المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

أكد على ضرورة أخذ العبر من بغداد: رئيس برلمان كردستان: بارزاني كان بإمكانه تسجيل تاريخ لنفسه

images-cms-image-000024236
يوسف محمد صادق
هونر حمه رشيد – نقاش
حرّك رئيس برلمان كردستان المياه السياسية في إقليم كردستان أكثر عبر إدلائه بتصريح قبل أسبوعين، وبذلك بدأت جولة جديدة من الخلافات بين المكونات الكردية تحدث عنها وعن ملفات اخرى لـ”نقاش” رئيس البرلمان يوسف محمد.

 بعد مدة طويلة من الانقطاع جمع “ملتقى السليمانية” الذي يقام في الجامعة الأميركية في السادس عشر من آذار (مارس) كلا من يوسف محمد رئيس البرلمان ونجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم اللذين يقودان منذ حوالي ستة أشهر جبهتين معارضتين.

واتهم نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان في كلمة له برلمان كردستان بأنه أدى دورا في تخريب الوضع السياسي في الإقليم.

وبعد دقائق هاجم يوسف محمد رئيس برلمان كردستان رئيس الحكومة بشدة وانتقد سوء إدارته للسلطة دون أن يذكره بالاسم وقال “يحتاج الحكم في هذا العصر إلى المعرفة ولا يمكن للأميين القيام به” وكان هذا التصريح والمواجهة كافيا لتعميق الخلافات أكثر.

رئيس برلمان كردستان الذي منع منذ شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2015 من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني من العودة إلى أربيل وقيادة البرلمان تحدث في لقاء خاص مع “نقاش” عن مواقفه في ملتقى السليمانية والوضع السياسي والاقتصادي في كردستان.

نقاش: يدور الحديث منذ مدة في إقليم كردستان عن الإصلاحات، وكنت قد قلت في “ملتقى السليمانية” بان الإصلاحات لا تنفذ بأشخاص أميين، ماذا كنت تقصد؟

يوسف محمد: يجب أن تنفذ الإصلاحات في إقليم كردستان في مجال مصادر الدخل وان ما يجري هو تقشف وخفض للإنفاق وقد انعكس هذا أكثر على الطبقات والفئات الفقيرة لان معظم مواطني الإقليم هم من ذوي الرواتب ورواتبهم في مستوى متدنٍ، وقد جاؤوا الآن ليقللوا هذه الرواتب القليلة للناس ولا يستطيعون بهذه الحال أيضا صرف الرواتب، هذا في وقت لا تتسم مصادر الدخل في اقليم كردستان بالوضوح. لذلك وجه النواب قبل تعطيل البرلمان دعوة إلى آشتي هورامي لان برلمان كردستان لم يكن على علم بواردات النفط، إن المهم هو أن توضح مصادر الدخل في إقليم كردستان.

إن التقشف وخفض الإنفاق أمر جيّد جداً وان إيقاف ذلك النزيف في الموارد العامة أمرٌ جيّد في الإقليم ولكن الأهم والأكثر أولوية هو توضيح مصادر الدخل التي تتسم الآن في الإقليم بكثير من عدم الشفافية والوضوح خصوصا في واردات النفط.

نقاش: لقد أدى حديثك إلى ردود أفعال بعضها ايجابية وبعضها الآخر سلبية، إذا حدث الأمر مرة أخرى هل ستقول الكلام نفسه عن أن الإصلاحات لا تنفذ بأشخاص أميين؟

يوسف محمد: إن ملتقى السليمانية اجتماع كبير جدا وأود أن اثني على القائمين عليه عن طريق (نقاش) الذين يجمعون هنا منذ أربعة أعوام متتالية النخبة العراقية والنخبة في إقليم كردستان والنخبة المعنية بملف الإقليم والعراق على مستوى العالم، للحديث عن المشاكل الحالية للعراق واقليم كردستان. كنا نأمل أن تجري مناقشة هذه المواضيع على مستوى كردستان أيضاً مناقشة هادئة، ولكن للأسف لم تجر الأمور كما كان مخططاً لها.

