العراق: حرمان عوائل “داعش” المزعومة من بطاقات الهوية
هيومن رايتس ووتش
(بيروت) – قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن مسؤولي الأمن العراقيين يحرمون بشكل ممنهج أقارب المشتبه بأنهم أعضاء في تنظيم “الدولة الإسلامية” (يُعرف أيضا بـ “داعش”) من التصريحات الأمنية المطلوبة للحصول على بطاقات هوية ووثائق رسمية أخرى. الحرمان من الخدمات الحكومية بسبب صلات عائلية متصوَّرة، وليس لأسباب أمنية تخص أفرادا معينين، هو من أشكال العقاب الجماعي المحظورة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
يمكن بسهولة حرمان العراقيين المفتقرين للأوراق الرسمية المدنية الكاملة من حقوقهم الأساسية. لا يمكنهم التنقل بحرية خشية الاعتقال، ولا يمكنهم الحصول على وظيفة أو طلب خدمات ومساعدات اجتماعية. يمكن اعتبار الأطفال المحرومين من شهادات الميلاد بدون جنسية وقد لا يُسمح لهم الالتحاق بالمدارس. ولا يمكن للنساء غير القادرات على استصدار شهادات وفاة لأزواجهن الحصول على الإرث أو الزواج مرة أخرى.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “تهمش قوات الأمن العراقية آلاف عوائل العناصر المشتبه بانتمائهم إلى داعش، إذ تحرمهم من الوثائق الأساسية اللازمة لإعادة بناء حياتهم. ما لم يكف هذا العقاب الجماعي، ستمعن السلطات في إضعاف الاستقرار في الموصل ومعاقل داعش السابقة الأخرى”.
منذ أواخر يناير/كانون الثاني 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 18 شخصا في الموصل، بينهم محامون، عاملون بالمساعدات الإنسانية، مسؤولو أمن، قيادات مجتمعية، ممثل عن الحكومة، وأحد سكان الموصل، بشأن العقبات التي تواجه عوائل المشتبه في عضويتهم في داعش. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الحديث إلى أية عائلات بصفة مباشرة، إذ فر الكثيرون منهم من المدينة أو يختبؤون خشية الاعتداءات.
قال من أجريت معهم مقابلات إن العقبة الرئيسية التي تواجه عوائل العناصر المشتبه في انتمائهم إلى داعش على مسار الاندماج بالمجتمع مرة أخرى هي عدم قدرتهم على استصدار وثائق مدنية شخصية، بما يشمل شهادات الميلاد والوفاة والزواج والطلاق، الهوية، بطاقات الخدمات الاجتماعية، وجوازات السفر. يتطلب الحصول على هذه الوثائق تصريحا أمنيا من وزارة الداخلية أو المخابرات أو “جهاز الأمن الوطني”، في حين تخفق هذه العوائل في اجتياز الفحص الأمني تلقائيا لأن لهم أقارب يُشتبه في انتمائهم إلى داعش.
يؤثر غياب الأوراق الثبوتية السارية بصفة خاصة على حرية التنقل. قال واثق الحمداني، الذي كان رئيس شرطة موصل حينها، لـ هيومن رايتس ووتش إن التنقل في المدينة أو بأي مكان في العراق دون وثائق هوية سارية خطر للغاية ويعرض المرء للاعتقال. في بعض الأحيان حُرمت عوائل مقيمة في مخيمات للنازحين من مغادرة المخيمات ولو حتى للعلاج الطبي، لأن قوات الأمن طلبت ممن يخرجون أن يتركوا وراءهم بطاقات هوية سارية، لتضمن عودتهم.
تفتقر جميع العوائل المقيمة تحت سيطرة داعش بين 2014 و2017 تقريبا إلى وثيقة مدنية واحدة أو أكثر. دأبت سلطات داعش باستمرار على مصادرة الوثائق الرسمية وإصدار وثائقها، التي لا تعترف بها السلطات العراقية. كما صادرت قوات أمن الدولة وثائق بعض العوائل التي فرت من القتال أو وفدت على مخيمات النازحين.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قالت 6 عوائل كانت قد فرت لتوّها من سيطرة داعش لـ هيومن رايتس ووتش إنها عندما أظهرت الوثائق الصادرة عن داعش للمسؤولين بمخيم النازحين، رفض المسؤولون إصدار وثائق جديدة لها. أفادت “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” بالأمم المتحدة بأن العوائل المقيمة في المخيمات قد لا تتمكن من الحصول على المساعدات الإنسانية الأساسية إذا لم تكن لديها وثائق شخصية مدنية، ومنها شهادات الزواج.
على العراقيين الساعين إلى استصدار وثائق مدنية شخصية جديدة أو مُجددة أن يحصلوا أولا على استمارة من قاض، ثم يأخذوها إلى مديرية الأحوال المدنية، حيث يجري مسؤولو المخابرات والأمن الوطني فحصا أمنيا. إذا كان لصاحب الطلب قريب مباشر يظهر اسمه على قائمة من قوائم المطلوبين، يُرفض طلبه بعد عدم اجتيازه الفحص الأمني.
كما واجه مقدمو طلبات الوثائق المدنية من معاقل داعش مخاطر أمنية عندما ذهبوا إلى مديرية الأحوال المدنية دون محام ليساعدهم في استصدار وثائق. قال المحامون إنهم في بعض الحالات شهدوا على اعتقال مقدمي طلبات وثائق مدنية من قبل مسؤولي المخابرات، إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم تفاصيل حول هذه الاعتقالات. أكد مسؤول رفيع في شرطة الموصل أن قوات الأمن تعتقل وتستجوب أصحاب طلبات الوثائق المدنية هؤلاء، وأقر بأن عناصره عادة ما يعاملوهم “بشكل سيئ للغاية”، حتى إذا لم يقبض عليهم العناصر.
قال محامون إن في بعض الحالات يُفترض أن النساء اللواتي مات أزواجهن أثناء سيطرة داعش لهن أزواج ينتمون إلى التنظيم، ويخفقن في الفحص الأمني. قال محام إن في حالات قليلة تمكن أطفال في أواخر مرحلة المراهقة – ولكن ليس أمهاتهم – من الحصول على إخلاء طرف أمني واستصدار وثائقهم. لكن فقط الأطفال القادرين على التنقل إلى المحكمة وحدهم هم من يتمكنون من هذا.
قال محام إنه عندما اصطحب والدة مقاتل في داعش وزوجة عضو في داعش وابنها إلى المديرية لطلب تصريح أمني، هدده ضابط مخابرات قائلا: “لا تجلب حالات كهذه هنا مرة أخرى. من أنت، مناصر لداعش؟” قال محامون إنه بسبب الحوادث من هذا النوع، يتردد المحامون في مساعدة من لهم أقارب يشتبه في انتمائهم إلى داعش، ولو كانوا أطفال، ممن يسعون إلى استصدار وثائق مدنية، بسبب الخطر الذي قد يواجهونه واحتمال رفض الطلبات.
لا يعرف المحامون والمسؤولون الحكوميون بمواد في القوانين العراقية تمنع تلك العوائل من استصدار وثائقها المدنية. نظرا للحظر الفعلي القائم، على حد قول المحامين، مطلوب من أعلى سلطة في العراق، مثل رئيس الوزراء حيدر العبادي، إصدار أوامر بتذليل العقبات.
لقراءة التقرير الكامل يرجى الضغط هنا