المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

الحفاظ على ثقافة أبو غريب: الإساءة المروعة للنساء العراقيات

الحفاظ على ثقافة أبو غريب: الإساءة المروعة للنساء العراقيات

13 فبراير 2014

Foreignpolicyjournal

“عندما قاموا بتسليط الكهرباء عليّ، شهقت، وتجمد جسدي وسقط الغطاء من على رأسي”، قالت إسراء صلاح لهيومن رايتس ووتش (HRW)، وهي معتقلة عراقية، في شهادة تقشعر لها الأبدان.

وكانت إسراء (وهو ليس اسمها الحقيقي) قد اعتقلت من قبل القوات الامريكية والعراقية عام 2010.و تعرضت للتعذيب إلى حد الاعتراف بتهم إرهابية لم ترتكبها. ووفقا لـ “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها “لا أحد في مأمن“، وهو تقرير ذو 105 صفحة صدر في 6 شباط، حيث يذكر ان هناك الآلاف من النساء العراقيات في السجون يتعرضون لممارسات مماثلة من الضرب والاغتصاب، بدون أي تهم.

في حالة إسراء، فإنها تلقت معاملة مهينة جدا، ولكنها المعاملة الاعتيادية، حيث كانت مكبلة اليدين، جالسة بإستمرار على ركبتيها، وتعرض للركل على وجهها حتى كسر فكها. وعندما رفضت التوقيع على اعتراف، تم تقييدها بالأسلاك الكهربائية.

عن منظمة مراقبة حقوق الانسان -محتجزات في سجن الكاظمية - عام 2006
عن منظمة مراقبة حقوق الانسان -محتجزات في سجن الكاظمية – عام 2006

فأهلا بكم في العراق “المتحرر”و “الديمقراطية” الجديدة التي لازال يحتفل بها المسؤولون الامريكان. ليس هناك إنكار او شك بأن السياسات الوحشية للحكومة العراقية تحت نظام نوري المالكي هي استمرار لنفس سياسات الحكومة العسكرية الأمريكية، التي حكمت العراق منذ 2003 وحتى رحيل القوات الامريكية في ديسمبر كانون الاول 2011.

يبدو الأمر وكأن الجلادين قد قرأو نفس الكتب، وفي الواقع هذا ما حصل. في الواقع، فعلوا.

لم يكن التعذيب والمعاملة المهينة للسجناء العراقيين من الرجال والنساء في سجن أبو غريب حادثا فرديا تقوم به بعض “العناصر الفاسدة”.فإنه من السذاجة الاقتناع بنظرية “العناصر الفاسدة”، وتكذيب ان ذلك يحدث بسبب البشاعة الهائلة وتواتر سوء المعاملة. فمنذ عام 2004 ، ظهرت العديد من القصص المماثلة في سجن ابو غريب، والمدعومة بأدلة دامغة، وليس فقط في جميع أنحاء العراق، بل في أفغانستان أيضا.لم تُرتكب الجرائم فقط من قبل الامريكان، بل شارك البريطانيين في ذلك ايضا، تبعهم العراقيين، الذين تم اختيارهم لمواصلة مهمة ‘الديمقراطية’.

تقرير “لا أحد في مأمن” يعرض الأدلة الأكثر ترويعا من الإساءات للنساء من قبل “نظام العدالة” الجنائية العراقية. ظاهرة اختطاف وتعذيب واغتصاب وإعدام النساء على نطاق واسع والتي تبدو صادمة حتى بمعايير سجل حقوق الإنسان في البلدان الفقيرة في الماضي. فلو حصلت هذه الوقائع في سياق سياسي مختلف، لكان الغضب العالمي عميق جدا. لقد دعا البعض في وسائل الإعلام الغربية “الليبرالية”، ويفترض بدافع حقوق المرأة الى قدر من التدخل الإنساني، حتى في الحرب. ولكن في حالة العراق اليوم، فإن تقرير الهيومن رايتس وتتش قد يلقي الضوء على الموضوع الذي كان مبهما بصورة كبيرة، ونَسي في نهاية المطاف.

