المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

العراق قطاع صحي متهالك، وافق مظلم

بمناسبة يوم الصحة العالمي

يحتفل العالم في السابع من نيسان باليوم العالمي للصحة وقد خصصت منظمة الصحة العالمي، احتفال هذا العام للتركيز على موضوعة العاملين في قطاع الصحة بالتمريض والقبالة.

هذه المناسبة الدولية جاءت في وقت يواجه العالم جائحة كورونا المستجد، والدي أصاب عدد كبير من الناس في بلدنا مختلفة، وأدت الى تقطع اوصال العالم وتوقف شبه تام للحياة الاجتماعية والاقتصادية في عدد كبير من المناطق.

هذه الجائحة تجعلنا نفكر بان الخدمات الصحية في العالم ليست بالمستوى المطلوب، وسياسات التحرر الاقتصادي، وإيقاف الدعم عن الحاجيات الأساسية يجب ان يتغير، لأننا غير مستعدين خسارة المزيد من الضحايا فالأنسان أغلى رأس مال ولا يجب ان يعامل كسلعة.

العراق أحد البلدان التي أصابها هذا الوباء، واعداد ليست بالقليلة أصيبت بهذا الفايروس، ولاقت حتفها، فلم يميز هذا الفايروس بين العراقيين، الجميع في خطر، والجميع بحاجة الى رعاية صحية.  وهنا السؤال المهمة هل لدينا الإمكانيات والبنى التحتية الكافية والمناسبة لمواجهة هذه الكارثة؟!.

المطلع على بيانات وزارة الصحة الشحيحة والمنشورة على موقع وزارة الصحة او مواقع حكومية أخرى، سيجد اننا نمتلك فقط ٢٨١ مستشفى حكومية[1]، وحسب تقرير الوضع البيئي والصحي في العراق الصادر وزارة الصحة سنة ٢٠١٩، يؤشر ان تلك المؤسسات ليست كلها بذات الكفاءة الاستيعاب وتحتاج الى تأهيل، فهي تعاني من الإهمال وغياب التأهيل والتطوير لمرافقها طوال العقود الثلاث الماضية فضلا النقص في الأجهزة والمستلزمات، على الرغم من سعي الوزارة الى بناء مؤسسات صحية جديدة ولكن قلة التخصيصات المالية والفساد والأوضاع الأمنية جعلت هذا مجرد أحلام.

ان عدم وجود المؤسسات الصحية الكافية يثير لدينا سؤال هل نحن قادرين قطاع صحي قادر على مواجهة الوباء، علما ان دولة متقدم جدا في المجال الصحي مازالت حتى الان تجد صعوبة في القضاء على الفايروس او السيطرة على مستوى انتشاره.

سجلت المشاكل الصحية في الجهاز التنفسي اعلى نسبة في المراجعة لردهات الطوارئ في المستشفيات الحكومية المختلفة حيث راجع في عام ٢٠١٧ وحدها حوالي ١١٥٨٦٩١ شخص، عدا إقليم كوردستان، بسبب مرض في الجهاز التنفسي. اليس هذا الرقم كفيل بان تتحرك الحكومة الى شراء معدات وأجهزة لكي تعالج هذه المشكلة، وتستعد لمواجهة الامراض التي سجلت لديها اعلى نسبة للمراجعة؟!.

وفي العودة الى موضوعة احتفال يوم الصحة العالمي هذا العام، والذي كما أسلفنا ركز هذا العام للاحتفال بالكادر التمريضي والقابلات، سنجد اننا أيضا نعاني من إشكاليات حقيقية في هذا القطاع، حيث تشير الاحصائيات الواردة في التقرير الاحصائي السنوي لوزارة الصحة لسنة ٢٠١٧ ان عدد العاملين في قطاع التمريض يبلغ ٦٤٢٩٧ ألف شخص، في حين تشير المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية [2] يجب ان يكون لكل ١٠٠٠٠ ألف ساكن هناك ٢٣ ممرض، أي نحن بحاجة الى أكثر من ١٦٠٠٠٠٠ مليون وستمائة ألف ممرض حتى نغطي جميع العراقيين؟! هذا بالإضافة الى التخصصات الأخرى من أطباء او ذوي مهن صحية.

ان الأرقام الصادمة التي نراها في التقارير المعنية بقطاع الصحة، هناك سبب أساسي جعلها بهذا الشكل، الا وهو حصة قطاع الصحة من الموازنة العامة للبلاد، حيث خصص لوزارة الصحة والبيئة معا حوالي ٤،٥ بالمئة من مجموع موازنة ٢٠١٩، أي حوالي ٦ ترليون دينار[3]، وتبلغ حصة الفرد العراقي من هذه الموازنة حوالي ١٥٤ دولار امريكي وهو الأدنى مقارنة بما يتم انفاقه في العالم او المنطقة حيث تصرف ايران ٣٦٦ دولار و٢٥٧ دولار للأردن[4].

الرقم أعلاه احدى الأسباب الرئيسية التي أدت الي تدهور واقع الصحة حيث لم تسجل الوزارة في تقريرها المذكور انفا أي إشارة الى بناء مستشفى جديد، سوى انشاء مستشفى واحد كان ضمن حملات الاعمار في حين كان هناك تأهيل وتوسيع لـ١٤ مستشفى ضمن منحة مالية لأحدى المنظمات او الدولية او غيرها لم توضح في تقرير الوزارة.

ان واقع الصحة في العراق يحتاج الى وقف جادة تتطلب خطط واستراتيجيات واضحة، على تتوفر لها جميع الإمكانيات المالية والبشرية، من اجل النهوض بهذا القطاع المهم.

ان العراق بلد فيه من الإمكانيات الكثير المطلوب تسخير هذه الإمكانيات بالاتجاه الصحيح بعيدا عن المحاصصة والفساد.

من اجل إشاعة ثقافة الحوار والنقاش حول القضايا العامة، نقترح الاتي للمساهمة في نهوض القطاع الصحي العراقي:

– زيادة التخصيصات المالية ضمن الموازنة العامة، بشقيها الاستثماري والتشغيلي.

– تفعيل الضمان الصحي، للعراقيين وزيادة الموارد المالية المخصصة له.

– السعي الى بناء مستشفيات جديدة ممكن الاستعانة بالمنح والهبات التي تمنح للعراق وتخصيصها جميعا لهذا القطاع.

– تطوير وتوسيع التعليم في التخصصات الصحية بما ينسجم مع حجم السكان واحتياج البلد.

– الاهتمام بالأطباء وذوي المهن الصحية والممرضين وغيرهم عبر زيادة الأجور وتوفير المستلزمات المناسبة لأداء مهماتهم.

– مراجعة خطط الوزارة في جانب الصحة، مع اعتماد المعايير الدولية كافة وعدم الاكتفاء بالحد الأدنى منها.

– على مجلس النواب أيضا المساعدة عبر الدور التشريعي والرقابي للمساهمة في جهود النهوض بالراقع الصحي.

في الختام تحية لجميع العاملين في القطاع الصحي، وهمه يبذلون جهود جبار من اجل حماية الاخرين وتحسين احوالهم الصحية.

 

مركز المعلومة للبحث والتطوير

٧ نيسان ٢٠٢٠

 

[1] تقرير الوضع البيئي والصحي في العراق الصادر وزارة الصحة سنة ٢٠١٩

[2] ممكن مراجع موقع منظمة الصحة العالمية 

[3] جريدة تقرير وزارة الصحة عن الواقع الصحي والبيئي في العراق.

[4] بيانات البنك الدولي