الفتاة والمرأة بين مطرقة العنف الأسري وسندان ألحجر ألصحي
مخاوفنا تحولت الى حقيقة. إن العنف الأسري اصبح في تزايد مستمر بعد التباعد الأجتماعي والحجر المنزلي؛ حيث يعتبر العنف ثقافة أجتماعية رادعة لأي سلوك غير مقبول في ذلك المجتمع، لكن اكثر شريحة تتعرض للعنف في المجتمع هي النساء وذلك بسبب الصور النمطية المغلوطة للسلطة ألأبوية.
فإن حدوث أزمة مثل هذه متوقعة وتعتبر نتيجة بديهية لتقسيم الأدوار التي تشكل قوالب المرأة والرجل على حد سواء والذي ينتج عنه ضغط مضاعف وتوقعات استجابة لمتطلبات الأسرة والعناية بكل التفاصيل المنزلية والعمل المهني من المنزل أثناء هذه الفترة الحرجة إضافة الى التعامل النمطي من قبل الرجل تجاه الأسرة وردود الفعل التي تبرمج الرجل عليها في التعامل مع من هم تحت كنفه من عائلته، و ما يزيد الموضوع سوء هو الغطاء القانوني المبرر بمواد تمييزية لحالات العنف ضد المرأة وبالتالي اختفاء الرادع الذي يكبح جماح الذي يرتكب ذلك العنف.
النساء اليوم في صراع ضرير مع معنفها الذي وجدت نفسها حبيسة سقف واحد معه وصار هذا الشريك أشبه بالقدر المحتوم، حيث إنها لا تستطيع الفرار منه حتى الى أهلها وذلك بسبب الخوف من الانطباعات الاجتماعية حولها بعد الشكوى من جهة والهروب من جهة اخرى, اضف الى ذلك الاعتبار الاجتماعي للعائلة وقدسيته التي تم زرعها في مخيلتها منذ الطفولة والشعور بالخوف من كسر الصورة السعيدة امام المجتمع. حتى وإن تجاوزت كل هذه المخاوف فإن الإشكالات في الإبلاغ والاستجابة والخوف من مجهولية المصير والمأوى بعد الشكوى كلها هواجس تمنعها عن المقاومة او تصدي العنف والمطالبة بحقها، حيث تواجه المرأة ضعفا مؤسساتيا كبيرا في هذه الامور وتدرج الكثير من المشاكل تحت إطار الخصوصية العائلية وتأخذ المؤسسة المعنية القانونية هنا دور المتفرج خوفاً من ردود الفعل ذات الطابع العشائري. كما ان مع قلة الخبرة في التعامل مع هكذا مشاكل، لانملك فريق مدرب للتعامل مع حالات العنف وخاصة العنف القائم على النوع الأجتماعي لكي يعالج او يتعامل مع هذه الحالات بسرية تامة. فكل هذه المسببات ستشكل حاجزاً لا تستطيع الضحية تجاوزه.
إن وجود منظومة لا تجرم هكذا افعال يتيح لمرتكبي العنف، ثغرات ونصوص صريحة تمكنهم من الافلات من العدالة او العقوبة. كما ان هذه المنظومات لاتعالج حالة الفتاة بعد انتهاء القضايا وليس لها دور مؤثر في حماية النساء اليوم.
خصوصاً هذه الفترة التي تنذر بأرتفاع عدد الضحايا بصورة ملحوظة عالميا ومحليا، والاسباب كثيرة منها الوضع الاقتصادي و حظر التجوال الذي ارغم الكثير من الرجال على الجلوس في المنزل لفترات طويلة وهو شيء غير معتاد عليه، كلا السببين خلقا اثر نفسي عند الرجال، كذلك العدد الكبير لأفراد الأسرة داخل المنزل الواحد او تعدد العوائل وبالتالي تعدد المتطلبات والمشاكل، والشعور بالضغط بسبب الخوف من المرض، المشاكل والضغوط النفسية التي كان يواجهها الرجال ويقومون بتفريغها في العمل فو خارج المنزل مع الاصدقاء انعكست الان وتحولت الى مرض نفسي يتم تطبيقه بصورة بشعة على الاسرة وتعنيفهم لفظيا او جسديا، رغم هذا فان قصص العنف الاسري تمر على مسامعنا بصورة مستمرة منذ ضعف القانون وسطوة التسويات العشائرية، وتهزنا أبشعها بين فترة واخرى، اخرها كانت الضحية ملاك حيدر التي نجت باعجوبة من حادثة حرق بعد سلسة اعتداءات جسدية تعرضت لها من قبل زوجها. لانعرف من حالات الاعتداء الا نسبة ضئيلة من الأعداد الحقيقة لنساء تعرضن لعنف نفسي، جنسي، لفظي، جسدي ولم يتمكنن من النجاة. تداعت عوالم الكثيرات وتبعتها حياتهن!
كمنصة هي ثورة، نعلن عن تضامننا الجدي مع الفتيات والنساء المعنفات، وسنعمل كل ما بوسعنا لمحاولة تغيير هذه الواقع الاليم، نأمل ان يتم ويستمر الضغط بتشريع قانون يناهض العنف الاسري بكل أشكاله وعلى اختلاف ضحاياه ونخص منها المرأة لما نراه من بشاعة واقع الكثيرات، يمكن قراءة بعض حالات العنف الاسري التي لم يتم التسليط عليها الضوء ابدا وسوف نضل نسمع بين الحين والأخر عن مثل هكذا حالات ان لم يتم وضع حد لها بقانون رادع لمثل هكذا ممارسات، تحت هاشتاك #كل_يوم_ملاك الذي انشأه بعض الناشطين والذي أندرج تحته الكثير من القصص المؤلمة لنساء قضين نحبهن او ما زالن يعيشن حياة مليئة بجميع أنواع العنف نتيجة هكذا ممارسات.
منصة هي ثورة
15 نيسان 2020