معاناة نساء العراق من “داعش” وقيود على النساء النازحات من قبل سلطات اقليم كوردستان
التضييق على السُّنة ووقائع جديدة عن اغتصاب الإيزيديات
(بيروت) – على جماعة “الدولة الإسلامية” المتطرفة المسلحة أن تفرج فورا عن نساء وفتيات إيزيديات اختطفن في 2014. كشفت مقابلات جديدة مع نساء هربن مؤخرا، تعرضهن للتعذيب والإتجار فيهن بين عناصر الدولة الإسلامية (المعروفة أيضا بـ “داعش”). عرضت إفادات الضحايا أيضا قيودا ممنهجة تنتهك حقوق نساء وفتيات عراقيات أخريات، وتحد كثيرا من حرية تنقلهن وحصولهن على الرعاية الصحية والتعليم، في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، بحسب هيومن رايتس ووتش.
في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2016، قابلت هيومن رايتس ووتش 21 امرأة سُنية مسلمة عربية من منطقة الحويجة العراقية و15 امرأة وفتاة من الأقلية الإيزيدية. هربن جميعا من مناطق خاضعة لسيطرة داعش، وأغلبهن هربن في أواخر 2015. أمضت العديد من الإيزيديات – المختطفات على يد داعش أواسط 2014 – أكثر من سنة في الأسر. وصفن تحويلهن قسرا إلى الإسلام واستخدامهن في الرق الجنسي وبيعهن وشراءهن في أسواق العبيد وتنقلهن بين ما يصل إلى 4 عناصر من داعش. وثقت هيومن رايتس ووتش الاغتصاب الممنهج للنساء والفتيات الإيزيديات لأول مرة في مطلع 2015.
قالت سكاي ويلر، باحثة الطوارئ المختصة بحقوق المرأة: “كلما طالت مدة أسر النساء الإيزيديات لدى داعش زادت قسوة الحياة عليهن، وقد تعرضن للبيع والشراء وللاغتصاب الغاشم والفصل عن أطفالهن. أما قيود داعش على النساء السُنيات، فقطعتهن عن الحياة والخدمات العادية بشكل شبه كامل”.
النساء السنيات اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش هربن من مناطق تخضع لسيطرة داعش، منذ يونيو/حزيران 2014، غربيّ محافظة كركوك، ووفدن على مناطق تسيطر عليها قوات حكومة إقليم كردستان. أفادت جميع النساء والفتيات السنة بالتعرض لقيود مشددة على لباسهن وحرية التنقل في المناطق الخاضعة لداعش. قلن إنهن لم يُسمح لهن بمغادرة بيوتهن إلا وقد ارتدين النقاب الكامل وبصحبة أقارب مقربين من الرجال. هذه القواعد التي نُفذت بالضرب وفرض الغرامات على الأقارب الرجال أدت لعزلة النساء عن الحياة العائلية والأصدقاء والحياة العامة.
تعاني العائلات المقيمة في مناطق داعش أيضا وبشكل مكثف من ارتفاع أسعار الطعام والعجز النقدي، لا سيما منذ أوقفت الحكومة العراقية إرسال رواتب الموظفين العموميين إلى المناطق الخاضعة لداعش في أواسط 2015. كما تعيش في خوف من الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة والقوات الحكومية العراقية. من تمت مقابلتهن قلن إن نقص الطعام والخوف من الغارات وانتهاكات داعش أدوا بهن إلى الفرار.
أفادت 11 امرأة وفتاة تمت مقابلتهن إلى تقييد حصولهن على الرعاية الصحية والتعليم بسبب سياسات داعش التمييزية، وتشمل قواعد تمنع الأطباء الذكور من ملامسة أو رؤية المريضات أو الانفراد بهن. في المناطق الريفية، منعت داعش الفتيات من ارتياد المدارس. يقوم مقاتلو داعش وعناصره النسائية من “شرطة الآداب” بضرب وعض ووخز النساء بعصي معدنية في الأماكن العامة، ما يؤدي لخوفهن من التماس الخدمات التي يحتجن إليها.
كما أن الغارات الجوية على المنشآت الصحية والتعليمية التي تواجد بها مقاتلو داعش أدت إلى خوف النساء من استخدام هذه المنشآت. ذكرت النساء قصف مستشفى الحويجة في سبتمبر/أيلول 2014، من قبل القوات الحكومية العراقية بحسب المصادر الإخبارية، وقصف سوق في الحويجة في يونيو/حزيران 2015 من قبل قوات التحالف. أدت الغارتان حسب التقارير إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، مع سقوط آخرين في هجمات أخرى أقل حجما.
قالت بعض النساء إنهن أحسسن بمهانة كبيرة جراء معاملة داعش لهن، وقالت امرأتان إنهما شعرتا باكتئاب حاد لدرجة الرغبة في الانتحار.
يقول مسؤولو حكومة إقليم كردستان إن مقاتلي داعش في العراق وسوريا مستمرون في احتجاز نحو 1800 امرأة وفتاة إيزيدية مختطفة. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد هذه الإحصاءات، لكن ذكرت الأمم المتحدة مزاعم – بناء على تقديرات مسؤولون إيزيديون – بأن هناك ما يصل لـ 3500 شخص كانوا رهن أسر داعش حتى أكتوبر/تشرين الأول 2015. تعد الكثير من الانتهاكات – ومنها التعذيب والاسترقاق الجنسي والاحتجاز التعسفي – جرائم حرب إذا ارتكبت في سياق نزاع مسلح، أو جرائم ضد الإنسانية إذا كانت جزءا من سياسة داعش أثناء هجوم ممنهج أو واسع النطاق على سكان مدنيين.
قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في مارس/آذار 2015 إن داعش ربما ارتكبت أعمال إبادة جماعية ضد الإيزيديين. رغم أن العراق ليس طرفا في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، فأحكام الاتفاقية معترف بها على نطاق واسع بصفتها تعكس مبادئ القانون الدولي العرفي. تحظر الاتفاقية القتل وغيره من الأعمال “المرتكبة بقصد التدمير – الكلي أو الجزئي – لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية”.
الانتهاكات ضد النساء والفتيات الإيزيديات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش – وتشمل ممارسات اختطاف النساء والفتيات وتحويلهن جبرا إلى الإسلام و/أو تزويجهن جبرا لعناصر داعش – قد تمثل جزءا من أعمال إبادة جماعية ضد الإيزيديين. كما أفادت نساء أن عناصر داعش أخذوا أطفالهن منهن، وأساؤوا بدنيا إليهم وأجبروهم على الصلاة أو أطلقوا أسماء إسلامية عليهم.
لم ينضم العراق إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن عليه الانضمام إليها ليسمح لادعاء المحكمة بالتحقيق والملاحقة في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية المرتكبة في العراق من طرف أفراد ينتمون لأي من أطراف النزاع. يمكن للسلطات إعطاء المحكمة الولاية على الجرائم الخطيرة المرتكبة في العراق منذ دخول المعاهدة المنشئة للمحكمة حيز النفاذ، في 1 يوليو/تموز 2002. للمحكمة اختصاص على الجرائم الخطيرة المرتكبة من قبل مواطنين في دولة أو إقليم من أعضاء المحكمة.
تستمر أعداد قليلة من النساء والفتيات الإيزيديات في الفرار من داعش، حسب تقديرات مسؤولين في حكومة إقليم كردستان ومنظمات غير حكومية تساعدهن. قابلت هيومن رايتس ووتش 15 امرأة وفتاة إيزيدية، بينهن 7 قضين في أسر داعش أكثر من سنة، و4 فررن في ديسمبر/كانون الأول 2015 أو يناير/كانون الثاني 2016. قالت النساء والفتيات إن داعش جلبتهن وباعتهن مرارا، مع تعريضهن للاغتصاب مرات عديدة.أحيانا تم حبسهن في حجرات لأيام، مع تعريضهن للإهانة وضرب أطفالهن أو أخذهم منهن.
على الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والمانحين الدوليين ضمان توفير خدمات الدعم الملائمة، وتشمل الدعم النفسي-الاجتماعي الشامل طويل الأجل لمن هربن. تم توفير بعض الخدمات للنساء الحوامل اللواتي بدأ حملهن أثناء الأسر، لكن لا تتوفر خدمات الإجهاض الآمن والقانوني. على برلمان العراق وبرلمان إقليم كردستان تعديل القوانين بما يسمح على الأقل بالإجهاض الآمن والقانوني للنساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي ومن يرغبن في إنهاء حملهن.
وفرت حكومة إقليم كردستان وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية جملة من خدمات الصحة النفسية وخدمات نفسية-اجتماعية. لكن لعدم كفاية الخدمات؛ أو كثرة النفقات على بعض العائلات الإيزيدية؛ أو نظرا للاضطرار لقطع مسافات كبيرة؛ أو عدم فهم الدعم النفسي-اجتماعي؛ أو لالتباس المشاعر حول الحصول على الدعم والوصم المرتبط بالاغتصاب ورعاية الصحة النفسية، فإن واحدة فقط من النساء والفتيات الإيزيديات اللواتي تحدثن إليهن هيومن رايتس ووتش كانت تتلقى دعم نفسي-اجتماعي مستدام أو رعاية للصحة النفسية.
قالت ويلر: “هجمات داعش على النساء والفتيات لا سيما الإيزيديات، هيأت أزمة جديدة ومرعبة للنساء والفتيات في المنطقة”. وتابعت: “من السُبل المتاحة أمام حكومة العراق لمساعدة هؤلاء النسوة، تغيير قوانينها وسياساتها لتحسين حماية جميع النساء المتعرضات للاغتصاب”.
جميع النساء والفتيات السنة الهاربات من منطقة الحويجة الخاضعة لداعش إلى مناطق أخرى قريبة خاضعة لقوات حكومة إقليم كردستان، اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش، قلن إنهن واجهن قيودا إضافية على حرية التنقل. بعد فحص النساء قرب الحدود، على حد قولهن، نقلت قوات إقليم كردستان قسرا العائلات وبعض النساء والأطفال المسافرين دون مرافقين ذكور، إلى مخيم نزراوه للنازحين داخليا، شرقي مدينة كركوك. في 5 حالات على الأقل، قالت عائلات إنها كانت ترغب في العيش بأماكن أخرى لكن رُفضت طلباتها. قالت 5 نساء قابلتهن هيومن رايتس ووتش إنه لم يكن أمامهن أي خيار سوى الذهاب للمخيم. لم تجد هيومن رايتس ووتش ما يشير لأن أي من النساء اللواتي تمت مقابلتهن عرضة للاشتباه بأي جريمة أو تهديد أمني. قالت نساء إن قوات حكومة إقليم كردستان التي تحرس المخيم صادرت أيضا أوراق الهوية؛ قيد ذلك تنقلات السكان عبر الحواجز الأمنية عند أطراف المخيم، التي يتطلب المرور بها حيازة أوراق الهوية. قالت النساء أيضا إن عناصر الأمن تطالبهن وعائلاتهن بالعودة إذا خرجوا من المخيم. في 3 مناسبات على الأقل، على حد قول النساء، تم منعهن من الخروج لتحصيل رعاية صحية مناسبة.
