أزمة كورونا المستجد في محافظة الانبار
رؤية منظمة شاقوفيان للتنمية والثقافة للمرحلة الراهنة
التداعيات والمعالجات
مثل اعلان منظمة الصحة العالمية في 11 اذار 2020، بتصنيف فايروس كورونا المستجد ” كوفيد 19″، وباءً عالميا علامة فارقة وضع البشرية أمام تحدي غير مسبوق، وهو ما تطلب بذل المزيد من الجهود وعلى جميع المستويات لمواجهة خطر الفايروس والحد من تفشيه خاصة في البلدان التي تعاني ضعفًا واضحًا في أنظمتها الصحية، وتواجه تحديات سياسية، اقتصادية واجتماعية. ومع وصول الفايروس إلى العراق وتسجيل عدد من الإصابات والوفيات سارعت الحكومة العراقية إلى تشكيل لجنة لمعالجة الأزمة عرفت بلجنة الأمر الديواني 55 لسنة 2020، ومما يؤشر على الحكومة العراقية إنها تأخرت ولم تتخذ إجراءاتها قبل وصول الفايروس وأبقت الحدود وحركة الطيران مفتوحة إلى وقت طويل، إضافة إلى إنها لم تشكل لجنة خاصة لمعالجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها شريحة واسعة من المجتمع العراقي بسبب طبيعة الإجراءات المتخذة والتي تمثلت في تعطيل العمل وفرض حظر التجوال الشامل للفترة من 17 اذار حتى 18 نيسان ويمكن أن يستمر العمل بهذه القرارات إلى وقت غير معلوم نظرًا لارتفاع الإصابات وزيادة في نسب الوفيات!
وبعد تفشي الفايروس في عدد من المحافظات سارعت الحكومية المحلية في محافظة الانبار إلى تشكيل خلية أزمة خاصة تعمل بالتنسيق مع لجنة الأمر الديواني 55، وقد غاب عنها ايضًا تشكيل خلية طوارئ لمعالجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية خصوصا أنه لم يمض وقت طويل على تحرير المحافظة من سيطرة تنظيم “داعش”، وهي مازالت تواجه تحديات كبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، تتمثل في دمار البنى التحتية وخروج العديد من القطاعات عن العمل بسبب الحرب، وارتفاع نسبة الفقر إلى 17 %، ووجود جيش من العاطلين إضافة إلى الوضع الإنساني الخاص بالنازحين وتواجدهم في مخيمات النزوح خارج المدن وحاجتهم إلى إغاثة عاجلة ورعاية صحية مستمرة في ظل حظر التجوال وذلك لضمان سلامتهم وتجنيبهم الجوع والمرض!
أن صور التكافل الاجتماعي الذي ظهرت فيه المحافظة والرؤى التي تبنتها حركة المجتمع المدني ومنتديات السلام في الانبار تلهمنا جميعًا وتلقي علينا مسؤولية المساهمة في وضع الأطر الصحيحة لمعالجة التداعيات الناتجة، فالجهود التي تبذلها منظمات المجتمع المدني والفرق التطوعية العاملة في مجال الإغاثة ساعدت في معالجة جزء من المشكلة عبر إطلاق حملات لجمع التبرعات وتجهيز الأسرة المتضررة بمواد غذائية تكفي لبعض الوقت، والتوعية بضرورة الالتزام بالتعليمات والإجراءات، وهو ما يؤشر سرعة استجابة المجتمع المدني في المحافظة للتداعيات التي غفلت عنها الحكومة، واحتمالية توقف هذه الحملات واردة خصوصا مع ضعف إمكانيات المجتمع المدني امام مواجهة ازمة بهذه الضخامة.
من جانب أخر، فالوضع الصحي في المحافظة ليس بالمستوى المطلوب فالحروب السابقة التي تعرضت لها ساهمت بشكل مباشر في توقف الكثير من المشاريع وكان للقطاع الصحي النصيب الأكبر من الاضرار، وخروج بعض المستشفيات من الخدمة شكل عبئًا ثقيلًا على حياة المواطنين إضافة إلى أن بعض المدن البعيدة عن مركز المحافظة ليست لديها مستشفيات وأن وجدت فيه غير مجهزة يضاف إلى ذلك قلة الكوادر الصحية العاملة هناك، وضعف الامكانيات الصحية بشكل عام، وهذا ما يدعونا للقلق خصوصا مع غياب الخطط والآليات لمعالجة مثل هذه المشكلات في هذا الظرف الطارئ.
فيما يخص التعليم، فقد عطلت الحكومة العراقية الدراسة في المؤسسات التعليمة، وألزمت الطلبة بالتعليم الالكتروني وتركت الخيار مفتوح امام المؤسسات التعلمية لاختيار الطريقة المناسبة للتواصل مع الطلبة وغاب عنها سوء خدمة الانترنيت وارتفاع أسعارها، وضعف خبرات الكوادر والطلبة في التعامل مع التعليم الالكتروني إضافة الى عدم توفر الخدمة لشريحة واسعة خاصة ضعيفة الدخل مما سيحرمها من حقها في التعليم، وهذا ما لم تتناوله الجهة المعنية في المحافظة.
يمكن اعتبار وضع المحافظة في مواجهة الفايروس أفضل من بقية المحافظات العراقية خاصة إن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها خلية الازمة في المحافظة والتزام المواطنين بها نجحت في منع وصول الفايروس مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم اختبار قدرتها في حال تسجيل إصابات ناتجة عن العدوى. في المقابل أفرزت هذه الإجراءات مشكلات عديدة ومتنوعة تتطلب وقفة جادة وحقيقية وملزمة أن جاز القول لمعالجتها بشكل عاجل من خلال:
- تشكيل لجنة طوارئ خاصة لمعالجة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وضمان مشاركة المجتمع المدني فيها.
- إطلاق حملة إغاثة حكومية بمساهمة المجتمع المدني لدعم الفئات المتضررة وضمان وصولها إلى جميع مدن المحافظة.
- تخصيص مبلغ وقدره 200 ألف دينار شهريا ولمدة 3 شهور للعاطلين عن العمل، والعمال، وذوي الاحتياجات الخاصة.
- إغاثة النازحين وتوفير الرعاية الصحية العاجلة لهم وضمان عودتهم الطوعية إلى المناطق التي نزحوا منها.
- دعم المزارعين بالبذور والسماد ومادة الكاز لسد احتياج المحافظة.
- إطلاق مواد البطاقة التموينية مع زيادة مفرداتها وتحسين قيمتها الغذائية.
- دعم الأسعار خاصة أسعار المواد الغذائية والغاز والنفط.
- ضمان العمل الحق بالتعليم عبر إيجاد بدائل تلائم وضع المحافظة وتضمن شمول جميع الطلبة.
- تأمين الكوادر الصحية وضمان تجهيزهم بالمواد المصممة وفق المعاير الدولية لمواجهة الفايروس.
- تجهيز المستشفيات خاصة في المناطق النائية والبعيدة عن مركز المحافظة بالأجهزة، والمستلزمات الطبية وتعزيزها بالكوادر الصحية.
في الختام، نؤكد على أهمية التزام المواطنين بإجراءات الحظر الصحي، وزيادة العمل على التوعية بأهمية البقاء في المنازل لمواجهة خطر الفايروس، والخروج من الازمة سالمين، ومع انفاذ القانون شرط عدم المساس بحقوق المواطنين وحرياتهم.
تحية للكوادر الصحية والأمنية ولجميع من يساهم في حمايتنا.
منظمة شاقوفيان للتنمية والثقافة
13 نيسان / ابريل 2020