بغداد وأربيل تتحديان الإرهاب والعنف عبر الماراثون
أربيل – بقلم متين أمين:
لعبت الماراثونات في السنوات الأخيرة دورا مهم في إشاعة فكر السلام والتعايش ومحاربة الإرهاب والتطرف والحد من العنف في العراق. فالآلاف من الشباب يشاركون في هذه الرياضة التي يصفونها بأنها تجمع كافة المكونات والأديان في أجواء تسودها المحبة، مبينين وجها آخر للبلد الذي يعاني من صراعات سياسية وحرب ضد الإرهاب.
“أشارك دائما في الماراثونات التي تنظم سواء في بغداد أو في أربيل، وأشعر بالراحة التامة فهي أجواء جميلة للتقارب بين كافة المكونات”، هكذا يقول المشارك دائماً في سباقات الركض هيثم محمد من بغداد.
ويضيف في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن سباقات العدو (الماراثون) تساهم في جذب الشباب وإبعادهم عن الفكر المتطرف من خلال إخراجهم من الكآبة التي يعيشونها بسبب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها كافة مناطق العراق.
الرياضة توحّد
ويقول منسق ماراثون بغداد الدولي للسلام، أحمد علاء، إن فكرة تنظيم الماراثون في بغداد لمحاربة العنف بدأت في عام 2009، حيث اجتمعت مجموعة من الناشطين في بغداد تحت اسم مجموعة اللاعنف. وهذه المجموعة عملت على العديد من الأدوات من ضمنها الجانب الرياضي لمحاربة العنف، باعتبار أن هناك شريحة كبيرة من الشباب العراقيين تتفاعل مع الرياضة.
“مثلا نرى أن لعبة كرة القدم توحدنا بغض النظر عن الأيديولوجيات السياسية والخلفيات الإثنية والطائفية وغيرها”.
وشهدت مدينة بغداد، في شهر أيلول/سبتمبر، تنظيم ماراثون بغداد الثاني للسلام، بمشاركة أكثر من 1500 متسابق من كافة الفئات والشرائح المجتمعية في العراق مع حضور عدد من المشاركين الأجانب.
وتضمن ماراثون بغداد إجراء ثلاثة سباقات أساسية، الأول منها هو النصف ماراثون وبلغت مسافته 21 كيلومترا، أما السباق الثاني فكانت مسافته تسعة كيلومترات، والسباق الثالث كان لمسافة ثلاثة كيلومترات وخصص لهواة الركض.
وجه آخر لبغداد
ويوضح علاء في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أن ماراثون بغداد يعكس وجها آخر للمدينة، قائلا “من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وأحاديث الشباب المشاركين، تلمسنا عودة الأمل إلى المواطن”.
ولفت إلى أن الماراثون أظهر أن هناك شعب يرغب بالسلام. “هذا الجمع الكبير من المتسابقين الذين شاركوا في الماراثون، عكسوا رغبة الشعب العراقي الحقيقية في إيقاف العنف وإيجاد نوع من أنواع التعايش السلمي في الأوساط العراقية”.
وأربيل أيضاً…
محاربة الإرهاب والعنف عن طريق الماراثون لم تقتصر على مدينة بغداد، بل أصبحت وسيلة لمحاربة الفكر الإرهابي ونقل رسالة السلام في مدينة أربيل في إقليم كردستان العراق أيضا، حيث اعتادت أربيل على احتضان ماراثون أربيل الدولي للسلام في شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام منذ عام 2011.
ويقول رئيس منظمة أربيل ماراثون عبد الستار عصمت يونس لموقع (إرفع صوتك) إن النشاط يستقطب في كل دورة من دوراته آلاف المشاركين من كل محافظات العراق وأيضا مئات الأجانب ومن مختلف جنسيات العالم من محبي السلام والرياضة تعبيرا عن تضامهم للسلام.
وقد تزايد عدد المشاركين بشكل دراماتيكي من حوالي 1000 مشارك في النسخة الأولى سنة 2011 وصولا إلى 7000 مشارك في النسخة الأخيرة سنة 2015. ولهذه السنة، يتوقع يونس للعدد أن يرتفع إلى 10 آلاف مشارك.
ويعتبر يونس الماراثون رسالة من الشعب الكردي إلى العالم مفادها حب السلام ونبذ العنف. ويمضي بالقول “إذا كانت السياسة ورعاة الإرهاب والعنف يفرقون ما بين أطياف المجتمع ويزرعون في قلوبهم وعقولهم الطائفية والكراهية، فإننا ومن خلال الرياضة نجمعهم جميعا تحت مظلة السلام ونزرع فيهم الحب واحترام الآخرين”.
أقوى رد على الإرهابيين
ويرى يونس أن الماراثون يعتبر أقوى رد على الإرهابيين، ويضيف الشعب العراقي بكافة أطيافه يرد بالماراثون على العنف والارهاب”.
ويضيف أن هذه الأطياف تتجسم بمدينة أربيل التي تحتضن كافة مكونات الشعب العراقي من كُرد وعرب، سنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين وأيزيديين وصابئة وكذلك آلاف اللاجئين السوريين “والكل يعيش جنبا إلى جنب بسلام ومحبة ووئام”.
وتستعد المواطنة بروين خضر من أربيل للمشاركة في ماراثون أربيل الدولي للسلام الذي سينظم نهاية الشهر الحالي في أربيل. وتقول في حديث لموقع (إرفع صوتك) إن هذه ستكون مشاركتها الأولى وإنها تشجعت لأن صديقاتها اللاتي شاركن خلال السنوات الماضية في الماراثون تحدثن عنه بتشويق “خاصة أن الجميع لهم هدف واحد وهو إيصال رسالة السلام والمحبة والتعايش بين كافة المكونات إلى العالم”.