نحن جزء من النضال العالمي: بناء التضامن الدولي
بەر دەستە بە زمانی کوردی
اللاعنف , تنظيم المجتمع المدني في الولايات المتحدة الامريكية وفرص تضامنها مع العراق
تيري كاي روكفلر – عوائل 11 سبتمبر من اجل غدٍ سلمي
ورقة مقدمة في المؤتمر السنوي لمبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي ، 18 كانون الثاني – يناير 2017، السليمانية ، إقليم كردستان العراق
اسمحوا لي أن أبدأ بالحديث قليلا عن نفسي. في يوم 11 سبتمبر 2001، قتلت أختي لاورا في الهجمات التي استهدفت مركز التجارة العالمي في نيويورك. فكنت لمعظم حياتي ناشطة ضد الحرب، وجعلتني أحداث 11 سبتمبر وردود الرئيس بوش وغيره من السياسيين أخشى من أن الولايات المتحدة ستواصل الانتقام والحروب- وأن العنف سوف يخرج عن نطاق السيطرة.
رغبت في السعي لللاعنف، وكنت محظوظة جداً في العثور على أشخاص آخرين قتل احد افراد عائلتهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر للوقوف معي، حيث أسسنا معا “عوائل 11 سبتمبر من أجل غد سلمي”. نحن ندرك تماما أننا لم نحقق نجاحاً، وأن العالم اليوم، وخاصة العراق، يعاني من انتشار الحرب والعنف الذي خشينا من أن يتبع أحداث 11 سبتمبر. لذلك أريد أن أعتذر عن الحرب التي شنتها دولتي على العراق – كانت حرباً لطالما حاول نشطاء السلام بجهد إيقافها، ولكننا فشلنا وأشعر بأسف بالغ لذلك.
ومع ذلك ما زلت أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن اللاعنف هو الطريق الذي يجب أن يُتبع وأننا كنشطاء في المجتمع المدني يمكن أن نعمل معاً متضامنين. لذلك أنا ممتنة لوجودي هنا اليوم لأستكشف كيف يمكننا دعم بعضنا البعض من اجل إنهاء الظلم في بلداننا وبناء مجتمعات يكون فيها سلام دائم واحترام لحقوق وكرامة الجميع.
وسوف يتركز حديثي في الغالب على الولايات المتحدة وبعض التطورات المخيفة على الساحة السياسية الوطنية لدينا – وكذلك الاحتجاجات الشعبية من قبل المجتمع المدني الأمريكي التي قد تشير لطريق يؤدي إلى التغيير الإيجابي من خلال وسائل اللاعنف.
إسمحوا لي أن اضع اولاً تطورات الولايات المتحدة في سياق دولي. منظمة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية أبرزت إتجاهين خطيرين للغاية في جميع أنحاء العالم:
- الأولى هي حملة قمع للمجتمع المدني من قبل الحكومات في كل مكان. المساحة لمنظماتنا، الاحتجاجات الشعبية، حرية التعبير وحرية الصحافة تتقلص في معظم الأماكن.
- الثانيه أزمة اللاجئين وازمة النزوح داخلياً وهي الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية وتحصل نتيجة للصراع العنيف في الكثير من الاماكن في العالم. كما أقدم عدد كبير من الناس على هذه الخطوة بسبب تغيرات المناخ والتدهور البيئي- وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وجميع أنحاء أفريقيا.
عندما ننظر لهذين الاتجاهين معا – قمع واسع النطاق من المجتمع المدني وأزمة لاجئين كبيرة – يصبح من الواضح جداً أننا كنشطاء المجتمع المدني بحاجة إلى أن نصبح أكثر نجاحا وفعالية في الوقوف جنبا إلى جنب متضامنين للدفاع عن حقوقنا، لمعارضة الحكومات والقوات غير الحكومية التي تهدف إلى قمع المجتمع المدني، وتعزيز حل عادل ودائم للصراعات التي تدفع الكثير من الناس ليصبحوا لاجئين داخل بلدانهم وحول العالم.
كل هذا يحدث في سياق العولمة حيث ان لمصالح الشركات متعددة الجنسيات في كثير من الأحيان الأسبقية على احتياجات الأفراد والأسر والمجتمعات، ورفاهية البيئة على كوكبنا. هناك تفاوت متزايد للثروة والدخل – والأغنياء جدا في مأمن و محميون من معظم آثار الحرب والعنف؛ وقد يستفيدوا منها في بعض الاحيان.
