار سلبية واضحة على الاستقرار السياسي في المنطقة.
منذ انطلاقها اعتمدت حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية، على ستراتيجية المدافعة من اجل الضغط على الجهات الرسمية في العراق، لاعادة فتح الحوار مع الجانب التركي، ورسم سياسات مائية مستدامة، تضمن حصصا عادلة لكل الدول المتشاطئة، بما يتناسق مع القوانين والاعراف الدولية، واعتماد مبدأ الحوار والمشاورة في حال رغبة أي من الدول المتشاطئة اقامة أي من مشاريع البنى التحتية على مجرى النهر.
في الظرف السياسي والامني المتعثر الذي يمر به العراق حاليا، تشعر الحملة ان السياسية العراقية ما تزال تعتبر الملف المائي شأنا ثانويا قابلا للتاجيل، فليست هناك سياسة مائية عراقية واضحة في الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها بعد انتخابات 2014. يضاف اليها التهديد المسلح الذي تتعرض له المنشآت المائية العراقية كنتيجة للعمليات العسكرية التي تجري في مختلف ارجاء العراق. تشعر حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية بالقلق العميق حول امكانية ان تلجأ اطراف الصراع الدائر حاليا في العراق وسوريا، الى استخدام المياه وبناها التحتية كسلاح حرب.
ان حملتنا تعارض التلاعب المقصود بالمياه كوسيلة للسيطرة على مجريات الصراع المسلح. ان هذا النوع من التوجهات يعتبر خرقا للقانون الانساني الدولي. فالحصول على المياه يعتبر من الحقوق الاساسية للانسان، ويجب ان لا يستخدم الماء كسلاح. كما ان الحملة تؤمن ايمانا عميقا بانه يجب، وبكل وسيلة ممكنة، تجنب استهداف الارث الانساني والحضاري على ضفاف انهار العراق.
كما تدعو حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية كل اطراف الصراع الى:
- الامتناع عن استخدام المياه، والمنشآت المعتمدة على المياه كسلاح في الصراع.
- الحرص على ان يكون الحصول على الماء حقا مضمونا لكل العراقيين.
وفي ظل تكون حكومة عراقية جديدة، تسعى الحملة الى تبني ستراتيجية جديدة تتلاءم مع المتغيرات السياسية والامنية التي يمر بها العراق تتمثل بالتركيز على شقين فيما يتعلق بالسياسيات المائية العراقية، يتعلق اولهما هو ضرورة عقد اتفاقيات ثنائية مع دول المنبع وبقية الدول المتشاطئة حول احترام العرف الدولي بمناقشة كل المشاريع الضخمة والمنشات من ضمنها (سد اليسو) على النهرين ووجوب وقف الاعمال الانشائية التي تجري حاليا في هذا السد الضخم لحين اجراء دراسات بيئية رصينة لتحديد الاثار السلبية لمثل هذا المشروع العملاق على منابع النهر، واقامة اتفاقيات تحديد الحصص المائية العادلة لكل دولة.
اما الشق الثاني الذي تنوي الحملة ان تركز عليه في مدافعتها، فيتعلق بوجوب توفير الحماية للمنشآت المائية الموجودة حاليا داخل العراق، تطوير هذه المنشآت والتوسع ببناء منشآت اخرى بما يتلاءم مع متطلبات التنمية وتزايد الاستهلاك الناتج عن زيادة السكان، كذلك اتباع سياسات مائية مستدامة تتماشى مع شحة المياه الناتجة عن التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، وهي ظروف تضاف الى العوامل الاخرى التي ادت الى تناقص كميات المياه الواردة الى العراق بسبب سياسات دول المنبع.
وفي سبيل تحقيق هذه الستراتيجية تعمل الحملة على فتح جسور التواصل مع الوزارات المعنية من وزارة الموارد المائية، وزارة الزراعة، ووزارة الخارجية، واي جهة رسمية اخرى عندما يتطلب الامر ذلك
في تصريح صحفي اطلقته الحملة في 15 حزيران 2014 دعت حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية مجلس الامن والمجتمع الدولي الى:
- تحمل مسئولياتهم المنصوص عليها في ميثاق الامم المتحدة لحماية السلم العالمي بالدعوة الى مؤتمر دولي طارئ لمناقشة التحديات المتعلقة بالمياه في العراق وسوريا، وباشراك كل اطراف الموضوع والحكومة التركية.
- تحميل المسؤولية القانونية تحت القانون الدولي لأي طرف يتسبب بأزمات انسانية ناتجة عن استخدام المياه والمنشآت المتعلقة بها كاداة عسكرية.
كذلك تدعو حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية كل المجتمعات المحلية، المنظمات والناشطين المحليين والدوليين، الى مراقبة احوال المياه العراقية، والمنشآت المائية، من اجل توفير نظام تحذيري مبكر في حال نشوء اي ازمة، ولتوثيق اي ازمة واي ضرر او جرائم حرب ومن اي طرف من اطراف النزاع.
يشار إلى أن مناسيب نهري دجلة والفرات انخفضت كثيراً خلال السنوات الماضية (إلى النصف بحسب ما أكدت وزارة البلديات في وقت سابق من عام 2012)، من جراء تقليل إيران وتركيا وسوريا الإطلاقات المائية إلى العراق، أو قطع الروافد المائية الواصلة إلى العراق أو تحويل مسارها، مما أثر بشكل كبير في واقع الاقتصاد العراقي الذي يشكل القطاع الزراعي نسبة كبيرة منه، كما أدى إلى تردي نوعية المياه وزيادة نسب التلوث والملوحة فيها مما أثر أيضاً في البيئة وفاقم من الأمراض.