المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

نجوم في برلمان كردستان: نواب يريدون القيام بالثورة منفردين

%d9%86%d9%88%d8%a7%d8%a8

من اليسار الى اليمين فرزاد عمر،علي حمه صالح ،سوران عمر، شيركو جودت ،عزت صابر

معاذ فرحانلا : نقاش
يتعدّى عدد النواب الذين اشتهروا في تاريخ عمل برلمان كردستان أصابع اليد أما البقية فلا يكاد يعرفهم حتى الناخبون

تجاوز برلمان كردستان من العمر (24) عاماً والرأي السائد بين مواطني كردستان منذ عام 1992 هو أن من جلسوا على مقاعد البرلمان كانوا يطمعون في الرواتب والامتيازات البرلمانية دون هموم الناس وبالتالي فقد نفذ النواب أوامر أحزابهم في صمت، ولكن نوابا آخرين كسروا هذا التقليد خلال الدورتين السابقتين للبرلمان وأصبحوا نجوما بين الناس.

وظهر بين الكتل البرلمانية الخمس (الحزب الديمقراطي الكردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الوطني الكردستاني، الاتحاد الإسلامي و الجماعة الإسلامية) نواب حملوا شعار مكافحة الفساد وينتقدون أعمال الحكومة ونظام الحكم.

ولدى هذه الأحزاب عدد من النواب فقط ممن دخلوا على الخط بجدية ويكشفون بالأدلة تقصير وفساد الحكومة، اما معظم النواب الآخرين فينفذون سياسة أحزابهم فقط.

ويعتبر كل من علي حمه صالح عن كتلة حركة التغيير وسوران عمر عن كتلة الجماعة الإسلامية وعزت صابر عن كتلة الاتحاد الوطني وشيركو جودت عن كتلة الاتحاد الإسلامي وفرست صوفي عن كتلة الحزب الديمقراطي من ابرز النواب الذين يوجهون انتقادات حادة خارج كتلهم وكل على طريقته.

ويأتي عدم صمت هؤلاء النواب في وقت يزداد تجذر الفساد في المؤسسات الحكومية، والأحزاب المشاركة في الحكومة والبرلمان لا موقف لها، الأمر الذي منحهم فرصة للظهور بشكل اكبر.

ويعتبر النائب علي حمه صالح عن كتلة التغيير ابرز الشخصيات التي تحارب الفساد بالأرقام منذ سنوات وقد سجل حتى الآن حوالي (80) دعوى عن طريق هيئة النزاهة فيما سُجلت ضده حوالي عشر دعاوى.

وكان صالح يقدم برنامجا تلفزيونيا قبل أن يصبح عضوا في البرلمان تدور محاوره حول الكشف عن فساد الحكومة لذلك حصل على المرتبة الأولى من حيث الأصوات بين جميع النواب خلال الانتخابات البرلمانية عام 2013.

وقال علي حمه صالح الذي يظهر باستمرار على شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي والتظاهرات لـ”نقاش”: انه “لم يبق من هذه السلطة اي أساس للحكم، هي عبارة عن مجموعة من الأشخاص يخدمون مصالحهم ولا يملكون ميزة لحكم الناس، بل إنهم منشغلون بالتجارة، إنها مهمة أخلاقية أن نقف بوجه هذه السلطة”.

ويأمل صالح في ان يتمكنوا من إسقاط “قلعة الفساد” هذه وان يتمكنوا من انجاز مهامهم على الرغم من انه لا يعلم الى أي مدى ممكن أن يتحقق هدفهم.

ويعارض الحزب الذي ينتمي اليه صالح  وهو (حركة التغيير) الحزب الديمقراطي الا ان انتقاداته ليست موجهة الى الحزب الديمقراطي فحسب، بل يعاتب حزبه أيضاً بقوله: “يتحمل الحزب الديمقراطي المسؤولية الأولى عن هذا الوضع، ولكن الأحزاب الأربعة الأخرى ليست لديها موقف واضح فهي ليست مشاركة في الحكم وليس بإمكانها منافسة الحزب الديمقراطي”.

ولحركة التغيير التي ينتمي إليها صالح (24) مقعدا في برلمان كردستان وقد منع رئيس البرلمان والوزراء الأربعة للحركة (البيشمركة، المالية، الأوقاف و التجارة) من دخول أربيل منذ الثاني عشر من تشرين الاول (اكتوبر) من عام 2015 ولكن الحزب لم يقرر الانسحاب من الحكومة بعد.

ويظهر النائب سوران عمر عن كتلة الجماعة الإسلامية التي تملك ستة مقاعد في البرلمان، مع علي حمه صالح كفريق في معظم الأوقات، فقد حولتهما مواجهة الفساد الى صديقين مقربين، يعدان التقارير ويظهران في الإعلام معاً.

وقال سوران عمر لـ”نقاش” ان عدم سكوته هو تنفيذ لمهامه كنائب ومهام تمثيل الناس ومحاسبة ومراقبة الحكومة، واضاف: “في هذه الأوضاع لابد ان نواجه الفساد وانعدام العدل وانتهاك القانون وحقوق الإنسان بصوت عال”.

وقد سجلت ضد عمر حتى الآن (14) دعوى بينها دعاوى مستشار مجلس امن إقليم كردستان والمتحدث باسم حكومة إقليم كردستان ومحافظ أربيل.

