حافظوا على سلامكم
منذ الانتخابات العراقية في أكتوبر 2021, بدأ الوضع السياسي في العراق يتدهور من سيء الى اسوء، نتيجة لتصادم القوى السياسية فيما بينها حتى وصلت الامور الى إلى طريق مسدود، و عجز البرلمان العراقي المنتخب من ممارسة مهامه طيلة عشرة اشهر.
بدأت هذه الازمة مباشرة بعد اعلان نتائج الانتخابات العراقية, والتي فاز فيها التيار الصدري باغلبية المقاعد، و تحالف التيار مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب تقدم لتكوين الكتلة الاكبر وتشكيل حكومة اغلبية.
بينما لجاء العديد من الأحزاب السياسية الخاسرة وبينها تلك المدعومة من إيران، للاعتراض على نتائج هذه الانتخابات وتشكيل تحالف مضاد تحت عنوان (الإطار التنسيقي). رفض هذا التحالف المضاد فكرة تشكيل حكومة اغلبية تستثنيهم وتجردهم من مكاسب حصلو عليها من الحكومات السابقة.
ولكون الاطار التنسيقي يضم احزاب لديها اذرع مسلحة، اصبح التصعيد بينها وبين التحالف الذي يقوده التيار الصدري يهدد بمواجهة مسلحة وحرب اهلية تحرق الاخضر واليابس.
بعد أشهر من التازم والخلاف، استقال البرلمانيين الصدريين تجاوبا مع طلب قائدهم السيد مقتدى الصدر، والذي اعلن انه وصل لقناعة بان هذه العملية السياسية فاسدة ولا يريد المشاركة بها.
وهذا التازم المستمر و الصراع السياسي الذي استمر لاكثر من عشرة اشهر، سبب وجود فراغ دستوري شكل مصدر قلق رئيسي عند العراقيين والمهتمين بالشان العراقي.
مؤخرا، كان هناك تحشيد واسع للاحتجاج في المنطقة الخضراء من قبل أتباع التيار الصدري، وكان هذا مباشرة بعد انتشار تسريبات صوتية لمحادثة للسياسي نوري المالكي مع مجموعة مسلحة ورد فيها تهديدات واساءة ضد زعيم التيار الصدري، وحوار خطير حول التسليح والتخابر مع الدولة الجارة ايران. ورفض المالكي الاعتذار عنها فيما عجز القضاء والحكومة العراقية عن محاسبته حول هذه المعلومات الخطيرة.
واختار اتباع التيار الصدري التظاهر والاعتصام في المنطقة الخضراء وفي مبنى البرلمان لمدة أسابيع, مطالبين بحل البرلمان وعمل انتخابات جديدة مبكرة واستمرار الحكومة الحالية حتى تحقق ذلك. كما طالبو بتغيير بعض أعضاء المحكمة الاتحادية والالتلزام بقانون الانتخابات الاخير – متعدد الدوائر والعمل مستقبلا على تغيير الدستور وتغيير نظام الحكم من برلماني الى نظام شبه رئاسي
من جانبه رد التحالف المضاد ( الإطار التنسيقي) بضرورة استمرار البرلمان الحالي وتشكيل حكومة يقودها احد مرشحيهم، ودعا مؤيديه للخروج بتظاهرات مضادة.
وفي نهاية شهر آب بعد شهر من بدأ التظاهرات واستمرار الوضع ذاته بشكل هادئ من قبل المتظاهرين الصدريين في المنطقة الخضراء، أعلن مقتدى الصدر اعتزاله عن العمل السياسي وحل التيار الصدري وإغلاق مكاتبه كافه.
و سبب هذا الإعلان غضب اتباعه الذين صعدو و اجتاحوا شوارع المنطقة الخضراء والقصر الرئاسي ووصلو لمكاتب تابعة لمليشات واحزاب مقربة من الاطار التنسيقي. وقام بعض من حراس هذه المليشيات باطلاق النار ضد المتظاهرين العزل وتسبب ذلك بقتل عدد منهم. وعلى اثر ذلك تصاعد الموقف لنزاع مسلح بين ميليشيا سرايا السلام التابعة للتيار الصدري وبين ميليشيات داعمة للإطار التنسيقي. واندلعت مواجهات في المنطقة الخضراء وفي بغداد بشكل عام وفي مدينة البصرة جنوب العراق. وتم استخدام الأسلحة الثقيلة في هذا النزاع المسلح بين المليشيات من كلا الطرفين، ووسقط مدنيين وعزل في هذا النزاع الاعمى. وتفيد الارقام الرسمية بقتل على الاقل 23 عراقيا وأصابة 380 آخرين وذلك فقط خلال يومين ( 29 إلى 30 من شهر آب)
حتى الان، المستقبل غامض. هنالك الكثير من السيناريوهات المتوقع حدوثها، من جهة تراجع الحكومة الاتحادية طلب قدمه ممثلين عن التيار الصدري بحل البرلمان. بينما يصر الاطار على تشكيل حكومة توافقية تحت قيادته. وتطالب اطراف اخرى باستمرار الحكومة الحالية او تشكيل حكومة مؤقتة مقبولة من التيار الصدري، تستمر لعام اخر وثم يجري عقد انتخابات جديدة .
كما ومن المحتمل مع استمرار الوضع الحالي حصول احتجاج عراقي شامل ضد النظام السياسي بأكمله مثلما حصل في انتفاضة تشرين في العام ٢٠١٩.
في هذه الأيام الاوضاع في العراق مهددة بخطر الانجراف الى مواجهة طائفية ونزاع بين القوى السياسية التي تدعي تمثيل هذه الطوائف. وبصفتنا أعضاء من المجتمع المدني الدولي، لا يمكننا أن نخفق في التعبير عن قلقنا بخصوص الاحداث في الايام الاخيرة. كانت رسالة الشباب العراقيين في مظاهرات 2019 واضحة جدا: يجب انتزاع الطائفية من السياسة العراقية، يجب ضمان الحقوق في التعبير و ممارسة الحريات المدنية كمواطنين عراقيين، وضمان مساهمة الشباب العراقي بدون تمييز في العمل السياسي والاجتماعي وضمان الخدمات لكافة ابناء الشعب بشكل فعال، كما ويجب اجراء اصلاح سياسي شامل.
نحن نناشد ساسة العراق و الحكومة العراقية للاعتراف بهذه الحريات، واحترام التضحيات التي قدمها الشباب في انتفاضة ٢٠١٩ يجب حصر السلاح بيد الدولة ومنع كل المليشيات الخارجة عن القانون وتجريدها من السلاح كامر اساس لارساء السلم والامن والامان في العراق.
. يطمح الشباب العراقي وكل نظرائهم من الشباب في جميع انحاء العالم، ان يكونوا قادرين على التعبير عن حرياتهم وممارسة اداوارهم السياسية بدون أي استهداف ضدهم.
نحن نناشد أعضاء البرلمان العراقي والساسة العراقيين بشكل عام لاختيار مسار الحوار،ونزع السلاح والسلام، وليس مسارالتحزب الطائفي والتقاتل على الهوية. ولنتذكر ما دفعه العراقيين من اثمان باهضة خلال السنوات العصيبة التي عاشهوها منذا عام ٢٠٠٣.
في هذه الأيام العصيبة نعبر عن تضامننا القوي مع الشعب العراقي في هذه الأوقات الصعبة ونعزي عوائل الضحايا ونتمنى للجرحى الشفاء العاجل. و نطالب باحترام حق التظاهر بسلام م نستنكر أي انتهاكات من قبل الحكومة او اي طرف اخر ضد الذين يحتجون ويمارسون حقهم في النضال اللاعنفي.
نحنأعضاء وشركاء مبادرة التضامن مع المجتمع المدني نوجه تضامننا لشكل خاص مع الشباب العراقي الذي يواجه كل يوم مصاعب عظيمة، والى المجتمع المدني الفاعل، والذي يحارب باستمرار النزعات الطائفية والعسكرة المجتمعيةفي العراق.
نحن ملزمين كمجتمع مدني دولي بمراقبة ما يحدث هذه الأيام باستمرار، و رصد انتهاكات حقوق الانسان و نناشد الفاعلين الدوليين وبينهم الامم المتحدة والاتحاد الاوربي للتحرك لحماية الحقوق والحريات.
كما فعلنا في انتفاضة عام 2019نحن نقف مع الشباب العراقيين اليوم أكثر مما سبق بالتضامن والمساندة لهم!