البيان العمالي في الأول من أيار
الموقف من السياسة الإقتصادية والأوضاع العامة الراهنة في العراق
تتسع وتتسارع عملية فرض السياسات الإقتصاية الجديدة في العراق، والتي بدأتها الحكومات العراقية منذ سنوات، وتتخذ في كل مرة إسماً وعنواناً مختلفاً للتضليل وصرف الأنظار، ولكنها تحمل نفس المحتوى والمضمون.
وتصبح القرارات والإجراءات الإقتصاية أكثر فأكثر غطاءاً لعمليات نهب واستيلاء منظمة، واسعة جداً تسببت في استحواذ مسؤولين ومتنفذين على ممتلكات عامة واستملاكها بطرق ملتوية تحت ذريعة الإستثمار وعقود المشاركة. ومع إتساع وإستمرار عمليات الإستيلاء والنهب، تتفاقم الآثار الإجتماعية على حياة الملايين، بسبب نهب الثروة العامة، إتساع الفساد وبناء مافياته وامتداداته، قمع المحتجين بوجه الفساد، والهيمنة على ثروة المجتمع. مع كل ما تقدم، تصبح الحياة اليومية للمواطنين في غاية الصعوبة. وتتجسم الآثار الإجتماعية للسياسة الإقتصادية في إتساع البطالة، نقص الخدمات العامة، إتساع الفقر، صعوبة الحصول على السكن اللائق، تراجع التعليم وارتفاع تكاليفه، تراجع الخدمات الصحية، اتساع الجريمة وعدم الشعور بالأمان.
إن كل المصاعب الناجمة عن السياسة الإقتصاية التي ينتهجها النظام السياسي، تقع على كاهل الكادحين والطبقة العاملة وعموم المحرومين، في حين تتمتع أقلية بثراء فاحش وبذخ يستفز مشاعر الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
لقد كان استهداف شركات القطاع العام بعمليات التصفية والهيكلة، هو مركز هجوم ممثلي السياسة الجديدة، بعد أن عطلوا الصناعات والمشاريع الكبيرة بحجة عدم جدواها الإقتصادية، أو بحجة كونها بقايات أو مخلفات النظام البائد، رغم أنها تعود لمراحل أبعد، أو على أنها بقايا الإقتصاد المخطط التي تتعارض مع اقتصاد السوق والخصخصة وحرية التجارة، والتي تنتهجها الحكومة.
إن كل العمليات المشار اليها هي فرض وتطبيق سياسة صندوق النقد والبنك الدولي، وهي خلاصة سياسات الرأسمالية العالمية التي تعمل على تعظيم أرباحها على حساب نهب وإفقار الملايين. إن الحكومة والمسؤولين والمتنفذين في العراق، هم شركاء المؤسسات المالية الرأسمالية العالمية وممثلو سياساتها في العراق.
لقد عبرت الجماهير عن وقوفها بوجه السياسات الحكومية في أكثر من مناسبة، وعلى إمتداد سنوات، وساهم العاملون في القطاع العام، بصورة واسعة، في مواجهة تلك السياسات والآثار الإجتماعية الناجمة عنها.
لقد كان تنظيم تجمعات أو تظاهرات متفرقة هنا وهناك، وفي أكثر من مدينة، هو الإعلان عن رفض شعبي عام للسياسات الإقتصادية. ولكن تنظيم حركة فاعلة تواجه صناع القرار والسياسة، يتطلب الإعداد والتنظيم على مستوى شامل، وتبني سياسة واضحة، وتعريف المجتمع بها، وخاصة من يعاني الآثار المدمرة لهذه السياسات.
إن السياسة الإقتصادية الحالية الممثلة بالورقة البيضاء لا تؤثر على مجموعة شركات أو قطاعات، وإن عملية هيكلة الشركات وتصفية القطاع العام لا تخص فئة أو شريحة من العمال أو الموظفين. إنها جزء من سياسة عامة تمس حياة المجتمع، إنها عملية أعادة توزيع للثروة، وخلق فئات تمتلك المليارات مقابل ملايين المفقرين. وإن الوقوف بوجهها يتطلب تدخل المتضررين وضحايا هذه السياسات وهم ملايين الكادحين، وهذه المواجهة تتطلب تنظيم حركة عامة.