تقدر هيومن رايتس ووتش ترحيب حكومة إقليم كردستان بمئات الآلاف من العراقيين النازحين من مناطق أخرى للإقامة تحت حمايتها في منطقة كردستان. لكن الممارسات مثل إجبار النازحين قسرا على الإقامة في مخيم تخرق مبادئ الأمم المتحدة الإرشادية بشأن النازحين داخليا، التي نصت على أن مواطني الدولة لهم حرية التنقل والحق في العيش حيثما شاؤوا وهم محميون من ضرورة “الحصر في أو اقتصار الحركة على مخيم”. وكالة الأمم المتحدة للاجئين، التي تدير مخيم نزراوه، طلبت من السلطات الكردية إزالة القيود. قالت الوكالة إن القيود “مفروضة بشكل لا ينسجم مع أي اعتبارات مشروعة، ومنها تلك المتصلة بالأمن”.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى حكومة إقليم كردستان في 7 مارس/آذار 2016 حول هذه المزاعم وغيرها. ورد في رد الحكومة المبدئي في 26 مارس/آذار 2016 أنه فيما يخص جبهة كركوك فهناك أسباب أمنية: “بعض قطاعات المواطنين المحليين العرب الذين كانت تقع بيوتهم وقراهم على الجبهة [أي جبهة النزاع الداخلي] نُقلوا مؤقتا إلى مخيمات تحميها قوات البشمركة. هذه الاحتياطات تم اتخاذها لصالح هؤلاء المواطنين إذ تضمن عدم تعرض جماعة داعش الإرهابية لهم بالضرر”.
جاء في الرد أيضا: “بعد تحرير قرية خرابه روت [على مسافة قصيرة شرقي ملحة] بقضاء الحويجة، انتقلت 520 عائلة عربية إلى مناطق آمنة تخضع لسيطرة قوات البشمركة”.
قالت حكومة إقليم كردستان أيضا إنها نقلت عائلات من ملحة لحمايتها، لكن لم تقل لماذا قصرت قوات الإقليم العائلات في ملحة لأسابيع قبل نقلها. العائلات المنتقلة قسرا من منطقة ملحة إلى مخيم نزراوه لم تشر لـ هيومن رايتس ووتش أنها أحست بأي تهديد من داعش في ملحة. كما أخطرت حكومة إقليم كردستان هيومن رايتس ووتش بأن رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني أصدر الأمر رقم 3 في مارس/آذار 2016 الذي ينص، ضمن بنود أخرى على:
4. لا يُنقل مدني من مكان سكنه إلى مناطق حررتها قوات البشمركة دون مبرر قانوني أو عسكري كافي.
5. تُكفل حرية تنقل المدنيين في المناطق المحررة بدون قيود في إطار الأنظمة الأمنية والعسكرية الخاصة بإقليم كردستان. الاستثناء هو المناطق الملاصقة للجبهات بين قوات البشمركة ومقاتلي داعش.
6. لابد من مراعاة مبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فيما يخص المدنيين في المناطق الواقعة على الجبهات.
ترحب هيومن رايتس ووتش برد حكومة إقليم كردستان وبأمر الرئيس برزاني بالالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني الصادر لقوات البشمركة. يجب أن يُتاح لسكان مخيم نزراوه – وهو على مسافة بعيدة من جبهة محافظة كركوك وتقع خارج إقليم كردستان العراق الخاضع رسميا لحكومة الإقليم – حرية التنقل والسكن. قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب ألا تُفرض قيود إلا تلك اللازمة لحماية المدنيين في النزاع، على حرية تنقلهم وحرية السكن.
قالت ويلر: “يجب ألا تتعرض النساء الهاربات من الانتهاكات لقيود إضافية على حرية تنقلهن وعلى حقهن في العيش حيثما يشأن في بلدهن”. وأضافت: “على قوات أمن حكومة إقليم كردستان الالتزام بأمر رئيس الحكومة والكف عن فرض القيود على المدنيين الهاربين من داعش”.
الدعم المقدم للإيزيديات ضحايا الاغتصاب
قدرت الأمم المتحدة أن في أغسطس/آب 2014 قتل مقاتلو داعش واختطفوا آلاف الرجال والنساء والأطفال الإيزيديين، عندما سيطرت الجماعة على بلدة سنجار (شنكال) والقرى الإيزيدية حول جبل سنجار، على مسافة 120 كم غرب الموصل. في مقابلات مع هيومن رايتس ووتش وصفت النساء والفتيات كيف فصلت داعش النساء والفتيات عن الرجال، ثم قسمتهن حسب العمر أو بناء على الحالة الاجتماعية، ثم نقلتهن إلى سوريا، أو إلى مواقع متعددة، عدة مرات، في العراق وسوريا، مثل سجون أو مدارس مستخدمة كمراكز احتجاز. تم الاحتفاظ بالنساء وبيعهن في سوق عبيد بالرقة. أعيد بيع بعض النساء كـ “عبيد” للجنس و/أو العمل المنزلي فيما بين أعضاء داعش.