الآن، إذا ركزنا على الولايات المتحدة الامريكية، فمن الواضح أن المنظمات اللاعنفية التي تعمل من أجل العدالة والسلام تواجه تهديدات كبيرة. وقد قيل الكثير حول ما يعنيه التصويت لصالح دونالد ترامب. من وجهة نظري هناك أربع نقاط مهمة للتأكيد على ذلك:
- يجب علينا القلق كثيراً: دونالد ترامب شخص متعجرف وغير متوقع الافعال. هو عديم الخبرة في القيادة السياسية أو الدبلوماسية الدولية.
- الاشخاص الذين يقوم ترامب بتعيينهم في مناصب السلطة لهم معتقدات خطيرة جداً. هم ضد المسلمين. هم معادين للمهاجرين. بعضهم عنصريون علناً وضد مساواة المرأة. بعضهم يدعم استخدام التعذيب وانتهاك القوانين الدولية الأخرى.
- ولكن، الغالبية العظمى من الأمريكيين الذين صوتوا لم يصوتوا لترامب. يرجع ذلك إلى اعتماد انتخاباتنا الرئاسية على التصويت ولاية بعد ولاية ، وليس بالأغلبية البسيطة، فلم يحصل ترامب على أكبر عدد من الأصوات. كذلك فإن معظم الناس اختاروا عدم التصويت على الإطلاق في الانتخابات.
- وأخيرا، في حين أنني شخصيا لم اكن أستطع أن أتخيل ان يحصل ترامب على صوت واحد، الا انني أعتقد بأن الكثير من الناس صوتوا له لأنهم تعبوا من السياسة كالمعتاد في واشنطن العاصمة، وكانوا يعتقدون أن ترامب قد بفعل شيئاُ جديداُ ومختلفاُ. بعض من هؤلاء الناس يمكن أن يدعموا حركة المجتمع المدني من أجل التغيير.
ولابد لي من التحدث بصراحة عن الولايات المتحدة – هي بلدي الذي أحب، والتي كانت مصدر إلهام للكثير من مطالبي الحرية والديمقراطية؛ وقد استقبلت الناس من جميع أنحاء العالم ليصبحوا مواطنين امريكيين. ولكن، هي الاخرى تم بناؤها بعد الاستيلاء عنوة على الأراضي التي سكنها الامريكان الاصليون، وذلك ظلم لم يتم تصحيحه أبداً. كما استعبدت الولايات المتحدة الملايين من الأفارقة السود لأكثر من قرنين من الزمان، واليوم المواطنين الامريكان من أصل أفريقي ما زالوا يتعرضون لتمييز واضطهاد شديد من قبل الشرطة. كل هذا التاريخ، الجيد منه والسيء، يعني أن النشطاء في الولايات المتحدة بحاجة إلى أن يكونوا غاية في انتقاد الذات حول كوننا في الولايات المتحدة فشلنا في أن نرقى إلى مستوى المبادئ التي نقول أننا ندافع عنها.
يجب على نشطاء الولايات المتحدة معالجة الانقسامات التي توجد داخل مجتمعنا. ففي كثير من الأحيان، يقسمنا الخوف – الخوف من أولئك الذين هم من دين مختلف، أو عرق مختلف، أو جنسية مختلفة، كذلك الخوف من الغرباء واللاجئين. واحدة من أكبر التحديات التي أراى اننا بحاجتها من اجل بناء الحركات الاجتماعية هي بناء الجسور بين المجتمعات المختلفة، لفتح الحوار الذي من شأنه مواجهة المخاوف التي يستخدمها بعض المسؤولين الحكوميين لتبرير القيود المحيطة بالمجتمع المدني وحقوق الإنسان لدينا.
هناك دلائل على أن حركة واسعة من أجل العدالة واللاعنف يمكن أن تنمو في الولايات المتحدة. فوسط كل الأخبار المروعة المتعلقة بالانتخابات، كان المعارضين لخط أنابيب داكوتا بقيادة الامريكان الاصليون في منطقة (Standing Rock) مصدرا كبيرا للأمل. حيث تهدف إحتجاجات هؤلاء إلى وقف بناء خط أنابيب نفطي تحت نهر ميسوري الذي يمثل مصدرا لمياه الشرب والري لمنطقة ضخمة في غرب الولايات المتحدة الامريكية. تستند الاحتجاجات هذه على التقاليد الدينية للامريكان الاصليون، ولكن قادة الاحتجاج رحبوا بالناس من جميع الأديان حتى أولئك الذين ليس لهم دين. هذه الاحتجاجات غير عنيفة للغاية – في الحقيقة خرج زعماء الاحتجاج عن المألوف لكي يكسبوا و يحتضنوا اولئك الذين يؤيدون بناء خط الانابيب من اجل الحصول على وظائف مؤقتة. فيما سعى قادة الاحتجاجات للحوار معهم حول البدائل التي من شأنها أن تفيد الجميع.
