المفاوض العراقي وسد أليسو .. لاسماعيل داود
بيروت ـ «القدس العربي»: صدر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، كتيب «المفاوض العراقي وسد اليسو» يتناول موضوعا غاية في الحساسية، وهو موضوع الموارد المائية المشتركة في حوض نهري دجلة والفرات. موضوع تشح حوله المعلومات بسبب تكتم الدول حول سياستها المتعلقة به.
ويكتسب المؤلَف أهميته من كونه يشخص ـ بموضوعية – عوامل ضعف خطيرة في الموقف العراقي، ليؤكد أن العراق لم يستخدم الموارد المتاحة أمامه لحماية أمنه المائي. ويطرح الكتيب بدائل ممكنة، وإن مساحة العمل مفتوحة للجميع فكل له مسؤولية في الدفاع عن بقاء الرافدين.
وخلال العقود الماضية مضت كل من تركيا وإيران في سياسة بناء السدود الكبيرة على دجلة وروافده، بدون استشارة العراق. فيما يتفق الخبراء على أن منطقة الشرق الأوسط من أول المناطق في العالم التي ستجف فيها المياه، وهكذا يتوقع جفاف نهري دجلة والفرات في غضون عقدين أو نحو ذلك.
وينقل هذا المؤلَف تصورا مغايرا للسائد، فهو يتعامل مع السدود العملاقة التي تبنى على الأنهار الرئيسية «كالجلطة التي تضرب شريان الدم لدى الإنسان»، ويحذر من أن في حالة نهر دجلة لم يتبق سوى عدة أشهر لتضرب «جلطة أليسو» هذا الشريان المهم.
كذلك ينتقد بشدة الموقف العام الذي يتبناه المفاوض العراقي «المطالبة بحصص» ويصفه بأنه موقف أثبت فشله وضرره على أمن العراق المائي، ولم يعد ملائماً أو كافياً في أي حالٍ من الأحوال. ويرصد علاقة طردية بين سوء حال المياه وسوء حال المفاوض العراقي، مذكراً «كلما مرّ الوقت قلّت المياه وضعف المفاوض العراقي». ويشدد على أن المفاوض والمسؤول العراقي يتعذّر بأن الحكومة العراقية ليس لديها سند قانوني للوقوف بوجه الحكومة التركية أو الإيرانية. ويصف هذا التقييم بانه «ليس صحيحاً بالمرة فهو يركز على ما هو غير متوفر».
ويقع المؤلَف في أربعة فصول، يناقش الفصل الأول: سياسات دول جوار العراق في بناء السدود الكبيرة، بدون التشاور معه، وخلافاً للأعراف والقوانين الدولية ومبادئ حسن الجوار، وأثر ذلك على أمن العراق المائي ووضعه الداخلي الهش، متناولًا أمثلة مثل سد «أليسو» على نهر دجلة، معرّجاً على بعض السدود في إيران كنماذج.
أما الفصل الثاني: فهو عبارة عن مراجعة سريعة لحال وموقف المفاوض والمسؤول العراقي في موضوع مجاري المياه الدولية المشتركة بعد عام 2006. كيف واجهوا السدود الكبيرة وأثرها على أمن العراق المائي، مستعرضاً نماذج مختارة من مواقف وزراء ومسؤولين عراقيين حول سد اليسو، مشخصاً عوامل الضعف، بناء على مناقشة هذه المواقف، ومقدماً حلولاً وبدائل ممكنة. والفصلان الأول والثاني بمجملهما يمثلان تمهيداً للفصل الثالث المهم.
ويتضمن الفصل الثالث قراءة في اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997، التي دخلت حيز النفاذ في شهر مايو/أيار 2014، متناولاً أهميتها وظروف إصدارها ووضع العراق التفاوضي على ضوئها. معززاً النقاش بتناول نموذج «سد اليسو» والتحركات الممكنة حوله كنموذج. بينما يتضمن الفصل الرابع مرفقات غاية في الأهمية منها: رسالة وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية عام 2007، وبعض من مداولات الحكومة العراقية مع الجانب السوري، والجانب التركي حول موضوع «سد أليسو» والتفاهمات المتعلقة به.
ويصف مؤلف الكتاب العراقي إسماعيل داود طباعة وتوزيع هذا الكتيب، وفي هذا التوقيت (في المراحل الأخيرة لإكمال مشروع سد اليسو على نهر دجلة) بمثابة رمي حجر في مياه راكدة لتحريكها. متسائلا «هل يعقل أن تتعاظم المخاطر على أمن العراق المائي إلى حد يهدد وجود نهري دجلة والفرات بدون أن نحرك ساكناً».
يقع الكتاب في 224 صفحة من القطع المتوسط