المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

رسالة من حملة إنقاذ نهر دجلة و الاهوار إلى مركز التراث العالمي لليونسكو: مخاوف وطلبات بشأن أهوار العراق

في عام 2016 ، تم إدراج الأهوار العراقية في قائمة التراث العالمي لليونسكو . في كل عام ، تقوم لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو بمراجعة التقارير حول حالة الحفاظ على الممتلكات وتتابع مع اطراف الدولة في العراق في حالة عدم إدارتها بشكل صحيح. تم تقديم تقرير حالة حفظ العراق لعام 2020 في 28 كانون الثاني2020 من قبل الوفد الدائم للعراق لدى اليونسكو. تشكل هذه الرسالة تعليقات محددة على التقرير من حملة إنقاذ دجلة ، قبل اجتماع عام 2020 للجنة التراث العالمي لليونسكو

١٨ اذار ٢٠٢٠

من: حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار

السيدة روسلير المحترمة،

تعقيباً على تقرير حالة حفظ الأهوار العراقية لعام ٢٠٢٠، الذي انجز من قبل الحكومة العراقية – نورد هنا مصادر قلق ومطالب  المجتمع المدني

نحن وبصفتنا تحالفاً يتكون من عدّة منظمات مجتمع مدني من تسعة بلدان نوّد أن نعبّر لمركز التراث العالمي عن قلقنا ازاء رد الطرف السياسي العراقي على قرار (43COM7B.35) الصادر عن لجنة التراث العالمي.

تعترف منظمة اليونسكو أنّ ضمان تدفق المياه والتخصيصات المائية للمكونات الطبيعية للموقع لا يزال يشكّل تحدياَ، وإن العراق معرّض لخطورة وهشاشة بسبب تغير المناخ. في سنة ٢٠١٨ تعرّضت الأهوار إلى شحّة في المياه عندما مرّ العراق بصيف جاف بسبب قلّة الأمطار ودرجات الحرارة المرتفعة ونسبة التبخّر العالية. في سنة ٢٠١٩   سقطت أمطار غزيرة تسببت بفيضانات  نتيجة للتدفق العالي والسريع للمياه. . كما وإنّ البناء المستمر للسدود الإيرانية والتركية على نهر دجلة يزيد من هذه الظواهر غير الطبيعية في نظام الحوض المائي وتؤثر تحديداً على جنوب العراق وأهواره.

سد “إيليسو”، وهو المشروع التركي الضخم للطاقة المائية على نهر دجلة، يملأ حالياً خزانه بالمياه، وإنّ مجتمعات الأهوار على وجه الخصوص عرضةٌ للتأثّر بهذه التطورات. إنّ التغيّرات التراكمية للبيئة وللإمدادات المائية للأهوار يعرّض سكّان الأهوار للأذى وليس لهم سبيل لمقاومة التقلبات غير المتوقعة. لم يعد النظام المائي في الأهوار قادراً على ضمان الغذاء والمياه كمّاً ونوعاً للمواشي وكذلك يعاني السكّان من هشاشة الاوضاع بسبب المخاطر التي تهدد البيئة. يحتاج سكّان الأهوار إلى دعم في الدخل المادي من أجل زيادة قدرتهم على مواجهة هذه التغيّرات. هناك تراجع في سياسات تخفيف تأثيرات التقلبات البيئية والتأقلم، بينما لم يفلح الطرف الحكومي العراقي في معالجة استمرارية بناء السدود.

تطلب حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار من مركز التراث العالمي أن:

  • يطالب الطرف الحكومي العراقي ببيان الإجراءات المتخذة لضمان تدفق المياه إلى الأهوار للسنوات القادمة.
  • يطالب الطرف الحكومي العراقي بإجراء تقييم بيئي استراتيجي للسدود الحالية والمستقبلية القائمة على نهري دجلة والفرات وروافدهما، وبأمر رسمي لتقييم تأثيراتها المستقبلية على مستويات تدفق المياه للأهوار.
  • يطالب الطرف الحكومي التركي بشمول قرار واضح للحد الأدنى من مستويات تدفق المياه المطلوبة للأهوار في أحكام سدود الأنهار التي تغذي الموقع من أجل الحفاظ على متطلبات القيم العالمية ( OUV) لموقع الأهوار.
  • يطالب الطرف الحكومي العراقي بتسليم البيانات سنوياً لأجل تقييم الكائنات الحية الأكثر تأثّراً بالصيد الجائر كل سنة. يمكن إتمام ذلك بدعم من( IUCN).
  • يشدّد على العلاقة بين الدخل المادي المعتمد على السياحة والحفاظ على المعرفة البيئية التقليدية في الأهوار.
  • يطالب الطرف الحكومي العراقي بتوضيح نواياه حول تطوير حقول النفط داخل الموقع أو في المناطق القريبة، وتوضيح إذا ما كانت هذه التطورات ستخاطر بتصنيف الأهوار كموقع للتراث العالمي.
  • يطالب الطرف الحكومي العراقي باتخاذ الخطوات اللازمة للكشف عن المعلومات المتعلقة بالموقع من حيث المخاوف والإجراءات والمجتمع المدني ذي شأن بعملية إدارة الموقع وحمايته.

