بيان حول الأحداث التي يمر بها العراق و تأثيرها على العمال ومستقبلهم
يا أبناء شعبنا العراقي الصابر … يا عمالنا المناضلون
دأب اتحادكم و منذ تأسيسه بعد نيسان 2003 إلى بناء تنظيمات نقابية قوية , مستقلة يلقى على عاتقها تمثيل العاملين في جميع قطاعات العمل في العراق والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم والسعي إلى المشاركة في وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية للبلد وذلك لتأثيرها المباشر على حياة ومستقبل العمال و عوائلهم إلا أن اتحادكم (الاتحاد العام لنقابات العاملين) و الاتحادات الأخرى اصطدمت بكم من المعوقات القانونية التي تصادر الحقوق والحريات النقابية ومنع التنظيم النقابي في القطاع العام والتي جاءت بناءا على قوانين وقرارات النظام السابق . ناضلنا و بقية الاتحادات ولا زلنا نناضل من اجل إلغاءها وإصدار قوانين جديدة تتوافق مع المعايير الدولية تضمن حقوق العاملين على كافة الأصعدة. إلا إننا اصطدمنا مجددا برغبات وممارسات حكومية أثبتت خلال السنوات العشر الماضية تمسك الحكومة بقوانين وقرارات نظام صدام حسين والحزب الأوحد المعادية للعمال ومنظماتهم النقابية وتكلل ذلك بمعاقبة العمال في القطاع العام لإنتماءهم أو تشكيلهم منظمات نقابية عمالية ، وبررت الحكومة ذلك بوجود قوانين بحاجة إلى تغيير لكن على الجانب الأخر نرى العشرات من الأحزاب تعمل وتدخل العملية السياسية وتكون من صناع القرار دونما أي قانون ينظم عملها. انها إزدواجية واضحة في التعاطي مع القضايا العمالية بالرغم من ان النقابات ليست بحاجة الى ذلك كون الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين و إتفاقيات العمل الدولية تنص على ذلك وبصورة واضحة ليست بحاجة الى إجتهادات أو تفسيرات.
مع ذلك كله عمل اتحادكم مع بقية الاتحادات العمالية الأخرى على متابعة التشريعات العمالية الجديدة المزمع إقرارها وشاركت في عملية تعديل قانون العمل وصياغة مقترح قانون للحريات النقابية بدعم من خبراء منظمة العمل الدولية والاتحاد الدولي للنقابات ومركز التضامن العمالي الدولي وتكلل الجهد ذلك بوضع التعديلات اللازمة على قانون العمل بعد تجربة عمل مشترك ناجحة بين لجنة العمل البرلمانية السابقة ، التي أنصفت العمال للمرة الأولى بتاريخهم ودافعت عن حقوقهم ، وبين ممثلي الاتحادات العمالية العراقية ومركز التضامن العمالي الدولي ، إلا انه لم يؤخذ بجميع التعديلات من قبل اللجنة القانونية في البرلمان وفق أسباب غير معروفة ومبررة للنقابات العراقية حتى هذه اللحظة ولم يتم إكتمال التصويت على قانون العمل بسبب الازمات السياسية التي عصفت بالبلاد عام 2014 وعدم إكتمال النصاب القانوني للبرلمان في عدة جلسات ادرج فيها القانون على جدول الجلسات.
بعد إنتخاب البرلمان الجديد وإستئناف عمله جرى قراءة قانون العمل كقراءة أولى مجددا بإنتظار القراءة الثانية والتصويت على مواده التي يجب ان تتوافق مع المعايير الدولية بالكامل وعدم حذف أي من التعديلات التي تقدمت بها الاتحادات العمالية كونها قد بنيت على استشارات نقابية عمالية عالية المستوى مستندة الى المذكرات الفنية لمكتب العمل الدولي في جنيف التي قدمت الى البرلمان العراقي عامي 2013 و 2014. وان القانون بوضعه الحالي دون تلك التعديلات سيء للغاية ويتناقض مع الصكوك الدولية واتفاقيات العمل الدولية التي صادق عليها العراق , و سيكون سببا في انتهاك حقوق عمال العراق مجددا تحت إطار الحرية والديمقراطية التي ينادي بها النظام السياسي في العراق و هذه احد المخاطر الكبيرة التي تعترض عمال العراق ومنظماتهم النقابية في هذه المرحلة. كما ان أي قانون مخالف لاتفاقيات العمل الدولية عموما والمتعلقة بالحقوق والحريات النقابية خصوصا سيكون مرفوض جملة وتفصيلا من عمال العراق في جميع القطاعات ومنظماتهم النقابية وإن موضوع التنظيم النقابي في القطاع العام هو حق مقر في الاتفاقيات الدولية وليس مطلبا ليتم التباحث حوله.
يا عمالنا الابطال …
نبهت اتحادكم و بعض من الاتحادات الأخرى منذ عام 2004 إلى خطورة السياسات الحكومية في المجال الاقتصادي والاعتماد على اقتصاد احادي ريعي وإهمال القطاع الصناعي والزراعي والتجاري والاعتماد على سياسة الاستيراد المفتوح الذي حول العراق الى مكب نفايات للسلع التجارية الرديئة . صاحبه عدم وجود قانون لحماية المنتجات الوطنية مما تسبب بهجرة الايدي العاملة الماهرة الى خارج العراق وإغلاق عدد كبير من المنشآت والمشاريع الصناعية . مما سبب في ارتفاع معدلات البطالة في العراق وتراجع التنمية الاقتصادية التي تعتمد على سياسات اقتصادية متعددة واضحة المعالم ، ونتيجة لذلك يواجه اليوم ما يقارب 250 ألف عامل و عوائلهم من العاملين في شركات وزارة الصناعة والمعادن الممولة ذاتيا ظروفا صعبة ومصيرا مجهولا وذلك لعدم صرف رواتبهم من قبل الحكومة للأشهر الثلاث الماضية مع بوادر لخصخصة وهيكلة تلك الشركات البالغ عددها 74 شركة مما يعرض مستقبل العمال و عوائلهم إلى خطر كبير كون عملية الهيكلة والخصخصة يصاحبها عملية تسريح جماعي لأعداد كبيرة من العمال وهذا ما يرفضه بشدة اتحادكم ونقاباته النقابات كون إن العمال لا ذنب لهم فيما حدث وطالبوا الحكومة منذ عام 2004 إلى وضع الحلول المناسبة لإعادة تشغيل تلك المعامل ورفع معدلات الإنتاج إلا إن الحكومة تقصدت إيصال المعامل إلى الوضع الذي هي عليه ألان لتتخلص من مسؤولية إدارة تلك الشركات. نجزم إن في المستقبل القريب ستواجه قطاعات أخرى نفس المصير إن لم تتخذ الحكومة إصلاحات إقتصادية جدية واسعة لتجنب أي خسائر اقتصادية مستقبلا وبناء إقتصاد متعدد مستقر يجنب البلد والعمال تلك الأزمات.
ان البلد يواجه تحديات حقيقية في هذا الجانب خصوصا بعد احداث حزيران 2014 وإستيلاء عصابات داعش المجرمة على بعض المدن والقرى في محافظات نينوى وديالى والانبار وكركوك وصلاح الدين وكلفة مواجهة تلك العصابات الإرهابية وحجم الدمار الذي تسببت به في تلك المدن وقتل وتهجير المواطنين وتدمير البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة وتوقف النشاط الاقتصادي في تلك المحافظات والذي سيكون له إقتصادية سلبية مستقبلا على تلك المدن عموما والعمال خصوصا بعد ان هجروا وفقدوا أعمالهم ومنازلهم , لأنهم سيحتاجون إلى وقت طويل لإستعادة جزء مما افنوا سني عمرهم لبناءه. وهذا يشكل تحدي وخطر و كبير يحيط بالعاملين في تلك المناطق كون حقوقهم في العمل ستكون بأبشع صورها نتيجة لحاجتهم لأي عمل وتحت أي ظرف ليتمكنوا من سد رمق العيش لهم و لعوائلهم ولهذا السبب يؤكد اتحادكم و نقاباته على أهمية تشريع قانون عمل جديد رصين يحمي العمال من تلك الظروف , و قانون الحريات النقابية .
يطالب اتحادكم ونقاباته العامة و فروعه في المحافظات الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه النازحين الذين جلهم من الطبقة العاملة الفقيرة والعمل على إنهاء معاناتهم كونهم يعيشون في ظروف صعبة للغاية لا يمكن تصورها وتوفير مستلزمات السكن والعيش لهم بما يحفظ كرامتهم حتى إنتهاء هذه الأزمة بدحر عصابات داعش الاجرامية وتأمين المناطق المغتصبة ليعود النازحين إلى منازلهم .كما يطالب المجتمع الدولي الوقوف مع العراق في حربه على الإرهاب وتقديم الدعم اللازم للشعب العراقي لتجاوز هذه الأزمة و كذلك على المنظمات النقابية العربية والدولية الى دعم عمال العراق ومنظماتهم النقابية لتجاوز هذه الازمة وما سينجم عنها من آثار سلبية على المستقبل القريب كون عمال العراق ومنظماتهم هم المتضرر مباشرة من تلك الاحداث وبإنتظار النقابات مهام جسام بعد إنتهاء الصراع والعمليات العسكرية بهذا الصدد والسعي الى المحافظة على المنظمات النقابية بشكلها المهني الديمقراطي النقي بعيدا عن أي إنقسامات قومية أو طائفية كون النقابات هي الشكل المثالي للمجتمع العراقي الموحد البعيد عن المحاصصة السياسية والطائفية.
يا أبناء شعبنا العراقي العزيز …
يرفع اتحادكم و نقاباته صوتها مجددا للمطالبة برص الصفوف وتوحيد المواقف والابتعاد عن أي إنقسامات داخلية لتفويت الفرصة على أعداء العراق المتربصين شرا بأمن وطننا ووحدة نسيجه المجتمعي ومناهضة الأفكار الغريبة المتطرفة التي يحاول زرعها مرتزقة داعش في المجتمع العراقي والعمل على تغليب الصوت الوطني وترسيخ مبدأ المواطنة والتعايش السلمي بين أبناء الشعب العراقي. ويجدد اتحادكم تمسكه والدفاع عن الأقليات وحقوقهم في بلدهم العراق كونهم أبناء البلد الاصلاء الذي يحاول داعش يائسا سلخهم عنه وتغيير ديموغرافية العراق وطمس حضارته وأرثه التاريخي المتمثل بأبناء الأقليات من كافة المكونات.
عاش العراق وشعبه واحدا موحدا …
عاش عمال العراق … رمز النضال والوحدة الوطنية ..
النصر الحاسم على أعداء العراق والعصابات الإرهابية ..
المجد والخلود لشهداء العراق وشهداء الطبقة العاملة العراقية.
الاتحاد العام لنقابات العاملين في العراق
22 / 1 / 2015