التقرير الدوري التاسع عشر عن انتهاكات حقوق الإنسان في العراق
إن هذا هو التقرير الدوري التاسع عشر الذي يصدره مركز الخليج لحقوق الإنسان منذ يناير/كانون الثاني 2020، لتوثيق أوضاع حقوق الإنسان في العراق، حيث يغطي الانتخابات الأخيرة التي جرت في العاشر من الشهر الحالي، الاحتجاجات السلمية التي تشهدها البلاد، مضايقة نشطاء المجتمع المدني والصحفيين والإعلاميين، تسليط الأضواء على ممارسة التعذيب بحق عدة مواطنين.
الانتهاكات والاعتداءات خلال الانتخابات العراقية
ذكر مراقبون، أن ضغوطات حدثت على ناخبين في مركز “التأميم” الانتخابي في ناحية خان بني سعد بمحافظة ديالى شرقي العراق، من أجل انتخاب أحد المرشحين.
كما أقدم مسلحون على الاعتداء بالضرب على أحد الناشطين السياسيين في ناحية بيارة الواقعة ضمن منطقة هورامان في محافظة حلبجة شمالي العراق، مما أسفر عن إصابته بجروح.
بتاريخ 03 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اعتدى مسلحون تابعون لأحد الأحزاب السياسية، على منزل مواطن رفض تعليق لافتة انتخابية على منزله، كواحدة من آليات الاحتجاج التي اتبعها، إلا أنه تعرض فيما بعد لإصابة بطلقٍ ناري.
وفي اليوم التالي لهذه الحادثة الموافق 04 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اعتدت مجموعة أخرى على مواطن آخر رفض أيضاً تعليق لافتة انتخابية على محل عمله، ليتعرض المحل بعد ذلك إلى التفجير بعبوة صوتية.
وسجلت السلطات العراقية 77 مخالفة على الأقل في عملية الانتخابات على الأقل، تراوحت بين محاولات ترهيب، وترغيب، وتهديد، واعتداء على كواد فنية وإدارية. وحدثت هذه المخالفات في محافظات بغداد، نينوى، ديالى، كركوك، البصرة، الانبار، صلاح الدين، أربيل، واسط، والديوانية.
وأعلنت السلطات إحالة المخالفين إلى اللجان القضائية التي تم تشكيلها من قبل مجلس القضاء الأعلى تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
أحرزت بعض الأحزاب المبنثقة عن احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 نتائج إيجابية، فقد حققت حركة امتداد التي يرأسها ناشط المجتمع المدني سابقاً والنائب في البرلمان الجديد علاء الركابي 9 مقاعد برلمانية بضمنها مقعده.
وبعد إعلان النتائج في اليوم التالي، اعترضت مجموعة من الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة على نتائج الانتخابات، ويخشى المواطنون من أن تتحول هذه الاعتراضات إلى صدامات مسلحة بين الأطراف السياسية في العراق.
عمليات الاستهداف السياسي
ازدادت في الأسابيع الأخيرة الماضية عمليات الاستهداف السياسي التي طالت نشطاء سياسيين ومرشحين مشاركين في الانتخابات. قُبيل الانتخابات وبتاريخ 08 أكتوبر/تشرين الأول 2021، فتح مسلحون النار على الناشط السياسي، المرشح لانتخابات مجلس النواب سدير الخفاجي بمنطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، لكنه لم يصب بأذى واقتصرت الأضرار على العجلة التي كان يقودها. صرح مصدر أمني في تصريحاتٍ صحفية بعد الحادث إن، “الاطلاقات النارية اصابت عجلته واستطاع الهروب منهم،” وأضاف بقوله، “الاضرار كانت مادية ولا توجد اي اصابات بشرية”.
بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 2021، انفجرت عبوة ناسفة على موكب المرشح في الانتخابات والعضو السابق في البرلمان العراقي عن محافظة ديالي محمد الدايني. وأسفر الانفجار عن إصابة شخصين من حمايته وتضرر عجلة جراء الهجوم.
بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2021، أحرق مجهولون في بغداد، صور دعائية لحركة “نازل آخذ حقي الديموقراطية”، وهي إحدى الحركات التي انبثقت عن احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019. حملت الصور الدعائية، أهداف وشعارات الحركة التي شاركت في الانتخابات الأخيرة.
اغتيال نشطاء المجتمع المدني
ما زال نشطاء المجتمع المدني في العراق يضغطون على السلطات بشكل كبير من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة قتلة المتظاهرين، لكن وبالرغم هذه المطالبات، إلا أن إجراءات السلطات ما زالت ضعيفة، ولا تلبي طموحهم في الوصول إلى المساءلة وإنهاء الحصانة.
بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2021، أصدر القضاء العراقي حكما بالإعدام بحق المدان بقتل الشاعر الشعبي جاسب حطاب الهليجي والد محامي حقوق الإنسان علي الهليجي، الذي ما يزال مختطفاً بعد أكثر من سنتين.
بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2021، نجا قاضٍ من محاولة اغتيال عندما استهدفه مسلحون بنيران أسلحتهم في محافظة ميسان. وتعرض القاضي الأول في محكمة تحقيق العمارة حارث جبار إلى محاولة اغتيال بعد إطلاق وابل من الرصاص على سيارته في مدينة العمارة، لكن العملية لم تنجح ولم يصب جبار بأي أذى.
