المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

سد الموصل والدور الايطالي ، أين تكمن المخاطر

تصريح صحفي للنشر الفوري
حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية
٢٠ كانون الثاني ٢٠١٦

(١) سد الموصل، الاكبر في العراق والاخطر في العالم

خطر الانهيار الذي يواجه سد الموصل، يمثل خطراً حقيقياً وتجب مواجهته فوراً. السد الذي افتتح في ثمانينات القرن الماضي ويقع على بعد ٣٥ كيلومترا شمال الموصل،يعتبر الاكبر في العراق، بارتفاع يبلغ ١٣١ مترا وطول يتعدى الثلاثة كيلومترات وبطاقة خزن حوالي  8 ملايين متر مكعب. يوصف اليوم بانه الاخطر في العالم وهو وصف اطلقه تقرير خاص بالجيش الامريكي في سبتمبر ٢٠٠٦. حيث و حسب المعلومات التي افشتها الواشنطن بوست في مقال لها نشرته في العام ٢٠٠٧ عن تقرير مقدم من سلاح الهندسة في الجيش الامريكي بأن أسس السد متضررة وتحتاج لتدعيم ” في حالة حدوث مشكلة صغيرة [في] سد الموصل، فانه من المرجح ان ينهار. “ وقدر الجيش الامريكي خطر انهيار السد بانه واقعي ومن غير الممكن السكوت عنه. ووفقا لنفس المقال فالسفير الامريكي ريان كروكر والجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الامريكية في العراق، وجها رسالة في 3 مايو ٢٠٠٧ إلى رئيس الوزراء العراقي انذاك السيد نوري المالكي شملت تقدير للضرر على النحو التالي
“على افتراض سيناريو أسوأ الحالات، فان انهيارا فوريا لسد الموصل، المملوء باقصى طاقته قد يؤدي الى موجة من المياه بارتفاع 20 مترا في مدينة الموصل، التي من شأنها أن تؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.”

هذه الموجة ممكن ان تجلب الموت والدمار في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين، وربما تسبب الضرر لبغداد.

ومنذ اجتياح تنظيم داعش للموصل في عام ٢٠١٤ فان السد ومحيطه شهد معارك وعمليات عسكرية وقصف قد تُعجّل تفاقم الاضرار الموجودة اصلا في اسس السد. ونشرت جريدة نييورك تايمز في شهر كانون الثاني من عام٢٠١٦ تاكيد على ان المخاطر مازالت قائمة وبحاجة لتحرك سريع.

وبينما تستمر جهات عدة في الحكومة العراقية بانكار هذا الخطر بدعوى انها تخشى من اثارة فزع الجمهور العراقي وتفضل ان تعمل بصمت، فان مواجهة الخطر بشكل مباشر يبقى افضل وسيلة لتجنب عواقب كارثية قد تصيب المدنيين.

diga-mosul
(٢) شركة تريفي،الايطالية العملاقة وعلاقتها بسد الموصل

في نهاية عام ٢٠١٥ افشت الصحافة الايطالية اخبار عن ان المجموعة الايطالية تريفي قدمت عرضا للحكومة العراقية ودخلت في مشاروات حول اعمال صيانة وادامة لسد الموصل.  وتريفي كانت احدى الشركات التي ساهمت في انشاء السد ضمن تحالف شركات الماني ايطالي. وتأسست شركة  تريفي  في عام 1957، وهي اليوم مجموعة عملاقة تنشط في أكثر من 80 بلدا مع 30 فرعا وتشمل مجموعتها أربعة أقسام رئيسية هي: تريفي، وشركة الخدمات الهندسية لمترو الأنفاق.وبتريفن التي تنشط في عمليات التنقيب عن النفط. وسولمك للآلات وهندسة النظم ودريلمك والتي تقوم بتصنيع معدات لمعدات الحفر (النفط والغاز والمياه).
وحسب صحيفة “كوريرا ديلا سيرا” الايطالية ، فان مجموعة تريفي تنشط في العراق منذ عام 2008، حيث وقعت شركة دريملك التابعة لها، اتفاقا مع شركة الحفر العراقية لتوريد 6 محطات للحفر، بقيمة أكثر من 100 مليون دولار. وحسب نفس الصحيفة فان تريفي كانت بالفعل في عام 2011 قريبة جدا من الفوز بعقد لترميم سد الموصل، ولكن الموضوع اهمل لسبب او لاخر.

اليوم تعود الشركة لعرض خدماتها في مشروع قد يستغرق ثمانية عشر شهراً، يتضمن ترميم السد وصيانة دعائمة.

(٣)  مقترحات لارسال قوات ايطالية ومعارضة من المجتمع المدني

ومما اضاف تعقيدا للامر، حديث الحكومة الايطالية عن ارسال قوات وجيش ايطالي لحماية موقع العمل والسد، وهو ما اكدته وزيرة الدفاع الايطالية واشار له رئيس الوزراء الايطالي “ماتيو رنزي”. ويستعد البرلمان الايطالي لمناقشة هذا الموضوع خلال الاسابيع القادمة حيث من المتوقع، في حال حصول اتفاق، ان يتم العمل على الترميم في اذار من عام ٢٠١٦. وتحدثت المصادر بان الفكرة هي أرسال ٤٥٠ جندي ايطالي مع تجهيزاتهم لمرافقة شركة تريفي وحمايتها.