وفي ادناه تعليقاتنا التفصيلية على تقرير حالة حفظ الأهوار العراقية 2020 والتي قدمها الوفد العراقي لمنظمة اليونسكو في 28  من يناير ،وهي كالتالي:

1- الحد الأدنى من تدفق المياه

تشدّد لجنة التراث العالمي طلبها بأن يوّفر الطرف الحكومي العراقي المياه الكافية ضمن قدرته الاستيعابية الوطنية لرفد المكونات الطبيعية للموقع وتعتبر ذلك أولوية قصوى.

وفقاً لبيانات صادرة عن الحكومة العراقية، فأن تدفق المياه في عامي ٢٠١٧-٢٠١٨  لم تبلغ الحد الأدنى منا المستوى المطلوب للحفاظ على الأهوار العراقية، بينما في عام ٢٠١٩ كان مستوى التدفق ١١٢% أكبر من الحد الأدنى المطلوب.

 إنّ تقرير حالة الحفظ لا يذكر أي استشراف للسنوات القادمة ولم يبيّن ما هي الإجراءات التي من شأنها ضمان مستويات ديمومة تدفق المياه إلى الأهوار في المستقبل رغم أنّ قرار (42COM7B.66) لعام ٢٠١٨ والذي أصدرته لجنة التراث العالمي طالبت الحكومة العراقية بـ “بيان أنّ تدفق المياه متوفر”.

يوعز تقرير حالة الحفظ نقص تدفق المياه في عامي٢٠١٧-٢٠١٨ إلى تغيّر المناخ وتراجع تدفق المياه في المنابع. لم تنته هذه المشاكل في عام 2019 بل تضاعفت تأثيرات تغيّر المناخ وأصبحت مألوفة في الوقت الذي تقوم دول جوار العراق التي تشترك في منابع الأنهار بتشييد البنى التحتية للمياه دون اعتبار لعواقب هذه المشاريع.

وفي عام ٢٠١٩ شهد العراق نسبة تبخّر لم يشهدها منذ عام ١٩٨٨ حسب وزارة الموارد المائية العراقية.  و اضحى  من الصعب التنبؤ بتداعيات تغيّر المناخ،  فقد يؤدي إلى الجفاف أو الفيضانات مع تزايد الطقس غير الطبيعي.

 يجب أن يكون التأقلم المناخي جزء من سياسات إدارة الأهوار. إلى جانب ما ذكر، فإن تدفق الأنهار التي تنبع من خارج العراق سيستمر في التراجع خلال العقد القادم.

هناك تطوّر إيجابي متمثل بعودة رعاة الجواميس إلى الأهوار ولكن التحدي يكمن في الحفاظ على هذا الاستقرار، وهذا يتطلب استراتيجية طويلة المدى.

2- اتفاقيات طويلة المدى لتقاسم المياه

تشجّع لجنة التراث العالمي من خلال قرارها المساعي التي يبذلها الطرف الحكومي في العراق وإيران وتركيا من أجل “ضمان توفير كميات كافية من المياه للأهوار”، غير أنّ استراتيجيات المياه في العراق تبقى غير واضحة. حسب (SWLRI) والتي تبنتها الحكومة العراقية، فأن العراق “لا يحتاج إلى المزيد من السدود الكبيرة لمساعدته في تحقيق أهدافه لعام ٢٠٣٥”، وتضيف “يجب أن لا يتم بناء أي سدود جديدة حتى يتم التوصل لاتفاقيات بين دول المنبع ودول المصب”، ولكن حكومة إقليم كردستان سبق وأن أعلنت في ديسمبر ٢٠١٩ عن اقدامها على تنفيذ ١١ مشروع لبناء سدود على روافد نهر دجلة وبسعة خزن تقدّر بـ ٥٩  مليون متر مكعب من المياه.