أما الحكم والإصلاح فهو في الحقيقة بحاجة الى خطط وتخصصات في كل المجالات التي يحتاجها الحكم من اقتصاد وقانون وسياسة والمجالات الاخرى وان لم يكن لدى شخص خبرة فيها فلابد أن يستعين بمستشارين مختصين ليحصل على الخبرة ويقدموا له المشورة.

إن الوضع الذي يمر به الاقليم من الناحية سياسية والاقتصادية يظهر انه لا يوجد الشخص المناسب في المكان المناسب في نظام الحكم عندنا بل مع الأسف هناك مجموعة من المقاييس الاخرى حيث يطغى مقياس العائلية على جميع المقاييس الأخرى في إقليم كردستان. لا يمكن ان يمر اقليم كردستان على هذا النحو الذي لا نأمله جميعا ولا يتحمل احد مسؤوليته.

نقاش: كان من المتوقع أن يؤدي ملتقى السليمانية إلى تقارب الحزب الديمقراطي وحركة التغيير إلا أن هذا لم يحدث، لماذا؟

يوسف محمد: يريد الدكتور برهم صالح وهو رئيس البورد في الجامعة الأميركية مع القائمين على ملتقى السليمانية توجيه الوضع نحو ذلك التقارب ولكن مع ذلك فان النقاش الحاد والصريح أمر مناسب لفهم بعضنا البعض وكذلك ليفهم الناس المشاكل. إن ما حدث في ملتقى السليمانية وضح الأمور لكثير من الذين حضروه في ما يخص السبب وراء مشاكل الإقليم، لذلك أرى أن ملتقى السليمانية كان ناجحا من هذه الناحية أيضاً في ان يتحدث كل شخص عن المشاكل من منطلقه.

نقاش: تم تعطيل البرلمان لفترة طويلة، هل ترى أن هناك فرصة لتفعيله من جديد؟

يوسف محمد: هذا يتطلب تغيير طريقة الحكم في إقليم كردستان. استطيع القول ان هذا مرتبط بالكتل في برلمان كردستان وموقف الحزب الديمقراطي من العملية السياسية في الإقليم، ليس هناك مشكلة في رئاسة البرلمان وانا أؤدي واجبي أمام الله وشعب كردستان وأمام اليمين الذي أديته في البرلمان.

نقاش: يتهمك الحزب الديمقراطي الكردستاني بكونك سبباً في تخريب الوضع السياسي في إقليم كردستان، ما هو موقفكم انتم؟

يوسف محمد: لقد ابلغني الحزب الديمقراطي الكردستاني وبارزاني وجها لوجه بان أدائي جيد في البرلمان، وهذا يظهر أننا عملنا بشكل محايد، أما غير ذلك فانه يتعلق بموضوع رئاسة الإقليم، لقد بذلنا جهودا كبيرة في هذا الموضوع حتى يتم حل المشكلة عن طريق الحوار بين الكتل ولكن مع الأسف لم تجر الأمور هكذا، لا تستطيع جهة سياسية أن تأتي بدليل على أننا كنا نعمل خارج النظام الداخلي والقوانين المعمول بها في إقليم كردستان في ما يخص جميع القضايا داخل البرلمان بما فيها موضوع رئاسة الإقليم. ان الأمر يتعلق بكون الحزب الديمقراطي يرى نفسه متضررا من القانون الذي أعده النواب، فانا لم اعد ذلك القانون.

كما كانت الهيئة الرئاسية للبرلمان تعمل وفق النظام الداخلي للبرلمان، فاني لم امنع الحزب الديمقراطي من ان يقدم مشروعا، لم يأت الحزب الديمقراطي بمقترح مشروع حول هذا الموضوع حتى نهمشه، لم نمنع الحزب الديمقراطي وكتلته من مناقشة هذا الموضوع داخل البرلمان، ان ما يخص موضوع رئاسة الاقليم متعلق بمصلحة حزب معين لذلك تم جره الى ذلك المنحى.

نقاش: هل ستتخذ الموقف نفسه حول موضوع رئاسة الإقليم إذا عدت إلى البرلمان؟

يوسف محمد: سواء عدت إلى أربيل أم لم اعد، فأني لا أرى الآن شخصاً في منصب رئيس الإقليم بشكل شرعي، وعندما لا يكون هناك شخص في منصب رئيس الإقليم بشكل شرعي أتعامل معه، فبالتأكيد أن احدى خطوات البرلمان في حال عودتنا إلى اربيل ستكون مسألة رئاسة الاقليم، عبر الحوار مع الكتل أولاً ثم عبر الإجراءات القانونية في برلمان كردستان.

نقاش: قال بارزاني في إحدى المقابلات بأنه لن يتنحى من رئاسة الإقليم حتى إعلان الدولة المستقلة، ما هو رأيك أنت؟

يوسف محمد: في الحقيقة لم أكن أحب أبداً ان يقع بارزاني في هذا الوضع وهو احد القادة التاريخيين لشعب كردستان بكل أفضاله ومساوئه وقد شغل منصب رئيس الإقليم لمدة عشرة أعوام وهو أيضاً احد قادة بلادنا، ولكنه الآن يظهر نفسه كأنه متمسك بالكرسي، كنت آمل ان يكون لدينا بين الشعب الكردي مانديلا وجورج واشنطن يتنحى عن السلطة من تلقاء نفسه. لو أقدم بارزاني عند انتهاء ولاياته الرئاسية على تداول سلمي للسلطة لأصبح ذلك تاريخ كبير له ولاقليم كردستان حتى انه كان سيصبح عبرة لمن يكون رئيسا للإقليم بعده لان بارزاني هو اول رئيس للاقليم، ولكن مع الاسف لم يفعل بذلك حتى انه لم يفت الاوان بعد وبامكانه القيام بذلك.

نقاش: ماذا برأيك يجب أن يفعل بارزاني؟

يوسف محمد: لابد أن يسمح بارزاني بتعديل قانون رئاسة الإقليم وانتخاب رئيس جديد من البرلمان كما جرى خلال ولايته الرئاسية الأولى التي انتخب فيها من البرلمان كما تم التمديد له من البرلمان أيضا.

نقاش: ولكن بارزاني بادر بنفسه وقال ليتفق الأحزاب على شخص حتى يسلمه المنصب؟

يوسف محمد: يقول بارزاني انه يجب على جميع الأحزاب الاتفاق على شخص وهذا مستحيل جدا، فهاهي أربعة احزاب كبيرة قدمت مشروعا ولكنهم لا يسمحون بان يأخذ المشروع إطاره القانوني.

نقاش: بعد تفعيل البرلمان ما هي الضمانة على ألاّ يعطل مرة أخرى وفي حادث آخر؟

يوسف محمد: الضمان هو ان يسود القانون والقضاء وألا تتمكن الأحزاب السياسية من استخدام القوات المسلحة للأهداف السياسية، في حين أنني متأكد من أن قوات البيشمركة وقوى الداخلية الأخرى تريد ان تكون كرامتها مصانة ببطولاتها وان تدافع عن الأرض والوطن فقط لا أن تستخدم بهدف الدفاع عن حزب معين او شخصية معينة.

نقاش: لنتحول الى موضوع العراق، يقال انه لم يبق هناك شيء اسمه العراق الموحد، ما هو رأيكم؟

يوسف محمد: صحيح، لا توجد الآن دولة عراقية موحدة لها السيادة على جميع أراضيها، فجزء من الاراضي العراقية محتلة من قبل تنظيم داعش الإرهابي ومن جهة أخرى يتعامل إقليم كردستان بشكل مستقل سياسيا واقتصاديا.

في الحقيقة لقد تمت صياغة خارطة هذه المنطقة في السابق عبر توقيع اتفاقية هي اتفاقية سايكس بيكو بالدرجة الأولى مع عدد من الاتفاقيات بين الأطراف الفائزة في الحرب العالمية الأولى ونتيجة لذلك نشأت هذه الدول، لقد أثبتت الأحداث خلال المئة عام الماضية بان هذه الاتفاقية لا تستطيع تأمين السلام والاستقرار للشرق الأوسط بحيث يكون لاستقرار الشرق الأوسط تأثير على امن واستقرار العالم.

