تغيّروا بعد وصولهم إلى السلطة: جمهور التيار المدني غير مقتنع بأداء نوابه
تحالف التيار المدني الذي يضم قوى سياسية تتصف بطابعها المدني الليبرالي العلماني لم يحصل سوى على ثلاثة مقاعد نيابية في الانتخابات التي أعلنت نتائجها في شهر أيار – مايو من العام نفسه، وهي نسبة قليلة جداً أمام عدد مقاعد الأحزاب الإسلامية والقومية في المجلس المكوّن من (328 ) مقعد.
جمهور التيار المدني يتميّز بكونه من شريحة المثقفين والمفكرين والكتّاب والصحفيين وغيرهم من الذين سأموا من حكم الأحزاب الإسلامية التي يرون أنها حرمتهم من تحقيق حلمهم في دولة مدنية ، لكن النواب الثلاثة الذين وصلوا من هذا التيار إلى البرلمان لم يحققوا شيئاً.
نقاط الضعف والخلل التي يشخصها الجمهور المدني في أداء نوابه تتلخص بعدم وجود موقف موّحد لهم في مجلس النواب يجعل بقية الكتل تحسب حساباً له، فضلا عن عدم جذب نواب جدد إلى التيار المدني رغم وجود نواب يؤمنون بالفكر المدني الليبرالي العلماني.
ويقول غضنفر لعيبي وهو ناشط مدني وأحد ممثلي جماهير التيار المدني في العراق إن “العبئ الذي يتحمله النواب الثلاثة كبير، لكنهم لم ينجحوا في توحيد كلمتهم في ظل وجود الأحزاب الأخرى التي تربعت على السلطة منذ اثني عشر عاماً إذ إن خبرة الأحزاب الإسلامية ازدادت في السنوات الماضية مثلما ازدادت أموالهم ونفوذهم ما جعل من الصعب أن تُقاوم أجنداتهم، لكن أداء نواب التحالف المدني لم يصل إلى الحد الأدنى لسقف طموح جمهوره”
ويلوّح لعيبي بأن جمهور التيار سيلجأ إلى تغيير نوابه في الانتخابات المقبلة في حال لم يتغير أداؤهم في السنوات الثلاث المتبقية من عمر الدورة التشريعية الحالية.
يؤمن لعيبي وغيره الكثيرون من جمهور التيار المدني بأن الأشخاص لا بد أن يتغيرون في حال أخفقوا في تمثيل جمهورهم ،لا سيما وأن التيار المدني في العراق تيار كبير وعريق لكنه يعمل بإمكانات ضعيفة.
“عدم نجاح نواب التحالف المدني الديمقراطي في مهمتهم يعني إن هناك نواباً جدد سيحلون محلهم مستقبلا” يقول علي عامر صحفي وناشط مدني.
ويضيف “الانتقاد رغم قسوته هو لتقويم عمل نواب التحالف المدني وتوجيه النصح لهم وجمهور التيار المدني في العراق لن يتخلى عن مشروعه في حال أخفق نوابه الحاليين في إرضائه.
ولا يخفي بعض جمهور التيار المدني خيبة أمله والصدمة التي واجهته في التغيير الذي طرأ على نواب التحالف بعد وصولهم إلى المجلس النيابي ،إذ أنه يرى أنهم لم يختلفوا عن النواب الآخرين من التيارات الأخرى من الذين غرّتهم المناصب والامتيازات على حد وصفهم.
وتقول سميرة رفعت وهي واحدة من جمهور التيار وتنشط لخدمته “هؤلاء النواب كانوا يشاركوننا قبل أن يكونوا نواباً في توجيه النقد لأعضاء مجلس النواب والوزراء وما يتمتعون به من امتيازات كالحمايات والسيارات المصفحة والإيفاد والسفر والبقاء لفترات طويلة خارج العراق”
وتؤكد أنها فوجئت بعدم رد أحد نواب التيار المدني على مكالمات الناشطين على هاتفه الخاص بعدما كان يشاركهم في كل حملة من حملاتهم.
وتضيف “الابتعاد عن الجمهور والاهتمام بالمصالح الخاصة وغيرها، كلها أخطاء وقع فيها نواب التحالف المدني إنه لأمر مخيّب للآمال”.
عمل نواب التحالف خارج مجلس النواب كان أفضل من عملهم اليوم بالنسبة لجمهورهم ما يستدعي وفقا لآراء الجمهور هذا إلى مراجعة هؤلاء النواب لمواقفهم وتوحيد كلمتهم واستشارة ممثلي الجمهور لمواجهة مد الأحزاب الكبرى.
بالمقابل يرى نواب التحالف المدني الديمقراطي إن أدائهم في المجلس النيابي كان معقولاً نسبة إلى العراقيل التي تواجه عملهم وعدوا الانتقادات التي يوجهها الجمهور بأنها حالة صحية لتقويم مسار المدنية في العراق.
وتقول شروق العبايجي النائب عن التيار المدني في البرلمان لـ”نقاش” إن “الصوت المدني في أجواء العسكرة يكون ضعيفاً في أنحاء العالم كلها ليس فقط في العراق”
وتضيف “جهودنا لن تكون بارزة كما في الحالات العادية مهما عملنا ،لدينا منجزات لكنها لا تظهر بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد”
وتعترف العبايجي بصعوبة بعض المطالب مثل كسب النواب الجدد رغم وجود توجهات لدى نواب آخرين حيث تمنعهم كتلهم من الخروج للانضمام لتيار مدني خارج إطار الأحزاب التي ينتمون لها.
وتقول إن “ما حققناه ليس فقط لجمهور التيار المدني، إنما لكل أبناء الشعب إذ حيّدنا اللغة الطائفية إلى حد كبير وكنا فعّالين في إعادة العامل التشريعي للمجلس وأن يكون استبدال النواب بعيداً عن رئاسات الأحزاب وتقديم مقترحات قوانين عديدة وغيرها”.
وتطلب العبايجي من جمهور التيار المدني أن يكون أكثر صبراً ، واعدة بأن يكون أداء النواب أفضل خلال السنوات المقبلة من عمر المجلس الحالي.