كما أعلنت حكومة إقليم كردستان مع حكومتي العراق وتركيا أيضاً في عام ٢٠١٩ عن بناء ثلاثة سدود جديدة على الحدود العراقية التركية، ففي الـ ٣١  من يناير اتفق كلّ من العراق وحكومة الإقليم وتركيا على تشكيل فريق تقني لدراسة نهر الزاب الأكبر حيث ستبنى  هذه السدود، والزاب الأكبر هو من روافد نهر دجلة الذي يغذي الأهوار.

لا نعرف حتى الان ما هي التأثيرات التراكمية لجميع هذه السدود كما أنّ الدراسات عن التأثيرات البيئية لهذه المشاريع ليست متوفرة في أغلبها.  لجنة التراث العالمي وفي قرارها المرقّم ( 40COM7)  لعام ٢٠١٦  “تحثّ الدول الاطراف  على ضمان التقييم الدقيق لتأثيرات السدود على المواقع القائمة على المنبع أو المصب في نفس حوض النهر، وذلك من أجل تفادى الانعكاسات على متطلبات القيم العالمية وهي (OUV)

 اقترحت حكومة الإقليم بأن سدودها قد تخزن المياه لصالح جنوب العراق بما فيها الأهوار، ولكن تاريخ العلاقات بين أربيل وبغداد متوتر، وسبق لحكومة الإقليم أن هددت بقطع تدفق المياه إلى جنوب العراق. تجب معالجة هذا الالتباس في سياسة العراق المائية لكي تحقق الحد الأدنى المطلوب من تدفق المياه للأهوار وهو من شروط لجنة التراث العالمي.

أما بالنسبة لبناء السدود على المنابع في تركيا، فإن المحادثات العالية المستوى بين العراق وتركيا للاتفاق على حصص المياه من نهر دجلة تعدَ تطوراً مهماً، خصوصاً مع تخزين سد “ايليسو” للمياه في هذا الوقت.

على منظمة اليونسكو تشجيع تركيا وإيران على المصادقة على قانون استخدام المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام ١٩٩٧  وعلى وجه الخصوص الاتفاقية القانونية التي اقترحها العراق على تركيا.

وفقاً لتقرير حالة الحفظ، فإن الاتفاقية ستضمن مستويات المياه المطلوبة للحفاظ على أراضي الأهوار ولكننا نشجّع على ذكر “أهوار العراق” بالتحديد. في الوقت الحالي، نطالب لجنة التراث العالمي والأحزاب السياسية المعنية أن:

  • إجراء تقييم استراتيجي بيئي واسع على مستوى الحوض للسدود الحالية والمستقبلية القائمة على نهري دجلة والفرات وروافدهما وبصفة رسمية لغرض تقييم التأثيرات المستقبلية على تدفق المياه إلى الأهوار، ويجب أن يتم إجراء التقييم الاستراتيجي البيئي (SEA) وفقاً لـ ( IUCN).  للتقييمات البيئية للتراث العالمي مع فرصة للمشاركة العامة
  • إيقاف تصميم وتمويل مشاريع السدود الجديدة حتى يتوفر التقييم الاستراتيجي البيئي ( SEA) لكي يكون عون ومرشد لتصميم مثل هذه المشاريع.وحتى تصبح نتائجه معلنة لينظر فيها مركز التراث العالمي و( IUCN ). ما أنّ يتوفر مثل هذا التقييم ( SEA) فيجب أن تعتبر تقييمات التأثيرات البيئية( EIA)  على النتائج لكل سد كبير وخزان على المنابع لغرض تسليم النتائج النهائية للتقييم إلى لجنة التراث العالمي و( IUCN).
  • تطالب الطرف الحكومي التركي بشمول وبوضوح تام الحد الأدنى من مستويات التدفق المطلوبة للأهوار في أحكام سدود الأنهار التي تغذي الموقع من أجل الحفاظ على متطلبات القيم العالمية وهي (OUV)الأهوار.

3- الصيد الجائر

طلبت لجنة التراث العالمي من العراق تسليم بيانات متعلقة بالصيد الجائر، ومن ضمنها بيانات عن مرافعات قضائية وإدانات بسبب ممارسة هذه النشاطات غير القانونية، وزيادة الحماية القانونية لهذه الحيوانات، تعزيز استيعابه الإداري والتنفيذي للسيطرة على هذه النشاطات.

