المبادرة الدولية للتضامن مع المجتمع المدني العراقي

The Iraqi Civil Society Solidarity Initiative (ICSSI) is dedicated to bringing together Iraqi and international civil societies through concrete actions to build together another Iraq, with peace and Human Rights for all.

الاعلام العراقي بعد 10 سنوات من التغيير … حزبي طائفي فئوي

  عدي حاتم/رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة

ورقة عمل مقدمة ضمن مساهمة الوفد العراقي في اعمال المنتدى الاجتماعي العالمي في تونس/للفترة من  26 ولغاية 30 من شهر اذار العام 2013

قد يرى البعض ان هذا التقييم للاعلام العراقي قاسي بعض الشيء ، لكن يجب التفريق بين تعددية وسائل الاعلام التي يفرضها الواقع السياسي في البلاد المتمثل بتقاسم السلطة بين الاحزاب على خلفية طائفية وعرقية التي تمتلك مجمل وسائل الاعلام  وبين حرية الصحافة وحرية الاعلام التي معيارها الرئيس هو الوصول الحر للمعلومات والحرية الكاملة والقدرة على نشرها واذاعتها من دون اي عراقيل ومن دون تحكم من قبل الجهات المالكة لوسائل الاعلام . ومن يتابع وسائل الاعلام العراقية يجدها لاتفرق بين الاعلام والاعلان والدعاية للشخصيات السياسية وقادة الاحزاب ، وكأن الزمن قد عاد الى الوراء مع الفارق ان الاعلام العراقي في عهد النظام السابق كان يروج لشخص وحزب واحد ، والاعلام اليوم يروج لعدة احزاب ولاشخاص عديدون ، ويهمل واجبه الاساسي وهو نقل الحقيقة الى الجمهور . ويمكن تحديد وضع الاعلام العراقية بالمراحل التالية “.

مصور عراقي يجبر على عرض صوره في نقطة تفتيش!
مصور عراقي يجبر على عرض صوره في نقطة تفتيش!

اولا : خلفية عامة

                                ·تمتعت الصحافة العراقية بعد عام 2003 بمساحة واسعة من الحرية اذ صدرت العشرات من الصحف والمجلات وانطلقت العشرات من القنوات الفضائية والتلفزيونية والاذاعات ، لكن هذه المساحة من الحرية كانت جزء من الفوضى التي اجتاحت البلاد بعد هذا التأريخ وانشغال الحكومات المتعاقبة بالعنف وليس لايمان الاحزاب وتلك الحكومات وحتى المجتمع بحرية الصحافة  ، استمر هذا الحال حتى اواخر عام 2008 ، اذ كان الصحفيون يواجهون جماعات العنف المتمثلة بتنظيم القاعدة والجماعات المسلحة والمليشيات  فقط ، ولم تعمد  الحكومات المتعاقبة كثيرا الى تضييق الحريات الا قليلا مثل غلق بعض القنوات مثل الجزيرة والشرقية والعربية لمدة شهر  بذريعة التحريض على العنف والطائفية .

                                · مطلع عام 2009 بدأنا نواجه الانتهاكات الممنهجة من الحكومة وتمثلت بالاعتقالات والاعتداءات ومنع الصحفيين من ممارسة عملهم ووضع قيود واجراءت صارمة على العمل الصحفي وصلت الى طلب الحصول على موافقات مسبقة قبل تغطية أي نشاط اعلامي ، وهذا الامر مازلت عمليات بغداد تفرضه في العاصمة والقوات الامنية في جميع المحافظات والمناطق العراقية الاخرى .

                                ·استخدمت الحكومة هيئة الاعلام والاتصالات كرقيب على وسائل الاعلام وصل حد التدخل بالسياسة التحريرية لوسائل الاعلام وطلب معلومات واحصائيات عن العاملين فيها وتحديد نوع التغطية وتهديد وسائل الاعلام بالغلق وسحب الاجازة اذا تجاوزت الخطوط الحمر بما مسموح به من انتقاد الحكومة .

