اليوم العالمي للأراضي الرطبة:ما هي الاجراءات الملموسة التي ستتخذ لحماية الاهوار العراقية؟
استضاف المسرح الوطني في بغداد احتفالية اليوم العالمي للمناطق الرطبة والتي نظمتها وزارة الموارد المائية العراقية وشاركت خلالها حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية يوم الخميس 2 شباط الجاري, وشهد الاحتفال حضوراً رسمياً رفيع المستوى متمثلاً بوزير الموارد المائية السيد حسن الجنابي والسادة وكلاء الوزارة بالاضافة لمشاركة واسعة من قبل المسؤولين والنشطاء وممثلي منظمات المجتمع المدني والاعلام.
يأتي هذا الاحتفال متزامناً مع تصاعد سلسلة من القضايا المتشابكة لملف الاهوار على هامش ادراجها ضمن لائحة التراث العالمي في يوليو الماضي, حيث كان لحملتنا مجموعة من الحوارات التي اجرتها مع شخصيات ذات صله بهذا الملف للوقوف على واقع اعمال تنفيذ توصيات اليونسكو لاعتماد ادراج الاهوار بشكل نهائي.
جاسم الاسدي المدير التنفيذي لجمعية طبيعة العراق عند سؤاله عن الزيارة المحتملة للجنة التراث العالمي لتقييم مستوى تطور اعمال انعاش الاهوار قال “لا نتوقع وجود زيارة قريبة من قبل لجنة التراث العالمي للاهوار” واسترسل في حديثه عن التوصيات الدولية حيث قال “يوم انضمت الاهوار الى قائمة التراث العالمي كانت هناك توصيات دولية بمستويين منها على المدى القصير ومنها على المدى المتوسط, على المدى القصير كانت هناك خمسة توصيات, كان يفترض على العراق ان ينفذها في 1/11/2016 لكن العراق لم يستطع تنفيذها بالكامل في ذلك الموعد, بالمقابل فإن أهم التوصيات هي تلك التي يجب على العراق ان ينفذها بحد ادنى في 1/12/2017, منها تحديد المعدل الادنى للجريان المائي في الاهوار العراقية ” , وبالحديث حول خطط دعم انعاش الاهوار دعى الاسدي الى ضرورة التركيز على اشراك السكان المحليين لمناطق الاهوار ومنظمات المجتمع المدني في اعداد الخطط الخاصة بإنعاش الاهوار, في حين اشار بأن المسؤولية الكبرى في ادارة ملف الاهوار تقع على عاتق وزارة الموارد المائية وان الاستراتيجية الافضل تتمثل بالتعاون مع وزارة السياحة ووزارة الثقافة ودوائر البيئة والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية لإعداد خطة إحياء شاملة.
بالحديث عن الصيد الجائر الذي يشكل احدى التحديات الاساسية في ملف الاهوار صرح ناجي السعيدي رئيس جمعية الصيادين في هور الحمار بأن غياب المتابعة والرقابة واحياناً عدم الإهتمام للثروات الطبيعية الكامنة في الاهوار ادى الى خسارة هذه المنطقة لكثير من انواع الاسماك المعروفه فيها كالقطان والبن والشبوط, غياب المتابعة والنظام دفع بضعاف النفوس للإفراط بإستهلاك هذه الثروات بمعدلات تفوق الحدود المسموحة مما ادى الى الإضرار سلباُ ليس بالبيئة والتنوع الاحيائي فقط بل بالسكان المحليين للاهوار الذين تعتمد معيشتهم بنسبة كبيرة على هذه الثروات الطبيعية, فيما إقترح السعيدي تشكيل غرفة عمليات وفوج خاص من اهالي الاهوار يقودهم ضباط مختصين لمتابعة ورصد حالات الصيد الجائر, واختتم حديثه قائلاً “على الدولة ان تتعامل مع الصيد الجائر كما عاملت الإرهاب”.