الاسترقاق محظور بموجب “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، وبموجب “اتفاقية الاسترقاق” لعام 1926، ومواثيق أخرى في القانون الدولي لحقوق الإنسان. قال حسين القاضي – الذي يرأس مكتب شؤون الاختطاف بمكتب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان – إن نحو 1000 امرأة وفتاة هربن من داعش، لكنه يقدر وجود 1800 امرأة وفتاة أخريات ما زلن في أسر الجماعة المسلحة.
أصدرت داعش بيانات تقر بأسر نساء وفتيات إيزيديات “كغنائم حرب” وسعت لتبرير العنف الجنسي. هذه البيانات أدلة إضافية على ممارسة شائعة وممنهجة تعد من صميم سياسات داعش. تمثل هذه الأعمال جرائم حرب، وربما كانت جرائم ضد الإنسانية. إبعاد الأطفال عن المجتمع وتحويل مجموعات كبيرة من الأطفال والنساء جبرا للإسلام قد يدل على أعمال إبادة جماعية بحق الإيزيديين.
في يناير/كانون الثاني قابلت هيومن رايتس ووتش 15 امرأة وفتاة إيزيدة هربن من داعش، 7 منهن في الشهور الستة الأخيرة، ويقمن جميعا في أو على مقربة من مخيمات النازحين شمال غربي محافظة دهوك التابعة لإقليم كردستان.
وصفت الأسيرات لأكثر من عام الاحتفاظ بهن كجاريات، مع إجبارهن على أداء الأعمال المنزلية وتعرضهن مرارا للاغتصاب. أجبرن جميعا على الانتقال من مكان لآخر عدة مرات، وتعرضن للضرب والإهانة الشفهية، وتم احتجازهن في ظروف شاقة، تشمل – في 3 وقائع – الحبس مع نساء أخريات في حجرات لأيام وأسابيع، وإعطائهن القليل من الطعام. قال بعضهن إنهن تم بيعهن وشرائهن عدة مرات. هناك 3 نساء كان لهن “مُلّاك” مختلفين، وقد اغتصبهن أغلب هؤلاء الملاك. قالت نساء لـ هيومن رايتس ووتش إنهن لم يعرفن أنه تم بيعهن حتى قبل نقلهن بقليل.
هناك امرأة تبلغ من العمر 39 عاما بيعت لأول مرة في سوق عبيد في الرقة (سوريا) لرجل يُدعى أبو ياسر، ثم لرجل عرفته باسم عكاش، ثم لأبي يحيى، وأخيرا لأبي مهاجر. قالت إن عكاش ضربها لأنها كانت تبكي. ضرب رجلان أطفالها. ضرب أحدهم ابنتها البالغة من العمر 8 أعوام على عينها عندما لم ترد عليه بعد أن ناداها باسم أطلقه عليها. هربت هذه الامرأة في ديسمبر/كانون الأول 2015 برفقة طفلين كانا معها. 4 من أطفالها الآخرين فصلوا عنها عندما تم اختطافها برفقة أسرتها في أغسطس/آب 2014 وما زالوا مفقودين.
هناك امرأة عمرها 30 عاما هربت مع 3 من أطفالها في يناير/كانون الثاني. قالت إن عناصر داعش أخذوها إلى مزرعة في موقع مجهول في سوريا بعد اختطافها وأسرتها في أغسطس/آب 2014. بيعت هي وأطفالها لرجل عرفته باسم أبو عريس الطوسي، قالت إنها أصبحت زوجته، لكن بيعت بعد ذلك لرجل اسمه أبو مالك، الذي باعها بدوره لرجل يدعى أبو عصام، الذي باعها مرة أخرى لرجل يدعى أبو سعد السعودي. اغتصبها جميع الرجال، وضرب رجلان أطفالها على حد قولها. فصلها عناصر داعش عن 2 من أطفالها، هما ابن عمره 10 أعوام وابنة عمرها 12 عاما، بعد اختطاف الأسرة. ما زالا في عداد المفقودين.
هناك فتاة عمرها 14 عاما هربت في أغسطس/آب بعد عام من اختطاف مقاتلي داعش إياها من قريتها وأخذها للموصل. قالت إنها احتجزها في البداية عنصر رفيع في داعش اسمه أبو حريض. لكن بعد قتله نُقلت لرجل يُدعى أبو سعد، الذي باعها لرجل اسمه أبو عمر الشيشاني، الذي باعها بدوره لرجل أسمه أبو عبدالله. اغتصبها الرجال الأربعة على حد قولها. ضربها أبو حريض بعصا خشبية عندما سألت أين أبويها، وقال لها إنه مزقهما إربا وأطعمهما للكلاب. قال لها أبو سعد ومعها فتاة أسيرة أخرى إنهما زوجتاه. وصفت كيف تم حبسها في حجرة لشهور، قائلة: “لم أر الشمس يوما”.
ذكرت “منظمة الصحة العالمية” ضرورة تنفيذ أنشطة الدعم مع إشراك أصحاب المشكلات النفسية من أفراد ومجتمعات، مع تعزيز الموارد القائمة، وأن تتوفر للجميع دون تمييز.
يعد توفير الرعاية النفسية-الاجتماعية للناجيات الإيزيديات تحد ضاغط وهائل يواجه حكومة إقليم كردستان وهيئات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية. قالت منظمة الصحة العالمية إن الصحة النفسية والدعم النفسي-الاجتماعي مكونان ضروريان في تقديم الرعاية الشاملة للناجيات من العنف الجنسي.
في حين قبلت ألمانيا المئات من النساء والفتيات الإيزيدات الأكثر معاناة من الصدمة، بموجب اتفاق بين ولاية بادن-فورتيمبرغ الألمانية وحكومة إقليم كردستان، ما زالت مئات الناجيات في كردستان العراق وتعاني الكثيرات من عدة صدمات. البرنامج الألماني الذي كلف 95 مليون يورو يوفر للنساء والفتيات السكن لعامين قابلة للتمديد، وقد أوقف قبول المزيد، فلم يعد هذا الخيار متاحا للهاربات مؤخرا. بحسب مسؤولين يعملون في البرنامج، بعض النساء والفتيات الهاربات قبل فترة لم يتمكنّ بدورهن من الالتحاق بالبرنامج لأنهن اضطررن للبقاء في دهوك لأسباب عائلية. كما لم يتمكنّ من استصدار جوازات سفر بعد فقدانهن أوراق الهوية أثناء هجمات داعش.
ذكر 11 عنصرا من موفري الخدمات الحكومية وغير الحكومية الخاصة برعاية الصحة النفسية والدعم النفسي-اجتماعي لـ هيومن رايتس ووتش إن اضطراب ما بعد الصدمة وغيره من الاضطرابات النفسية الأخرى، شائعة في أوساط النساء الإيزيديات الهاربات وأن هناك حاجة ملحة لتقديم رعاية طبية شاملة طويلة الأجل ودعم نفسي-اجتماعي للمختطفات والناجيات من الاغتصاب. قال د. نزار عصمت طيب المدير العام للصحة في دهوك ود. عدنان أسعد طه رئيس قسم الصحة النفسية في مستشفى آزادي العام إن احتياجات الدعم النفسي-اجتماعي في دهوك يرجح أن تزيد مع محاولة الوفاء بالاحتياجات الضرورية من قبيل الطعام والمأوى للنساء والفتيات الهاربات من داعش. كما من المتوقع أن تستمر النساء والفتيات الإيزيديات في التوافد، حتى ولو بأعداد أقل من عام 2015.
في فبراير/شباط 2015 وجدت هيومن رايتس ووتش أن الرعاية الطبية والخدمات النفسية-الاجتماعية وغيرها من الخدمات للناجيات الإيزيدات قاصرة لحد بعيد. بحلول يناير/كانون الثاني 2016 رصدنا تحسنا. هيأت حكومة إقليم كردستان مركزا للناجيات مجهزا بطبيبين نفسيين وعاملين آخرين بالرعاية الصحية، مع رصد زيادة في خدمات الدعم النفسي-الاجتماعي لا سيما في مخيمات النازحين الإيزيديين. أغلب المخيمات التي تعيش بها نساء وفتيات الآن يزورها طبيب نفسي أو أخصائيون اجتماعيون وعمال متطوعين. دأبت منظمات غير حكومية على توفير بعض خدمات الدعم النفسي-اجتماعي واستخدمت أخصائيين نفسيين في بعض مخيمات النازحين. بدأت الحكومة وهيئات الإغاثة في إنشاء نظم إحالة لضمان أن النساء والفتيات الذين يعانين من تبعات الصدمة في المخيمات يمكنهن الحصول على رعاية الطوارئ. سهّل ذلك على سبيل المثال إحالة نحو 20 امرأة في مخيمات كبرتو إلى مستشفى آزادي العام بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب، بعد أن هددن بالانتحار أو حاولن ذلك.
لكن هناك جملة من المعوقات المستمرة في منع النساء والفتيات من الحصول على خدمات أو تلقي العلاج المستمر المطلوب. طبقا لـ د. طيب فإن مركز الناجيات سجل 668 امرأة وفتاة هربن من داعش. لكن عددا قليلا منهن ينتظمن في تلقي العلاج بالمركز، وهو من المواقع القليلة التي يمكن للنساء والفتيات الحصول فيها على مشورة نفسية مجانية طويلة الأجل، على انفراد، مع أخصائيين نفسيين مؤهلين. تمت مقابلة عدد من موفري الخدمات قالوا إن هناك قلة من الأخصائيين النفسيين في دهوك، لا سيما الأخصائيات المعنيات بالأذى الجنسي. واحدة فقط من النساء والفتيات اللواتي حادثتهن هيومن رايتس ووتش كانت تتلقى علاجا مستمرا، رغم أنهن أفدن جميعا بمعاناتهن من مشكلات مثل الأرق وتذكر لحظات العنف والقلق والاكتئاب.
قال خبراء إن جودة الرعاية – لا سيما الحصول على الدعم النفسي-اجتماعي طويل الأجل أو العلاج الجماعي/الفردي – تختلف من مخيم لآخر. النساء والفتيات في المخيمات الأبعد عن دهوك أو في أماكن خارج مخيمات يبدو أن فرصهن في الرعاية أقل. هناك نساء وفتيات كثيرات قابلتهن هيومن رايتس ووتش ذكرن العوز للنقود أو لوسائل المواصلات أو رعاية الأطفال أو التزامات أسرية أخرى، كأسباب تحول دون حصولهن على المساعدة. كما ذكرت نساء وموفرو خدمات ندرة سعي موفري الخدمة لعرض الخدمات، والوصم المحيط بمشكلات الصحة النفسية والاغتصاب، والافتقار للمعرفة والفهم، كمعوقات تحول دون تحصيل الرعاية.