تطالب الطرف الحكومي العراقي بتسليم البيانات سنوياً لأجل تقييم الكائنات الحية الأكثر تأثّراً بالصيد الجائر كل سنة. يمكن إتمام ذلك بدعم من ( IUCN). نطلب من اليونسكو أن تشدّد على توعية السكان المحلي بالطرق المستدامة لاستخدام النظام البيئي والتأثيرات المضرة لأساليب الصيد غير القانونية والصيد خارج الموسم. يمكن تحقيق ذلك عن طريق وضع خطط صيد مجتمعية والتي تعتبر آلية للصيد من قبل مجتمع الصيادين والأفراد.

4- السياحة والدخل المادي

أعلن الطرف الحكومي تحضير وتطبيق خطة إدارية شاملة للسياحة في الأهوار بناءً على طلب من لجنة التراث العالمي. يشير التقرير إلى “تأسست مشاريع سياحية صغيرة داخل المكونات الطبيعية…. والتي تساهم في تطوير النشاط السياحي في المنطقة”. هناك علاقة جوهرية بين الصحة البيئية للأهوار وديمومة التقاليد الثقافية لعرب الأهوار والتي تعترف بها اليونسكو حين طلبت تطبيق ” المعرفة البيئية التقليدية لأي تخطيطات بنائية جديدة”. نؤمن بأن على اليونسكو ان تشدّد على العلاقة بين الدخل المادي المعتمد على السياحة والحفاظ على المعرفة البيئية التقليدية في الأهوار.

يمكن لديمومة الدخل المادي من السياحة ضمان بقاء المعرفة البيئية التقليدية التي يحافظ عليها النساء والرجال من مجتمع عرب الأهوار بالنظر للموارد المائية غير المستقرة، كما أنّها تخلق فرص عمل ممّا يخفف صيد الطيور والأسماك. يجب على الخطط والمشاريع أن تكون بيئية في جوهرها ومستديمة ويرافقها إيجاد دخل مادي لسكّان الأهوار. تحتاج المجتمعات إلى التدريب لكسب المهارات الجديدة من أجل العمل أو لأجل توظيف القدرات الموجودة، كما أنّها تمكّن العمّال من تأسيس شركات صغيرة وتطوير الوضع المادي الخاص إلى جانب التطوير الذاتي. تحتاج النساء بشكل خاص إلى الدعم في المحافظة على تقاليدهن ولكسب العيش. على اليونسكو تشجيع إيجاد الحلول المبتكرة في خطط السياحة بما في ذلك الطاقة المتجددة وإعادة تدوير النفايات.

5- نشاطات الانتاج النفطي

تحثّ لجنة التراث العالمي الجهة الحكومة العراقية أن تلتزم بعدم التنقيب أو البحث عن النفط داخل الموقع. لا يشير تقرير حالة الحفظ إلى أي نشاطات للبحث عن النفط في الموقع أو المناطق القريبة منه بسبب الأوضاع المناخية، ولكنه في نفس الوقت لا يقدّم الضمانات بأنّ هذا لن يحصل في المستقبل.

 من المهم أن تطلب اليونسكو من الحكومة العراقية توضيح نواياها فيما يتعلق بتطوير النفط داخل الموقع أو حوله. هل الحكومة العراقية مستعدة لفرض إيقاف على البحث والتنقيب عن النفط؟ إذا كان الجوب “لا”، ما هي المناطق ضمن الموقع أو حوله التي قد يجري فيها البحث والتنقيب عن النفط؟ كما على اليونسكو أن توضّح إذا ما كان تطوير حقل للنفط سيعرض تصنيف الأهوار كموقع تراث عالمي إلى الخطر.

6- إشراك المجتمع المدني والمجتمعات المحلية

إن إدارة التنمية المستديمة للموقع الطبيعي من الأنسب أن يكون بيد حلف متكون من جميع أصحاب الشأن ومن بينهم المجتمع المدني والسكان الأصليين. هذا يتطلب الشفافية والمزيد من التعاون من قبل الجهة الحكومية.

 لم تصدر اللجنة العليا لتطبيق خطة إدارة الأهوار كموقع للتراث العالمي أياَ من نتائج تحقيقها للصحافة. على لجنة التراث العالمي أن تطلب من الجهة الحكومية اتخاذ الخطوات اللازمة لكشف المعلومات المتعلقة بالمخاوف والإجراءات للموقع وإشراك المجتمع المدني المستقل في عملية إدارة الموقع وحمايته.

مع التقدير,

حملة انقاذ نهر دجلة والاهوار

Save the Tigris Campaign

www.savethetigris.org