كشف النقاب عن ممارسات تعذيبٍ
تلقى مركز الخليج لحقوق الإنسان تقارير مقلقة عن تعذيب طفلٍ من قبل والده، وتعذيب عدد من المعتقلين لدى القوات الأمنية العراقية. كشفت هذه العمليات حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون والسجناء في السجون والمعتقلات الحكومية، بالإضافة إلى مدى تعرض بعض الأطفال للعنف الأسري على أيدي ذويهم.
بتاريخ 12 أبريل/نيسان 2021، اختفت زوجة المواطن علي الجبوري. لقد تم اعتقاله في محافظة بابل بعد مرور شهرين على اختفائها واتهامه زوراً بقتلها بعد ظهوره في برنامج تلفزيوني اعترف خلاله بقيامه بهذه الجريمة. في 18 سبتمبر/أيلول 2021، عادت الزوجة وتم أطلاق سراحه بعد ثلاثة أيام من عودتها.
استمرار استهداف ناشطي المجتمع المدني والصحفيين
ما زالت عمليات استهداف النشطاء والصحفيين مستمرة، رغم الوعود الكبيرة والكثيرة التي قطعتها حكومة مصطفى الكاظمي لحمايتهم وتوفير بيئة آمنة للتعبير عن آرائهم، لكن ذلك لم يزل بعيداً من الحصول.
بتاريخ 08 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تم اعتقال الصحفي عباس الأركوازي مراسل قناة البغدادية في قضاء خانقين، التابع لمحافظة ديالى، من قبل القوات الأمنية خلال تغطيته عملية التصويت الخاص للانتخابات العراقية، لانتقاده في بث مباشر الأجهزة الأمنية العراقية لمنعها الصحفيين من تغطية عملية التصويت هذه. يعمل الأركوازي أيضاً مديراً لدائرة الفنون والثقافة في مدينة خانقين. لقد تم إطلاق سراحه في اليوم التالي.
بتاريخ 07 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اختفى الصحفي علي عبد الزهرة في العاصمة بغداد بظروف غامضة لا يعرف أحداً تفاصيلها، ولم يوضحها تماماً عندما عاد إلى منزله بعد يومين متتاليين.
العنف ضد المرأة
بتاريخ 02 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ظهرت فتاة شابة في مقطع فيديو بعد هروبها من سجن انفرادي قضت فيه ثلاث سنوات، وناشدت رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بقولها، “فكرت مليون مرة عن ماذا أتحدث معك لتنقذني، لأن أرخص شيء في العراق هي حياة النساء، وبعد معاناة ثلاث سنوات تمكنت من الهرب، وبشق الأنفس عدت إلى الحياة ولا أريد أن أخسرها وأكون ضحية للجهل. صدقني يا رئيس الوزراء تمنيت لو أنني تمكنت من إكمال رحلة النجاة دون مساعدة أحد، لكنني مضطرة على ذلك. أرجوك لا تخيب لي أملي لأنني من دون معيل.” لم يُعرف لحد الآن ما إذا قدم لها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أي مساعدة تُذكر.
أخبار التظاهرات والاحتجاجات السلمية
ما زالت التظاهرات مستمرة في أنحاء العراق، وإن كانت على نحو متقطع، إلا أنها تعبر عن غضب شعبي كبير تجاه ما يحدث في البلاد من انتشار للفساد، سوء الخدمات العامة، والتضييق على الحريات العامة للمواطنين، كما وتستمر احتجاجات الفئات المهنية مثل المهندسين وخريجي الدراسات العليا وغيرهم.
بتاريخ 01 أكتوبر/تشرين الأول 2021، خرج الآلاف من العراقيين في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى في مسيراتٍ، لإحياء الذكرى السنوية الثانية لانطلاق الحراك الشعبي في 01 أكتوبر/تشرين الثاني 2019 والتي راح ضحيتها نحو 800 متظاهراً سلمياً وآلاف من الجرحى والمعتقلين وعشرات من المغيبين. لقد جدد المتظاهرون مطالبهم بمحاسبة قتلة المحتجين والقيام بإصلاحات شاملة.
امتلأت ساحة التحرير في بغداد وهي معقل الاحتجاجات في العراق، بالمتظاهرين من جديد بعد مضي أشهر على انسحابهم منها ورفع الخيام، في محاولة منهم لإعادة إحياء حراكهم الشعبي من أجل تحقيق أهدافها. لقد واجهوا أمامهم أعداداً كبيرة من القوات الأمنية التي عملت على إغلاق محيط ساحة التحرير قبل انطلاق هذه التظاهرات.
التوصيات
مرة أخرى، يدعو مركز الخليج لحقوق الإنسان الحكومة العراقية إلى تحمل المسؤولية الكاملة لحماية جميع المتظاهرين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع المدني. بالإضافة إلى ذلك، يجب على السلطات تعزيز القوانين المناهضة للاعتداء الجنسي والعنف المنزلي، لا سيما عندما يكون النساء والأطفال أكثر ضعفاً خلال العزلة التي تفرضها الأزمة الحالية. أن مركز الخليج لحقوق الإنسان يدعو السلطات العراقية لتحديد جميع مرتكبي جرائم خطف، تعذيب، وقتل مدافعي حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين والنشطاء الآخرين وتقديم المسؤولين عنها للعدالة. يجب على السلطات الوفاء بالتزاماتها الدستورية بعدم انتهاك الحريات العامة، بما في ذلك حرية التجمع السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة.