بضغط من المجتمع المدني العراقي، برلمان العراق يسحب مشروع قانون حرية التعبير، لكن الخطر مايزال قائم
.
مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي ٢٠ ايار ٢٠١٧
نجح نشطاء من المجتمع المدني العراقي في اقناع مجلس النواب العراقي بسحب مسودة مشروع قانون خاص بحرية التعبير، بسبب مخالفة هذه المسودة جوهر حرية التعبير المكفول في الدستور والمنصوص عليه في المعايير الدولية الملزمة. ففي خطوة متسرعة عرض البرلمان العراقي مطلع شهر ايار ، على اجندته مسودة قانون يتضمن فقرات مقيدة للحريات وعقوبات تصل للحبس لمن يتظاهر او يمارس التجمع الرسمي. فقام عدد من ناشطات ونشطاء المجتمع المدني العراقي بتحركات منظمة شملت تظاهرة في ساحة التحرير في بغداد، وفي عدد من المحافظات العراقية. ونظم تحالف المادة (٣٨)، وهو تحالف مجتمع مدني يحمل اسم الفقرة ٣٨ من دستور العراق التي ضمنت حرية التعبير، مؤتمرا صحفيا عبر فيه عن رفضة للعودة لصيغة القانون الحالية, مطالباً بإجراء تعديلات جوهيرة عليه. ونظم النشطاء لقاءات داخل البرلمان العراقي نجحوا على اثرها بسحب المسودة من أجندة البرلمان، وتاجيل التصويت على القانون الى اشعار آخر. كل هذا لايعني زوال الخطر فالمشروع مايزال في ادراج البرلمان وقد يعود ليهدد حرية التعبير والتجمع والتظاهر في اي لحظة !.
.
متجاهلاً المطالبات بالتعديل .. البرلمان العراقي طرح نسخة قديمة من القانون وكان من الممكن ان يتم التصويت عليها !
تم طرح مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي للمرة الاولى في البرلمان العراقي عام 2011 وشهد حينها معارضة شديدة من اوساط النشطاء والمهتمين ومنظمات المجتمع المدني. التي رأت في صيغته المقترحة آن ذاك إنتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور العراقي والمواثيق الدولية. فقام البرلمان العراقي بتأجيل تشريع هذا القانون لحين الأخذ بملاحظات ممثلي المجتمع المدني. من يومها جرت نقاشات ومفاوضات بين النشطاء واللجان البرلمانية المعنية استمرت لسنوات. يقول الناشط المدني عضو تحالف المادة (٣٨) ياسر السالم : “لقد خُذلنا لأن البرلمان تجاهل التعديلات التي اقترحناها” واكد السالم “إن المسودة التي قدمت هي مسودة سيئة تعود بنا الى زمن النظام الدكتاتوري، حيث تشير بعض موادها الى قوانين شرعت في زمن النظام السابق ومازالت نافذه”.
ويقول الناشط القانوني محمد السلامي من (تحالف المادة 38) “نرى في مشروع القانون، تداخلاً غريباً لثلاث قضايا مختلفة وهي: حق الحصول على المعلومة، حرية الرأي والتعبير، وحق التظاهر السلمي. ووفقا للدستور العراقي فان المادة ٣٨ تربط الفقرة الاخيرة فقط (حق التظاهر السلمي) بتنظيمه بقانون، اما حرية التعبير فهي مطلقة ومكفولة وفقاً لنفس الفقرة. في حين ان حق الحصول على المعلومة يجب ان يُنظم بقانون خاص به. لهذا يطالب المجتمع لمدني بتغيير اسم مشروع القانون ليكون حصرا (قانون حرية التظاهر السلمي).
.
.
حجة تشريع القانون هي الأزمة السياسية والأمنية الحالية، فما هو رد النشطاء ؟
يطمح نشطاء المجتمع المدني العراقي بتشريع قانون يساهم في إستقرار البلاد وضمان الحقوق العامة وفق الدستور،وعلى المدى الطويل، فلا يجب أن يكون عدم استقرار الوضع الامني مبرر لتشريع قانون بهذا السوء، خصوصا وان القوانين التي تشرع تستمر لفترات طويلة. يقول الناشط ياسر السالم”على الحكومة ان لا تتجاهل ان النشطاء هم الأكثر تضرراً من سوء الاوضاع الأمنية والأكثر تعرضاً للتهديد والأبتزاز والتنكيل, لذا فهم الأحرص على المضي قدماً نحو الأستقرار الأمني, وأن المحاذير الأمنية ليست سبباً لهدم قيم الديمقراطية”.
بدوره يؤكد السلامي بان السلطة التنفيذية تسعى عبر هذا القانون للتضييق على حق التظاهر السلمي وحصره بما ينسجم مع مزاج الحكومة ورغباتها، وذلك من خلال إلزام اي جهة تبتغي تنظيم تظاهرة بطلب الإذن من رئيس الوحدة الأدارية قبل خمسة ايام من موعدة التظاهرة، وللوحدة الأدارية الحق في الموافقة على الطلب او رفضه (المادة 7- اولاً من مسودة القانون). وتحدد الفقرة ثانياً من نفس المادة، للراغبين بالتظاهر او حتى الاجتماع العام بتشكيل لجنة من ثلاث اشخاص كحد أدنى، يتعرض افرادها للمسائلة امام القانون في حال حدوث اي خلل او اضرار او اعمال شغب اثناء المظاهرة او الاجتماع العام.
بينما لا يُسمح وفقاً للمادة 10- ثانياً من نفس القانون بالتظاهر قبل الساعة السابعة صباحاً وبعد الساعة العاشرة ليلاً ، في خطوة لسحب حق الاعتصام من المواطنين. اما المادة 13 فتشمل مصطالحات فضفاضة مثل (من خرب, من شوه, من دنس)، وهي تفتح الباب واسعاً لإتهام اي شخص بإزدراء الاديان او المعتقدات او الطقوس الدينية، وتشرع لعقوبات تصل الى السجن لثلاث سنوات وغرامة تصل الى عشر ملايين دينار.
ويؤكد السلامي بالنيابة عن (تحالف المادة 38) حول الخطوات القادمة: “حتى بعد تاجيل التصويت على مشروع القانون فإن حراكنا لن يتوقف، نسعى لعقد المزيد من اللقاءات مع اللجان البرلمانية المعنية (لجنة العلاقات والاعلام ولجنة حقوق الانسان ولجنة المجتمع المدني بالاضافة الى اللجنة القانونية). سنواصل مفاوضاتنا معهم للوصول الى صيغة منصفة تكفل إرساء قيم الديموقراطية, كما سنقوم بزيارة المرجعية في النجف لإطلاعها على ما يجري ونامل ان نكسب موقفاً مؤيداً منها لقضيتنا, ايماناً منا بدورها المؤثر في صنع المشهد الأجتماعي والسياسي في العراق.
ومن جانبها تبدي مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي دعمها الكامل لحق نشطاء المجتمع المدني العراقي في التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر وفي الحصول على المعلومة وفقا للدستور العراقي وللمعايير الدولية والتي اقرتها جمهورية العراق والتزمت بها. وتطالب المجتمع الدولي بشكل عام ومكتب حقوق الانسان في بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق (اليونامي)، ومكتب الاتحاد الاوربي في بغداد بشكل خاص، بإعلان تضامنهم مع نشطاء المجتمع المدني العراقي المدافعين عن هذه الحقوق لانها جزء اساسي ومهم لبناء عراق ديمقراطي يحترم التزاماته الدولية المتعلقة بحقوق الانسان. تطالب المبادرة هذه الجهات بان تدرج هذه القضايا على طاولة النقاش مع حكومة العراق وبرلمانه في جميع المناسبات المقبله.
.
.