المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

اغاثة المدنيين والنازحين داخليا واجب انساني ولكنها لا يجب ان تكون بديلة عن التغيير في العراق!

NB-104742-635400572733843004

اسماعيل داود –مسؤول سياسات في منظمة جسر الى… الايطالية.

فرضت الاوضاع العصيبة التي يمر بها العراق بشكل عام والمناطق التي سقطت تحت سيطرة داعش في محافظة نينوى وصلاح الدين بشكل خاص، فرضت واقعا جديدا غير مسار عمل منظمتنا الى الاغاثة الانسانية. بعد ان كنا نأمل ان نعمل جنبا الى جنب مع المجتمع المدني العراقي على مواضيع التنمية والتحول الديمقراطي وإعادة البناء.

  علينا ان نقر ان تقديم الاغاثة الانسانية للفئات الضعيفة وخصوصا المهجرين من العراقيين بما فيهم الاقليات الاثنية والعرقية هو واجب انساني علينا وعلى المجتمع الدولي بشكل عام ان نقوم به وبالسرعة والكفاءة الممكنة. لذلك باشرنا بتقديم بعض المساعدات مثل مياه الشرب والطعام ومواد النظافة الشخصية والمساعدة الاجتماعية العاجلة للاجئين في اقليم كوردستان وبعض مناطق سهل نينوى. لكن علينا ان نتذكر ايضا اننا ايضا بحاجة للعمل جنبا لجنب مع المجتمعات المحلية لتوفير حلول ومعالجات للمشكلات الحقيقية والتي سببت هذه الكوارث الانسانية.

تنظيم داعش الارهابي ليس سوى قمة جبل الجليد الذي تكون خلال السنوات الماضية وتحديدا خلال الاية الثانية لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي (2010-2014). جبل الجليد هذا يتكون من خلافات سياسية طويلة ومن مخالفات عديدة لحقوق الانسان العراقي وحتى الدستور العراقي. قامت بها حكومة العراق،  مثلا الاصرار على سياسة اجتثاث البعث وبشكل انتقائي كذلك تسييس وقانون مكافحة الارهاب والقضاء بشكل عام لتصفية خصوم المالكي بدلا من تعزيز العدالة والقانون.منذ اكثر من ثلاثة اعوام والمجتمع المدني العراقي من نقابات عمالية ومنظمات حقوق انسان وإعلام وصحافة، يقرعون اجراس  الإنذار ، منبهين  لتحول العراق الى دولة بوليسية تحكمها رغبات رئيس الوزراء على حساب حقوق وحريات الناس. للأسف لم يعر المجتمع الدولي الاهتمام بالعراق وسايرت منظمات مثل الامم المتحدة الحكومة العراقية طيلة السنوات الماضية بالرغم من علمها ان الحكومة العراقية تسير باتجاه التفرد والإقصاء و التهميش . استمر السكوت حتى وقعت الكارثة.  وكأن على العراقيين ان ينتظروا دوما الاسواء لكي ينتبه المجتمع الدولي لمعاناتهم.

ان سياسة تكريس الهوية الطائفية ووضع العسكرة على اعلى سلم الاولويات وإهمال تطوير منظومة الحريات وتعزيزها اثبت انه خطاء واثبت ان التعالي على الحوار من اجل حل المشاكل لا ينتج عنه سوى تعاظم الخلافات وازدياد تعقيداتها. فمثلا الاستجابة لمطالب المحافظات التي انتفضت ضد الحكومة و مشكلة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين الاقليم والمركز او تحديد سياسة النفط عبر قانون يستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة. كلها مشاكل ازدادت تعقيدا وأصبحت ممهدة لانفلات امني وخطر يهدد وجود العراق بأكمله.

اليوم مع ازدياد الاهتمام الدولي بالعراق نسجل خوفنا  ان يكون هذا الاهتمام  قصير العمر ولا يركز سوى على الاغاثة. ما يحتاجه العراقييون دعم طويل المدى والتزام لعملية مصالحة تشمل الجميع باتجاه تحول ديمقراطي للعراق يضمن الحريات و استقلالية المجتمع المدني وحرية نموه.

بالتأكيد التغيير يجب ان يكون من خلال العراقيين انفسهم مما يضع النخب السياسية العراقية امام مسؤولية تاريخية كبيرة فإما عراق موحد او شراذم تقتتل فيما بينها على مدار العقود القادمة.

التغيير المطلوب في العراق ليس المقصود منه فقط تغيير رئس الحكومة، بل هو تغيير شامل لسياسة المحاصصة والطائفية التي ميزت العقد الماضي، الى سياسة تعزيز الوحدة الوطنية والهوية العراقية التي تعرضت لتمزيق والضرر الكبير. اما الشراكة الدولية المطلوبة مع العراق ليست شراكة فوقية بل شراكة متكاملة يكون للحكومة والسلطات المحلية والمجتمع المدني دور بها. يمكن ان يلعب المجتمع الدولي دورا مهما في تسهيل حوار المصالحة بما يضمن مشاركة جميع الاطراف ويساهم في حل المشاكل المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها ومسالة النفط والأقاليم وغيرها ، بما يوفر حلول دائمة تسهم بشكل مباشر في صنع سلام وامن مستدام.