تحت شعار “المواطنة”، يختتم الموسم الخامس للمنتدى الاجتماعي العراقي اعماله في بغداد
لأول مرة، ومنذ انطلاقته عام 2013، يمتد الحدث السنوي للمنتدى الاجتماعي العراقي لأسبوع كامل. أسبوع شهد تجسيداً عملياً لمسيرة 6 سنوات من العمل والنضال. حيث تم افتتاح الموسم هذا العام بثلاث ايام متواصلة من الورش والندوات والجلسات الحوارية ذاتية التنظيم بين 22 و24 ديسمبر/ تشرين الثاني في اكاديمية بغداد للعلوم الانسانية في بغداد. إذ اثرى النقاش في هذه الندوات مئات الاساتذه والاكاديميين والنشطاء والمختصين، وشهدت مشاركة دولية واسعة من قبل المتضامنين الدوليين الذين قدموا رسائل الدعم والمساندة والرغبة بالعمل المشترك.
تضمن محتوى النقاش خلال الايام الثلاثة، مستقبل العمل النقابي وواقع الحريات النقابية، وتم تبادل الاراء حول قانون الضمان الاجتماعي بما يضمن حقوق العمال، ومتابعة تطبيق انفاذ القوانين الخاصة بهم، وبالحديث عن المستقبل تم نقاش سبل تطوير المنظومة القانونية بما يخدم المصلحة الوطنية، كما تم البحث في خبايا الموازنة العامة، بهدف اقتراح ميزانية بديلة تحقق غايات التنمية المستدامة وتمثل تطلعات المجتمع المدني، فيما تم التطرق لقضية مناهضة العنف ضد المرأة في مواقع العمل، تم التباحث حول حقوق الطبقة العاملة سعياً لتطبيقها. وناقشت الورش ايضاً موضوع إلزامية التعليم لضمان حماية الطفولة. كان ذلك ضمن مسار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (سيرو).
على الصعيد البيئي امتد الحوار حول حماية البيئة والمياه، حيث قدم نشطاء من المنتديات المحلية نماذج لنشاط المجتمع المدني في المحافظات المختلفة لحماية الانهار من التلوث، وبحثت جلسات مسار المياه والبيئة في واقع الزراعة بين تحديات شحة المياه وحاجة الاستهلاك المحلي، وتحدث المسار كذلك عن السدود واضرارها البيئية وتأثيرها على الانهار، كما تم تقديم كتاب المفاوض العراقي وسد اليسو، قراءة في اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية للاغراض غير الملاحية، وكذلك قدم النشطاء من بغداد دراسات تبين حجم التلوث الذي يعانيه نهر دجلة في مدينة بغداد كنموذج، وناقش المسار الحق الانساني في البيئة، وبحث في الواقع البيئي للاهوار العراقية في ظل انخفاض مناسيب المياه فيها.
وعن حماية الاقليات جرى الحديث عن دور الاقليات في حماية الوحدة الوطنية، كما تم تنظيم جلسة بعنوان “تنوعنا في تعزيز وجودنا”، وامتد النقاش ليشمل سبل إرساء قيم السلام في مرحلة ما بعد الإرهاب، وتم نقاش الخطة الوطنية للوقاية من التطرف العنيف، كذلك استعراض دور الموسيقى في اشاعة قيم السلام، مع نماذج لإستخدام الرياضة كأداة لتعزيز التماسك الاجتماعي، كل ذلك ضمن مسار بناء السلام واللعنف، بالاضافة لنقاش قضية الرمي العشوائي التي اختصت بها حملة “رصاصة فرحك تنهي فرحنا”.
قضايا حرية التعبير كانت حاضرة عبر المسار المعني بالحقوق السياسية والمدنية، حيث ناقشت ندوات المسار حق التظاهر السلمي متخذة البصرة كانموذج، وتم التباحث في الاطار الدستوري لمفهوم المواطنة، وكيفية تعزيزها، كذلك استعراض اجراءات الاسعافات الاولية، الفاصلة بين االموت والنجاة، والبحث في دور المجتمع المدني في بناء الدولة المدنية، وإرساء القيم المدنية، كما تم تقديم حملة (اخرس جامعي) التي تعالج موضوعة الحريات الطلابية، كذلك نقاش واقع المدافعين عن حقوق الانسان اليوم في العراق.