                                · استخدام الحكومة لبعض المنظمات المهنية كشاهد زور على وضع حرية الصحافة في العراق ، مقابل منحها امتيازات وهبات مالية كمكارم لتلك المنظمات وللصحفيين من خلالها في محاولة لجعل الصحفيين ينسون او يتناسون حرية العمل الصحفي ويتنازلون عن حقوقهم المكفولة دستوريا  مقابل تلك الامتيازات واستخدامهم للتشهير باي منظمة او تجمع صحفي يخالف هذا المسعى والتقليد الموروث من النظام السابق.

ثانيا : استقلالية وسائل الاعلام 

بعد مرور نحو 10 سنوات على التغيير في العراق ،  فاننا لم ننجح للاسف الشديد في انتاج اعلاما مستقلا ومحايدا  ومؤثرا اذ ان الاعلام المستقل ان وجد فهو قليل وضعيف واغلب  المشاريع الاعلامية المستقلة انهارت واغلقت ابوابها بسبب التمويل ، وينقسم الاعلام الى قسمين :

أ- الاعلام المؤدلج او المسيس: وهو الاقوى في العراق وينقسم الى 4 اقسام من حيث التبعية والتمويل :

1-    الاعلام الحكومي : وهو الاعلام الذي تسيطر عليه السلطة التنفيذية بصورة مباشرة او غير مباشرة على الرغم من انه مخالف للدستور العراقي وينقسم الى 3 اقسام :

أ‌-       وسائل الاعلام التابعة الى رئاسة الوزراء مثل  شبكة الاعلام العراقي التي تمتلك 3 قنوات تلفزيونية وصحيفة”الصباح” واسعة الانتشار ومجلة “الشبكة”.وهذه الوسائل التي اسست على غرار الـ”BBC” اي انها تمول من المال العام والبرلمان يشرف على شفافية صرف الاموال فقط اما السياسة التحريرية فتبقى بيد مجلس ادارتها ومحرريها ولايسمح للحكومة او البرلمان بالتدخل فيها ، لكن ما حصل ومنذ تسليم السلطة الى الحكومة العراقية التي كان يرأسها السيد اياد علاوي في تموز من عام 2004 ، تحولت “شبكة الاعلام العراقي ”  ،كأنها ملكية خاصة الى رئاسة الوزراء واصبحت تدار بالتعليمات من هذا المكتب حتى الان.

ب‌-   وسائل الاعلام التابعة للوزارات الحكومية مثل فضائية الحضارة التابعة لوزارة الثقافة ، وقناة التعليم التابعة لوزارة التعليم العالي ، وهذه القنوات الفضائية تستخدم في الترويج لشخص الوزير .

ت‌-  وسائل الاعلام التابعة للحكومات المحلية في اقليم كردستان والمحافظات : وتمتلك هذه الحكومات وسائل اعلام عديدة من قنوات فضائية وتلفزيونات ارضية وصحف ومجلات واذاعات .

وتمول هذه الوسائل الاعلامية من المال العام لكنها للترويج للحكومة وليس لنقل الاخبار والحقائق  في تحدي واضح للدستور العراقي النافذ  الذي يحرم امتلاك الحكومة الاتحادية او الحكومات المحلية اي وسائل اعلام حكومية ، ويفرض عليهم طرح وجهات نظرهم عبر المؤتمرات الصحفين ومن خلال ناطقين رسميين .

2-    الاعلام الحزبي : وتمتلك جميع الاحزاب العراقية وسائل اعلام  تفرض على الصحفيين العاملين في تلك الوسائل سياسة الترويج للحزب ولاتسمح لهم بالتغطية الموضوعية للاخبار .

3-    الاعلام الممول من الدول المجاورة : وهناك العديد من وسائل الاعلام التي تبث من العراق لكنها ممولة من دولة مجاورة تتصارع على الساحة العراقية وهذه الوسائل الاعلامية تعتمد اجندات تحريرية تفرضها على الصحفيين العاملين فيها كما تقوم غالبا بالتحريض على العنف والكراهية .

4-     الاعلام الديني الطائفي : وهي القنوات الفضائية او المحطات الاذاعية او الصحف التي يمولها مراجع الدين او التجمعات والطوائف الدينية وهذه لقنوات هي الاخطر من حيث تأجيج الصراع الطائفي وبث التطرف الديني .

