مدن الفرات ودجلة تلتقي في “نحبك يا عراق”
بغداد – تشرين الاول ٢٠١٧
إلتقت تسع فرق شبابية محلية من مدن عراقية مختلفة في بغداد، ٤٨ ناشطة وناشط في لقاء موحد إستمر لثلاثة أيام، ضمن برنامج مسارات التعايش على طول نهري دجلة والفرات. في تجربة فريدة لربط حراك المجتمع المدني في هذه المدن بعد مرحلة التحرر والخلاص من داعش.
تحت شعار “نحبك يا عراق“، نظم المنتدى الاجتماعي العراقي لقائه الوطني الاول من نوعه والذي استقطب من خلاله نخبة من منظمات وفرق ونشطاء ضمت: منتدى انا أحب ذي قار، ومنتدى السلام في الانبار، ومنتدى النجف الاجتماعي، ومنتدى السلام في هيت، ومنتدى ميسان الاجتماعي. وحضر اللقاء ايضا ناشطين من مدن تكريت والكوت وبابل والديوانية، يسعون لتأسيس المنتديات الخاصة بمدنهم.
تضمن برنامج اللقاء سلسلة من النقاشات المكثفة حول طبيعة عمل المجتمع المدني في المدن المشاركة ومدى فاعلية وتأثير المنظمات والمجاميع المدنية في إحداث التغيير الاجتماعي المطلوب ودور المنظمات في اعادة بناء النسيج الاجتماعي. وجرى خلال اللقاء تشخيص ابرز اولويات و قضايا كل مدينة على حدة. وبالرغم من خصوصية كل مدينة، تصدرت قضايا التعايش السلمي وبناء السلام، لائحة الاولويات الاجتماعية في اغلب المدن.
شملت الحوارات مراجعة عامة وتقييم عملي لخطط المدن من حيث الانشطة والفعاليات التي تبتغي مجاميع العمل تنظيمها بعد استعراض شامل تناول هذه الخطط كل على حدة. كذلك تم تقييم حجم التحديات التي تواجه النشاط المدني لكل مدينة وآليات التعامل معها. ولم يتوقف النقاش عند آليات تشكيل مجاميع عمل في هذه المدن، بل امتد لينتقل الى التخطيط لإنشاء تنسيقيات بين المدن الواقعة على مسار نهر دجلة وتلك الواقعة على مسار نهر الفرات. إذ ستعمل هذه التنسيقيات لتجسيد مبدأ التضامن بين المدن الواقعة على مسارات الانهار لزيادة زخم التأثير وحجم الفاعلية في حراك المجتمع المدني.
وعقد النشطاء طيلة فترة وجودهم في بغداد لقاءات جانبية وحوارات متعددة على هامش هذا اللقاء. كما و حضروا انشطة موازية نظمت بالتوازي مع لقاء نحبك يا عراق. ومن اهم الانشطة الموازية كان مؤتمر التأمينات الاجتماعية المتخصص الذي عقده مسار الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وحفل قصص النجاح ”تولك شو“ الذي نظمته جماعة لاعنف وفريق رياضة ضد العنف. كما توجع المشاركون بإلقاء رسائل سلام وتعايش الى كل من كوردستان العراق، ومدينة قامشلو في سوريا ومدينة ديار بكر في تركيا (في اطار المدن المتعايشة على نهري الفرات ودجلة). كذلك تبادلت الفرق رسائل تضامن وتعايش مكتوبة وعبر السوشال ميديا بين مدن اعالي الفرات ودجلة وبين وسط وأسفل الانهار.
من جانبه أوضح علي صاحب منسق المنتدى الاجتماعي العراقي حول المؤتمر قائلاً: “إن هذا المؤتمر جاء تتويجاً لسلسلة من الجهود التي بذلها المنتدى الاجتماعي العراقي امتدت منذ مطلع العام الجاري لتأسيس منتديات محلية في ثمان مدن عراقية هي: السليمانية وتكريت والكوت وميسان وهيت والرمادي والنجف والناصرية، وانضمت الديوانية وبابل لاحقاً الى هذه المدن الثمان. واضاف: “نسعى من خلال هذه المنتديات المحلية بشكل اساسي لإقامة فعاليات تستهدف بناء التعايش السلمي وتحقيق التماسك الاجتماعي والحفاظ على الموروث الطبيعي والثقافي، تحقيقاً لشعار (عراق آخر ممكن)”. وقال ايضاً “ان رابط نهري دجلة والفرات الذي يوحدهذه المدن هو الرابط الأقوى الذي يتجاوز الخلافات الاثنية والمذهبية والتي طالما إدعى البعض انها تفرق هذه المدن بعضها عن بعض”.
نصير باقر، منسق مجموعة انا احب ذي قار من مدينة الناصرية علق على مشاركته ومجموعته في المؤتمر قائلاً: “نحن نعمل منذ فترة طويلة بالشراكة مع المنتدى الاجتماعي العراقي، وقد نضمنا العديد من الانشطة والفعاليات بشكل مشترك، غير ان هذا اللقاء مثل فرصة مثالية لنا للأنفتاح على مدن عراقية اخرى وتوسيع رقعة العمل ومساحة النشاط”. وأضاف “أعتقد أننا في طور مرحلة جديدة من مراحل العمل المدني والاجتماعي، مرحلة تعتمد على أساس التعاون والتنسيق لا المنافسة، وهذا ما يجب الترويج له بين نشطاء المجتمع المدني”.
يذكر ان اللقاء الذي إمتد للفترة بين 19-21 اكتوبر تشرين الاول 2017، نظمه عدد كبير من متطوعات ومتطوعي واعضاء سكرتارية المنتدى الاجتماعي العراقي، ضمن إطار ومباديء واخلاقيات العمل المدني التي يسعى المنتدى الاجتماعي العراقي لنشرها بين الفرق الشبابية. ولقاء “نحبك يا عراق” هذا، يندرج تحت نشاطات مشروع بناء مسارات التعايش السلمي لبلاد ما بين النهرين، والذي ينفذ من قبل المنتدى الاجتماعي العراقي و بالاشتراك مع المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي، ومنظمة جسر الى… الايطالية، ومركز معلومة للبحث والتطوير، وبدعم من مؤسسة فاي السويسرية.
وقامت مؤسسة فاي السويسرية بدعم مشروع مسارات التعايش السلمي لبلاد ما بين النهرين لثلاثة سنوات في إطار إلتزامها بدعم المبادرات الشبابية الساعية لتعزيز التماسك الاجتماعي والتعايش السلمي والموروث الثقافي المشترك في منطقة بلاد الرافدين وخصوصاً العراق وسوريا وتركيا.