المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

«السيدة بيل» غير سعيدة بعراق اليوم!

ساهمت مستكشفة العصر الفيكتوري جيرترود بيل مساهمة كبيرة في صنع ما يعرف اليوم بالعراق الحديث،فالذين عاصروا بداية العهد الملكي مازالوا يتذكرون هذه السيدة التي تكلمت اللغة العربية بطلاقة وتواصلت بسهولة مع المشايخ ورجال القبائل رغم مرور وقت طويل على وفاتها عام 1929.

bell_letters_from_baghdad

نقاش – برلين

الثقافة الشعبية الغربية اكتشفت اليوم هذه السيدة وهناك  فيلم هوليودي  في طور الإنتاج عن هذه المرأة، كما ويجري الإعداد لفيلم وثائقي يبحث في عمق تجربتها يحمل عنوان “رسائل من بغداد”.

الجملة التي غالبا ما يقولها العراقيون لدى سؤالهم من هي مستكشفة العصر الفكتوري البريطانية  جيرترود بيل يجيبون بعبارة “آه، السيدة بيل”، وعلى الرغم من حقيقة أن المؤرخين وشعوب الشرق الأوسط عرفوا اسمها لسنوات، إلا أن بيل لم تصبح موضوعا ساخناً إلا في الآونة الأخيرة.

صحيفة الغارديان البريطانية كتبت تقول”هذه المرأة التي أنتجتها انكلترا الفيكتورية، والتي توفيت في عام 1926 تتحمل كما يتحمل الآخرون مسؤولية الدولة الوطنية المتهالكة التي سُميت سابقاً ببلاد ما بين النهرين، والتي تُعرف اليوم باسم العراق، فمن موقعها كمسؤولة قوية في الإدارة البريطانية في بغداد بعد الحرب العالمية الأولى عملت بيل على خلق دولة عربية من محافظات عثمانية ثلاثة هم الموصل وبغداد والبصرة، وجعلت هذه الدولة ضعيفة جدا كي لا تستطيع الإستقلال عن بريطانيا”.

وتقول مجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية أن بيل التي كانت تتقن عدة مهارات منها علم الآثار وتسلُّق الجبال وإجادة اللغة العربية بطلاقة قامت بمسح للسعودية وساهمت في ولادة الشرق الأوسط الحديث”.

بالإضافة إلى ذلك كانت بيل معروفة بعدم ارتدائها الملابس المحلية كما فعل مستكشفون آخرون مثل لورنس المعروف أيضا باسم “لورنس العرب”،  وكتبت صحيفة الغارديان تقول “يبدو أنها كانت تتحرك كشريك بين الشيوخ ولم تكن بحاجة إلى المساومة على أنوثتها البريطانية”.

اليوم، بيل هي موضوع  فيلم هوليودي ضخم بعنوان “ملكة الصحراء” من بطولة نيكول كيدمان وروبرت باتينسون وجيمس فرانكو وآخرين ومن إخراج فيرنر هيرتسوغ، هذا الفيلم لا يزال قيد الإنتاج  ومن المقرر إطلاقه في عام 2015، ويشاع أيضا إن الأميركي ريدلي سكوت مخرج ما يعرف اليوم بـ «أفلام البلوك- باستر» كان يخطط هو الآخر لإنتاج فيلم عن جيرترود بيل، ولكن نجمة فيلمه ستكون أنجلينا جولي.

وهناك الكثير من المشاريع التي لم يتم الكشف عنها ولكن ربما أكثرها إثارة للاهتمام الفيلم الوثائقي المقرر إنتاجه بعنوان “رسائل من بغداد” حيث يستند على كنز الرسائل التي كتبتها بيل والصور التي أخذتها وسيتم انتاجه من قبل “بتوين ذا ريفرز”  Between the Rivers Productions وصانعي الأفلام المستقلين  زيفا أولباوم وسابين كرايينبول ومقرهما الولايات المتحدة.

“نقاش” تحدثت مع صانعي الفيلم حول شعبية جيرترود بيل الحالية، وفيما إذا كان العمل الذي قامت به قد أسس إطارا للصراعات التي عانى ويعاني منها العراق منذ عقود وعن رأيها في دولة العراق اليوم، وطرحت “نقاش” مجموعة من الأسئلة حول بيل على منتجي الفيلم تلقت عليها هذه الإجابات:

نقاش: كيف كانت ردود فعلك على فكرة انتاج فيلم وثائقي عن جيرترود بيل؟

زيفا أولباوم: لقد انتابتني أحاسيس كثيرة، فهي إمرأة  يتذكرها الكثيرون من العراقيين باعتزاز  ولكن غالبية الذين يتذكرونها باعتزاز هم من السنة  لذلك نحن لا نعرف إذا كان الجميع لديه نفس الشعور، إذ  سمعنا بعض الناس يقولون أنها كانت جزء من المشكلة لأنها كانت تمثل الحكومة في ذلك الوقت، لكن معظم الذين التقينا بهم كانوا يعتقدون بأنها كانت تحترم الشعب العراقي وأن لديها فهم أصيل لهم وكانت نواياها جيدة – على النقيض من زملائها الذكور.

نقاش: إذاً، هل كانت حقا أسطورة كما كان يُقال عنها؟

سابين: كانت تتحدث باللغة العربية وهي إمرأة قوية جداً، وكانت تعتقد أنه من المهم أن تلتقي بالناس من مختلف الثقافات على قدم المساواة وقد كتبت ذلك فعلاً في واحدة من رسائلها: “لا تحاول أن تصبح واحداً منهم”.

وقالت أيضاً “سوف تجد إن عادات الترابط الشرقية أقل تقيداً بقيود اصطناعية وستجد تسامحاً أكبر نتيجة التنوع الكبير، إذ يجوز للرجل أن يذهب إلى الأماكن العامة مغطياً جسده بالكامل ويستطيع أن يذهب مرتدياً أي نوع من الرداء دون أن يثير أية ردود فعل، فليس هناك أي سبب لإثارة ردود الفعل.  فهو كالآخرين يطيع القانون الذي وضعه لنفسه، وهكذا هو الحال أيضا بالنسبة للأوروبيين …. من الحكمة ألا يحاولوا أن  يندمجوا مع الشرقيين من خلال محاولة محاكاة أو تقليد عاداتهم إلا إذا كانوا ماهرين جداً لدرجة انتحال صفتهم،  الأفضل للأوروريين أن يتعاملوا مع قوانين الغير باحترام ولكنهم سيعاملون باحترام كبير جداً إذا ما التزموا بشكل صارم بقوانينهم، هذه القاعدة مهمة جدا بالنسبة للمرأة لأنها لا تستطيع إطلاقا أن تخفي نفسها بشكل فعّال”.  فهي لم تقم بأية محاولة لإرتداء اللباس العربي وهذا سبب من أسباب احترام الناس لها وهو أيضا سبب من اسباب احترامها لهم.

نقاش: برأيك ما هو الموقف الذي كانت ستتخذه بيل حيال عراق اليوم؟

كرايانبول: أعتقد أنها لن تكون راضية عن الطريقة التي تطورت إليها الأمور، كانت نواياها دائماً تأسيس دولة للجميع، دولة يتعايش فيها لجميع ولكنني أعتقد أنها أيقنت في نهاية المطاف صعوبة تحقيق هذه النوايا.

أولباوم: في مجلس الوزراء الذي ساعدت على تشكيله كانت حريصة على إشراك ممثلين عن جميع المجموعات العرقية في العراق، لذلك، فالعراق الحديث على عدة مستويات هو بعيد جداً عن أي من الأفكار التي كانت تحملها .

نقاش: قد يجادل البعض بأن بعض مشاكل العراق  الحديثة يمكن إرجاعها لزمن بيل، هل يمكن إلقاء اللوم عليها في بعض مشاكل العراق الحالية وهي التي كانت تسمى “بقابلة الشرق الوسط الحديث”؟

أولباوم: نحن لسنا خبراء ولكن تشارلز تريب، وهو أحد مستشارينا، ألفّ كتاباً في غاية الأهمية عن العراق قدمَّ فيه مقارنة معمّقة  بين الغزو البريطاني والأميركي للعراق، وقال إن البريطانيين عندما ذهبوا إلى العراق فضلوا التعامل مع شريحة الأثرياء وملاّك الأراضي – وكان معظم هؤلاء من السنة. حدث ذلك على الرغم من أنهم قد نظموا الإدارة التي كان من المفترض فيها أن تمثل جميع العراقيين. والولايات المتحدة الأميركية تصرفت بطريقة تشبه تصرفات البريطانيين.

نقاش: هل يشارك الكثير من العراقيين في هذا المشروع؟

كرايانبول: لدينا متعاون مهم جداً وهو سعد اسكندر، مدير المكتبة الوطنية العراقية والمحفوظات، ولكن نحن مهتمون للغاية في العمل مع عراقيين آخرين أيضا  وسنجري مقابلات مع مؤرخين يعرفون تلك المرحلة ولكننا أيضا نبحث عن أشخاص كانت لهم علاقات شخصية بتلك الحقبة وربما لديهم تذكارات أو صور أو حتى قصص شخصية او قصص سمعوها من أجدادهم، على سبيل المثال.

نقاش: هل تعتقد أن ديبلوماسية جيرترود بيل أو نصيحتها قد تكون مفيدة للعراق اليوم؟

أولباوم: نعم. في الواقع قابلنا جنرالا أميركياً كان من أشد المعجبين بها، كان يشعر أنها كانت تفهم حقاً القبائل في العراق وهذا الفهم كان غائباً لدى الأمريكيين.

نقاش: هل أنت قلق بشأن الأفلام التي ستقدم تصوراً عن بيل وربما بطريقة غير واقعية؟

أولباوم: نحن نحب فيرنر هيرتسوغ، ونعتقد بأن المشروعين يكملان بعضهما بعضاً.

نقاش: ما الذي تأمل أن توصله للجماهير من خلال هذا الفيلم الوثائقي؟

كرايانبول: نحن مؤمنون بفكرة أن هذا الفيلم الوثائقي سوف يقدِّم للناس فهماً شاملاً لجيرترود بيل، المرأة المعقّدة التي وضعت في مركز قوة هائلة وإلى المكان الذي وصلته في رحلتها كما أننا نريد أن نقدم للناس فهما شاملاً عن التاريخ المعقَد جدا للعراق الحديث والدور الذي لعبته هذه المرأة في هذا التاريخ.  ونريد أيضا أن نستخلص العبَّر من تجربتها.

ويرغب منتجي الفيلم الوثائقي في  أن يستمعوا إلى أي عراقي لديه إضافات أو قصص أو ذكريات أو صور أو تذكارات يمكن أن يقدمها للفيلم،  يمكنكم الاتصال بمنتجي الفيلم على البريد الإلتكروني التالي وتقديم مالديكم:

info@lettersfrombaghdad.com

كما أن إنتاج الفيلم الوثائقي “رسائل من بغداد” مازال يبحث عن التمويل، وللتبرع للفيلم يرجى زيارة حملة  “كيك ستارتر”على الوصلة التالية:

https://www.kickstarter.com/projects/lettersfrombaghdad/letters-from-baghdad-a-film-about-gertrude-bell