رسالة مفتوحة حول اثار بناء سد اليسو على العراق وموجهة الى الرئاسات الثلاث – اربع مطالب محددة لانقاذ نهر دجلة وحماية الاهوار .
إلى السادة:
فخامة رئيس الجمهورية العراقية السيد جلال الطالباني
دولة رئيس مجلس الوزراء ، السيد نوري كامل المالكي
سيادة رئيس مجلس النواب العراقي ، السيد اسامة النجيفي
تحية طيبة وبعد
نحن جمعٌ من المنظمات غير الحكومية العراقية ونشطاء مدنيون، وافراد، نشعر بقلق بالغ وهم كبير حول مستقبل امتنا وحقها بالحصول على المياه، وحول التهديد الكبير الذي يمثله سد “اليسو” اذا ما اكتمل بناؤه. نكتب لكم لنعلمكم بالآثار المدمرة والنتائج السلبية على الانسان والبيئية والتي ستطال جميع انحاء العراق، نكتب لكم طالبين تدخلكم الفوري لحماية حقنا في المياه.
يعاني العراق من تناقص كبير في تدفقات مياه نهر الفرات بسبب مشروع GAP المقام في تركيا، وألان نحن نمر بتجربة اخرى ألا وهي تقليص تدفق مياه نهر دجلة . تراجعت نوعية مياه نهر الفرات في العراق بصورة رئيسية بسبب نقص تدفق المياه الناتج عن بناء عدد من السدود. تضاعف اجمالي المواد الصلبة المذابة في النهر الى اربع اضعاف، مما جعل مياه النهر غير مناسبة للاستهلاك البشري. كذلك فان مشاكل كبيرة تواجه استمرار زراعة معظم المحاصيل والتي باتت لا تتحمل الملوحة المتراكمة في التربة.
كل ذلك ممكن ان ينعكس هذه المرة على نهر دجلة بسبب سد اليسو مما سيؤدي بالنتيجة الى نقص في المياه و تدهور كبير في نوعيتها وأزمة جديدة ستواجهها الزراعة.
اذا ما تم المضي قدما في مشروع سد ” اليسو”، فان حق العراقيين التاريخي والإنساني بالحصول على المياه سيتم انتهاكه بشكل كبير، وهو حق قد ضمنه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي انضمت اليه دولتي العراق و تركيا. كذلك فان استمرار تشييد السد يُعد انتهاكاً صارخا لمعاهدة الامم المتحدة لقانون استخدام المجارى المائية الدولية فى الأغراض غير الملاحية للعام1997. والتي ينظر اليها وبشكل واسع على انها تشريع لقواعد دولية و اعراف دولية ملزمة كونها تلزم الدول بشكل عام بالاستخدام العقلاني والمنصف للمياه، ومنع الاخطار والتخطيط والمشاركة والإعلام المسبق المسبقة لدول المجرى بالخطط الجديدة التي تعتزمها دولة المنبع ، وهو الامر الذي لم تلتزم به تركيا لحد هذا اليوم.
سيطال التأثير خزين المياه العراقي. كمية ونوعية مياه بحيرة الثرثار والتي تقع ما بين نهر دجلة والفرات و بحيرة الحبانية غرب الفرات، ستتأثر بصورة خطيرة اذا ما تم اكمال هذا السد. وسيمتد الاثر السلبي ليصل الى الاهوار في جنوب العراق.
منطقة الاهوار هي موطن عرب الاهوار (المعدان) و تتمتع بأهمية عالمية كونها تحضا بتنوع حياتي وبيولوجي فريد من نوعه و بتاريخ يعود الى اكثر من 5000 سنة. وكونها موطن لعدد مهم وكبير من الطيور والثدييات و البرمائيات و الزواحف والتي هي في الاصل انواع مهددة بالانقراض. وهي توفر مصدر مهما للصيد السمكي والذي يصل الى نسبة 60% من اجمالي صيد السمك في العراق. وقد تعرض هذا المصدر المهم الى خسارة تصل الى 50% من مجمل الصيد، بسبب ندرة المياه القادمة من المنبع وبسبب المشاريع المقامة هناك.