أزمة الموازنة في كردستان العراق تفاقم بدورها من تقديم الاستجابة المطلوبة. د. طه بمستشفى آزادي العام قال إن الاقتطاعات من الموازنة حدت من توفر العقاقير الطبية الأساسية المطلوبة لرعاية النساء والفتيات. بعض المنظمات غير الحكومية ومنها منظمة “وادي” العراقية-الألمانية، و”مركز جيان لحقوق الإنسان” العراقي، وهي منظمات تتلقى تمويلا دوليا، قالت إنها تواجه قصورا في التمويل يعرقل قدرتها على تقديم الدعم النفسي والنفسي-الاجتماعي.
قال مسؤولون بالمجال الصحي في دهوك إن احتياجات النساء والفتيات الهاربات من داعش – واللواتي واجهن انتهاكات رهيبة – أكبر من إمكاناتهم. توفير رعاية الصحة النفسية والدعم النفسي-الاجتماعي الملائمين هو تحد معقد وطويل الأجل. إلى الآن، كانت الاستجابة مرتجلة وفي بعض الأحيان تفتقر للتنسيق. للتصدي للتحدي بالشكل الصحيح، من الضروري أن تتّبع حكومة إقليم كردستان والهيئات الأممية والأطراف الأخرى نظاما للتنسيق بناء على تقييم الاحتياجات وتقدير الأولويات الأكثر إلحاحا والتعرف على المعوقات الرئيسية التي تحول دون تقديم الرعاية والعلاج وتوفيرهما، مع تقدير التكاليف. جهود التنسيق هذه يجب أن تشمل منظمة الصحة العالمية وممثلات عن الناجيات.
النساء والفتيات اللواتي أصبحن حوامل جراء الاغتصاب في الأسر لم يحصلن على إجهاض آمن وقانوني. تمت تهيئة بعض المساعدات – وتشمل المأوى والتبني – للنساء الحوامل ومواليد الاغتصاب. على الحكومة العراقية تعديل قانون العقوبات، على الأقل بما يسمح بالإجهاض الآمن والقانوني للنساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي ويرغبن في إنهاء حملهن.
قيود داعش على الملبس وحرية التنقل
جميع النساء والفتيات الـ 21 السنة اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش أفدن بإجبارهن على ارتداء النقاب الذي يغطي الجسد كله، والوجه والرأس، مع غشاء على عيونهن وقفازات وجوارب، كلما خرجن من بيوتهن. جميع الملابس يجب أن تكون سوداء دون أي زينة. قال بعضهن إنهن بسبب الغشاء على الأعين لم يتمكنّ من رؤية طريقهن، وفي بعض الأحيان تعثرن وسقطن. قبل سيطرة داعش على تلك المناطق، على حد قولهن، كن يرتدين الحجاب الذي يُظهر وجوههن، مع ملابس ملونة.
قالت النساء إنهن كن يخشين التعرض للضرب في حال عدم الامتثال. غالبا، كان الأقارب الذكور يعاقَبون عند مخالفة قواعد الملبس بـ 30 جلدة أو غرامة 50 إلى 100 ألف دينار عراقي (45 إلى 90 دولارا أمريكيا) أو بالعقوبتين معا.
قالت امرأة عمرها 44 عاما من بلدة رياض: “اضطر جيراني لدفع نقود لأنهم خرجوا للتنظيف أمام بيتهم دون النقاب الكامل”. في بعض المناطق، ومنها الحويجة، شاركت مقاتلات أجنبيات تابعات لداعش في أعمال “الحسبة” – وهي شرطة الآداب – فأشرفن على لباس النساء بالاستعانة بعصي معدنية. كن يقمن أحيانا بوخز النساء أو صفعهن أو حتى عضّهن جراء مخالفة قواعد الملبس. قالت امرأة إن عناصر نسائية من الشرطة ألقت مياه مجاري على أوجه جاراتها لأنهن كن يجلسن أمام بيوتهن دون تغطية وجوههن.
قالت النساء إنهن لم يُسمح لهن بالتنقل خارج البيت دون رفقة ولي أمر ذكر – وهو رجل من أقرب الأقارب – حتى في الزيارات العائلية القريبة من البيت.
حدت هذه القيود كثيرا من قدرة النساء على المشاركة في المجتمع. قالت العديدات إن قبل سيطرة داعش كن يخرجن من البيت كل يوم لزيارة الأقارب أو للتسوق، لكن بعد وصول داعش أصبحن يخرجن مرة في الشهر أو أقل. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى امرأتين غادرتا الموصل وأخريَين غادرتا الرمادي، التي كانت تحت سيطرة داعش حينها. وصفن جميعا قواعد وعقوبات مشابهة تخص الملبس. السيدتان اللتان غادرتا الموصل قالتا إن عناصر الحسبة قطعن أصابع نساء بأداة معدنية جراء مخالفات صغيرة.