ب – الاعلام المستقل: ويقتصر وجود الاعلام المستقل على بعض الصحف وعدد من الاذاعات التي لايتجاوز عدها عدد اصابع اليد الواحدة في بغداد والمحافظات التي يصدرها صحفيون او شركات اعلامية ، واغلب التجارب من هذا النوع خلال السنوات العشر الماضية فشلت في الاستمرار بسبب عدم حصولها على التمويل والخسائر الفادحة للناشرين ، اذ كان امام مالكي الصحف خيارين الاول غلق الصحيفة وتسريح العاملين ، والثاني هو بيعها الى احد الاحزاب او الاتفاق المبطن معه بان تبقى ظاهرها مستقل وهي في الحقيقة تتبع احد الاحزاب او السياسيين او دولة مجاورة ويتم استخدامها في الترويج او مهاجمة الطرف الاخر ، ويمكن تلخيص اسباب اندثار وسائل الاعلام المستقلة  بما يأتي :

1- عدم وجود سوق اعلانية لان  الاقتصاد العراقي مازال اقتصادا اشتراكيا مركزيا، اذ ان الجل الاعظم من الاعلانات تأتي من المؤسسات الحكومية الموزعة بين الاحزاب لذلك يقوم الوزراء والمسؤولين الحكوميين في بغداد والمحافظات باعطاء الاعلانات الى وسائل التابعة للحزب الذي ينتمي له .

2-  امتناع الولايات المتحدة والدول الغربية و المنظمات الدولية عن دعم وسائل الاعلام المستقلة  فيما عدا بعض الحالات المحدودة وقيمها بتمويل اغلب المحطات الفضائية الحزبية.

3- ضعف الاستثمار وعدم دخول شركات دولية تنشط السوق الاعلانية لوسائل الاعلام.

5-    المبالغ التي تباع بها الصحف والمجلات لاتغطي 5 بالمئة من النفقات اذ لايتعدى المبلغ التي تباع بها الـ”500″ دينار  وذلك بسبب وسائل الاعلام الحزبية والفئوية التي توزع مجانا او تباع  بمبالغ زهيدة جدا (250 دينار) نحو (15 سنتا).

……………………………………………………..

عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة
عدي حاتم رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة

ثالثا :التحدي التشريعي 

الخطر الاكبر والاعظم من وجهة نظرنا هو الهجوم التشريعي الذي بدأته الحكومة مستخدمة جميع امكانياتها المادية من اجله ، وتكلل هذا الامر بالمصادقة وتشريع “قانون حقوق الصحفيين ” في اب (اغسطس ) من العام الماضي ، وطرح 7 قوانين للتشريع في البرلمان . و تعد جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ، تشريع البرلمان لـ” قانون حقوق الصحفيين ”  ، بانه يعكس أرادة الطبقة السياسية والحزبية المشاركة في البرلمان والحكومة باعادة السيطرة على وسائل الاعلام وانهاء حرية الصحافة المكتسبة ، واعادة انتاج اعلام سلطة مرة أخرى ، كما انه   يمثل تحديا كبيرا وخطرا حقيقيا على حرية الصحافة بصورة خاصة وحرية التعبير بصورة عامة ، لاسيما وان هذا القانون يحتوي على 5 مواد هي ” المادة 4 اولا ونصها : ” للصحفي حق الحصول على المعلومات والأنباء والبيانات والإحصائيات، غير المحظورة من مصادرها المختلفة وله الحق في نشرها بحدود القانون ” ، وأشتراط منح الصحفي حق الحصول على المعلومات بـ”غير المحظورة وحق نشرها بحدود القانون”، يفرغ المادة من محتواها ، ويجعلها لاتكفل  أي حق جديد للصحفيين أو امكانية للحصول على المعلومة ،  فالقوانين التي يجب احترامها بشأن حظر المعلومات أو نشرها هي القوانين النافذة الموروثة من عهد نظام صدام التي شرعتها النظم الإستبدادية السابقة ، لذلك فأن المادة شرعنت التكتم على المعلومات وشرعنت حظر نشرها للمتلقي بإسم قوانين الأمس، و والمادة 5 ثانيا “للصحفي حق التعقيب فيما يراه مناسباً لإيضاح رأيه بغض النظر عن اختلاف الرأي و الاجتهادات الفكرية، و في حدود احترام القانون”،وهذه المادة تعيد تفعيل القوانين الموروثة ايضا ، والمادة 6 اولا  ” للصحفي حق الاطلاع على التقارير والمعلومات والبيانات الرسمية وعلى الجهة المعنية تمكينه من الاطلاع عليها والإفادة منها ،ما لم يكن إفشاؤها يشكل ضرراً في النظام العام و يخالف أحكام القانون”.وهذه تشرعن  القوانين الموروثة التي لاتسمح باي حرية للاعلام ، كما انها تمنع اي معلومات تنشر عن الفساد الاداري والمالي بل وتحاكم الصحفيين وفقا لمواد التشهير الجنائي  في قانون العقوبات العراقي ، والمادة 7: “لا يجوز التعرض الى أدوات عمل الصحفي، الا بحدود القانون”. هذه المادة لاتوفر اي حماية لانها اعادة “بحدود القانون ” ، اي هو شرعنة وتفعيل مرة اخرى للقوانين الموروثة ، والقوانين الموروثة تجيز مصادرة المعدات لشتى الاسباب ،والمادة 8 ” : “لا يجوز مساءلة الصحفي عما يبديه من رأي او نشـر معلومات صحفية وان لا يكون ذلك سبباً للإضرار به ،ما لم يكن فعله مخالفاً للقانون” .  وهذه المادة لاتوفر اي حماية لان اي ممارسة لعمل صحفي حر هو مخالفة لقوانين الحقبة الدكتاتورية الموروثة وهي :

