المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

الطلاب في سوريا متضامنون مع المجتمع المدني العراقي

دلبرين خليل – اتحاد الطلبة الكورد في سوريا والمانيا
اسطنبول شباط ٢٠١٦

اتحاد الطلبة الكُرد في سوريا وألمانيا تأسس في عام 2011 نتيجة للثورة الشعبية التي طالب فيها الشعب السوري بالحرية وبحكومة أكثر ديمقراطية، إنّ الاتحاد قد تطوّر من خلال عدة مجموعات طلابية الذين كانوا نشطين في العمل المدني في الجامعات والمدن التي يعيشون فيها داخل سوريا، ومع ازدياد الوضع سوءً وتصاعد العنف في سوريا لم تبقى هناك مساحة كافية للعمل المدني السلمي في كل المحافظات السورية، لذلك نقل الاتحاد نشاطاته إلى شمال سوريا ولجانب ذلك ومع الهجرة من سوريا إلى البلدان المجاورة وأروبا بدأ الاتحاد بتوسيع عمله واستطاع من خلالها كسب الصداقة مع الطلبة في البلدان الأوربية وبهذا استطاع أن يكون أول تجمع مستقل يجمع بين الطلبة السوريين والدوليين الذين يعملون مع بعض في مساعدة الطلبة والمدنيين في مناطق الصراع في الشرق الأوسط.
ومن خلال هذا استطاع الدخول للعمل في العديد من المجالات وبتنظيم مؤسساتي يعمل في العديد من القطاعات كالتعليم وحماية الطفولة وتنمية الشباب، حماية وتمكين المرأة، حماية اللاجئين، توزيع مساعدات بالمواد غير الغذائية، الوعي الصحي، تحقيق السلام ومنع العنف وزيادة الوعي السياسي والاجتماعي، وفي عام2014 كان هناك المزيد من التوسع حيث شمل سياسات العمل في الزراعة الحيوية.

DSC_0307
إخوتي الأعزاء،
لقد حوّلت الحرب الدائرة في سوريا منذ نحو خمس سنوات، بين قوات النظام السوري والمليشيات الحليفة التابعة لها من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة ثانية، والتنظيمات المتشددة من جهة ثالثة، المجتمع السوري إلى مجتمع منقسم على نفسه طائفياً، وسط منطقة بدأت حروبها الطائفية منذ الحرب اللبنانية الأهلية، ثم الحرب العراقية الإيرانية وصولاً للاضطرابات والنزاعات الطائفية التي شهدها العراق منذ الاجتياح الأميركي له عام 2003.
وكانت للمليشيات التابعة لقوات النظام الدور الأبرز في مجازر التطهير الطائفي، وقد أمعنت في ارتكابها في ظل تردد المجتمع الدولي عن ردعها، لقيت هذه المجازر ردّة فعل عنيفة وجنوحاً نحو التطرّف، وهذه الظروف دفعت بعضاً من السوريين في بعض المناطق إلى الانضمام للتنظيمات المتطرفة شأن “الدولة الإسلامية” (داعش)، و”جبهة النصرة”، تنظيمات لم تتوان عن ارتكاب أبشع الجرائم بدورها، بالإضافة إلى ذلك تقوم هذه التنظيمات الإرهابية كداعش بجذب وتجنيد الآلاف من الجهاديين من مختلف دول العالم يقاتلون في صفوفها في سوريا والعراق.
إنّ هذه الثورة قد كانت ضد الأنظمة الديكتاتورية وضد الأنظمة القمعية، ثورةٌ أتت ضد الفقر والظلم واليأس وجهل الإنسانية عموماً، ولكن بالفعل الرد كان شديداً من خلال أنظمة أحادية الحكم والفكر الديكتاتورية المسلك أو من خلال مجموعات دينية الصبغة الغائية المنهج لا تؤمن إلا بفرض فكر واحد تدميري للوجود الإنساني، ونحن اليوم أمام منعطف تاريخي خطير لا يسمح فيه للعودة إلى الخلف، لا يسمح فيه بتدمير حلم شعوبٌ نادت بالحرية، شعوبٌ مظلومة ومقموعة ومهمّشة ولها مطلب واحد: حق الشعوب بتقرير مصيراً لها، حق كل الشعوب بالحرية.
بالأمس كنا نتساءل ماذا سيحدث في المنطقة، واليوم نكاد لا نصدق ما حدث، فالمشاهد الهمجية تعيدنا إلى غياهب العصور الأولى لتاريخ البشرية، في شنكال والموصل العراقي والرقة السورية “داعش” تخير المسيحي واليزيدي (وهم الكرد غير المسلمين) بين إنكار دينه ومعتقده واعتناق الإسلام ديناً، أو ترك كل ما يملك والرحيل عن دياره، وإلا الموت ذبحاً، أما الشيعة “الروافض” بلغة “داعش”، والسنة المعارضون لداعش فمصيرهم السكين.
وفي الموصل تطهير ديني بالقتل والتهجير، حيث استباحت “داعش” أيضا كل المحرمات، فالأكراد والمسيحيون من كلدان وسريان وآشوريين يتعرضون للإبادة، وقد أُفرغت الموصل من هذا المكون الآرامي الذي كان في أساس حضارة بلاد ما بين النهرين، وفي الأماكن المجاورة للموصل الناس يعيشون حالة ذعر دائمة ويشعرون بخطر مستمر، كون القوى الظلامية تلاحقهم حيثما انتقلوا، فترحل الآلاف من العائلات مع كل كيلومتر جديد يحتله التكفيرين، في هذا الجو من الذعر والقلق فقد الناس كل أمل بنجدة للحياة، وصاروا يعتقدون أن أمنهم المباشر اليوم هو بإيجاد منطقة آمنة للحفاظ على وجودهم في مناطقهم التاريخية.

