المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

مواطني الخيم!

حسام سالم

منذ بداية العنف في العراق،  بدأت مديات جديدة للتوزيع السكاني تأخذ منحنى لم تنتبه له القوى الوطنية والحقوقية بشكل جدي، فبدأت حركة الناس والمواطنين تتجه نحو القبيلة، الطائفة، الانسحاب الى الهويات الفرعية كنتيجة للعنف وبحثا عن بديل لحماية الدولة.

NB-113890-635493877569752677

فمنذ عام 2006 بدأت عملية نزوح وتهجير لفئات اجتماعية مثل المسيحين والايزيديين من المدن الكبرى، بسبب الاستهدافات المتكررة من قبل القوى التي لا تؤمن بالاخر، و لاتعرف لغة غير لغة القتل، مما ادى الى انحسار اعداد المسيحين بشكل ملحوظ وكبير اما نازحين من منطقة الى اخرى او مهاجرين الى بلدان اخرى.

وما نتج عن ادارة العملية السياسية والصراعات الاقليمية التي كان العراق ساحة واضحة ومباشرة لها، حيث جاءت داعش لأسباب عديدة لتجتاح مدن كبيرة في العراق مثل الموصل مما  تسبب بهجرة مئات آلاف من ابناء نينوى وخصوصا الاقليات الدينية هروبا من العنف والملاحقة والقتل حتى ارتكبت ابادة جماعية بحق اقلية دينية وهي الايزيدية وسبي آلاف من النساء وقتل المئات من الرجال والاطفال على ايدي التنظيم المتطرف.

إن خارطة النزوح في توسع يومي كنتيجة لما يجري على الارض وهروب مئات المواطنين من مناطقهم الى اماكن اخرى اكثر امانا يزيد من عدد النازحين والهاربين من العنف والقتل، حتى وصل اعداد النازحين العراقيين الى2,8 مليون نازح حسب تقرير للأمم المتحدة لمساعدة العراق ولكن احصائات تشير الى ان عدد النازحين قد يصل الى لحظة كتابة هذه المقال الى ثلاث ملائين نازح عراقي يفرون من العنف وجلهم من الانبار وتكريت والموصل.

ان صياغة الخارطة الجديدة سيولد عشرات الالوف من النازحين، والقتل والدمار في العراق وهذا ما يحدث فعلا للمواطنين او المشردين داخليا في العراق بسبب السياسيات الخاطئة لكل القوى السياسية او رسم خارطة جديدة بدافع العلاقات الاقليمية الجددة التي تتشكل وفق رؤى سياسية تخدم مصالح دول معينة ويكون الخاسر الوحيد والاخير فيها الانسان في هذه البلدان ومنها العراق.

 فما تمر به الدولة اليوم بمفهومها السياسي من تشضي وعدم قدرتها على حماية مواطنيها او توفير سبل العيش الكريمة من خلال الدفاع عنهم كمواطنين لهم حقوق وواجبات تتآتى اهمية تفعيل الاعلانات الدولية المتعلقة بالمشردين داخليا من اجل استجابة انسانية اكثر حقيقية ومن اجل حماية ملايين البشر الذين يعانون في ظل انهيار الدولة في العراق وعدم قدرتها على التعامل مع المواطنين.

وتتآتي اليوم اهمية دور المجتمع الدولي والامم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية العاملة في المجال الاغاثي والحقوقي في العمل على توفير حماية ودعم وحشد الجهود من اجل الدفاع وحماية هؤلاء النازحين او المشردين داخليا وذلك بسبب عدم قدرة تحمل الحكومة لمسؤليتها القانونية والسياسية في حماية مواطنيها مما يضطلع البحث عن مؤسات اخرى لتلعب هذا الدور.

إن تفعيل المبادئ الدولية لحماية المشردين داخليا، يأتي من خلال نشرها بين المواطنين والمؤسسات الدولية والعمل على تفعيلها يكون اكثر اهمية من سن قانون يكون تطبيقه صعب في ضل وجود دولة تعاني مشكلات عديدة وتشكيل تحالف النازحين او المشردين داخليا  بين المنظمات والشخصيات والمؤسسات المدنية المحلية والدولية من اجل حماية الاعداد الهائلة من المشردين داخليا وكذلك ابناء الاقليات من المشردين داخليا فالمجتمع المدني يلعب هذه المعادلة الصعبة اليوم في ظل غياب الدولة في المنطقة وعليه يجب ان يكون العمل على  هذه المبادرة بشكل اكثر جدية والدفع باتجاه مأسسته. فما تصيغه التفاعلات السياسية المتشكلة بالعنف من نتائج سلبية على المشردين داخليا وزيادة في اعدادهم لا يجب ان لا يقتصر على الرؤية الحقوقية لسن قانون يحمي هؤلاء ويدفع بإتجاه حمايتهم بقدر ما يتوجب النظر الى تحالف مدني في المنطقة يعالج المشكلة من خلال سيناريوهات تكون بديل لإنهيار الدولة والمنظمات المتطرفة التان يشكلان اهم اسباب معناة الانسان في هذه المنطقة من العالم, وكذلك على المجتمع المدني ان يدفع باتجاه حث الجهود لتقديم رؤية حقيقية واقعية تكون البديل لانهيار الدولة او تراجعها والتي تسببت في تشريد ملايين من البشر والرؤية بشكل اكثر جدية لمشكلة الهجرة والتشرد الداخلي.

هذه الرؤية اخلاقية وحقوقية، على النخب الحقوقية اليوم العمل عليها كاستراتيجية بعيدة المدى بالتعاون مع الامم المتحدة والمنظمات الدولية والشخصيات والحكومات من اجل تخفيف او الحد من هذه الكوارث الانسانية انطلاقا من المبادىء الاساسية فيما يتعلق بحماية المشردين داخليا كونها اصبحت مشكلة عالمية حقيقية تهدد الجنس البشري وتزداد حدتها حسب تقارير وارقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وغيرها من المؤسسات الدولية العاملة في هذا المجال في منطقة الشرق الاوسط وسببها الرئيسي  هو العنف واللا استقرار السياسي!

وفي هذا السياق تطرح تساؤلات عديدة، مالذي على المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين عمله؟ ما هي المحاور الاساسية التي تدفع باتجاه معالجة المرحلة الانية؟ ثلاث ملايين نازح ومشرد داخليا، من السبب؟ هل سوف نكتب ونحلل ان النخبة فشلت ام علينا بتغيير قواعد السلطة؟ هل سيلعب التغيير الاجتماعي للسنوات القادمة دوره الحقوقي والسياسي؟ ما هي توقعات الناشطين لوضع حقوق الانسان في العراق؟ هل سنشهد انتهاكات اكثر قسوة؟ وكيف سنتعامل مع هذه المشكلات الحقيقية؟ كل هذه الاسئلة ستحتاج الى اجوبة حقيقية على الصعيد النظري والعملي من قبل القوى المدنية. فالانسان اصبح رخيص جدا في عالم العنف هذا.