حينما تكتب المرأة من اجل الحياة: «عيون أنانا» تحاول النهوض بالشاعرات في العراق وكردستان
وحيد غانم – نقاش
تحاول الشاعرة الألمانية برجيت سفنسون دعم النساء الشاعرات في البصرة وابعادهن عن السيطرة الذكورية من خلال نشاطات عدة كان آخرها ورشة تحمل تسمية “الكتابة من اجل الحياة”.
منذ سنتين تتولى الصحفية برجيت سفنسون مشروع جمع ونشر وترجمة قصص وقصائد من العراق إلى الألمانية ولغات أخرى، وبشكل خاص نتاج كاتبات عراقيات.
وتكلّل مشروعها بنشر كتابين في القصة والشعر لأديبات وأدباء عراقيين من بغداد وكردستان والبصرة تحت عنوان “عيون إنانا” تلتها ورشة “الكتابة من اجل الحياة التي اقيمت مؤخرا في البصرةلاالتي اجتمعت فيها شاعرات وكاتبات من البصرة وبغداد وكردستان.
تقول سفنسون إنهم أقاموا نشاطات عديدة في كردستان ووجدوا ان الوقت حان للمجيء إلى البصرة، وتضيف ” إذا رغبنا بالعمل مع شاعرات البصرة فعلينا القدوم للبصرة برغم كل شيء”.
تغطي برجيت سفنسون منطقة الشرق الأوسط، والعراق احد المجالات التي تعمل فيها. وتوضح ذلك لنقاش “الصحافة قريبة جدا من ميدان الأدب والكتابة، لذا توطدت علاقاتي بكتاب من داخل وخارج العراق، لكننا حاليا نركز على تجربة الكتابة في الداخل ونقل التجربة للقارئ الألماني”.
وتؤكد “كنت أفكر بصورة أكبر بالشعر النسوي فلا يقتصر هذا النشاط على الشاعرات البصريات لذا ارتأيت أن تشترك كاتبات من أربيل والسليمانية وكذلك من بغداد، بالطبع كان من الصعب أن تجتذب كاتبات من كردستان للمشاركة في البصرة، لأنهن كن يعتقدن أن الأجواء مشحونة والمدينة غير آمنة ولكن اكتشفن العكس عند وصولهن وبعد يوم واحد كوّنَّ صداقات مع الكاتبات البصريات، وطورن تعاونا في مجال الشعر والأدب وفي المجال الإنساني”.
كريم جيخور رئيس اتحاد الأدباء في البصرة يعتقد أنه “لا يمكن تقسيم الأدب البصري والعراقي إلى نسوي ورجالي فالأدب هو حالة إنسانية، وقد أصدرنا ديوانا ضم كوكبة من الشاعرات عام 2015 وهو الإصدار الأول في العراق منذ 2003 كما أصدرنا كتابا مهما قدم المشهد القصصي بالمحافظة”.
لكن سفنسون تعزو اختيارها النساء إلى غلبة الصوت الذكوري في الإصدار الأول الذي تم بمساعدة اتحاد الأدباء في بغداد، لذلك ركزت في الكتاب الثاني على النساء، كما أن توجه المشروع يتعلق بدعم النساء ضد العنف من خلال الشعر والأدب.
الأديبة الألمانية (انكا تولكي) زارت البصرة مع باقي الشاعرات وقرأت قصائد لشاعرات ألمانيات وقالت إنها فوجئت بشجاعة النساء البصريات وحبهن للثقافة.
وأضافت “قبل مجيئي للبصرة شعرت بقلق لأننا نرى ونسمع عبر وسائل الإعلام بالأوضاع الأمنية الخطيرة للبلد، لكني ما أن وطأت قدمي أرض المطار حتى ذهب الخوف وبقي ما يشبه التوتر، ثم ذهب التوتر ما أن التقيت بالكاتبات البصريات”.
وتتحدث المدربة ليلى شمّاع وهي مترجمة من أصول لبنانية تقيم في ألمانيا عن الورشة ولقائها بالشاعرات البصريّات قائلة “كانت فكرة الورشة تتلخص بتشجيع النساء على الكتابة عبر طرق إبداعية وتمارين معينة ما ينمي الثقة بالذات لدى المشاركات ويسهم بتطوير أساليب كتاباتهن. وما سهّل الأمر أن المشاركات يمارسن كتابة الشعر، وقد استعنت بالشعر العربي، كما قدمنا تمارين تعتمد تكرارا في موضوع معين، وتحليل الشعر من ناحية الصورة والمضمون”.
وتبدي الشاعرة الهام ناصر الزبيدي سعادتها بالتجربة. الزبيدي تعمل منسقة مشاريع دولية في المعهد العراقي بالبصرة وقد أصدرت ديواني شعر.
وتقول لـ”نقاش”إن المدربة “ألغت بعض التمارين لأنها توصلت لقناعة بأننا شاعرات متمرسات فنحن في البصرة مجموعة شاعرات تربطنا صداقة على الفيسبوك لكنها المرة الأولى التي نلتقي فيها معاً وشاعرات من بغداد وكردستان ونقرأ ونكتب الشعر معا”.
الكاتبة والصحفية الكردية اشتي عبد الله اضطرت لارتداء ثياب أكثر تقليدية كما تقول مسايرة للمجتمع، خلاف ما ترتديه في السليمانية وأربيل.
وتقارن اشتي بين المجتمعين البصري والكردي قائلة “المجتمع في البصرة يغلب عليه الطابع الذكوري لكن النساء هنا يحاولن شق طريقهن وتقديم ما لديهن، في كردستان مستوى الشعر النسوي جيد والشاعرات هناك أكثر جرأة بسبب توفر بيئة أكثر انفتاحاً، مع أن المجتمع الكردي هو أيضا مجتمع ذكوري لكن النساء هناك حاولن وناضلن للتحرر”.
وبالعودة الى سفنسون التي أصرت على الحضور الى المدينة الجنوبية مع باقي زميلاتها فهي تقدم نصيحة الى السياسيين في العراق في آخر حديثها إذ تقول “أنا انصح الساسة العراقيين بدفع النساء للواجهات القيادية لأنهن صاحبات انجاز وتجربة سريعة في التعايش مع الآخر، نحن في ألمانيا نتمتع بالسلام لان لدينا نساء قياديات”.