لا أدري ما هذا الصمت المريب الذي يكتنف العالم ومحيطنا إن ما يحدث اليوم يذكرنا بالمجازر الكبرى التي حدثت في المنطقة في القرون الماضية: لبنان وسوريا 1860، ديار بكر 1895، تركيا 1915، العراق 1933، فلسطين 1948. وكم كانت شعوبنا على خطأ عندما اعتقدت أنها أصبحت بمأمن من شر الأقوياء بعد إنشاء المحاكم الدولية ووضع القوانين التي تحاكم وتدين الجرائم ضد الإنسانية، إذ يبدو أن هذه القوانين هي اوهى من خيوط العنكبوت، يخترقها الذباب الكبير ويعلق بها الذباب الصغير، أين مجلس الأمن وأين الدول الكبرى أصحاب القرار فأطفال سوريا اليوم يحيّون أطفال الموصل وأطفال شنكال، والسكين واحد. ألا توجد اليوم في العالم عين تدمع لرؤية الأطفال تحصدها القنابل وتجعلها أشلاء.
إننا في هذه الأوقات العصيبة نحتاج إلى تضامن دولي معنا أكثر من أيّ وقت مضى، فالسياسة فشلت في السنين الماضية لإيجاد حلّ سلمي للازمة السورية والتي أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية في العراق والدول المجاورة، وفي الوقت الذي فشل فيه السياسيون والأمم المتحدة بتأمين حياة آمنة للمدنيين في بلدانهم يأتي دورنا نحن الشباب ومنظمات المجتمع المدني لبسط ثقافة العيش المشترك، حماية الأطفال من العنف، ونشر ثقافة السلام بين المدنيين، لهذا مطلبنا من المجتمع المدني الدولي والشباب من كافة دول العالم والمنظمات الإنسانية بالتركيز على المنظمات الشبابية القائمة في سوريا والعراق ودعمها بشتى الوسائل لكي تبقى تعمل في الداخل، وبنفس الوقت إعطائها الحق في تمثيل نفسها وصوتها في المؤتمرات السياسية الدولية التي تسعى إلى إيجاد حل سياسي سلمي للازمة في الشرق الأوسط.
دمتم وشكراً لحسن استماعكم.
*قدمت الورقة في اطار اللقاء الاستراتيجي بين مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي والمنتدى الاجتماعي العراقي