هذه القيود على الملبس وحرية التنقل تنتهك الحق في حرية التعبير والتنقل، وتميز بشكل غير قانوني ضد النساء والفتيات.
القيود على الرعاية الصحية والتعليم
لأن العديد من العاملين بالرعاية الصحية فرّوا قبل سيطرة داعش على منطقة الحويجة، فقد انحسرت معدلات توفر الرعاية الصحية لصالح السكان المدنيين، بحسب أغلب من تمت مقابلتهن. تواجه النساء والفتيات معوقات إضافية بسبب القيود التي فرضتها داعش عليهن. خشية العقاب – على حد قول النساء – يرفض أغلب الأطباء الذكور فحص المريضات.
هناك امرأة من قرية كبيبة قالت إن طبيبا رفض فحص ابنتها، التي كانت تخشى أنها مصابة بالتيفوئيد، واكتفى بأن تصف له الفتاة أعراضها. قالت أخرى إن طبيبها طلب منها فتح فمها ثم نظر إلى حلقها المحتقن من طرف الحجرة الآخر. في بعض الحالات – كما في مستشفى الحويجة – سُمح لأطباء أجانب قالت النساء إنهم من عناصر داعش – بملامسة المريضات، لا سيما في حالات الطوارئ. لكن القيود المفروضة فاقمت تدني جودة الخدمات الطبية للنساء والفتيات على حد قول من أجرينا معهن مقابلات. الطبيبات القليلات المتوفرات لا يمكنهن تقديم الرعاية الملائمة لجميع النساء والفتيات اللواتي يحتجن إليها. قالت نساء من الحويجة إنهن اضطررن للانتظار 3 أيام لمقابلة طبيبة، وهي مدة أطول من مدة انتظار الرجال. قالت أخريات إنهن سلمن أمرهن وأرسلن أقارب ذكور للصيدليات لشراء أدوية، أو زرن الصيدليات بأنفسهن، وأحيانا سرا.
قالت امرأة إن الصيدلي كان ليتعرض للضرب إذا علم مقاتلو داعش إنه لمس ذراعها لقياس ضغطها. قالت امرأتان إنهما عندما أصبحتا حامل – مثل أية قريبة أخرى – ذهبتا للقابلة بدلا من الطبيب بسبب القيود. هناك امرأة قالت إنها عانت من مضاعفات جراء رعاية ما بعد الولادة المتواضعة.
كما أن تحرش مقاتلي داعش بالنساء على الحواجز الأمنية صعّب من خروجهن لالتماس الرعاية الطبية. قالت عدة نساء إن عناصر الحسبة النسائية كن يراقبن ملبس النساء وسلوكهن في العيادات والمستشفيات. قالت امرأة عمرها 50 عاما من الشرقاط: “ضربوا قريبتي لأنها كانت ترضع وليدها في مستشفى الحويجة. الناس يخشون جدا الذهاب”. قالت امرأة أخرى إن امرأة من الحسبة قرصتها من ذراعها لأنها كشفت عينيها في عيادة طبية.
أحيانا ما كانت العائلات تمنع أبناءها من الذهاب للمدارس. ذلك بسبب نقص المعلمين، وقد فر بعضهم قبل هجمات داعش، أو لأن داعش غيرت المقرر الدراسي، فأصبح مقتصرا على دراسة القرآن وتقنيات القتال وتعليمات عن كيفية صناعة المتفجرات، على حد قول النساء والفتيات.
هناك فتاة عمرها 16 عاما من الحويجة وصفت التعليم المتوفر بأنه “غسيل أدمغة”. قالت نساء تمت مقابلتهن إن المدارس أغلقت أبوابها بسبب نقص المعلمين أو لأن الآباء كانوا يخشون الغارات الجوية. قيود داعش على النساء أدت إلى معوقات نالت من الفتيات تحديدا. في قرى كبيبة ومزيرية وحبابذة، منعت داعش الفتيات من ارتياد المدارس، فيما سمحت للصبية بذلك، على حد قول أقارب للأطفال. في عطشانة سمحت داعش للفتيات بارتياد المدارس، لكن أُمرت الفتيات فوق 12 عاما بارتداء النقاب. وفي المهورية سُمح للصبية دون الفتيات بالخروج من القرية لارتياد المدرسة الثانوية.
كفت بعض العائلات عن إرسال الأطفال للمدارس خشية أن تتحول المدارس لأهداف للقصف بعد استخدام مقاتلي داعش المدارس كقواعد، ومنها حضانة في الرياض ومدرسة في منطقة الشرقاط. طالب مجلس الأمن الدولي جميع أطراف النزاعات المسلحة بالامتناع عن أعمال قد تعيق تعليم الأطفال.
تبعات الغارات الجوية والخسائر في صفوف المدنيين
قالت نساء عديدات إن خشية الغارات الجوية – لا سيما الخوف من استهداف مستشفى الحويجة العام لتواجد عناصر داعش فيه – منعت الناس من التماس الرعاية. سقطت قنابل على مستشفى الحويجة، بما في ذلك جناح الولادة، في 6 سبتمبر/أيلول 2014. حسب التقارير أدت الغارة لمقتل أكثر من 12 شخصا. ذكرت تقارير إخبارية وقت الغارة إن القوات الجوية العراقية هي المسؤولة عن القصف. قالت امرأة إن صديقة لها وابنة صديقتها وامرأة أخرى تعرفها قد قُتلوا جميعا.