ويأمل عمر ان يتعدى عدد الذين يظهرون كمعارضة أصابع اليد ويقول: ان هناك (111) نائبا يمثلون الشعب الذي أوضاعا سيئة والحكومة فاسدة، ويضيف “كان لابد أن يكون جميع النواب مثلنا، ليس هناك كثير من الأصوات المرتفعة في البرلمان مع ان أصوات الرفض وعدم القبول داخل الأحزاب كثيرة، نحن نؤدي مهامنا ولسنا مسؤولين عن إسقاط قلعة الفساد هذه، إنني مسؤول عن قيامي بما يمكنني فعله”.

ورفع هذا النائب صوت الاحتجاج منذ بداية تشكيل الحكومة التي ولدت في خضم ازمة الحرب ضد داعش والأزمة المالية ما جعلها عرضة لانتقادات كثيرة، وعلى الرغم من وجود اصوات معارضة من قبل جهات كثيرة إلا انها غير منظمة.

ويعدّ وجود اصوات معارضة داخل حركة التغيير والجماعة الاسلامية والاتحاد الاسلامي أمراً طبيعيا الى حد ما إذ كانوا قبل اربع سنوات في صف المعارضة ضد الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني، إلا أن وجود نواب من الاتحاد الوطني ينتقدون طريقة الحكم بصوت مرتفع يعتبر أمراً نادراً.

ويقول النائب عزت صابر عن كتلة الاتحاد الوطني الذي سجلت ضده دعويان من قبل آشتي هورامي وزير الموارد الطبيعية في حكومة اقليم كردستان، يقول إن لديه خططاً لكشف كيفية صرف واردات إقليم كردستان ووجهتها بالارقام والأدلة قريباً.

وقال صابر “إن لم أكن نائبا ولم أتمتع بالحصانة لكنت اقبع في السجن منذ أمد بعيد، وهناك سلطتان للبرلمان وهما تشريع القوانين ومراقبة الحكومة، إن لم اقم بمهامي هذه فسأخسر نفسي”.

وتابع: “لقد تحدثت مئات المرات وكانت الحكومة لا ترغب في ذلك ولكن في النتيجة كان ذلك في مصلحتها، لم يقل لي حزبي ان اقول شيئا ولا اقول شيئا آخر، ولكنهم أدانوا ما قمت به في بعض الامور الحساسة معتبرين إنني أشتت وحدة حكومة القاعدة العريضة إلا أنني لم أولِ اهتماما لذلك”.

وفي وقت لا يتعدى من يقفون بوجه السلطة على امل حياة أفضل عدد أصابع اليد، فأن الشارع يشهد اتساع دائرة احتجاجات المعلمين والموظفين والمواطنين، لكنها لم تسفر عن شيء حتى الآن لأنها غير منظمة.

ويملك الاتحاد الإسلامي عشر مقاعد في برلمان كردستان ويشغل وزارتين، ويظهر احد نوابه اكثر من غيره.

وقال شيركو جودت عن محاولاته لـ”نقاش”: ان “مهمتي هي مواجهة الفساد بشكل مؤسساتي ومحترف، لست ضد اي حزب ولكنني اقف ضد الفساد وادعم الإصلاح، وتوقعاتي هي علمية وأكاديمية، وقد عرضت بالأدلة ما وجدته من فساد او انتهاك للقانون”.

وسجلت ضد جودت دعوى من قبل وزارة الموارد الطبيعية وجرت تهديدات وضغوط لإسكاته، وقال حول ذلك: “لابد من مواجهة الفساد بشكل مهني وعلمي وبجرأة ودون توانٍ عن اي شخص، أنا مع القيام بضغوط مدينة”.

ويعتبر الحزب الديمقراطي القوة الأولى في كردستان من حيث الأصوات والسلطة، ونظرا لوقوف نواب الحزب الخمسة والثلاثين في جبهة السلطة فقلما يرفعون أصوات الاحتجاج، ومع ذلك يوجد بينهم نواب قلائل يتحركون بخلاف الآخرين، وفرست صوفي احد هؤلاء النواب.

صوفي الذي عمل لفترة مع عدد من زملائه بجد على إعداد مشاريع إصلاح، أصبح بسبب أعماله محل احترام ليس من قبل ناخبي حزبه فحسب، بل لدى ناخبي الأطراف الأخرى أيضاً.

وقال صوفي حول ذلك لـ”نقاش”: ان “طريقة الحكم كانت خطأ منذ البداية، كان هناك فساد وهدر للمال العام في جميع المناطق، لدي العديد من القضايا في المحاكم كما حركت الكثير من الأمور حول هدر الأموال، وجود هذه المحاولات الفردية أفضل من ان نقف مكتوفي الأيدي”.

عدا هؤلاء النواب هناك نواب آخرون برزوا داخل الكتل الأخرى ولكن بدرجات اقل، لذلك فعند الحديث عن المحاولات والنضال البرلماني، تبدو هذه الأسماء بارزة عند معظم مواطني اقليم كردستان.

ويقول المحلل السياسي آسو علي الذي عمل في صفوف الاتحاد الوطني وحركة التغيير في السابق، ان داخل الاحزاب أصواتاً مختلفة يسمح بها الى الحد الذي تستخدم كدعاية سياسية وتثير انتباه الناس.

وأضاف علي لـ”نقاش” أن “الوضع الحالي للإقليم متوقف، وهذه المحاولات لن يكتب لها النجاح ولن تجد آذانا صاغية داخل الأحزاب أيضاً، لم يكن لها تأثير فعلي سوى تسجيل المواقف وان تحول هؤلاء النواب الى فريق واحد فان أحزابهم لن تقبل منهم ذلك”، مشددا على انه اذا كانوا يتمتعون بتأثير لانعكس ذلك على مواقف أحزابهم.