المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

هل ستكون لأميركا قواعد عسكريّة في العراق؟

مصطفى سعدون – المونيتر

يثير الحديث عن بقاء القوّات الأميركيّة في العراق وإنشاء قواعد عسكريّة لها بعد مرحلة تحرير الموصل من “داعش” تساؤلات عديدة لدى العراقيّين، ولكن في 26 آذار/مارس الحاليّ، كشف موقف الحكومة العراقيّة الرسميّ المؤيّد لبقاء تلك القوّات في العراق، إذ أشار رئيس الحكومة حيدر العبادي خلال مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأميركيّة إلى أنّه “يؤيّد بقاء جزء من القوّات الأميركيّة في بلاده من أجل دعم القوّات العراقيّة في مرحلة ما بعد داعش”.

ويبدو أنّ لجنة الأمن والدفاع في مجلس النوّاب العراقيّ تمتلك معلومات عن وجود قواعد أميركيّة بدأ العمل عليها في العراق، إذ قال عضو اللجنة النائب ماجد الغراوي خلال مقابلة مع “المونيتور”: “إنّ القوّات الأميركيّة، التي تتواجد في العراق الآن ويزداد عددها يوميّاً، ما هي إلاّ قوّات يراد منها البقاء في العراق”.

وتحدّث ماجد الغراوي، الذي ينتمي إلى التيّار الصدريّ، عن هذا الموقف بصفته ممثلّاً سياسيّاً للتيّار، فقال: “ستواجه القوّات الأميركيّة في العراق بالمقاومة من العراقيّين، ولن يكون هناك أيّ تخاذل تجاه أيّ قوّة عسكريّة غير عراقيّة تتواجد على أراضي البلاد”.

وقبل إعلانه الصريح عن تأييد بقاء قوّات أميركيّة في العراق، كتب حيدر العبادي مقالاً في صحيفة “واشنطن بوست” بـ23 آذار/مارس الحاليّ، قال فيه: “بلدي بحاجة إلى المزيد من المساعدات من الولايات المتّحدة الأميركيّة أيضاً، وناقشنا أنا وترامب كيفيّة البناء على إتّفاق الإطار الاستراتيجيّ الموقّع بين البلدين في 2008”.

رئيس الولايات المتّحدة الأميركيّة دونالد ترامب سبق العبادي بموقفه، ولمّح إلى نيّة قوّاته العسكريّة البقاء في العراق، حتّى في مرحلة ما بعد “داعش”، عندما قال ردّاً على سؤال لصحافيّين: “ما كان يجب أن نغادر العراق مطلقاً”. ويتواجد حاليّاً في قاعدة القيارة الجويّة القريبة من مدينة الموصل، ألف جنديّ أميركيّ وعدد آخر من جنود التحالف الدوليّ، لكنّ هؤلاء الجنود قد يبقون حتّى في مرحلة ما بعد “داعش” داخل القاعدة.

وتحدّث عضو مجلس محافظة نينوى خلف الحديدي عن اهتمام أميركيّ كبير بإعادة تأهيل قاعدة القيارة الجويّة، والتي يعتقد أنّها ستكون بديلة عن قاعدة “أنجرليك” التركيّة، وقال في تصريح صحافيّ: “إنّ القوّات الأميركيّة تشيّد قاعدة أخرى عند سدّ الموصل، لكنّها ليست بحجم قاعدة القيارة، والعمل جار على قدم وساق، ونتوقّع أن يكون هناك نفوذ لواشنطن في محافظة نينوى بشكل خاص”.

ويدور حديث عن وجود عدد من القواعد الأميركيّة في العراق، وهي: قاعدة حلبجة في السليمانيّة، قاعدة التون كوبري في مدينة كركوك، قاعدتا عين الأسد والحبانيّة في محافظة الأنبار، قاعدة القيارة، والقاعدة التي تعمل على إنشائها قرب سدّ الموصل. كما أنّ قاعدة بلد، جنوبيّ محافظة صلاح الدين هي الأخرى، التي تحاول القوّات الأميركيّة البقاء فيها لفترة أكثر، وكذلك قاعدة سبايكر في مدينة تكريت، فضلاً عن قاعدة المنصوريّة في محافظة ديالى.

حاول “المونتيور” معرفة موقف الحشد الشعبيّ من وجود القوّات الأميركيّة في العراق، وعمّا إذا كانت لديه معلومات أو موقف حول مزاعم بقائها في العراق، لكنّ ردّ المتحدّث الأمنيّ باسم هيئة الحشد الشعبيّ يوسف الكلابي كان مقتضباً وديبلوماسيّاً، إذ قال: “الحشد الشعبيّ جزء من القوّات المسلّحة العراقيّة، وموقفه هو موقف الحكومة العراقيّة”.