كان شعار حركة الصخرة الدائمة (Standing Rock) “الماء هو الحياة”، وحينما شاهدت نمو احتجاجاتهم، لم اتمكن من التوقف عن التفكير في العمل الذي يقوم به نشطاء حملة انقاذ نهر دجلة في العراق، وكيف ان هاتين الحركتين يمكن أن تدعم بعضها البعض. ففي الوقت الراهن توقفت عمليات مد خط الأنابيب – ولكننا لا نعلم ما قد تفعله إدارة ترامب.
وبينما أنا هنا معكم، ينظم الناس في واشنطن العاصمة احتجاجات لمعارضة تنصيب ترامب – وعلى وجه الخصوص لمعارضة خطاب الكراهية، العنف، الحرب، الامتيازات، والظلم الذي يقوم به هو والعديد من معاونيه. وبعد يوم من تقليده المنصب ستمتد مسيرات ضخمة لدعم حقوق المرأة في واشنطن العاصمة ونيويورك وسان فرانسيسكو ولوس انجلوس وفيلادلفيا وبوسطن، وأماكن أخرى. آمل أن تكون مثيرة بقدر الاحتجاجات اللاعنفية التي تجري في جميع أنحاء العراق وحكومة إقليم كردستان منذ عام 2011.
هدفنا في الولايات المتحدة هو بناء “حركة التحرك” – التي تعارض الظلم والعنصرية، والأعمال المعادية للمسلمين، والتمييز على أساس الجنس، والفقر في الولايات المتحدة الامريكية. هذا ايضا يربطنا كنشطاء للسلام واللاعنف، لمعارضة الظلم الناجم عن الحروب تخوضها الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم. الأهم من ذلك، فإننا سوف نقف ضد الإنفاق العسكري ونسعى لتعزيز الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والاحتياجات الإنسانية الأخرى، بالاضافة الى تعزيز الجهود المبذولة لحماية البيئة.
لقد أزهقت الحروب اللامنتهية الملايين من الأرواح وكلفت تريليونات من الدولارات، في حين أن الاحتياجات الأساسية للأعداد المتزايدة من الناس لا يتم تلبيتها. حيث سيبلغ اجمالي الإنفاق العسكري الأمريكي في عام 2017 ما يتجاوز 620 بيليون دولار، في حين تتوسل الأمم المتحدة على 550 مليون دولار لمعالجة أزمة اللاجئين في الشرق الأوسط وأفريقيا، وأوروبا.
إن انهاء الهجمات على المسلمين في الولايات المتحدة، والتي زادت بشكل خطير منذ هجمات 11 سبتمبر، هي أيضا امر عصيب. فإن أي قيود على الحقوق المدنية للمسلمين الأمريكيين ستجعل كل شخص منا أقل أمانا وأقل ضمانا للحقوق.
ماذا يمكننا أن نفعل معا كنشطاء المجتمع المدني لتعزيز السلام الدائم؟ ماذا نعني بالتضامن بالضبط؟
- في بعض الأحيان، نحن بحاجة فقط لفهم أفضل للمشاكل التي يواجهها كل منا – في أجزاءنا المختلفة من العالم، وبلداننا المختلفة، ومجتمعاتنا المختلفة.
- ولكن، عندما يتعرض المجتمع أو الفرد للتهديد – كما هو الحال عندما تم اختطاف الصحفية أفراح شوقي القيسي، التي انتقدت الفساد في الحكومة العراقية، فنحن بحاجة إلى آليات لتقديم المساعدة والحماية لبعضنا البعض.
- ويجب أن نبني الحركات التي تتمتع بتأييد واسع داخل مجتمعاتنا، وان نعمل على ضمان اعطاء النساء والشباب فرصتهم القيادية داخل تلك الحركات.
وهذه القضايا، وكثير غيرها ستكون محور المحادثات المهمة جدا التي سنخوضها معا اليوم. يشرفني أن أكون هنا معكم جميعا. وانا أتطلع للعمل الذي سنقوم به ونتشاركه سويا.