                                ·1– قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 .

                                ·2- قانون المطبوعات رقم 206 لعام 1968.

                                ·3-قانون وزارة الاعلام لسنة 2001 .

                                ·4- قانون الرقابة على المصنفات والافلام السينمائية رقم 64 لسنة1973.

                                ·5- قانون نقابة الصحفيين لسنة 1969 .

ويضاف لهذه القوانين ،امر سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 14 لسنة 2003 التي تخص النشاط الاعلامي المحظور وتعطي الصلاحية لرئيس الوزراء في غلق اي وسيلة اعلامية ومصادرة معداتها واموالها بل وسجن العاملين فيه. كما ان القوانين الموروثة تتيح للحكومة ليس فقط مراقبة وسائل الاعلام والتدخل في سياستها التحريرية بل وحتى تأميم وسائل الاعلام والصحف لاسيما وان القوانين الموروثة لاتسمح للاعلام الخاص وتنص صراحة على ان جميع وسائل الاعلام والصحف يجب ان تكون مملوكة للدولة ، لذلك ترى جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ومعها مئات الصحفيين وعشرات المنظمات المحلية والدولية لاسيما “المبادرة الدولية لدعم المجتمع المدني العراقي ” ان هذا القانون يهدد حرية الصحافة ويعيد انتاج اعلام السلطة مرة اخرى .

                               · القوانين المطروحة للتشريع تحت قبة البرلمان هي :

1-مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي : وتمت قراءة هذا القانون قراءة اولى  وثانية في البرلمان وتعد الجمعية هذا المشروع  محاولة لخنق حرية الراي والتعبير والحق في الحصول على المعلومة والحق في الاجتماع والتظاهر السلمي حتى الموت ، لاسيما وان مشروع القانون يفرض الحصول على اجازات مسبقة للتظاهر وليس اعلام فقط ، كما ان القانون يضع قيودا على حرية التعبير التي يجب ان تبقى في اطرها الدستورية ومعاييرها الدولية كما نصت المادة 38 من الدستور التي  لاتجيز تشريع قانون ينظم عمل الاعلام او حرية التعبير لانها نصت على مايلي ،”تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:

اولاً :ـ  حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل،ثانياً :ـ  حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر،ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”. اي ان مايسمح به الدستور هو اصدار قانون لتنظيم التظاهرات ، ويجب ان يتقصر الام على الاعلام وليس الاجازة .