من جهته، قال الخبير الأمنيّ هشام الهاشمي لـ”المونيتور”: “إنّ عدد القوّات العسكريّة الأميركيّة في العراق بلغ 8400 عنصر، ويتواجد هؤلاء في المناطق الشماليّة والغربيّة من البلاد، في قواعد ثابتة وموقّتة، وهي: القيارة وحمّام العليل وأربيل ودهوك والسليمانيّة وكركوك وعين الأسد وقامشلي وربيعة والحبانيّة وسبايكر ومطار بغداد الدوليّ”.

أضاف: “كلّ الأماكن، التي تتواجد فيها القوّات الأميركيّة، لا يمكن أن نسمّيها قواعد، بل هي معسكرات، لأنّها لم تستخدم المدارج، باستثناء مطار بغداد الدوليّ”.

وقال جعفر الموسوي، وهو المتحدّث باسم زعيم التيّار الصدريّ مقتدى الصدر خلال مقابلة مع “المونيتور”: “إنّ بقاء أيّ قوّة أجنبيّة أميركيّة أو غير أميركيّة في العراق من دون وجود موافقة من مجلس النوّاب العراقيّ، يعدّ بمثابة احتلال، وهذا سيجابه بالمقاومة من التيّار الصدريّ أو من بقيّة العراقيّين، لأنّ موقفنا في التيّار من الوجود الأميركيّ ثابت، ونؤكّد أنّه احتلال”.

ربّما يكون إقليم كردستان العراق هو المكان الأكثر تواجداً للقواعد الأميركيّة في العراق، خصوصاً أنّ الإقليم يتمتّع ببيئة أمنيّة لا يوجد فيها أيّ رفض للتواجد الأميركيّ سياسيّاً أو أمنيّاً أو إجتماعيّاً، على عكس بقيّة المحافظات العراقيّة إن كانت ذات أغلبيّة شيعيّة أو سنيّة، فهناك فصائل مسلّحة وميليشيات تجد في الوجود الأميركيّ احتلالاً.

يبدو أنّ هناك ترحيباً سنيّاً وكرديّاً ببقاء القوّات الأميركيّة في مرحلة ما بعد “داعش”، إذ رأى من يناهض سياسة إيران في العراق أنّ الحل الوحيد للحدّ من نفوذ الجمهوريّة الإسلاميّة والجماعات المسلّحة التي تدعمها، يكمن في إيجاد قوّات أميركيّة قادرة على ضبط الأمن وتحييد انتشار فوضى السلاح والميليشيات في البلاد.

رغم ذلك، تساند بعض الحكومات المحلية خارج إقليم كردستان فكرة بقاء القواعد العسكرية الامريكية وخاصة في المناطق المتشنجة أمنياً، وذلك لغرض الحفاظ على الأمن والتمهيد لجلب الإستثمارات وإعادة البناء في مناطقها. وفي حوار مع المونيتور، قال نائب محافظة صلاح الدين شمال بغداد، عمار حكمت البلداوي: “ندعم بقاء القوات الأمريكية في قواعدها العسكرية في المحافظة في إطار الإتفاقية العراقية – الامريكية المنعقدة عام ٢٠٠٨، لأن ذلك يأتي بالمزيد من الاستقرار لمحافظتنا، وندعو الى تفعيل بنود الاتفاقية كاملة، ونثمن جهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في دعمه واسناده للقوات العراقية في تحرير أراضي محافظتنا والعراق باجمعه”. وأضاف البلداوي أن هناك اكثر من قاعدة للامريكان في محافظة صلاح الدين التي شهدت منذ عام ٢٠٠٣ دورات متعددة من الاقتتال والعنف وان معظمها سقطت بيد داعش عام ٢٠١٤، ومنها قاعدة بلد، جنوبيّ المحافظة، وقاعدة سبايكر في مدينة تكريت.

الحال، تبقى هناك أسئلة عدّة بحاجة إلى الإجابة: هل إنّ العبادي سيتمكّن من إقناع خصومه وأصدقائه ببقاء القوّات الأميركيّة في مرحلة ما بعد داعش؟ وهل أنّ هذا البقاء سيجلب للعراق فرص الاستقرار وعدم دخوله بأزمات متعاقبة؟ وهل أنّ إيران ستكون أمام الأمر الواقع ولن تدعم مسلّحين لمقاتلة الأميركيّين؟