حينما تعرضت الاهوار الى التجفيف المجحف، تعرضت المنطقة الى كارثة بيئية وهجرة واسعة لسكانها الأصليون، وصفها برنامج الامم المتحدة للبيئة حينها: “واحدة من اهم الكوارث البيئية و الإنسانية”.
اعادة تأهيل الاهوار يحتاج الى كميات مناسبة من المياه تدار بشكل صحيح، لكن سد “اليسو” يهدد هذه العملية بالفشل، وسيؤدي الى مزيد من الجفاف في منطقة الاهوار وبالتي فقدان الموطن والحياة للبشر والأحياء الأخرى، مما يعني ايضا موجات هجرة جديدة وانتشار البطالة. وهذا كله يمثل انتهاك لحقوق عشرات الالاف من عرب الاهوار و المصنفون كسكان اصليون للعراق، و”السكان الاصليون” هم فئة مهمة تتمتع بحقوق نص عليها اعلان الامم المتحدة لحقوق السكان الاصليون في الفقرات 8و20و26 من هذا الاعلان.
في عام 2007 تم تسجيل هور الحويزة والذي يستلم معظم مياهه من نهر دجلة ضمن قائمة “رامسار” كأول موقع عراقي ضمن هذه القائمة والتي تضم اهم الاهوار والمناطق الرطبة في العالم. اما الاهوار الوسطى فهي جزء من خطة عمل لأدخلها ضمن الموروث العالمي لمنظمة اليوسنكو ومخطط لها ان تكون محمية طبيعية. هذا الموقع الذي لا يمكن تعويضه ستخسره الانسانية للأبد اذا ما تم بناء سد اليسو كما هو مخطط له الان.
لذلك :
- نطالب تشكيل عاجل لخلية ازمة تضم : خبراء في المياه و البيئة من الحكومة والبرلمان والمجتمع المدني، وتقوم بمفاوضات عاجلة مع تركيا من اجل تعليق العمل بهذا السد لحين دراسة اثاره على مياه وبيئة العراق.
- نطالب الحكومة العراقي بان تتبنى رسالة الحملة الموجهة الى شركة اندرتز، وان تضع خطة تتضمن اجراءات قانونية واقتصادية محددة ضد هذه الشركة وكل البنوك والشركات الاخرى التي تعمل على انشاء هذا السد، اذا ما لم يعلقوا عملهم فيه فوراً.
- نطالب الحكومة العراقية والبرلمان ومجلس الرئاسة لمساندة حملتنا لإنقاذ نهر دجلة و الاهوار.
- نطالب اللجنة العراقية المشكلة لإعداد ملف الاهوار الوسطى ان تعلن عن نتائج عملها للجمهور العراقي وان تلزم نفسها بسقف زمني لرفع الملف الى اليونسكو بحيث لا يتجاوز العام الواحد و بحيث يكون جاهزا قبل اجتماع هيئة الموروث العالمي والمتوقع في حزيران عام 2013.
نبلغكم بأننا عازمون على الاستمرار بجمع التواقيع والتوعية ومناشدة الاعلام والرأي العام حتى تستجيبوا الى مطالبنا هذه استجابة كاملة وواضحة النتائج. نحن متأكدون من ان عملية انقاذ نهر دجلة و الاهوار هي امو مهمة لكم ايضا. ونحن نتوقع ان تستخدموا صلاحياتكم و مناصبكم وتستجيبوا للرأي العام العراقي وتكونوا ممن يحفظ حقه في المياه وممن يصون موارده الطبيعية وموروثه التاريخي العظيم.
هذا وتقبلوا بالغ التقدير والاحترام.