2- مشروع قانون جرائم المعلوماتية : تمكنت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة وبالتعاون مع منظمات محلية ودولية في خوض حملة مدافعة جعلت البرلمان يعلن في الغاء هذا المشروع الذي وقدمت الجمعية تحليلا لمشروع القانون  الذي تضمن”31″  مادة وعشرات الفقرات والبنود التي نصت على احكام عقابية ، تراوحت بين السجن المؤبد والغرامات المالية المرتفعة، جعلت من مشروع القانون  واحداً من اشد المشروعات العقابية قسوة وشدة منذ عام 2003. لكن الامر الخطير هو ان البرلمان لايحق له الغاء مشروع القانون لانه قادم من السلطة التنفيذية ، ما يعني ان السلطة التنفيذية تتمكن من تحريكه في اي وقت ، ولو كان البرلمان جادا لرفض مشروع القانون محل البحث في جلسة رسمية واعاده الى مجلس شورى الدولة ليتم تعديله وفق الدستور والتزامات العراق الدولية بشأن حرية التعبير .كما  ان الكثير من النصوص الواردة في مشروع قانون “جرائم المعلوماتية ”  تتعارض  مع احكام الدستور ، وعلى سبيل المثال ، فأن المادة الاولى من ذلك الدستور قد نصت على ان “جمهورية العراق دولة اتحادية .. نظام الحكم فيها.. ديمقراطي”، والنص يفرض على الدولة العراقية ان تخضع لمبادئ الديمقراطية المعروفة عالمياً والتي يمكن استلهامها من خلال المواثيق والاعراف الدولية، تم تقرر المادة 2/اولا/ ب ، جـ على “عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية او مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في الدستور”، ووهي  حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر كما ورد في  (المادة 38) من الدستور ، وحرية الفكر والضمير والعقيدة  التي كفلتها (المادة 24). ثم كانت للمادة “46”  نصاً حاكماً يضفي على مجمل الحقوق والحريات الواردة فيه حماية اضافية بنصها على ان “لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناءً عليه على ان لا يمس ذلك التحديدُ جوهرَ الحق او الحرية. ولفتت الجمعية الى ان  “مشروع قانون جرائم المعلوماتية”  يفرض عقوبات قاسية في المواد المواد(3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 9 ، 13، 14 ، 15، 19 “.

3- قانون الاتصالات والمعلومات

4-قانون هيئة الاعلام العراقية

5-قانون هيئة الاعلام والاتصالات

     6-قانون وزارة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات

7-قانون المركز الوطني للاعلام .

ومن ما تقدم نرى ان السلطتين التشريعية والتنفيذية وبمساندة السلطة القضائية تعمل من اجل السيطرة على وسائل الاعلام وتقييد حرية التعبير  لاسيما وان الكتل السياسية التي تسيطر على البرلمان هي باغلبها ذات خلفية اسلامية او قومية أي ذات ايدولوجيات شمولية تعادي الحريات .

……………………………………….

رابعا : السلطة القضائية

نعتقد ان القضاء العراقي  مازال غير مؤهل للفصل في مسائل  الحريات العامة والخاصة ومنها حرية الصحافة والتعبير ومسائل حقوق الانسان ، لانه لايمتلك الخبرات الكافية في هذه المسائل كما انه مسيطر عليه من قبل السلطة التنفيذية لاسباب عدة منها :

1-    توزيع المناصب القضائية خضع للمحاصصة الطائفية والقومية والحزبية منذ عام 2003 .

2-    مازال القضاء يعتقد في قرارة نفسه انه تابع الى السلطة التنفيذية وليس سلطة مستقلة ، كما ان القضاء العراقي لم يتعود على اصدار اي حكم ضد السلطة التنفيذية  .

3-    قيام الحكومة  بانتاج جيل جديد من القضاة من خلال اصدار تشريعات تسمح لكل من مارس عمل المحاماة او الوظيفة القانونية لاكثر من 3 سنوات بان يصبح قاضيا شرط ان لاكون عمره تجاوز 40 ، وبالتالي فان الحكومة حققت نقطتين هما : تعيين منتسبي الاحزاب من حديثي السن في السلطة القضائية و ايصال اناس لم يهضموا القانون بشكل جيد الى منصة القضاء .

4-       قيام  الحكومة بالاحتفاظ بملفات  تدين بعض القضاة الكبار امابالانتماء الى حزب البعث المنحل او بالتورط في رشاوى وتهديدهم بتلك الملفات ما جعلهم يخضعون الى الحكومة بشكل كامل .