إن وعود الإصلاح والنمو والقضاء على البطالة، هي ذرائع يطلقها صانعو السياسة في العراق لتمرير مشاريعهم وإبعاد الجماهير عن التدخل ومقاومة السياسات التي تمس حياتهم ومعيشتهم.
ولا تقتصر آثار هذه السياسات على الشغيلة في مواقع العمل أو في سوق العمل، إنها تصيب في الصميم حياة العائلات، وخاصة الفقيرة منها. وتنصب أشد الآثار على حياة النساء، حيث تتزايد المصاعب الحياتية ونقص اللوازم المنزلية لبيوت الكادحين، ونقص الطاقة. ويصبح العجز عن الإستمرار في تعليم الأبناء سمة غالبة، إذ يضطر الفقراء الى ترك الدراسة مبكراً للالتحاق بالعمل، وتحرم الفتيات من إكمال التعليم العالي بسبب الفقر. وتكتظ اشارات المرور باطفال الفقراء ممن هم في عمر الدراسة، ليبيعوا للمارة. في حين تزداد الأعباء المنزلية للنساء ويتراجع مستواهن الثقافي والمعرفي.
أن انطلاق حركة عامة بوجه سياسة السلطة، سيفتح الباب أمام الكثير من القوى التي تتطلع الى الصعود والبروز السياسي على حساب حركة شعبية. إن الكثير سيرفع شعارات عامة وطنية، حينها سيكون تحول الحركة الشعبية الى أداة بيد تلك القوى، أمر وارد. لذا لا يكفي الطبقة العاملة أن تدعو المجتمع الى مواجهة الآثار الإجتماعية المدمرة للسياسة الإقتصادية.
ينبغي صياغة الأهداف العامة، والتعريف بجذر وأصل النتائج الكارثية لسياسات رأس المال التي يجري فرضها على المجتمع، وبلورة برنامج عام وتبيان سبل الحل والخروج من الأزمة الحالية، وحشد أوسع قطاعات الشعب المتضررة من السياسات الإقتصادية . إن هذا ما يتوجب القيام به لسد الطريق على من يحاول البروز بإسم الشعب، ومنع تشتت الحركة العمالية، ثم التحول الى مركز ومحور الحركة الإحتجاجية العامة.
إن توحيد النضال بوجه سياسة صندوق النقد والبنك الدولي، وبلورة سياسة طبقية عمالية، وطرح برنامج لمواجهة سياسات رأس المال، سيبني الأداة السياسية للتدخل وسيبرز الممثل السياسي للطبقة العاملة ولجماهير الشعب في مواجهة السياسات الراهنة. وبكلمة أن يكون لدى جماهير الشعب المحرومة، ممثل من بين صفوفهم، يمثل مصالحهم وأهدافهم.
إن مناسبة الأول من أيار هذا العام، ستشهد الإعلان عن السياسة العمالية بوجه سياسات رأس المال على الصعيد الواقعي المباشر. وحيث أن العالم، وخاصة بلدان الشرق وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا تشهد حراكاً مماثلاً، فإننا نعتبر كل مواجهة لسياسة البنك الدولي وصندوق النقد، هي عمق وتقوية متبادلة لنضال العمال في العراق والعالم.
إن ما طرحه القادة العماليون خلال سنوات من المواجهة ضد الخصخصة وسياسات التعديل الهيكلي وفرض النيوليبرالية على المجتمع، يشكل الركن الأساس لصياغة برنامج عمالي عام لعموم المجتمع بوجه الأوضاع الراهنة.
إن الطبقة العاملة، هي ممثل المصالح الفعلية للمجتمع في التحرر والرفاه والمساواة والغاء الظلم والتمييز.
الموقعون …
- اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق
- مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي