المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

حملة لإنقاذ أربع وزارات من المحاصصة!

نقاش | مصطفى حبيب
خطوة صغيرة خطاها ناشطون مدنيون لإنهاء نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب السياسية في العراق بإطلاقهم مبادرة تتضمن المطالبة بمنح أربع حقائب وزارية هي التربية والتعليم العالي والثقافة والرياضة إلى شخصيات كفوءة ومستقلة لا ينتمون إلى الأحزاب السياسية.468999
السبت الماضي اجتمع سبعون ناشطاً مدنياً عراقياً في بغداد سابقين الموعد الدستوري لتشكيل الحكومة الجديدة بأيام، وأعلنوا مبادرة هي الأولى من نوعها ضد نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب السياسية.
المبادرة تتضمن تحشيد الرأي العام والسياسيين الناشطين في مجال الدفاع عن الحريات المدنية للمطالبة بمنح أربع حقائب وزارية إلى شخصيات تكنوقراط ومستقلة لا تنتمي إلى الأحزاب السياسية، وهي خطوة أولى كما يقول الناشطون على أن تعقبها خطوات أخرى بجعل الوزارات جميعها خارج المحاصصة الطائفية.
بعد 2003 يتم تقاسم المناصب السياسية الكبيرة في العراق من الرئاسات الثلاثة (الجمهورية، البرلمان، الحكومة حتى الوزارات ووكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات المستقلة ) وفق نظام المحاصصة إذ يتم تقاسم هذه المناصب بين السنة والشيعة والأكراد.
أحمد الراوي وهو ناشط مدني شارك في حملة “وزارات بلا محاصصة” يقول لـ “نقاش” إن “سوء الإدارة في الوزارات بسبب نظام المحاصصة السياسية والذي يمنح المناصب السياسية بشكل عشوائي دون خبراء فيها دفعنا إلى إطلاق هذه الحملة، ونسعى لأن تكون المناصب من حصة الشخصيات الكفوءة ذات الخبرة والاختصاص”.
ويضيف “بعض السياسيين التابعين للأحزاب بدأو الهجوم علينا ويتهموننا بأننا نريد الحصول على هذه الوزارات ولكننا في الواقع نريد إن تُمنح لشخصيات مستقلة لها خبرة في الإدارة”.
معظم الوزراء والمسؤولين الكبار في الحكومة لا يمتلكون خبرات في الوزارات التي يديرونها، وحصلوا عليها لأنهم كانوا معارضين لنظام صدام حسين، كما أنهم يعتقدون أن  المناصب السياسية حق لهم وحدهم، على من أن التحصيل الدراسي لغالبيتهم لا يتعدى دراسات دينية لا علاقة لها بالإدارة والحكم والتخطيط والتنمية.
الناشطة المدنية والنائب في البرلمان شروق العبايجي تقول لـ “نقاش” إن “هذه الوزارات أكثر الوزارات ارتباطاً بالتنمية وتطوير المجتمع، وزارتا التربية والتعليم العالي مسؤولة عن تعليم الأطفال منذ الصغر وحتى عمر 20 وتلعب دوراً في خلق وعي المجتمع”.
وتضيف “أما وزارة الثقافة يجب أن تكون من الوسط الثقافي لأن المثقف يعرف هموم المثقف ويحس بشعوره ويتفهم احتياجاته، وكذلك الحال مع وزارة الرياضة التي تعنى بتحسين الصحة البدنية التي تؤدي إلى الصحة العقلية”.
ويبدو إن عملية اختيار هذه الوزارات تم بذكاء شديد لأن إدارة هذه الوزارات من قبل شخصيات مستقلة وكفوءة تؤدي إلى زيادة الوعي للعراقيين الذين يعانون من الفقر والجهل وسوء التعليم، والشيء الآخر إن هذه الوزارات تشهد مشكلات سياسية وإدارية منذ سنوات.
ومن المفارقات أن وزير الثقافة في الحكومة الحالية هو سعدون الدليمي وينتمي إلى ائتلاف “وحدة أبناء العراق” ليس له علاقة بالثقافة فهو متخصص في علم الاجتماع، كما انه يدير وزارة الدفاع بالوكالة وغالبا ما يكون مشغولاً بوزارة الدفاع أكثر من وزارة الثقافة، كما أن عدد من المثقفين يقولون أن الدليمي يدير وزارة الثقافة وهو جالس في وزارة الدفاع.
وزير الرياضة وهو جاسم محمد جعفر، ينتمي إلى حزب “الدعوة” بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي طالما استخدم المناسبات الرياضة لإلقاء خطب سياسية انتقدت دولة مجاورة، وهو ما يعتبره الرياضيون العراقيون نقطة سلبية تؤثر على النشاطات الرياضية في العراق.
ويقول مروان سعيد وهو رياضي على وشك التخرج من كلية “التربية الرياضية” في جامعة بغداد لـ “نقاش” إن “قطاع الرياضة يجب إن يكون بيد المتخصصين والرياضيين، فمن خلاله يمكن حل النزاعات السياسية وحل الخلافات بين بلادنا وباقي الدول، ولكن السياسيون يستخدمون ملف الرياضة لتحقيق أغراضهم السياسية”.
الصيف الماضي وخلال افتتاح ملعب رياضي كبير في مدينة البصرة جنوب البلاد، الذي تم بناءه حتى يتسنى للعراق استضافة بطولة بكرة القدم خاصة بدول الخليج العربي، قام وزير الرياضة بإلقاء خطبة سياسية ضد السعودية واتهمها بالتآمر على العراق لمنعه من استضافة البطولات الرياضية.
وقبل أسابيع من موعد البطولة قررت الدول الخليجية بالإجماع عدم إجراء البطولة الرياضية في البصرة لأسباب فنية بينها عدم جاهزية الملعب الرئيسي والمرافق الخدمية، ولكن الحكومة العراقية ووزير الرياضة أصروا على إنكار ذلك وقالوا بأن هنالك مؤامرة خليجية على العراق.
وأيضا وزارة “التعليم العالي والبحث العلمي” الذي يديرها الوزير علي الأديب وهو عضو في حزب “الدعوة” أيضا، سببت قراراته في السنوات الأربع الماضية موجة احتجاج شعبية وطلابية، بينها قراراته في فصل الذكور عن الإناث في الدراسة الابتدائية وبعض الجامعات.
وأما الأخير هو وزير التربية محمد تميم الذي ينتمي إلى ائتلاف “العربية” بزعامة صالح المطلك فقد وجهت اليه انتقادات خلال السنوات الماضية لفشله في ملف بناء المدارس بعدما تم اكتشاف وجود مدارس تم بنائها بالطين وطلبتها يجلسون على الأرض، كما أن هنالك محاولات لتعديل المناهج الدراسية بشكل تعارضه منظمات المجتمع المدني.
الناشط المدني منتصر الساعدي يقول لـ “نقاش” إن “منح إدارة وزارات معينة لشخصيات لا تمتلك اختصاص في إدارتها ليس عيباً، وبإمكان الوزير إن يستعين بمستشارين لإدارة الوزارة كما هو معمول به في الدول الديموقراطية”.
ويرى الساعدي أن المشكلة في العراق تمكن في أن “الوزير يعتبر نفسه ملماً بكل الاختصاصات ويتخذ قرارات شخصية غير مدروسة ولا يتم أخذ رأي المستشارين والخبراء فيها  وبعد أيام قليلة أو أسابيع يتبين فشل هذه القرارات”.
حملة “وزارات بلا محاصصة” أنشأت رابطا على الانترنيت لزيادة المؤيدين لها وأسسوا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على التأييد، وتقول المنشورات في هذه المواقع أن مهمتهم ليست بالسهلة ويتوقعون تعرضهم للهجوم من قبل الأحزاب الكبيرة التي تمتلك جميع المناصب السياسية في البلاد وتُدار بدون خبرة.
البيان الرسمي الذي صدر عن الحملة يقول “وافقنا على دستور منحنا العديد من الحقوق، ولكن لم نشهد تطبيق الكثير منها، فتعرضنا للإهمال والبطالة وتدني الثقافة وعسكرة المجتمع، وواجب علينا كناشطين مدنيين، شباب وطلبة وفنانين ومثقفين وأكاديميين ورياضيين التحرك سريعاً لإبعاد أربع وزارات عن المحاصصة”.