حول حماية التراث الثقافي والحضاري تم تقديم تجربة حملة “اوريم” كنموذج لنشاط المجتمع المدني في حماية التراث الثقافي، وكذلك نقاش قضية الاتجار غير المشروع بالاثار وحماية الموروث الحضاري، فيما تم طرح فكرة استثمار هذا الموروث كفرصة للأنتعاش الاقتصادي والبيئي.
كما استعرضت جلسات مسار كهرمانة المعني بحقوق المراة قصص نجاح لنساء متميزات، وتم تكريمهن ايضاً، وامتد الحديث ليشمل قضية العنف الأسري وسبل الحد منه، كذلك دار نقاش حول فرص المشاركة السياسية للمرأة في مراكز صنع القرار وفق التقرير الوطني الخاص بإتفاقية سيداو، وتطرق المسار ايضاً الى دور المراة في مواجهة التطرف والارهاب وأثرها في تعزيز التماسك الاجتماعي.
كل هذه العناوين توزعت بين 45 ندوة وجلسة حوارية، شهدها الموسم الخامس، وقام بالإشراف على تنظيمها عشرات المنظمات المنخرطة ضمن حركة المنتدى وخارجه. فيما امتد الموسم ليشهد تجمعات للمسارات المختلفة على امتداد ايام الاسبوع، وصولاً الى اليوم الختامي الذي بدأ بماراثون بغداد للسلام بنسخته الرابعة، التي شهدت مشاركة ما يزيد عن 1300 متسابقة ومتسابق، ركضوا من اجل الدعوة لإشاعة قيم السلام في مدينتهم بغداد.
فيما تم اختتام الموسم بمهرجان “عراق اخر ممكن”، على حدائق ابو نؤاس يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث قدمت الفرق الموسيقية من فريق فنون السلام، وعدد من المجاميع الشابة الأخرى، عروضاً فنية وموسيقية متنوعة على مسرح الحدث، وساهم عدد اخر من المنظمات والفرق بإحياء المساحة المفتوحة للتوعية بمجمل القضايا التي يتبناها المنتدى عبر مساراته. لينتهي بذلك موسم اخر للمنتدى الاجتماعي العراقي كان الأكثر تنوعاً من حيث القضايا التي طرحها، والأكثر انتشاراً بعد نشاط المنتديات المحلية للمدن العراقية المختلفة.
حمل الموسم هذا العام عنوان المواطنة، بصفتها الهوية الجامعة التي توحد الأصوات والآراء في خدمة المصلحة الوطنية، ولأن كل ما تطالب به مسارات المنتدى، وتنجزه من خطوات، تهدف الى ارساء قيم المواطنة بالدرجة الاولى.
يذكر إن كل ما تم انجازه على امتداد اسبوع الموسم الخامس كان بجهود تطوعية لعدد كبير من المتطوعين الذين امتد عملهم لمدة شهرين دون توقف للوصول الى الحدث. يدين الموسم الخامس للمنتدى الاجتماعي العراقي بالفضل والعرفان بالدرجة الاولى للمتطوعين الذين واصلوا الجهود لإنجاح الحدث.
من الجدير بالذكر ان الموسم الخامس تم انجازه بتعاون عدد من المنظمات المنتمية للجنة الوطنية للمنتدى الاجتماعي العراقي ومسارات المنتدى، ومركز المعلومة للبحث والتطوير، وبدعم من الاتحاد الاوربي ومؤسسة فاي السويسرية، مؤسسة كاريبو النرويجية، وبالتعاون مع منظمة جسر الى الايطالية ومبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي.
سكرتارية المنتدى الاجتماعي العراقي