وتعارض حركات السلام والمنظمات الايطالية الربط بين تامين السد وارسال جيش ايطالي للعراق. وتطالب ان تعمل الحكومة الايطالية جنبا لجنب الى الحكومة العراقية لتأهل قوة عراقية متخصصة تابعة للداخلية او الدفاع العراقية لتامين السد والبقاء فيه، بحيث تضمن هذه القوة العراقية تامين عمل الشركة التي ستقوم بالترميم ولحماية الكوادر والخبراء والفنيين الذين تعمل في السد عراقية كانت او اجنبية وبشكل دائم.

وتساند حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية بان يكون هناك تعاون بين العراق والمجتمع الدولي بضمنها ايطاليا، لتدريب وتجهيز قوة حماية عراقية للسد من جهة، وللعمل مع الشركة المتخصصة لتامين دعائم السد من جهة اخرى. كل ذلك يجب ان يجري بشكل فوري لتدارك الخطر القائم وبهدف تلسيم عملية صيانة وحماية السد الى الجهات العراقية.

من المهم الاشارة الى ان سبب الاقتباس من مصادر اجنبية امريكية او ايطالية حول هذا الموضوع، لم ياتي لان كفاءة المهندس او الاعلامي العراقي اقل من نظيره الاجنبي، بل لسبب اهم واخطر، وهو ان صانع القرار العراقي اليوم يعتبر ملف السد ومخاطره حكرا له، فلا يشارك المعلومة ولايسمح لنقاش حر حولها. هذا هو ديدن اصحاب القرار في ملف السدود والمياه في العراق ومنذ عهد الرئيس السابق صدام حسين، واليوم هنالك حرص على الاستمرار بهذا النهج، ومن هنا تاتي شحة المعلومة عن مسالة سد الموصل بشكل خاص وملف المياه بشكل عام بالرغم من انها مسائل تخص حياة ملايين العراقيين!

تؤمن حملة انقاذ نهر دجلة بانه و بدلا من اخفاء الخطر يجب اشراك اصحاب الخبرة والشأن في نقاش حول كيف يتم تجنب المخاطر التي تحيط بموارد العراق المائية او تلك التي تواجه سد الموصل.

(٤) السدود الكبيرة لاتكفل تنمية مستدامة، الانهار يجب ان تكون مصدر للمياه والحياة والسلم

وبينما خطر سد الموصل واضح للعيان/ لمن اراد ان يرى المخاطر، فان مخاطر السدود الكبيرة في العراق والمنطقة غائبة عن حسابات اصحاب القرار. السبب الاساس هو ان معاريير التنمية السائد هي ذات المعاييرالتي ورثناها منذ عقود طويلة.

ضمن تلك المعايير ينظر الى السد الكبير على انه مصدر لطاقة توصف على انها “نظيفة” فهو يولد الكهرباء بينما توفر سدود كبيرة واخرى مياه الري وبالتالي فرص عمل. هذه المعايير ناقصة ومجحفة، يتولاها النقص والقصور على المستوى البعيد. فمثلا هي لا تشمل تقييم الاثر البيئي، الذي سيخلفه السد الكبير على النهر ومحيطه، ولا تشمل الحفاظ على التنوع الاحيائي للنهر ومحيطه. كذلك هي لا تهتم بحق الاخرين ممن يشاركونا النهر وبالتالي هي لاتهتم بصناعة السلم مع بلدان ومجتمعات اخرى تشارك النهر وبيئته. فبينما المياه لاتعرف الحدود، يعتبربناء السدود الكبيرة بدون تشاور مع الاخرين في مجرى ومصب النهر، وبدون دراسات علمية على الاثر المترتب على النهر نفسه، استهانة بحق الاخرين بالمياه واستهتار بالنهر ومنظومته الطبيعية وتنوعه الاحيائي.

ومشكلتنا الكبيرة ان اصحاب القرار في تركيا والعراق وايران و سوريا يعتمدون نفس المعايير القديمة، بل انهم يفكرون بنفس الطريقة! ونتاج ذلك ما جرى  لنهر الفرات من كارثة بيئية ومن كوارث حولت السدود عليه لاسلحة حرب فتاكة!

وبسبب استمرار نفس القناعات لدى اصحاب القرار فان ماجرى لنهر الفرت، سيجري على نهر دجلة. فتركيا بصدد اكمال السد الاول والاكبر لها على نهر دجلة “سد اليسو” والمتوقع انتهائه خلال عامين. ومن هنا ياتي ايمان الحملة بانه ان الاوان لمواجهة سياسة بناء السدود الكبيرة على نهر دجلة والفرات وايجاد بدائل اخرى لهذه السدود الكبيرة. بدائل تعتبر الانهار ، بالاضافة الى كونها مصدر للمياه والحياة، بانها ايضا مصدر لبناء السلام وللتعايش بين ابناء المنطقة بغض النظر عن قوميتهم او دينهم.

لمعلومات اكثر يمكنكم زيارة صفحة الحملة على شبكة التواصل الاجتماعي “الفيسبووك”
https://www.facebook.com/save.tigris.and.iraqi.marshes/
او ارسال رسالة على العنوان التالي: icssi.project@gmail.com