رياضة ضد العنف وفنون السلام في مخيم الحبانية للنازحين
بعيداً عن ضجيج المدن وتعقيداتها،١٤٠٠ عائلة نازحة من الانبار تعيش في نواحي مدينة الحبانية السياحية في طي النسيان، قماش الخيم يحجب احلامهم واملهم في الرجوع الى منازلهم في العيش بحرية وسلام، قصص تذهلك حين يرويها هؤلاء الحالمين بالتخلص من اسوار مخيمات النزوح.
عبدلله خليل 23 سنة، واحد من مئات النشطاء المدنيين، الذين حاولوا بجهد تخفيف الفواجع التي مرت وتمر بها الاف العائلات العراقية النازحة من مدن مختلفة بسبب احتلال تنظيم داعش الإرهابي لثلث مساحة العراق عام 2014. عبد الله المتطوع في جمعية رياضة ضد العنف، فكر بان يخلق لحظة جميلة في المشهد الكئيب الذي تعيشه باستمرار تلك العائلات منذ نزوحها حتى الان.
قام بطرح فكرة على زميلاته وزملاءه داخل فضاء المنتدى الاجتماعي العراقي، حيث حاول اقناعهم بتنظيم فعالية رياضية فنية مع النازحين، وهو سيكون اول المشاركين فيها. لاقت الفكرة استحسان الجميع وباشروا بالتخطيط للفعالية، حيث اختاروا مخيم الحبانية والذي يضم بداخله 1400 عائلة نازحة مقسمة على 7 مخيمات صغيرة. وبعد التواصل مع منظمة الخلية المسؤولة عن إدارة المخيمات في الحبانية، وبمساعدة منظمة تموز للتنمية الاجتماعية، تم الحصول على الموافقات الأمنية للمباشرة بإقامة الفعالية مع الأهالي.
بعد اكمال كافة التحضيرات، انطلق عبدلله من منزله يوم 23 شباط الساعة 5 صباحا ً، ليلتقي مع زملائه في منظمة رياضة ضد العنف وفريق فنون السلام ومركز المعلومة للبحث والتطوير، وبعد قضاء ساعتين في الطريق، وصل الشباب الى هدفهم داخل مخيم الحبانية في محافظة الانبار غربي بغداد، ليستقبلهم شباب منتديات السلام في الفلوجة والرمادي وهيت. انطلق سباق الجري بعد تجمع الأهالي وتهيئة المكان. كان مسار السباق بطول 3 كيلومتر وشارك فيه أكثر من 300 متسابق من أطفال وشباب المخيم. صوت عالي من صافرة حكم السباق واقدام متسارعة تركض ليوم جديد مختلف عن أيام الالم والمعاناة. حيث ينتظر عبدلله في نهاية خط السباق ويحمل في يده الميداليات ليقدمها للواصلين الأوائل.
أصوات الموسيقى تعلوا وتعزف الحان عراقية حملت البهجة لساكني المخيم، حيث عزفت انامل الشباب في فريق فنون السلام مقطوعات عراقية منوعة بين التراثية وبين ما يحاكي بيئة المحافظة. بضحكات عالية شارك عبدلله مع الأهالي في رقص “الجوبي” العراقي ووضع بصمته في خلق يوم مميز مع العوائل. أطفال المخيم ساهموا بمشاعرهم المختلفة التي نقشوها بالألوان ضمن المساحة المخصصة لهم، كذلك شارك منتدى السلام في الفلوجة في الرسم على وجنات الأطفال الصغيرة.
لم يكن الامر سهلا بالدخول وسط هذه العوائل وخلق لحظات الابتسامة والفرح والتغيير ليوم مختلف عن ايامهم الاخرى، عبد الله وبقية المتطوعين كانوا يحملون معهم رسالة هي ليست مجرد فعالية رياضية بل هو شعور التواجد والتضامن مع الأهالي داخل هذه المخيمات لحين امكانية رجوعهم الى الديار، حيث ان ردود افعال الاهالي كانت ايجابية ومبهرة لجميع المتواجدين من بغداد والمدن، مرحبين بوجودهم وسطهم رغم الحزن الذي يجتاحهم الا انهم اثبتوا انهم بحاجة لهذا اليوم البسيط الذي انتهى بعد ساعات قليلة ليترك اثر لدى الجميع ليعود عبدالله ومن معه الى بغداد مودعين هذه اللحظات التي لا تنسى للجميع.
يذكر ان مسار اللاعنف وبناء السلام يقيم فعاليته بالتعاون مع مركز المعلومة للبحث والتطوير ومنظمة تموز ضمن فضاء المنتدى الاجتماعي العراقي بدعم وتمويل من مؤسسة كاريبو النرويجية ضمن مشروع “تعزيز ثقافة اللاعنف ومفاهيم السلام داخل المجتمع العراقي من خلال الشباب ” وبمشاركة المنظمات الصديقة (اورزت اشور و نور على نور). ان فعالية الرياضة والفن مع النازحين لم تكن الاولى وانما كان لمسار اللاعنف وبناء السلام في السابق فعالية مع مخيم عربت كامب في الشمال.
المنتدى الاجتماعي العراقي