المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

تقرير دولي: الفساد والإهمال بوزارتي الزراعة والموارد المائية أهدر مليارات الدنانير وأضاع فرصاً للتنمية

24592
تلكؤ المشاريع وفسادها ظاهرة مستفحلة في العراق

المدى برس/ بغداد

كشف تقرير رقابي دولي، اليوم الأربعاء، عن “شبهات فساد وإهمال” بمليارات الدنانير في تعاقدات وزارتي الزراعه والموارد المائية، نتيجة عدم التأكد من “رصانة أو تخصص” الشركات المنفذة أو “عدم الجدية” في متابعتها واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها، عاداً أن ذلك الآن يشكل “هدراً” للمال العام و”ضياعاً” لفرص التنمية الاقتصادية التي كان يمكن أن تسهم بها المشاريع المقررة في حال إنجازها وفقاً لما هو خطط وبالتوقيتات المناسبة.

وقال المدقق الخارجي لشركة (أرنست ويونغ) لصندوق تنمية العراق، وهو الحساب الذي تودع فيه ايرادات النفط التي يبيعها العراق، والأموال المجمدة وما تبقى من برنامج النفط مقابل الغذاء، في تقرير تسلمت (المدى برس) نسخة منه، إن “العمل في ثمانية مشاريع قيمتها 152 ملياراً و122 مليوناً و177 ألفاً و185 ديناراً، تعود لوزارة الزراعة، متلكئ على الرغم من إرسالها عدة كتب انذار للشركات المعنية”، مشيراً إلى أنه “تم إنجاز 15 بالمئة من العمل في أحد تلك المشاريع برغم أن تاريخ الانتهاء من تنفيذه كان في (الـ28 من أيلول 2014 الماضي)، لكن الوزارة قامت بالتعاقد مجدداً مع إحدى الشركات المتلكئة ما أدى إلى تأخر تنفيذ المشروع الذي أحيل إليها هو الآخر”.

وأضاف مدقق شركة أرنست ويونغ لصندوق تنمية العراق، أن “وزارة الزراعه أبرمت ثلاثة عقود قيمتها ملياران و579 مليوناً و683 ألفاً و250 ديناراً، قبل أن تتأكد من جاهزية موقع العمل، ما أدى إلى تأخر تنفيذها”، مبيناً أن “نسبة انجاز أحد تلك المشاريع تبلغ أربعة بالمئة فقط برغم أن تاريخ الانجاز المخطط له هو (الـ14 من أيلول 2015 المنصرم)”.

وأوضح المدقق الدولي، أن “المدد الإضافية الممنوحة للمتعاقدين شكلت مشكلة أخرى، حيث تكرر منحها للمقاولين من دون الحصول على نتائج”، لافتاً إلى أن “الوزارة أحالت عقوداً لشركات كانت نسبة ترجيحها تتراوح وفقا لمعايير المناقصة، بين 18.5 إلى 19.3 بالمئة من أصل مئة بالمئة”.

وكشف مدقق شركة أرنست ويونغ، عن “تأخر الشركة العامة للتجهيزات الزراعية في توقيع العقود لمدة تتجاوز بكثير تلك المحددة في تعليمات تنفيذ العقود الحكومية”، وتابع أن “الشركة استأجرت مخازن لخزن التمور في محافظة الأنبار،(110 كم غرب العاصمة بغداد)، من دون توقيع عقود استئجار، ثم قامت بعد ذلك بتوقيعها بأثر رجعي، كما أنها لم تتابع الاعتمادات المستندية المفتوحة لصالحها برغم انتهاء مدة صلاحيتها”.

وفي محور آخر من تقريره، أورد المدقق الدولي العديد من السلبيات التى تخص وزارة الموارد المائية، منها “تأخر إنجاز نحو 12 مشروعاً معظمها لأكثر من سنة عن تاريخ الانجاز المحدد، وأن عقود توقيع بعض المشاريع تعود إلى عام 2008، فضلاً عن عدم تسليم الوزارة مواقع العمل للمتعاقدين خالية من الشواغل، مما عرقل العمل فيها وأخره”.

وفي فقرة تتعلق بالهيئة العامة للسدود والخزانات، ذكر المدقق الخارجي، أن “الهيئة تعاقدت مع شركة الفداء العامة على تجهيزها بكراءات قيمتها 49 مليار و200 مليون دينار برغم أن الشركة ليست مصنعة لها أو مستوردة أو وكيل للشركة الأصلية”، مبيناً أن “شركة الفداء العامة تعاقدت بدورها مع شركة تركية، ليست مصنعة لها أو وكيلة للشركة المصنعة، لتوريد تلك الكراءات، حيث قامت الأخيرة بتوقيع عقد مع الشركة الأميركية المصنعة، وكانت النتيجة تأخر تسليمها، مع تسليم أربع كراءات عاطلة عن العمل من أصل ثمانية، إضافة إلى ما سببه تعدد الوسطاء، وعدم الذهاب إلى المنتج مباشرة، من كلف مضاعفة على الخزينة العراقية”.

وفي موضوع آخر يتعلق بوزارة الموارد المائية، قال مدقق شركة أرنست ويونغ، إن “عقد تطوير أحد السدود الموقع بمبلغ مليارين و808 ملايين و500 ألف دينار، ومدة إنجاز قدرها 365 يوماً في عام 2013، لم يتم انجازه، إذ تم سحب العمل في عام 2014،  ورفض المصرف تسديد مبلغ خطاب الضمان للهيئة بحجة عدم توافر سيولة نقدية، عندما قامت الهيئة بمصادرته”.

وبشأن الهيئة العامة لمشاريع الري واستصلاح الأراضي، كشف التقرير الدولي، عن “توقيع الهيئة أحد العقود في عام 2008 بمبلغ سبعة مليارات 790 مليوناً و690 ألف دينار، بمدة تنفيذ أمدها 24 شهراً، إلا أن العقد لم ينفذ حتى الآن، وتم سحب العمل في عام 2013 بعد انتهاء التمديدات التي كان آخرها في عام 2011، من دون أن تتخذ الهيئة أي إجراء ضد الشركة المقاولة أو حتى بمصادرة خطاب الضمان”.

وأورد المدقق العالمي، أن “الهيئة ذاتها منحت في عقد آخر مدداً إضافية بلغت أربعين بالمئة من أصل المدة المحددة لتنفيذ العقد، من دون أن ينجز، ما اضطرها إلى سحب العمل في عام 2013 وتوقف المشروع”.

وتابع مدقق شركة أرنست ويونغ، أن “عقداً آخر جرى توقيعه في عام 2010 بقيمة أربعة مليارات و912 مليوناً و366 ألف دينار، تم سحب العمل أيضا في عام 2013 بعد مدد تمديد قدرها 229 يوماً ونسبة تنفيذ متدنية، حيث تم تعليق العمل به حتى الآن”، عاداً أن ذلك كله “يشكل هدراً للمال العام وضياعاً لفرص التنمية الاقتصادية التي يمكن أن تسهم بها تلك المشاريع في حال إنجازها كما هو مخطط لها وبالتوقيتات المناسبة”.

يذكر أن العراق طالما احتل مراتب متقدمة في المؤشرات العالمية للفساد، إذ يشكل الفساد تحدياً “لا يقل خطراً” عن الإرهاب الذي يواجهه منذ عام 2003، على الرغم من إعلان الحكومات المتعاقبة أن مكافحة الفساد من أولويات عملها.