”جبل أحد بغداد”… مبنى يتنافس المتظاهرون وقوات الأمن للسيطرة عليه
بغداد ــ أحمد النعيمي
29 أكتوبر 2019
يواصل مئات المتظاهرين العراقيين، لليوم الخامس على التوالي، التواجد داخل طوابق مبنى “المطعم التركي” الذي يتوسط بين ساحة التحرير وجسر الجمهورية على نهر دجلة في وسط العاصمة بغداد، على مقربة من المنطقة الخضراء التي تضم المقار الحكومية، في ظل محاولات متكررة من قوات الأمن لإخلاءه من المتظاهرين.
يتألف المبنى من 14 طابقا، وهو مهجور منذ عام 2003، بعد أن تعرض لقصف أميركي بعد احتلال العراق، واحتفظ المبنى باسمه القديم وهو “المطعم التركي”، إذ كان يضم أحد أشهر المطاعم السياحية، لكن اليوم، باتت تطلق عليه أسماء أخرى بينها “جبل أحد ساحة التحرير”، و”ستالينغراد بغداد”، فضلا عن إطلاق اسم “بناية أبطال التوكتوك” عليه بعد نجاح المتظاهرين في منع قوات الأمن من اقتحامه.
وتحاول قوات الأمن السيطرة على البناية لأنها تمنح من يعتليها السيطرة على مساحة واسعة من المنطقة، التي تعد مركز التظاهرات في العاصمة بغداد، في حين يحرص المحتجون على عدم سيطرة الأمن عليها لمنع تكرار استخدام القناصة لها، كما حدث في تظاهرات الأول من أكتوبر.
وقال الخبير الأمني العراقي صلاح الدبي، لـ”العربي الجديد”، إن “بناية المطعم التركي تعتبر مركز سيطرة مهما، خاصة أنها استخدمت سابقا من قبل الأمن وقناصة مجهولين لاستهداف المتظاهرين في ساحة التحرير، ورصد موجات المحتجين القادمين من شارع السعدون، أو من تقاطع ساحة الطيران وشارع الشيخ عمر الرئيس. المحتجون تعلموا من وقائع التظاهرات السابقة، لذلك سيطروا على المبنى الذي بات يطلق عليه وصف (جبل أحد) أو (ستالينغراد)”.
وشدد المتظاهرون على أنهم لن يسمحوا لقوات الأمن بالسيطرة على البناية، لأن ذلك يعني السيطرة على ساحة التحرير كمقدمة لفض الاعتصام، وقال الناشط علاء محسن: “في المظاهرات السابقة كانت الحكومة تقمعنا بالقناصة وقنابل الغاز من هذه البناية، ولذلك سيطرنا عليها هذه المرة، ولن نسمح لهم بالعودة إليها. قدمنا عددا من الشهداء ومئات الجرحى بسببب قنابل الغاز والرصاص الذي تطلقه القوات الحكومية المتمركزة على جسر الجمهورية، والتي تستهدف المبنى بشكل مستمر، لذا صرنا نحرص على عدم التواجد بقرب النوافذ”.
وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو أظهرت محاولات عديدة لقوات الأمن للسيطرة على المبنى، مستخدمة القوات المرابطة على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء خلف الحواجز الكونكريتية، والتي تطلق الرصاص وقنابل الغاز، فيما يتمركز قناصتها على بنايات مجاورة، لكن كل المحاوت باءت بالفشل.
وشكل المتظاهرون من جانبهم خطوطا لمنع القوات من التقدم، فالخط الأول للمناورة وإشغال قوات مكافحة الشغب على الجسر، والخط الثاني لنقل الجرحى، فيما يمثل مبنى المطعم التركي خط الصد الأهم والأخير، والذي يحمي ظهور المتظاهرين في ساحة التحرير.
ويعود تاريخ إنشاء المبنى إلى أواخر السبعينيات، ونفذته شركة هندية، وافتتح رسميا في عام 1983، وكانت الطوابق الأولى تضم مكاتب تجارية ومقار شركات، والمطعم السياحي التركي الذي صار المبنى يعرف باسمه.
وبعد عام 1991، هجرته غالبية الشركات الأجنبية عقب فرض العقوبات على العراق، وفي عام 2003، تعرض لقصف من قبل الطيران الأميركي بعد تحصن مقاومين عراقيين للاحتلال داخله.
وقال المتظاهر علي عودة من داخل المبنى لـ”العربي الجديد”: “في الماضي تحصن مقاومو الاحتلال في هذا المبنى، واليوم نتحصن فيه لمقاومة الفساد والمحاصصة والطائفية”.