من جانبه صرح الدكتور حسن الجنابي وزير الموارد المائية في العراق بأن وزارته تعمل لإعداد خطة انعاش شامله للأهوار العراقية, وان الفترة الماضية شهدت نجاحات مهمه على مستوى ادراة الموارد المائية حيث لم تعد هذه العملية عشوائية ولم تعد الاهوار والبيئة والجريان البيئي قضية منفلته بل اصبحت منظمة ضمن خطط الوزارة لأدارة المياه, وقال الوزير “نحن نخزن في خزاناتنا وسدودنا بحدود 6 مليار لتر مكعب من المياه مخصصة للاهوار, توقيتات اطلاق هذه المياه هي معادلة صعبة, لكن وددت ان اقول بإن هذه الخطوة تعد خطوة متقدمة اخرى في طريق تحقيق الاستدامة”, وشدد الوزير في معرض حديثه على وجوب الإهتمام ببحيرة ساوه كما يتم الأهتمام بالأهوار لانها ايضاً ثروة طبيعية تحضى بتنوع بيئي مميز, من جانب اخر صرح الوزير بوجود خطة لبناء 130 مدرسة في مناطق الاهوار تم نقاشها في اجتماع مجلس الوزراء, وعلى سياق متصل ثمن الجنابي جهود مجموعة من الناشطين والمهتمين من اعضاء البرلمان العراقي لتخصيص نسبة من موازنة 2017 لدعم وتطوير مشاريع الاهوار بعد الادراج, واعتبر الوزير ان المبالغ المخصصة قليلة لكنها في ظل الظرف الراهن تعد لا بأس بها, ودعى الجنابي جميع المهتمين بالاهوار من الوزارات الحكومية والمؤسسات العامة والخاصة للإسراع بتقديم مشاريعهم قبيل شهر اذار حيث موعد اجتماع لجنة الامر الديواني لتقييم المشاريع وتحديد اولويات تمويل المشاريع التي تحمل مقومات النجاح, وان هذه العملية تجري بشفافية تامة.
وبالحديث عن السياحة في هور الحمار قال ناجي السعيدي “بعد ادراج الاهوار كان لدينا امل كبير في تغير واقع هذه المنطقة لكن الى الان لا يوجد اي تغيير فعلي, لا يوجد اي مشروع حضاري ولا حتى طريق معبد يصل الى قلب الهور” وهو يتحدث عن هور الحمار بأعتباره من السكان المحليين فيه, واضاف “لا يوجد مثيل لهور الحمّار بجميع انحاء العالم من حيث الانخفاض والتنوع البيئي فيه, لكن السياحة تحتاج مقومات لا تتوافر في هذا الهور حالياً, ولنا امل بتغيير هذا الواقع في المستقبل”.
وحول قضية سد أليسو الذي تشير تقاريرنا الى وصوله لمراحله النهائية من الإنجاز صرح جاسم الاسدي “من المتوقع ان تباشر تركيا بخزن المياه في سد أليسو بدءاً من نوفمبر القادم وهذا سيقلص بنسبة 40% من حصص العراق من مياه نهر دجلة, الامر الذي سيضع العراق امام تحديات كبيرة متمثله بشحة المياه, علينا ان نستشعر الخطر بإتخاذ التدابير اللازمة, كذلك يجب الوقوف عند تحديات التلوث الحاصل في المياه جراء محطات الصرف الصحي التي تطلق مخلفاتها مباشرة دون معالجة في المياه العراقية”.
بدورها تعلن حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار العراقية عن استعدادها للتعاون بمختلف السبل المتاحة للمساعدة في ملفات المياه والبيئة في العراق, وتدعو الحملة وزارة الموارد المائية للوقوف بجدية امام تحديات سد داريان الايراني على نهر سيروان (نهر ديالى), هذا السد الذي يشكل خطراً لا يقل تأثيراً عن سد أليسو الذي كانت الحملة من أوائل معارضي بنائه.
علي الكرخي – بغداد