5-     اصدار العديد من القرارات المخالفة للقانون والدستور ، مثل رد دعوى جمعية الدفاع عن حرية الصحافة التي رفعتها في تموز  من عام 2011 لالغاء مواد جرائم النشر (81و82و83و84 ) وهي تخالف الدستور في المادة 38 و46 ،  كما انها تخالف اي اسس او معايير لاي نظام من المفترض انه يتحول نحو الديمقراطية ، ورد الدعوى التي رفعتها الجمعية ضد “قانون حقوق الصحفيين ” على الرغم من مخالفتها الواضحة لخمس مواد دستورية هي ” 13 و14 و24و38و46″.

خامسا : حرية الاعلام وحرية التعبير

نعتقد ان العراق مازال بعيدا عن حرية صحافة وحرية تعبير بمفهومهما الغربي وبمعاييرهما الدولية المعروفة على الرغم من انه الافضل في المنطقة ،  وما يحصل في العراق هو تعددية لوسائل الاعلام تعكس التعددية الحزبية والاثنية العراقية ، وتواجه الصحافة في العراق ترهيبا  من الاطراف السياسية والقوى الاقليمية التي تتصارع على السلطة والمصالح في هذا البلد ، ما جعل الصحفي يخاطر بحياته وربما بحياة اسرته اذا غامر في كشف بعض الحقائق لاسيما ما يخص الفساد المالي والاداري او ما يتعلق منها بضلوع قادة سياسين او جماعات دينية في عمليات القتل او الارهاب او في تجارة الاعضاء البشرية او تجارة الرقيق الابيض وغيرها . وعلى الرغم من ان العراق فقد اكثر من 300 صحفي منذ عام 2003 الا ان  هذا البلد سجل المرتبة الاولى في افلات المجرمين من العقاب اذ لم تقم السلطات الحكومية بواجبها في ملاحقة قتلة الصحفيين ما شجعهم على الاستمرار  في مسلسل استهداف الصحفيين ،  وهناك 7 مسؤولة عن استهداف او ترهيب الصحفيين هي :

1-    تنظيم القاعدة.

2-     الجماعات المسلحة السنية .

3-     حزب البعث المنحل والتنظيمات المسلحة المرتبطة به .

4-    المليشيات الشيعية

5-     الاحزاب السياسية .

6-    السلطات الحكومية والامنية.

7-    شيوخ العشائر والزعماء القبليين والاعراف العشائرية والقيم والموروث الاجتماعي .

التوصيات

1-    مضاعفة جهود المنظمات في الضغط  على الحكومة والاحزاب العراقية من خلال التقارير والبينات التي تكشف محاولات تقييد حرية الصحافة وحرية التعبير .

2-     تفعيل دور بعثة الامم المتحدة والمنظمات الدولية  العاملة في العراق وزيادة ضغطها   من خلال رفع صوتها اكثر للمطالبة باحترام حرية الصحافة وحرية التعبير وحقوق الانسان   .

3-     تطوير خبرات ومهارات وقدرات الصحفيين والناشطين ومنظمات المجتمع المدني في المجالات المهنية ،وفي ما يخص مواجهة القوانين والتشريعات التي تصادر او تقيد حرية التعبير والحريات العامة والخاصة من خلال اطلاعهم على التجارب الناجحة في الدول الديمقراطية فضلا عن تزويد هم  بالدساتير والقوانين المعتمدة في تلك البلدان .

4-     تدريب القضاة والمحامين وجميع العاملين في القطاع القانوني على كيفية التعامل مع الصحفيين وعلى كيفية الفصل والحكم في قضايا حرية التعبير والحريات الاخرى ، لتكون السلطة القضائية حامية للحرية ، ولنجد محامين يعرفون الترافع من اجل الحريات.

5-     توفير الدعم المالي للمنظمات الصحفية ووسائل الاعلام المستقلة لاسيما حتى تحافظ على استقلاليتها وتتمكن من الاستمرار في الدفاع عن حرية الصحافة .

6-       توفير الغطاء والحماية المعنوية للناشطين والمدافعين عن حرية التعبير من خلال تبني مواقف واضحة وقوية في ما اذا اعتقلوا او تعرضوا لمحاولات الاغتيال وتشويه السمعة .