نقاش: ماذا سيكون مستقبل الكرد خاصة في العراق في المعادلات والأحداث التي تحدثت عنها؟

يوسف محمد: يلعب الكرد الآن دورا مؤثرا في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي ليس فقط على مستوى اقليم كردستان بل في غرب كردستان ابضا، ان ما يجري الان في الاقليم وروج آفا قد وحد جميع الكرد فالبيشمركة في الجنوب والمقاتلين في روج آفا والكريلا في الشمال جميعهم في خندق واحد ضد داعش، إن كان الكرد أنفسهم مستعدين للتطورات الموجودة فبالتأكيد سيكون لهم دور مؤثر في التطورات التي تحدث في الشرق الأوسط وسيتمكنون من استعادة جزء كبير من حقوقهم التي سلبت منهم في الماضي.

ولكن مع الأسف هناك بعض القوى داخل كردستان تتعامل بخلاف وحدة القوى الكردية وتسببت في تشتت وحدة الخطاب الكردي ونرى أن هناك مشكلات بين السلطة التي تسعى إلى تنظيم نفسها في غرب كردستان في اطار الفدرالية وبعض الاحزاب في اقليم كردستان التي تتولى السلطة، يوجد داخل اقليم كردستان ازمة احتكار السلطة وتعطيل للديمقراطية والمؤسسات الشرعية في الاقليم وهو ما جعل الكرد ضعفاء.

نقاش: الحكومة في بغداد منشغلة بإجراء الإصلاحات ماذا سيكون برأيك مصير الكرد في تعديلها الوزاري؟

يوسف محمد: ان ما يجري في بغداد بعضه مشكلات والبعض الآخر في الحقيقة دروس لنا نحن الكرد للاستفادة منها. حيث يخرج الآن مئات الآلاف من الناس إلى الشوارع مطالبين بتغيير الحكومة وتغيير السلطة وإجراء الإصلاح دون ان تسيل قطرة دم، انه درس للسلطات في إقليم كردستان، فعلى عكس ذلك كانت أية مظاهرة تجرى في إقليم كردستان تتجه نحو العنف وقد استشهد وأصيب الناس جراء ذلك في حين ان عدد الذين كانوا يتظاهرون في إقليم كردستان خلال الفترة الماضية كان اقل بكثير من عدد الأشخاص الذين يتظاهرون في بغداد، وهذا يظهر ان السلطات في بغداد تؤمن بحرية التعبير وتحترم رأي الشارع أكثر من السلطات في الإقليم، هذه من جهة ومن جهة اخرى فان التظاهرات في العراق تقام امام المنطقة الخضراء وهي أكثر الاماكن امنا في العراق دون ان يصاب احد، أما اذا وقفت أمام منزل مسؤول حكومي في إقليم كردستان فسوف ترى أن كارثة كبيرة ستقع، أما العبرة الثالثة فهي أن السلطات العراقية تستجيب لمطالب المتظاهرين وتريد إجراء تغيير في الحكومة على الرغم من انها شكلت الحكومة منذ فترة قصيرة، أن الحكومة العراقية لديها مشكلات اقل بكثير من حكومة الاقليم، فالحكومة عندنا لم تصرف رواتب الموظفين لستة أشهر بما فيها ربع الراتب الذي يوزع الآن، في حين ان الحكومة العراقية لم تؤخر الرواتب ليوم واحد كما لم تؤخر المشاريع وبالرغم من ذلك تجدهم مستعدين للاستماع الى الشارع واجراء التغييرات وهم الان بصدد تغيير الحكومة، اما الإقليم فهو عكس ذلك تماما حيث لم تر السلطات نفسها في مستوى لتستمع إلى الشارع، فهي ترى أصلاً نفسها اكبر بكثير من ان تستمع الى احتجاجات الشارع.

ان التطورات التي بدأت الآن في العراق تتطلب ان تمنح الكتل الكردستانية الدور الاول والنهائي في المباحثات حول حسم تلك القضايا. لا يمكن ان تجتمع الاطراف السياسية نيابة عن برلمان كردستان والبرلمان العراقي وتتخذ القرارات، لقد اختار شعب كردستان ممثليه في العراق وهم الكتل الكردستانية وانا واثق من أنهم اذا منحوا الثقة فسيتمكنون من اجراء المباحثات حول مطالب الكرد بأفضل طريقة.