في الواقع، ان موضوع تعذيب الآلاف من النساء – بغض النظر عن تعذيب عشرات الالاف من الرجال – قد تم مناقشته بالفعل في الفناء السياسي. والكلمة الطنانة التي يبدو أنها تظهر منذ نشر التقرير هو أن الاعتداءات هذه تؤكد “ضعف” النظام القضائي العراقي. فيصبح التحدي هو مسألة تعزيز نظم ضعيفة، ربما من خلال توجيه المزيد من المال، وبناء مرافق أكبر، وتوفير أفضل طرق للرصد والتدريب، كالتدريبات التي نفذها قادة الولايات المتحدة للموظفين.

التغييب يحدث في الغالب لاصوات المجاميع النسوية والمثقفات، الذي يحصل إثر ممارسات الزواج التقليدي في اليمن، على سبيل المثال، أو تغطية وجوه النساء في أفغانستان. فهناك القليل من الضجة والغضب، عندما تعاني المرأة السمراء على أيدي الرجال والنساء في الدول الغربية، أو اتباعهم، كما هو الوضع في العراق.

لو ظهر تقرير هيومان رايتس ووتش في عزلة تامة عن السياق السياسي المروع الذي قام به الغزو الأمريكي على العراق، لكان من الممكن عذر الصمت النسبي الذي يحدث. ولكن هذا ليس كما الحال. فإن ثقافة أبو غريب لازالت مستمرة لتكون اعتيادية من قبل حاكمي العراق منذ مارس 2003.

بعد سنوات من بدء التحقيق في انتهاكات أبو غريب، كشف اللواء أنطونيو تاغوبا الذي أجرى التحقيق، بأن هناك أكثر من 2000 صورة غير منشورة توثق المزيد من الانتهاكات.وذكرت صحيفة تلغراف في مايو 2009 “يظهر في الصورة جندي أمريكي واحد على ما يبدو قام باغتصاب سجينة بينما يظهر في صورة اخرى مترجم يغتصب معتقل ذكر”.

وكان اللواء تاغوبا أيد قرار أوباما بعدم نشر الصور، وليس من أي منطق اخلاقي، ولكن ببساطة لأن “ذلك سيعرض قواتنا للخطر، وهم الحماة الوحيدين لسياستنا الخارجية، ونحن بأمس الحاجة لهم، كذلك القواة البريطانية الذين يقومون ببناء الأمن في أفغانستان “.بطبيعة الحال، فإن القوات البريطانية، وبناة الأمن في أفغانستان، سطروا تاريخا من العار خلال حملة الإنتهاكات التي لم تتوقف منذ أن وطأت أقدامهم في أفغانستان.

عند النظر الى الأجواء السياسية المشحونة في العراق، وآخرها الانتهاكات المذكورة والتي تم وضعها في سياق فريد خاص بهم. فإن معظم النساء المعتدى عليهن هم من السنة، وكانت حريتهم iي الصرخة الكبرى للتمرد في المحافظات السنية في وسط وغرب العراق. في الثقافة العربية، الاهانة من خلال الاحتلال وسرقة الأراضي يأتي في المرتبة الثانية بعد إهانة المرأة. الإذلال التي يشعر الملايين من العراقيين السنة لا يمكن وصفه بالكلمات، والاشتبكات هي استجابة مستغربة لسياسات الحكومة المستمرة بلا هوادة من التجرد من الإنسانية، والتمييز والعنف.

لم يكن غزو الولايات المتحدة للعراق من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، و’العراق الجديد’ قد عزز ثقافة الإفلات من العقاب التي تحدث بدون خوف. في الواقع، لقد كانت اهانة مجتمعات بأكملها تكتيك في حرب المالكي القذرة.اعتقل العديد من النساء “بتهمة القيام بأنشطة إرهابية مزعومة من جانب أفراد الأسرة من الذكور”، حسبما ذكرت وكالة اسوشيتد برس، نقلا عن تقرير هيومان رايتس ووتش.

قال جو ستورك، نائب مدير الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش “تتصرف قوات الأمن العراقية والمسؤولين كما لو ان استغلال النساء بوحشية سيجعل البلاد أكثر أمنا”. وهو نفس المنطق الذي يفترض انه من خلال “الصعقات والرعب” سيضطر العراقيين للخضوع.

كلا النظريتين اثبتت انها غير دقيقة. فالحرب والتمرد في العراق سيستمر حتى يفهم أولئك الذين يحملون مفتاح هذا السجن العراقي الضخم بأن حقوق الإنسان يجب أن تحترم كشرط مسبق لتحقيق سلام دائم.