قالت نساء من المنطقة إن الغارة على سوق الحويجة في 2 يونيو/حزيران التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة، قد أودت حسب التقارير بحياة عشرات المدنيين، وأدت للخوف من التنقل في البلدة.
قالت 3 نساء إن أقارب لهن أو جيران قُتلوا في غارات جوية بمنطقة الحويجة، وقلن إنها زادت منذ سبتمبر/أيلول.
كان لارتفاع أسعار الطعام أثرا شاقا على المدنيين خاصة، منذ توقفت الحكومة العراقية عن إرسال الرواتب للموظفين الحكوميين في المناطق الخاضعة لداعش منذ أواسط 2015. قالت بعض النساء إنهن قبل مغادرة الحويجة كن جائعات ويأكلن أٌقل من المألوف. قالت امرأة من قرية الشرقاط إن ابنتها – التي ما زالت في الحويجة – لم يتوفر لها طعام يكفي لإطعام أطفالها.
هروب تحت الخطر وقيود أخرى تفرضها قوات حكومة إقليم كردستان
واجهت النساء والفتيات وعائلاتهن مخاطر كثيرة أثناء الهرب من معاقل داعش. وصفت نساء استخدام مرشدين باهظين لتفادي متفجرات داعش وهن يسرن برفقة عائلاتهن في الحقول. قالت سيدة إن ابن عمها قُتل عندما وطأ عبوة متفجر. قامت داعش بضرب وتغريم وفي بعض الحالات قتل المدنيين الذين يتم القبض عليهم أثناء الهروب من مناطق داعش، على حد قول النساء، رغم أنه ليس معروفا بقتل أحد لهذا السبب.
أحيانا ما واجهت النساء وعائلاتهن انتهاكات أخرى بعد عبور الجبهة إلى المناطق الكردية، من قوات أمن حكومة إقليم كردستان، بما يشمل قيود على حرية التنقل والحق في الإقامة حيثما شئن، على حد قولهن.
قالت 10 نساء إن قوات البشمركة أجبرت عائلاتهن على البقاء تحت سيطرتهم لفترة بعد مغادرة معاقل داعش. تم إجبار البعض على الإقامة في بنايات غير مكتملة عند الحواجز الأمنية بقرية ملحة على مسافة 4 كم جنوبي باي حسن في محافظة كركوك. قالت امرأة عمرها 22 عاما: “حرستنا قوات حكومة إقليم كردستان في ملحة [بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2015] وتحفظوا على أوراق هويتنا أيضا”. تم فحص النساء أثناء تواجدهن في ملحة لكن لم يكن متأكدات من سبب التحفظ عليهن. هناك امرأة وصفت احتجازها: “وضعونا في حجرة صغيرة 15 يوما، وكانت مزدحمة للغاية. كنا 18 امرأة في الحجرة”. كما استجوب البشمركة الأقارب الرجال.
قالت 20 امرأة إن قوات البشمركة على الجبهة أخذت عائلاتهن – مع عائلات أخرى – إلى مخيم نزراوه في الجزء الشرقي من محافظة كركوك. 10 من النساء اللواتي تمت مقابلتهن قلن إنهن لم يكن أمامهن أي خيار. قالت 5 نساء إنهن أعربن عن الرغبة في الذهاب إلى كركوك القريبة للإقامة مع أقاربهن أو إلى مواقع أخرى، لكن البشمركة رفضوا.
فرضت قوات حكومة إقليم كردستان قيودا على العائلات في مخيم نزراوه. قالت جميع النساء إنهن لم يتمكن من مغادرة المخيم إلا بعد ترك هوياتهن على البوابة التي يحرسها الأسايش (جهاز أمن كردستان العراق). قالت النساء إن من دون الهويات لم يتمكن من التنقل بسهولة عبر الحواجز الأمنية، أو استئجار البيوت أو إلحاق الأبناء بالمدارس. في 3 حالات قالت نساء تحفظت البشمركة على هوياتهن، إنهن لم يغادرن المخيم بالمرة.
قالت أخريات إنهن تمكنّ من مغادرة المخيم لكن لم يُسمح لهن بالخروج في ساعة متأخرة من النهار أو قضاء الليلة بالخارج، وأحيانا تمت إعادتهن عندما حاولن عبور الحاجز الأمني إلى كركوك. في حالتين، أعيد أشخاص التمسوا الرعاية الطبية في كركوك إلى المخيم، حتى رغم وجود رسائل معهم من مسؤولي الصحة في المخيم، لأنهم تركوا هوياتهم في المخيم.
أدت هذه القيود أيضا إلى مشاكل ألمّت بهم، فيما يخص الحصول على الرعاية الطبية الاختصاصية التي لا تتوفر في عيادة المخيم. هناك امرأة حامل كانت تريد الذهاب لكركوك لإجراء كشف موجات صوتية، وقالت إنها أعيدت من عند الحاجز الأمني الذي تشغله شرطة محافظة كركوك لأنها لم تكن معها أوراق الهوية. أخذت قوات الأسايش امرأة مريضة للغاية إلى عيادة ليلان القريبة، ومنها إلى مستشفى كركوك، بدلا من الذهاب للمستشفى مباشرة. ماتت قبل بلوغ المستشفى بعشر دقائق على حد قول زوجها. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد إذا كان بالإمكان إنقاذ حياتها لو كانت قد نُقلت إلى المستشفى مباشرة.