الاقليات العراقية تجربة ربيعية متأزمة
حسام عبد لله علي
ورقة عمل مقدمة من رابطة التضامن والتاخي الازيدية، ضمن مساهمة الوفد العراقي في اعمال المنتدى الاجتماعي العالمي – تونس – 26-30 – اذار 2013
لاتزال ازمة الاقليات العراقية حالها حال بقية الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
اذ تنفس ابناء الاقليات في العراق الصعداء في ظل التغيير السياسي الحاصل على الرغم من انها بقوة اجنبية محتلة والتي اسقطت نظام البعث الصدامي في العراق الا انهم سرعان ما انصدموا بالواقع الجديد.
عانى الاقليات في العراق في ظل النظام السابق والانظمة الحاكمة في العراق المعاناة تلو المعاناة وبسبب الحكم الشمولي في نهج تلك الانظمة غاب الاعتراف الرسمي والدستوري بتلك الاقليات ووجودها على الرغم من ان العراق من اوائل الدول المعترفة بالاتفاقيات الدولية ومنها العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الصادر في عام 1966.
بعد الاستفتاء الرسمي والشعبي للدستور الجديد في العراق في 2005، وقبيل الموافقة الشعبية لذلك الدستور تحركت جميع القوى والحركات المدنية التي نشطت في مجال الدفاع عن حقوق الاقليات ، حيث اجرت العديد من الانشطة والفعاليات وحملات الضغط وكسب التأييد من اجل ادراج الاقليات وضمان حقوقها في الدستور الجديد، ونجحت تلك الحركات المدنية وتحركاتها في ادراج حقوق الاقليات الدينية والعرقية في الدستور اذ تضمن اكثر من 7 مواد تنص على ضمان حقوق الاقليات الثقافية والدينية والجغرافية.
وحسب تقارير رسمية اكدت ان نجاح الاستفتاء على الدستور وتمريره بنجاح هو كون ثلث محافظة نينوى لم تصوت ضد الدستور وفي بحث واستقصاء بسيط لتبين لكل متابع بان ذلك الثلث هم ابناء الاقليات المتواجدة بكثرة في محافظة نينوى بالذات، علما ان الشرط لاسقاط وعدم تمرير الدستور هو عدم موافقة 3 محافظات مجتمعة.
مرَر الدستور وبدأت العملية السياسية تأخذ ابعادها في الاستقرار الا ان موجة العنف الدامي والارهاب الاعمى احرق الاخضر واليابس، حيث لم تمر منطقة او فئة او مكون الا واصابها ذلك الارهاب الاعمى بعشرات لا بل مئات القتلى والجرحى وتدمير للبنى التحتية.
الا ان الاقليات و لكونهم اقليات من حيث العدد والوجود كان نصيبهم من ذلك العنف الدامي الاثر الاكبر حيث ازدادت حركة الهجرة لابناء الاقليات كما انقطعت اغلب مصادر ارزاقهم ومصادر عيشهم حيث استهدفوا في بيوتهم وفي محالهم وفي مناطق عملهم.
وعلى الرغم من المناشدات المستمرة للمنظمات الدولية والامم المتحدة والحكومات الصديقة الا ان مسلسل القتل والاستهداف بقي مستمرا تجاه الاقليات.
ان ازمة الحكم في العراق وغياب المشاركة الحقيقية وانعدام الثقة بين القوى السياسية وتسلط احزاب السلطة جميعها ساهم في ابعاد الاقليات عن المشاركة الحقيقية في الحكم كذلك الحال ضعف سلطة الدولة على بسط الاستقرار وتطبيق القانون ابقى الاقليات معرضة الى الاستهداف المستمرة من قبل الجماعات المسلحة وكذلك نالت الاقليات نصيبها من ارهاب الاحزاب والقوى السياسية المهيمنة.
ان تواجد اغلب الاقليات على خط التماس بين مركزية الدولة وفدرالية اقليم كردستان العراق، جعل من الاقليات ورقة سياسية يمكن التلاعب بها، حيث لازال جزءا كبيرا من انعكاسات العنف الدائر في مناطق تتواجد فيها الاقليات الدينية والعرقية.
ان نظام ” الكوتا” اي نظام تخصيص مقاعد محددة لفئة ما، شجع وكان له دور بارز في ضمان تمثيل الاقليات في المؤسسات التشريعية والرقابية ومنها البرلمان ومجالس المحافظات، حيث تضمنت قوانين الانتخابات تخصيص مقاعد محددة حسب نظام “الكوتا” لابناء الاقليات وكذلك الحال للتمثيل النسوي في تلك المؤسسات، لم يكن نظام “الكوتا” سيئا ابدا وانما ساعد وساهم على تمثيل الاقليات وتواجدها في تلك المؤسسات التشريعية الا ان نظام الكوتا استغل سياسيا واصبح التلاعب بنسب التمثيل التي بدأت لا تتلائم والنسب السكانية لتلك الاقليات، كذلك الحال هيمنة الاحزاب الكبيرة جعل من نظام الكوتا نظاما غير مفعلا.
الاقليات ودورها في الحراك الاجتماعي ومنها المنتدى الاجتماعي العراقي
سعت الحركات الاجتماعية العاملة في العراق والتي ساهمت في اغلب المنتديات الاجتماعية العالمية على اظهار موضوع الاقليات ضمن محاور وحلقات النقاش التي تدور في تلك المنتديات، حيث تبنت مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي (ICSSI) احدى شركاء وداعمي الحركات الاجتماعية العراقية وحركة المنتدى الاجتماعي العراقي، وضع جلسة حول ضمان حقوق الاقليات في العراق.
كذلك ساهمت جماعة اللاعنف العراقية والشركاء الدوليين على القيام بحملات ضغط وكسب التأييد حول قضية الاقليات والاهتمام بهم. وهذا يعتبر انتصارا لتلك الحركات الاجتماعية.
توصياتنا الى المنتدى الاجتماعي العالمي في تونس.
1- تبنى قضية الاقليات في المنتديات الاجتماعية المقبلة والعمل على وضع ستراتيجيات وحملات لمناصرة قضية الاقليات العراقية وكذلك الاقليات في دول الربيع العربي .
2- ضمان الحقوق الدستورية والقانونية للاقليات وضمان التطبيق الفعلي والعملي لتلك الحقوق الواردة في الدساتير والقوانين سواء في العراق او في بلدان الربيع العربي.
3- تشجيع حكومات الدول العربية والدول التي تتواجد فيها الاقليات على الانضمام الى المعاهدات والاتفاقيات الدولية الضامنة لحقوق الاقليات والعمل على الامتثال الفعلي لتلك الحقوق.
4- حقوق الاقليات قضية ثقافية واجتماعية وعلى الحركات الاجتماعية والمدنية التثقيف والتوعية بثقافة وتنوع هذه الاقليات والعمل على الاندماج الفعلي ضمن مفهوم” المواطنة”
5- دعوة الشركاء الدوليين للعمل على دعم المجتمع المدني في سعيه للتوعية بحقوق الاقليات واشراكهم في المحافل الدولية لاسماع قضية الاقليات دوليا.