تسليط الضوء على دور المجتمع المدني في حماية الآثار والتراث الثقافي العراقي من خلال ورشة نقاشية لمبادرة “أوريم”
المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي (ICSSI)
شهد المجتمع المدني العراقي في السنتين الاخيرة عدد من المبادرات المحلية والدولية لحماية التراث والاثار العراقية ، يقود هذه المبادرات شباب ونشطاء مهتمين بالإرث الثقافي العراقي الممتد لآلاف السنين، وتشكل هذه المبادرات مكملاً و داعم أساسي للجهد الوطني الذي يبُذل في هذا الإتجاه، من هنا إنطلقت منذ شهر حزيران الماضي مبادرة “أوريم” التي تهدف الى مساعدة الحكومة المحلية في تطوير مخطط حماية خاص بموقع أور الأثري، من أجل إستدامة الموقع وتوفير متطلبات اليونسكو خصوصاً بعد إدراج الموقع ضمن لائحة التراث العالمي، وكان هذا ما ناقشته ورشة أوريم التي عقدت ضمن فعاليات اليوم الاول للموسم الخامس للمنتدى الاجتماعي العراقي في بغداد 22 نوفمبر، والتي حضرها عدد من الشباب المهتمين بالاثار. حيث سلطت الورشة الضوء على دور المجتمع المدني وتعاون الجهات الحكومية المسوؤلة عن الآثار والتراث العراقي و تناولت بعض النماذج الحية لهذا التعاون مثل مبادرة أوريم ، ومركز مشحوفنا الثقافي في الناصرية، سعياً منها لجمع الافكار والوصول لمقترحات من أجل تطوير هذه الشراكة.
شارك في الجلسة ممثلين عن مبادرة اوريم وممثلين عن مركز مشحوفنا الثقافي في الناصرية بالاضافة الى مدير شرطة الآثار في الناصرية وممثل عن مفتشية آثار ذي قار.
أفتتحت الجلسة بكلمة ترحيبية بالحضور تم فيها استعراض لبرنامج الجلسة من قبل ممثلة المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي، طيف العلوجي. من ثم انتقل الحديث للدكتور اسماعيل داود عن منظمة جسر الى، الذي تطرق من خلال حديثه لتعريف الحضور بأوريم وهدفها وأسباب إنطلاقها كمبادرة من المجتمع المدني العراقي بالاضافة الى خططها المستقبلية والتحديات التي تعترضها، مشيداً بالجهد الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني والمجتمع المحلي، والتعاون والشراكة النادرة التي حققتها اوريم مع الجهات الحكومية.
كما استذكر الدكتور اسماعيل المساعي التي بذلتها أوريم لتعزيز التعاون مع هيئة الآثار والتراث واللقاء بمفتشية الاثار في الناصرية خلال الندوة التي عقدتها اوريم في الناصرية في حزيران الماضي والتي تم فيها مناقشة اسباب اهمال الإرث الحضاري الكبير الذي تتميز به مدينة الناصرية، بحضور عدد كبير من المهتمين بالشأن الآثاري والتراث اضافة الى عدد من المسؤولين المحليين في ذي قار ومجلس المحافظة ورئيس جامعة ذي قار وعميد كلية الاثار. كان لهذه الندوة الاثر الكبير لإقناع الجهات الحكومية في الناصرية بأهمية دور المجتمع المدني في عملية الحماية للمواقع الاثرية خصوصا أور كونها إرث حضاري كبير.
بعدها تطرق الزميل نصير باقر من مركز مشحوفنا الثقافي في الناصرية / الشريك المحلي في اوريم الى عدة مواضيع اهمها الصداقة التي تولدت بين المركز وشرطة الاثار ومفتشية الاثار بالاضافة الى لجنة السياحة والاثار. هذه العلاقة التي كان نتاجها تعاون كبير مع مديرة متحف الناصرية الذي يعاني من إهمال كبير، كما قام بإستعراض الخطة التي وضعت للعمل على إعادة تأهيل حديقة المتحف من خلال تبني المهندس المعماري بسام تيرانو لوضع مخططات للحديقة والعمل على المرحلة الاولى من الخطة والتي تتضمن اعادة تأهيل الجانب الايسر من الحديقة بالتعاون مع مهندس زراعي مختص. فيما أشار حسين علي، منسق حملة انا احب ذي قار الى الجهد لتطوعي الكبير الذي شارك في عملية تنظيف الحديقة وقلع النباتات الضارة وتقليب التربة والذي قام به 15 متطوعاً من الشباب من مدينة الناصرية، واستعداد هؤلاء الشباب للمشاركة في المرحلة الثانية والتي تتضمن إنشاء منظومة ري ومايليها من مراحل الزراعة والارواء. واضاف نصير بأن هذا العمل وجه الانظار الحكومية للإهمال الحاصل في المتحف وضرورة تكاتف جميع الجهات ذات العلاقة.
ثم قدم العقيد فؤاد، مدير شرطة الاثار في الناصرية، ترحيبه بالتعاون الحاصل مع المجتمع المدني مشيداً بالدور الذي تقوم به المنظمات ومساهمتها في التوعية للحفاظ وحماية المواقع الاثرية من السرقة والتخريب. كما تطرق الى الانشطة التي تقوم بها هذه المنظمات لإحياء التراث الحضاري من خلال المعارض و الحملات والوقفات التضامنية الكبيرة والتي أثارت الرأي العام سابقا وكان لها دور كبير في ضم المواقع الاثرية الى لائحة التراث العالمي.
فيما تحدث المنقب الاثاري السيد مصطفى فاضل من مفتشية اثار ذي قار عن قانون التراث العالمي وتصنيفات اليونسكو للمواقع الاثرية بالاضافة الى المتطلبات التي تضعها اليونسكو لإستدامة المواقع في لائحة التراث العالمي.
بعدها استعرض الدكتور اسماعيل المخططات المقترحة لإنشاء مسار ومركز لزوار موقع مدينة أور ، والتي تم تصميمها من قبل مكتب المعماري الايطالي كارلو ليوباردي وبالتعاون مع جامعة لاسبيانسا الايطالية المتخصصة ، وكانت هذه المخططات قد قدمت في وقت سابق لهيئة الاثار والتراث ووزارة الثقافة من اجل استحصال الموافقة عليها، فيما لاقت المخططات حيزاً واسعاً من إهتمام الحضور .
كما دارت خلال الجلسة العديد من النقاشات والمداخلات، فيما شارك ايضا في الحديث خلال الجلسة ممثلين عن منظمة العراق في التاريخ، الاستاذ عبد السلام طه والمعماري بسام تيرانو، بالاضافة الى السيد جنيد عامر ممثلا عن منظمة زيوسودرا الآثارية.
من الجدير بالذكر ان مبادرة اوريم هي مبادرة أطلقتها منظمات محلية ودولية تهدف الى مساعدة الحكومة المحلية لوضع خطة ادارة مستدامة لموقع اور الاثري وتوفير متطلبات اليونسكو للإبقاء على مدينة اور الاثرية ضمن لائحة التراث العالمي والاهتمام بها بشكل اوسع كونها ارث حضاري كبير.